دلالات تأخر حسم موقع زعيم «القاعدة»

شهران على مقتل الظواهري... وغموض حول الاختيارات

أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)  -  صورة نشرتها «الشرق الأوسط» لسيف العدل خلال تغطية وثائق بن لادن بعد مقتله عام 2011
أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز) - صورة نشرتها «الشرق الأوسط» لسيف العدل خلال تغطية وثائق بن لادن بعد مقتله عام 2011
TT
20

دلالات تأخر حسم موقع زعيم «القاعدة»

أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز)  -  صورة نشرتها «الشرق الأوسط» لسيف العدل خلال تغطية وثائق بن لادن بعد مقتله عام 2011
أيمن الظواهري الذي قتل بغارة أميركية (أرشيفية - رويترز) - صورة نشرتها «الشرق الأوسط» لسيف العدل خلال تغطية وثائق بن لادن بعد مقتله عام 2011

ما دلالات تأخر حسم موقع زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي؟... بات تساؤلاً ملحاً الآن بعد أكثر من شهرين على مقتل الإرهابي البارز أيمن الظواهري في العاصمة كابل، وسط غموض حول الاختيارات المرشحة لقيادة التنظيم.
فلا يزال التنظيم الإرهابي من دون زعيم منذ هجوم الطائرات المسيرة الأميركية، والإعلان عن مقتل الظواهري (71 عاماً)، في كابل، أغسطس (آب) الماضي. لكن التساؤل ما زال مستمراً: من سيكون الزعيم الجديد للتنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن؟
عقب مقتل الظواهري ترددت أسماء لخلافته. وتوقع كثيرون أن «يتم الإعلان عن (خليفة الظواهري) سريعاً»، لكن لم يعلن «القاعدة» عن اسم الزعيم الجديد حتى الآن.
ويعد المصري الذي يحمل الاسم الحركي سيف العدل من أبرز المرشحين لخلافة الظواهري. ويُرجح أنه يبلغ من العمر 60 عاماً تقريباً، وبفضل خبرته العسكرية والإرهابية، يُعد تقريباً من قدامى المحاربين في التنظيم الإرهابي الدولي. وصنفه مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي واحداً من أكثر «الإرهابيين» المطلوبين في العالم بمكافأة تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار... وكانت صورة قد انتشرت لسيف العدل، الشهر الماضي، رجحت معها احتمالية قيادته لـ«القاعدة».
وقال الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية والإرهاب، أحمد سلطان، إن «هناك دلالات يحملها تأخر إعلان الزعيم الجديد، أولها أن مقتل الظواهري أوقع (القاعدة) في العديد من المعضلات، خصوصاً في علاقته بحركة (طالبان)، في ظل وجود أكثر من توجه داخل (طالبان) يرفض (القاعدة) باستثناء (شبكة حقاني)، كما أن (طالبان) رفضت أن يكون لـ(القاعدة) أي وجود رسمي في أفغانستان. وعندما يعلن (القاعدة) أن زعيمه قتل في أفغانستان ستتعرض (طالبان) لمتاعب كثيرة».
ويذهب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، إلى أنه «قد تكون حركة (طالبان) قد طلبت من (القاعدة) عدم الإعلان عن الزعيم الجديد؛ لأن الإعلان معناه أن (القاعدة) سينعى الزعيم القديم، خصوصاً أن التنظيم حتى الآن لم يعلن مقتل الظواهري». ودلل أديب على ذلك بأن «متحدث (طالبان) ذكر أن الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، كما أن (طالبان) متهمة أمام المجتمع الدولي بأنها توفر ملاذاً لـ(القاعدة)، والإعلان عن الزعيم الجديد يُعرض (طالبان) لأزمات».
وذكر الناطق باسم «طالبان» ذبيح الله مجاهد، في أغسطس الماضي، أن «الحركة لم تعثر على جثمان الظواهري، وتواصل التحقيقات». وذكرت «طالبان»، في بيان سابق، أنها «ليس لديها أي معلومات عن مجيء الظواهري وإقامته في كابل».
أشار سلطان إلى «وجود خلافات داخل (القاعدة) على خليفة الظواهري، حيث تعهدت قيادات التنظيم، في وقت سابق، أن تتم مبايعة أبو الخير المصري (قتل عام 2017 في سوريا)، أو أبو بصير ناصر الوحشي (قتل في اليمن عام 2015)، أو أبو محمد المصري (قتل في طهران عام 2020)، وكذا سيف العدل، لقيادة التنظيم عند مقتل الظواهري»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «خلافاً داخل التنظيم بشأن سيف العدل؛ لكونه موجوداً في إيران»، لافتاً إلى أن «الاسم الآخر المرشح وهو عبد الرحمن المغربي موجود أيضاً في إيران».
وبحسب أديب لـ«الشرق الأوسط»، فإن «جميع القيادات المرشحة لتولي زعامة (القاعدة) كانوا موجودين في إيران. وأبو الخير المصري، وأبو محمد المصري، سبق أن وجهت أميركا اتهامات لإيران بوجودهما على أرضها، لكن طهران نفت ذلك، وكذا سيف العدل موجود في إيران»، مرجحاً «انتقال سيف العدل من إيران إلى أفغانستان». لكن سلطان يتوقع أن «ترفض (طالبان) استضافة سيف العدل».
وهنا يؤكد سلطان أن «مصادر غربية طرحت اسمين آخرين لقيادة التنظيم، هما: أحمد ديري (أبو عبيدة) أمير حركة (الشباب)، وأبو عبيدة يوسف العنابي أمير فرع المغرب الإسلامي؛ لكنْ عليهما خلاف أيضاً، فديري هناك رفض له لأنه أفريقي، أما العنابي فإنه قام خلال العامين الآخرين بالتعامل مع دول إقليمية، وهذا يخالف توجهات (القاعدة)، وإن كانت المصادر الغربية ترجح (كفة) العنابي»، مضيفاً: «أخيراً طرح اسم أبو همام الشامي، أمير تنظيم (حراس الدين) فرع (القاعدة) في سوريا، وأبو عبد الكريم المصري، والاثنان على قوائم الإرهاب الأميركية، لكن عبد الكريم كبير في السن ومريض وليس فاعلاً بالقدر الكافي داخل التنظيم، أما أبو همام فعلى الرغم من أنه كان مدرباً في معسكر (الفاروق) بأفغانستان فإن هناك خلافات بينه وبين سيف العدل».
وعاد أحمد سلطان ليؤكد أن «سيف العدل الأكثر حظاً نسبياً، لكن لديه صفات أخرى يرفضها البعض، مثل التعصب، وليس له (كاريزما) على عكس ما يشاع عبر منصات (القاعدة)، فضلاً عن كونه قد يخشى الخروج من إيران خوفاً من الاستهداف».
ويشير خبراء في الشأن الأصولي إلى رسائل قديمة لأسامة بن لادن، زعيم «القاعدة» السابق، تحدث فيها عن أن «سيف العدل كان أقل تأهلاً من أقرانه، وإن تسلم القيادة فسيكون لذلك تأثير سلبي على التنظيم في سوريا والداخل العراقي».
وأرجع منير أديب تأخر التنظيم في إعلان الزعيم الجديد، إلى أنه «قد يكون وراءه ترتيبات لنقل سيف العدل من إيران لأفغانستان، وربما يأخذ ذلك شهوراً؛ لأن البعض يرى أن الأفضل أن يكون سيف العدل موجوداً خارج إيران؛ حتى لا يواجَه بأي اعتراض، حال تنصيبه لقيادة التنظيم».
وذكر سلطان أن «(القاعدة) في أزمة الآن، ولا يستطيع حسم التنافس القيادي على إمارة التنظيم، وهناك مصادر قريبة من التنظيم تتوقع أن يتأخر إعلان الزعيم الجديد لمدة أشهر، وهذا يتنافى مع فكر (القاعدة)، فالفقه الحركي لـ(الجهاديين) يمنع إخفاء نبأ مقتل أي أمير لهم، ووجوب الإعلان عقب الوفاة مباشرة».


