دعوات إلى التوافق على رئيس للجمهورية

البطريرك الماروني يرفض «فرضية الفراغ»

TT

دعوات إلى التوافق على رئيس للجمهورية

تبرز الدعوات في لبنان للتوصل إلى رئيس للجمهورية يتم التوافق عليه، على الرغم من استمرار تمترس كل فريق عند شروطه أو معاييره التي وضعها لاختيار الرئيس المقبل، في وقت لا يزال فيه الخلاف بين حلفاء «حزب الله» يحول دون طرح الأخير اسم مرشحه للرئاسة.
وفي هذا الإطار، أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي، خلال جولة قام بها رفقة المدير العام لوزارة الزراعة لويس لحود، على مزارعي التفاح في معرض أُقيم في منطقة الديمان بالشمال، ضرورة «انتخاب رئيس للجمهورية قبل 31 أكتوبر، يعيد الثقة للبنانيين وللمجتمع الدولي والعربي»، رافضاً «فرضية الفراغ»، ومؤكداً أنه «سيكون هناك أحسن رئيس». كما تمنى في موقف آخر «انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، وأن يستعيد لبنان صيته الحسن في العالم، وكلنا يقين بأننا سنجتاز المحنة والغيوم السوداء...».
وبانتظار تحديد رئيس البرلمان نبيه بري موعداً جديداً للجلسة المقبلة، مع أنه ربط هذه الخطوة بالتوافق بين النواب على الرئيس الجديد، قال النائب في «اللقاء الديمقراطي» أكرم شهيب: «محكومون بالتوافق، وعلينا أن نبحث عن رئيس يشبهنا، ولا يشكل واقعاً لا يتلاءم مع الطروحات الداخلية للفريق الآخر، بمعنى الوصول إلى التفاهم على رئيس لا يكون من الممانعين ولا مواجهاً لهم».
واعتبر أن تسمية الكتلة النائب ميشال معوض للرئاسة «طبيعية»، و«هو وطني، والده سيادي، وعائلته من أنشط القوى في 14 آذار، وخطابه يتماشى مع خطابنا»، مشيراً إلى أن التجربة الأولى هي بداية لتجمع الكتل في التوجه السياسي نفسه.
ولفت إلى أن «اللقاء الديمقراطي» لم يطرح اسم النائب السابق صلاح حنين للرئاسة، متمنياً في الوقت ذاته التوافق عليه أو على شخص يشبهه في المرحلة المقبلة.
وأضاف شهيب: «عندما نتحدث عن حوار مستمر، لا يمكن أن ندخل في الأسماء، والاتجاه العام أن تكون الأسماء تشبه ميشال معوض والحوار مع الفريق الآخر للاتفاق على اسم. لا شك أن هناك رأياً داخلياً محترماً وله دور، ولكنّ هناك رأي خارجي أصر على الانتخابات النيابية، ويصر على إتمام انتخابات الرئاسة في موعدها، وأن يتم تشكيل حكومة قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؛ حتى لا يستطيع بالخبث الذي يديره جبران باسيل أن يفرض شروطه في المرحلة المقبلة».
وأشار إلى «أن مواصفات الخارج تلتقي مع ما نطمح إليه ليعود البلد باتفاق دستوري واضح، والتوجه نحو العالم العربي والخارجي، وألا يكون لبنان جزءاً من محور منتشر من سوريا للعراق إلى اليمن، وبالتالي كرامة الإنسان يجب أن تعود من خلال تكوين السلطة المقبلة»، مؤكداً في الوقت ذاته أن «شروط الوصول إلى الرئاسة تتطلب أكثر من واقع، ويجب احترام المرجعية المارونية الأعلى في لبنان، والتشاور مع كل الفرقاء».
من جهته، اعتبر النائب في حزب «القوات اللبنانية» زياد حواط، أن «المعركة الحقيقية اليوم تتجلى في أهم موقع وهو انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، معلناً أن «المعركة كبيرة ولن نتخاذل أو نألو جهداً لإيصال رئيس يمثل طموحاتنا ومشروعنا وعقيدتنا».
وأضاف: «نحن اليوم أمام مشروعين، مشروع يسعى إلى تغيير هوية وصورة لبنان ويهجر شبابنا ويخيفنا ويفكر في أن يركعنا، ومشروع المقاومة الذي تقوم به للحفاظ على هوية لبنان وتاريخ نضالنا ونضال شبابنا، الذي لن نتركه يذهب سدى»، مضيفاً: «التغيير يبدأ من رأس الهرم، والرئيس الجديد يجب أن يكون سيادياً يعيد لبنان إلى محيطه العربي والدولي، وللشرعية العربية والدولية، ويعيد أشقاءنا العرب إلى لبنان، ويعيد لبنان إلى كل العالم، رئيس بمواصفات إصلاحية، يداه غير ملوثتين بالفساد والنهب والسرقة، وألا يكون من عداد المنظومة التي أدارت البلد خلال الثلاثين سنة الماضية».
في المقابل، شدد النائب في «حزب الله» إيهاب حمادة، على «ضرورة الوصول إلى الاستحقاق الرئاسي بأسرع ما يمكن؛ لحماية لبنان واستمراره».
وقال خلال رعايته احتفالاً في الجنوب: «نحن في حزب الله نؤكد في كل لحظة ضرورة إنجاز تفاهم يؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، يمثل لبنان حق التمثيل، ويؤمن بما يؤمن به اللبنانيون على مستوى المبادئ، وأهمها السيادة والاستقلال».
وأضاف: «نريد أن نصل إلى هذا الاستحقاق بأسرع وقت ممكن، استحقاق من أجل لبنان لحمايته واستمراره والنهوض به، وليس وفق الكيد الذي نراه وتمثيلية جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة في المجلس النيابي»، مضيفاً: «فتشوا عن أسماء من غاب بعذر وبغير عذر (في جلسة انتخاب الرئيس الأولى) حتى في معايير الكيد لدى البعض: 36 الذين صوتوا لميشال معوض، أكثر من 63 ورقة بيضاء على نغمة الأكثرية والأقلية السابقة»، مؤكداً: «كنا من الأوائل الذين طالبوا بإنجاز الاستحقاق الرئاسي لمصلحة لبنان ونهوضه، خصوصاً أننا في أزمات حقيقية».
وفي السياق نفسه، رفض نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، وصول رئيس استفزازي، داعياً إلى التوافق، وقال: «لا مجال، لأن يصل إلى رئاسة الجمهورية شخص استفزازي من صنع السفارات، فهناك نواب صادقون، إلى جانب نواب آخرين في المرصاد لمن يؤدي إلى هذا العبث».
ودعا قاسم، خلال رعايته افتتاح مجمع مهني على طريق رياق بعلبك، إلى «التوافق إذا أمكن، من أجل أن نأتي برئيس على مستوى المرحلة، حيث لا تنفع التحديات والعراضات بتحدي الشعب، فهؤلاء الذين صمدوا لم يخضعوا لأحد في العالم، لذلك لن يخضعوا لسفاراتكم أو إلى الأوامر التي تعطيكم إياها هذه السفارات».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

