واشنطن تتهم دمشق بـ«إخفاء» مخزون كيماوي

المطالبات الأممية لسوريا بتوضيحات لا تزال بلا رد

ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا كان محور جلسة لمجلس الأمن (أ.ب)
ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا كان محور جلسة لمجلس الأمن (أ.ب)
TT

واشنطن تتهم دمشق بـ«إخفاء» مخزون كيماوي

ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا كان محور جلسة لمجلس الأمن (أ.ب)
ملف الأسلحة الكيماوية في سوريا كان محور جلسة لمجلس الأمن (أ.ب)

طالبت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع الأسلحة ايزومي ناكاميتسو، السلطات السورية مجدداً بتقديم توضيحات حول 20 من القضايا العالقة لتسوية ملف استخدام الأسلحة الكيماوية ونزعها بشكل تام وفقاً للقرار 2118، فيما اتهمت واشنطن دمشق بأنها تحتفظ بـ«مخزون سري» من الأسلحة المحظورة دولياً.
وكانت المسؤولة الأممية تقدم إحاطة جديدة خلال جلسة لمجلس الأمن في شأن التقدم المحرز في إزالة ترسانة سوريا من الأسلحة المحظورة دولياً، إذ أكدت عدم إحراز تقدم في الجهود التي يبذلها فريق تقييم إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتوضيح القضايا العالقة المتعلقة بالإعلان الأولي والإعلانات اللاحقة للحكومة السورية. وأسفت لمواصلة سوريا وضع شروط لنشر الفريق الأممي، بما يتعارض مع التزاماتها المتعلقة بإعلانها، وكذلك التزاماتها لجهة التعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وقالت إن «محاولات الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية تنظيم الجولة الخامسة والعشرين من المشاورات مع السلطات الوطنية في دمشق لا تزال غير ناجحة»، مضيفة أن الأمانة الفنية للمنظمة اقترحت معالجة أوجه القصور في الإعلان الأولي لسوريا من خلال تبادل المراسلات، علماً بأن «مثل هذه التبادلات تؤدي إلى نتائج أقل بالمقارنة مع عمليات نشر فريق التقييم في سوريا».
وذكّرت بأن الأمانة زودت دمشق بقائمة الإعلانات المعلقة وغيرها من الوثائق التي طلبها الفريق الأممي منذ عام 2019، بهدف مساعدة سوريا على حل القضايا العشرين العالقة. واستطردت أن الأمانة الفنية «لم تتلقَّ بعد رداً على طلبها للحصول على المعلومات المطلوبة فيما يتعلق بالحركة غير المصرح بها وبقايا أسطوانتين مدمرتين تتعلقان بحادثة سلاح كيماوي وقعت في دوما في 7 أبريل (نيسان) 2018»، داعية دمشق إلى الاستجابة للطلبات «على وجه السرعة». وشددت على أن «التعاون الكامل» من سوريا «ضروري لحسم جميع القضايا العالقة». وكشفت أن الأمانة الفنية «تخطط حالياً للقيام بجولات من عمليات التفتيش في مرافق برزة للدراسات والبحوث العلمية فيما يتعلق بالكشف عن مادة كيماوية من الجدول 2 في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018»، علماً بأن فريق التحقيق يواصل تحقيقاته في الحوادث التي قررت فيها بعثة تقصي الحقائق أن أسلحة كيماوية استخدمت أو يحتمل أن تكون استخدمت في سوريا. وكررت أن ديباجة اتفاقية الأسلحة الكيماوية تدعو إلى «استبعاد إمكانية استخدام الأسلحة الكيميائية بالكامل»، لأن مثل هذا الاستخدام «يشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين». ودعت إلى «تحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية ومحاسبتهم. إنه التزام علينا جميعاً». وقال نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي إن تقارير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية «تنشر بشكل متكرر اتهامات عامة لا أساس لها فيما يتعلق بسوريا» بغية «خلق انطباع بأن الحوار بين المنظمة وسوريا يتعثر بسبب فشل الأخيرة في التعاون». وانتقد المدير العام للمنظمة فرناندو أرياس لعدم زيارته سوريا منذ تعيينه، معتبراً أنه «لا جدوى» من مناقشة موضوع الأسلحة الكيماوية السورية كل شهر.
في المقابل، قال نظيره الأميركي ريتشارد ميلز إن «رفض النظام المستمر تقديم إجابات أو معلومات طلبها فريق تقييم الإعلان قبل سنوات، هو إهانة للمجلس ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية». وشدد على أن النظام السوري لم يعلن عن برنامج أسلحته الكيماوية بالكامل، ويحتفظ «بمخزون خفي» من الأسلحة، وهو ما يبقي الخطر قائماً في احتمال استخدام النظام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى ضد الشعب السوري.
أما المندوب السوري بسام صباغ فأعلن أن بلاده «كررت مراراً إدانتها القاطعة لاستخدام الأسلحة الكيماوية في أي زمان، وأي مكان، وتحت أي ظروف». وأشار إلى «عدم شرعية إنشاء فريق التحقيق».