مقالات ذات صلة

منطقة الساحل الأفريقي تتصدر «مؤشر الإرهاب العالمي»

أفريقيا منطقة الساحل تتحول منذ سنوات بؤرةً للإرهاب العالمي (أ.ف.ب)

منطقة الساحل الأفريقي تتصدر «مؤشر الإرهاب العالمي»

صُنّفت منطقة الساحل الأفريقي ضمن أخطر مناطق العالم وأشدها تضرراً من الإرهاب، وذلك وفق آخر تقرير صادر عن «مؤشر الإرهاب العالمي».

الشيخ محمد (نواكشوط)
قائد القيادة الأميركية الوسطى «سينتكوم» الجنرال مايكل كوريلا (أ.ب) play-circle

 واشنطن تعلن مقتل قائد عسكري بفرع تنظيم «القاعدة» في سوريا

قالت القيادة المركزية الأميركية «سينتكوم»، إن القوات الأميركية قتلت قائداً عسكرياً بارزاً من جماعة «حراس الدين»، أحد فروع تنظيم «القاعدة»، في شمال غربي سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي طائرة «إيه 10 ثاندربولت» في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الجيش الأميركي: مقتل قيادي بارز في جماعة تابعة لتنظيم «القاعدة» في سوريا

قالت القيادة المركزية الأميركية، اليوم السبت، إنها شنت غارة جوية دقيقة في سوريا استهدفت قيادياً كبيراً في جماعة تابعة لتنظيم «القاعدة» وقتلته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
المشرق العربي ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أنه مرجح أن الطائرة المُسيرة تتبع التحالف الدولي (رويترز)

سوريا: مقتل قيادي بتنظيم «حراس الدين» في هجوم بمُسيّرة للتحالف الدولي شرق حلب

قال الدفاع المدني السوري إن شخصاً قُتل في قصف صاروخي نفّذته طائرة مُسيرة «مجهولة»، الثلاثاء، جنوب مدينة جرابلس في ريف حلب الشرقي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ السيارة المستهدفة التابعة للقيادي وسيم بيرقدار في سوريا (حساب القيادة المركزية الأميركية على «إكس»)

الجيش الأميركي يقتل قيادياً في «حراس الدين» بشمال غربي سوريا

أعلنت القيادة المركزية الأميركية، السبت، أن قواتها قتلت أحد القياديين في تنظيم «حراس الدين» التابع لـ«القاعدة» في ضربة جوية شمال غربي سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT
20

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)
من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».