خسائر لبنان جراء الحرب الحالية تضاعفت مقارنة بعام 2006

مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)
مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)
TT

خسائر لبنان جراء الحرب الحالية تضاعفت مقارنة بعام 2006

مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)
مسعفون وعمال إغاثة يبحثون عن ناجين بموقع غارة إسرائيلية في العين بشرق لبنان (أ.ف.ب)

تظهر مقارنة بين الأرقام التي تسجَّل راهناً لخسائر الأرواح والأخرى المادية والأضرار الناتجة عن الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل، وتلك التي سُجلت بُعيد حرب يوليو (تموز) عام 2006، أن الخسائر الراهنة باتت ضعف الخسائر السابقة، وسط ترجيحات بأن الأموال والمساعدات التي أُغدقت على لبنان لإعادة الإعمار قبل 18 عاماً، قد لا يصل إلا القليل منها عندما تضع الحرب الراهنة أوزارها.

الخسائر الإجمالية

يشير الباحث في شركة «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «عدد الشهداء ارتفع من 900 خلال حرب عام 2006، إلى 2865 خلال الحرب الحالية (حتى 31 أكتوبر 2024)»، لافتاً إلى أنه يرتفع بشكل يومي. أما عدد الجرحى، فكان نتيجة «حرب تموز» 4000، وقد تجاوز في الحرب الحالية 13 ألفاً و47 جريحاً.

أما بالنسبة إلى العدد الإجمالي للنازحين في عام 2006، فكان 600 ألف، أما اليوم فتجاوز المليون و200 ألف، منهم 189 ألفاً و174 يعيشون في مراكز إيواء، فيما بلغ عدد المغادرين إلى سوريا 358 ألفاً و133سوريّاً، و172 ألفاً و604 لبنانيين، كما بلغ عدد المغادرين إلى دول أخرى 120 ألفاً.

ورغم ترجيح وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، أمين سلام، أن يكون الحجم الإجمالي للخسائر الاقتصادية التي لحقت بلبنان خلال الحرب الراهنة وصل إلى 20 مليار دولار، فإن أرقام الهيئات الاقتصادية تشير إلى خسائر مباشرة تكبدها لبنان جراء العدوان الإسرائيلي تتراوح بين 10 مليارات و12 مليار دولار، متضمنة خسائر القطاعات الاقتصادية والأضرار التي لحقت بالمنازل والأبنية والبنى التحتية.