مقالات ذات صلة

حمدوك يعود للأضواء برسالة مضادة لطلب إنهاء «يونيتامس»

شمال افريقيا رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك (الجبهة المدنية)

حمدوك يعود للأضواء برسالة مضادة لطلب إنهاء «يونيتامس»

قال حمدوك في تغريدة على حسابة الرسمي على منصة «إكس»، إنه وجه رسالتين لكل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن الدولي.

أحمد يونس ( ود مدني (السودان))
آسيا مجلس الأمن في أحد اجتماعاته (أ.ف.ب)

الباليستيات الكورية الشمالية ترفع منسوب المخاوف الأممية

حض الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي خالد خياري الاثنين أعضاء مجلس الأمن على «الاتحاد» في رفض انتهاكات كوريا الشمالية.

علي بردى (واشنطن)
أوروبا طفل يحمل حقيبة مساعدات إنسانية على ظهره بينما يستخدم آخر دراجة هوائية في رفح بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحذير أممي بشأن «مخاوف جدية» حول الوضع الغذائي لسكان غزة

حذَّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن الوضع داخل قطاع غزة لا يزال سيئاً، رغم مئات الأطنان من المساعدات التي تم تسليمها خلال الهدنة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي فلسطينيون يغادرون الشمال يسيرون عبر طريق صلاح الدين في منطقة الزيتون على المشارف الجنوبية لمدينة غزة (أ.ف.ب)

تحذير أممي من زيادة كبيرة في الأمراض بين النازحين بقطاع غزة

حذَّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، من أن ما لا يقل عن 7.‏1 مليون فلسطيني نازح داخل قطاع غزة يواجهون خطر الانتشار الكبير للأمراض المعدية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية التي سلمتها جمعية «الهلال الأحمر الفلسطيني» متجهة إلى شمال غزة (رويترز) play-circle 00:30

الأمم المتحدة تعلن وصول 61 شاحنة مساعدات إلى شمال غزة

أعلنت الأمم المتحدة أن 61 شاحنة تحمل إمدادات طبية وغذاء وماء قد أفرغت (السبت) حمولتها في شمال غزة/ من أصل 248 شاحنة مساعدات إنسانية وصلت إلى القطاع المحاصر.

«الشرق الأوسط» (غزة)

ملف قيادة الجيش يُخرّب علاقة باسيل مع الراعي

من لقاء سابق بين باسيل والراعي (الوكالة المركزية)
من لقاء سابق بين باسيل والراعي (الوكالة المركزية)
TT

ملف قيادة الجيش يُخرّب علاقة باسيل مع الراعي

من لقاء سابق بين باسيل والراعي (الوكالة المركزية)
من لقاء سابق بين باسيل والراعي (الوكالة المركزية)

تعثرت محاولات رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لتحسين علاقته بالبطريرك الماروني بشارة الراعي بعد أكثر من خلاف نشب بينهما، بعد الخلاف المستجد حول كيفية مقاربة ملف قيادة الجيش. وأعاد هذا الملف علاقتهما التي تحسنت بشكل ملحوظ أخيراً، خطوات إلى الوراء؛ إذ يُحال قائد الجيش العماد جوزيف عون على التقاعد، في يناير (كانون الثاني) المقبل، ويُفترض أن تقوم الحكومة بتمديد مهمته أو تعيين بديل عنه؛ منعاً للشغور في موقع قيادة الجيش، لكن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف الأعمال، وهناك معارضة مسيحية لقيامها بذلك في ظل الفراغ الرئاسي.

ويرفض البطريرك بشارة الراعي تعيين قائد جديد للجيش بغياب رئيس للجمهورية؛ لأنه جرت العادة أن يكون الرئيس هو من يختار قائد الجيش، وتطالب الحكومة راهناً بتأخير تسريح العماد عون، وهو ما يرفضه باسيل الذي لا يمانع التعيين، لكنه يفضل أن يتولى الضابط الأعلى رتبة في الجيش مهام القائد حتى انتخاب رئيس وتعيين بديل.

وكان الراعي قال صراحة في إحدى عظات الأحد إنه «من المعيب أن نسمع كلاماً عن إسقاط قائد الجيش في أدق مرحلة من تاريخ لبنان»، وقد لمح بذلك إلى باسيل باعتباره الوحيد الذي يرفض علناً بقاء عون في موقعه. وقد جدد الراعي، الأحد الماضي، رفضه تعيين قائد للجيش اللبناني، في ظل الشغور الرئاسي، مشدداً على «عدم قبول محاولات المسّ بوحدة الجيش واستقراره لا سيما والبلاد وأمنها على فوّهة بركان».

وتقول مصادر قريبة من بكركي إنه «لا نقاش حالياً بين (التيار) والبطريركية بخصوص ملف قيادة الجيش باعتبار أن موقف كل من الطرفين بات واضحاً تماماً، لكن هذا لا يعني أن هناك قطيعة بينهما، وأن قنوات التواصل غير موجودة»، مشددة على أن «البلد في حالة حرب، وبالتالي لا يجوز تغيير قائد الجيش في ظروف كهذه». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ما تدفع باتجاهه بكركي هو انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، خاصة أن المنطقة على أبواب تفاهمات وتسويات كبيرة لا يجوز أن يكون لبنان غير مؤثر فيها... وكلنا يعلم أن من يمثل لبنان هو رئيسه، وبالتالي استمرار حالة الشغور الرئاسي سيعني استمرار تجاهل لبنان ما يهدد بأن تأتي أي تسوية على حسابنا».

من جهته، يؤكد نائب رئيس «التيار الوطني الحر» الدكتور ناجي حايك أن «العلاقة بين (التيار الوطني الحر) وبكركي جيدة جداً، وقنوات التواصل معها موجودة ومفتوحة دوماً، وهناك محبة وود ولقاءات مستمرة بين باسيل والبطريرك، وبينه وبين النواب والمسؤولين في التيار».

ولا ينكر حايك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وجود اختلاف بالآراء وتباين بوجهات النظر في ما يتعلق ببعض الملفات، لكن ذلك لا يُفسد للود قضية، «فنحن إلى جانب بكركي دائماً»، مضيفاً: «أحياناً تخطئ البطريركية المارونية في بعض المقاربات، كما حصل بموضوع حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة مثلاً، وكما يحصل اليوم بملف قيادة الجيش. والسبب هو أن ما يصل إليها من بعض القوى وبعض الشخصيات يكون خاطئاً، وما دام أنه ليس لدى البطريركية جهاز للتحقق فإنها تبني على معطيات خاطئة».

وفي مرحلة سابقة دافع الراعي عن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، ورفض تحميله وحيداً مسؤولية الانهيار المالي، فيما كان «التيار الوطني الحر» رأس حربة في مواجهته. وينقسم الجمهور العوني بين من ينتقد بالعلن مواقف البطريرك الراعي ومن يحاول استيعاب الخلافات بين القيادة العونية والبطريركية.


«حزب الله» يطلب من الحكومة دفع تعويضات الأضرار في الجنوب

من الأضرار التي لحقت بأحد المنازل في قرية الضهيرة في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ب)
من الأضرار التي لحقت بأحد المنازل في قرية الضهيرة في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ب)
TT

«حزب الله» يطلب من الحكومة دفع تعويضات الأضرار في الجنوب

من الأضرار التي لحقت بأحد المنازل في قرية الضهيرة في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ب)
من الأضرار التي لحقت بأحد المنازل في قرية الضهيرة في جنوب لبنان نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ب)

بعدما كان «حزب الله» قد أعلن أنه بدأ دفع التعويضات للمتضررين من القصف الإسرائيلي على الجنوب، عاد ليطلب من الحكومة تحمّل مسؤوليتها في هذا الإطار عبر النائب حسن فضل الله الذي نقل عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التزامه بهذا الأمر. هذا في وقت أكد فيه وزير الزراعة عباس الحاج حسن أن وزارته أنجزت جزءاً أساسياً من إحصاء الأضرار التي أصابت القطاع الزراعي في منطقة الجنوب، وتحديداً البلدات التي تعرضت للقصف بغية العمل على التعويض على المزارعين بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).

وكان فضل الله قد أعلن، الاثنين، أن الحزب يقوم بالإحصاء مؤكداً «ما نقدّمه للمتضررين هو من مال وإمكانات وجهود (حزب الله)»، ليعود، الثلاثاء، ويزور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ويبحث معه، وفق ما أعلن، في الاعتداء الإسرائيلي على القرى الجنوبية الحدودية والمسؤوليات المترتبة على الدولة اللبنانية والإجراءات التي يمكن أن تقوم بها الحكومة. وقال بعد اللقاء: «صحيح أننا في (حزب الله) بدأنا بدفع التعويضات، وقمنا بالإحصاءات على المستوى الجنوبي، وبمسح هذه الأضرار، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة غير معنية بل هي معنية، وقد كان دولة الرئيس متجاوباً بشكل كبير، وأكد على تحمل المسؤولية، وبأن الحكومة معنية بتقديم التعويضات الضرورية لهم».