وأرقام الهيئات الاقتصادية تبدو قريبة من أرقام شمس الدين، الذي يرجح أن تكون «الخسائر المباشرة وغير المباشرة بلغت نحو 10 مليارات دولار، موزعة بين 4 مليارات في المرحلة الممتدة من 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 حتى 17 سبتمبر (أيلول) 2024 (عندما كانت الحرب محصورة جنوباً)، و7 مليارات بين 17 سبتمبر 2024 و31 أكتوبر 2024 (بعد قرار إسرائيل توسعة الحرب)، مع العلم بأن الخسائر الإجمالية خلال حرب يوليو عام 2006 وصلت إلى 5.3 مليار دولار».

رجال إطفاء في موقع استهداف إسرائيلي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

خسائر مادية

أما الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية عام 2006 فبلغت قيمتها 900 مليون دولار، وهي لا تزال أعلى مقارنة بالحرب الحالية التي لم تتجاوز بعد 570 مليون دولار. أما الخسائر المرتبطة بالمساكن، فبلغت في «حرب تموز» 2.2 مليار دولار، وقد تخطت اليوم 4.260 مليار دولار. ويشير شمس الدين إلى أنه فيما يتعلق بخسائر المؤسسات التجارية، فهي هي في الحرب الماضية وفي الحالية، وبلغت 4.70 مليون دولار، لافتاً إلى أن خسائر القطاع الزراعي والبيئي في عام 2006 بلغت 450 مليون دولار، أما اليوم فتجاوزت 900 مليون، ليخلص إلى أن الأضرار غير مباشرة على الاقتصاد عام 2006 بلغت 1.2 مليار دولار، أما راهناً فتجاوزت 3.380 مليار دولار.

أما اللافت في الأرقام، فهو عدد الغارات منذ 8 أكتوبر 2023 حتى 31 أكتوبر 2024 الذي بلغ 11 ألفاً و647 غارة جوية، علماً بأنه لم تُسجل إلا 3670 طيلة فترة «حرب تموز» عام 2006، التي استمرت 33 يوماً.

جرافة تعمل في موقع غارة إسرائيلية استهدفت بلدة العين شرق لبنان (رويترز)

مشهد مختلف

وكانت إسرائيل بدأت عمليتها العسكرية في ذلك الوقت إثر أسر جنديين من جيشها من قبل «حزب الله» يوم 12 يوليو 2006، أما الحرب الراهنة فبدأها «حزب الله» بقراره تحويل جبهة جنوب لبنان جبهة دعم وإسناد لغزة، قبل أن تقرر تل أبيب شن حرب واسعة عليه بدءاً من سبتمبر الماضي. ووفق البروفسور مارون خاطر، وهو كاتب وباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة، فإن «الحرب القائمة والمستمرَّة تختلف جوهرياً عن (حرب تموز 2006)؛ سواء لِنَاحية الامتداد الزَّمَني، بحيث انتهى (عُدوان تموز) خلال 33 يوماً، فيما تستمر الحرب الحالية على لبنان منذ نحو 14 شهراً وهي مُرشحة للاستمرار، ولناحية أهداف الاعتداءات، فخلال (عدوان 2006) تركزت الاعتداءات الإسرائيلية على البُنية التَّحتية، وهدفت إلى تقطيع أوصال البلد، فيما بقيت الخسائر الماديَّة اللاحقة بالمباني الخاصَّة محدودة. أما المشهد حالياً فيختلف؛ حيث طال الدمار أكثر من 2500 وحدة إنتاجية من مصانع ومخازن ومحال تجارية، مما يجعل انعكاسات الأضرار المادية على الاقتصاد مباشرة».

جرافة تابعة للبلدية ترفع الركام الناتج عن غارة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ب)

ويضيف: «في عام 2006 كان اقتصاد لبنان واعداً مع نمو متوقع يتراوح بين 4 و5 في المائة، وكان البلد يستقطب استثمارات عربيَّة وأجنبيَّة، مما ساعَد على تحقيق ميزان المدفوعات فائضاً مالياً وسيولة عالية لدى القطاع المصرفي. خلال تلك الحَرب حصل لبنان على مساعدات عربية بقيمة 1.2 مليار دولار، بالإضافة إلى وديعة سعودية - كويتية بـ1.5 مليار دولار، وضَخَّ (مَصرِف لبنان) مليار دولار لِتَثبيت سِعر الصَّرف. بعدَ الحرب عُقِدَت مؤتمرات دعم دولية لمساعدة لبنان في استوكهولم خلال أغسطس (آب) 2006، وفي باريس خلال يناير (كانون الثاني) 2007». ويتساءل خاطر: «أين نحن من كل ذلك اليوم؟ فلبنان دخل الحرب على أنقاض انهيار سياسي نَتَجَت عَنهُ انهيارات اقتصاديَّة وسياسيَّة وماليَّة، وفراغ رئاسي ومؤسساتي، مما أدَّى إلى تَصَدُّع اقتصادِهِ ومؤسساِتهِ وقطاعه المصرفي إلى حَدّ الانهيار الكُلّي. وقد ساهَمَ هذا الانهيار في تلاشي مقوّمات الصُّمود المَعيشيَّة للبنانيين، مِمَّا يَزيد مِن حِدَّة التَّداعيات».