وفي هذا الإطار، تقول مصادر وزارية لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة تكمن في الآلية التي ستدفع بموجبها هذه المبالغ في ظل الأوضاع التي تعاني منها الدولة ومؤسساتها وصعوبة تأمين الأموال، وهو ما سيحتاج إلى وقت لحسمه».

وأشار فضل الله إلى أن «حزب الله» أنجز الإحصاء المتعلق بالبيوت التي تهدمت بشكل كلي وعددها 37 مبنى، إضافة إلى 11 مبنى تعرض للحريق الكلي. وأكد أن ميقاتي التزم بأن تتولى الحكومة دفع التعويضات الكاملة لأصحاب هذه المباني لإعادة إعمارها وفق الأسعار التي ستحدد على ضوء تقييم لمجلس الجنوب لتكلفة هذه البيوت، واتفقنا أن هذا الموضوع أصبح منتهياً لدى رئيس الحكومة أي تأمين المبلغ اللازم لهذه المنازل المهدمة، إضافة إلى دفع التعويضات للمنازل المتضررة التي يبلغ عددها نحو 1500 منزل من الناقورة إلى شبعا.

كذلك تحدث فضل الله عن ملفين مرتبطين بالسيارات التي تضررت أو احترقت والمزروعات المثمرة ومنها حقول الزيتون، مؤكداً أن الحكومة ستلتزم أيضاً بدفع التعويضات، وستعلنه للمتضررين في الأيام المقبلة.

وعن الأضرار في القطاع الزراعي، يقول وزير الزراعة عباس الحاج حسن لـ«الشرق الأوسط» بدأنا إحصاء الخسائر منذ اليوم الأول لبدء الاشتباكات عبر المراكز التابعة للوزارة في الجنوب وفق إمكاناتنا باستثناء بعض المناطق التي تعرضت للقصف العنيف على غرار منطقة اللبوة، وقد ساعدنا في ذلك مأمورو الأحراج ورؤساء المراكز الذين كانوا يقومون بمهمتهم بشكل يومي؛ لأننا كنا نتوقع أن الحرب قد تطول، ومن ثم من الأفضل إحصاء الخسائر والأضرار بشكل يومي تسهيلاً للمهمة»، لكن وفق الحاج حسن، فإن الإحصاء الأولي الذي يشمل لوائح اسمية بكل القرى المتضررة، على أهميته، ليس كافياً وهو يتطلب النزول على الأرض لمعاينة الخسائر وتقدير تكلفتها، وهو ما طلبته منظمة «الفاو» التي أبدت تجاوباً معنا للتعويض على المزارعين، لكن بعد تقديم الأرقام الدقيقة لها. من هنا فإن المرحلة المقبلة ستكون وفق الحاج حسن، تشكيل لجان مع «الفاو» لإنجاز هذه المهمة تمهيداً لتأمين التعويضات للمزارعين، مشيراً إلى أن الأولوية ستكون للمتضررين بشكل مباشر كالذين خسروا موسم الزيتون وبعد ذلك، وقد تقدم التعويضات للمتضررين بشكل غير مباشر، لكن ذلك يتوقف على التكلفة المادية. ويوضح: «الخسارة الكبرى في هذه الحرب كانت لموسم الزيتون مع احتراق أكثر من 53 شجرة معمرة ومن ثم الغابات والمساحات الحرجية والثروة الحيوانية».

ولفت إلى أن «هناك 11 ألف مزارع ستشملهم مساعدات (الفاو)، إضافة إلى ما سيقدم لهم عبر خطة الطوارئ التي أعدتها الحكومة».

وأظهرت إحصاءات الوزارة وقوع 438 حريق موزعة في 53 بلدة في محافظتي الجنوب والنبطية على مساحة أكثر من 1120 دونماً. وقد قدّر عدد أشجار الزيتون التي احترقت بأكثر من 53 شجرة، إضافة إلى شجر الصنوبر والسنديان. وهذه الأضرار لم تقتصر على الأشجار إنما طالت أيضاً الثروة الحيوانية، بحيث أدى القصف إلى نفوق 230 ألف طير دجاج و700 رأس ماشية، وتضرر 270 قفير نحل، وتدمير كلي لمستودع أعلاف على مساحة 600 متر مربع.

وتنتشر زراعة الزيتون على مساحة 20 بالمائة من الأراضي الزراعية في لبنان، وفق بيانات الأمم المتحدة، وهي توفر بذلك دخلاً لأكثر من 110 آلاف مزارع لبناني، بما يقدر بنحو 7 بالمائة من الناتج الزراعي الإجمالي في لبنان.


ماكرون يحث اللبنانيين على تجنب الانجرار إلى الحرب

الرئيس ماكرون متحدثاً في مؤتمر اقتصادي في مدينة نانت (رويترز)
الرئيس ماكرون متحدثاً في مؤتمر اقتصادي في مدينة نانت (رويترز)
TT

ماكرون يحث اللبنانيين على تجنب الانجرار إلى الحرب

الرئيس ماكرون متحدثاً في مؤتمر اقتصادي في مدينة نانت (رويترز)
الرئيس ماكرون متحدثاً في مؤتمر اقتصادي في مدينة نانت (رويترز)

حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من امتداد رقعة الصراع بين إسرائيل وحركة «حماس» إلى لبنان، وقال في رسالة وجهها إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لمناسبة عيد الاستقلال، إن امتداد رقعة الصراع إلى لبنان ستكون له عواقب وخيمة على البلد وعلى الشعب اللبناني.

وأكد ماكرون أن تهيئة الظروف المناسبة لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة عمل أمر ملّح، وقال إن ممثله الشخصي جان إيف لودريان، الذي يقوم بزيارة إلى بيروت، يواصل العمل في هذا الاتجاه. وقال إن فرنسا، ونظراً للعلاقات التاريخية التي تربطها بلبنان، «تضاعف جهودها لتعزيز استقرار لبنان وأمنه واستقلاله. ونحن دعمنا هذه الأهداف باستمرار».

وأضاف: «إن فرنسا تدرك أن لديها مسؤولية فريدة تجاه بلدكم، مسؤولية تترجم بشكل خاص من خلال الدور الذي نضطلع به ضمن قوات حفظ السلام اليونيفيل. يجب ألا يستخدم أي طرف الأراضي اللبنانية بشكل يتعارض مع مصالحه السيادية. وعلينا اليوم تجنب الأسوأ. لذلك أحثّكم على مواصلة جهودكم في هذا الاتجاه». وتابع: «كنت قد أكدت لرئيس الوزراء الإسرائيلي، في كل مرة تواصلت معه، كل الاهتمام الذي نوليه لبلدكم وأعربت له عن قلقي إزاء مخاطر التصعيد وامتداد الصراع إلى لبنان».

ورأى أنه «بالإضافة إلى هذه القضية الأساسية، هناك حاجة ملحة لتحقيق الاستقرار في المؤسسات اللبنانية. فالشغور الرئاسي المستمر منذ أكثر من عام يلقي بثقله على قدرة البلاد على الخروج من الأزمة الحالية وتجنب التدهور الأمني المرتبط بالحرب المستمرة في غزة. فمن دون رئيس أو حكومة فاعلة، لا احتمال للخروج من المأزق الأمني والاجتماعي والاقتصادي والمالي الذي يعاني منه في المقام الأول الشعب اللبناني».

وقال ماكرون إن لبنان يتمتع بكل المقومات للنهوض مجدداً، مستنداً بذلك إلى مجموعة من المواهب ورجال الأعمال والباحثين والمبدعين الذين ذاع صيتهم عالمياً ويمكنهم بث نفس جديد في البلد.

من جهة أخرى، كشف السفير الفرنسي لدى المملكة العربية السعودية لودوفيك بويّ عبر منصة «إكس»، عن «لقاء مثمر» في الرياض بين المبعوث الشخصي للرئيس ماكرون جان إيف لودريان، والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا. وشدد بويّ على أن فرنسا والمملكة العربية السعودية تعملان جنباً إلى جنب من أجل استقرار لبنان وأمانه، وضمان سرعة إجراء الانتخابات الرئاسية.


منصب رئيس البرلمان يمزق البيت السني العراقي

ملصق انتخابي لرئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي في بغداد (أ.ف.ب)
ملصق انتخابي لرئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي في بغداد (أ.ف.ب)
TT

منصب رئيس البرلمان يمزق البيت السني العراقي

ملصق انتخابي لرئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي في بغداد (أ.ف.ب)
ملصق انتخابي لرئيس البرلمان العراقي المقال محمد الحلبوسي في بغداد (أ.ف.ب)

على طريقة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، جاءت الإقالة المفاجئة لرئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بمثابة ضربة قوية وتحت الحزام ليس للحلبوسي وحزبه «تقدم» فحسب، بل للمكون السني.

القرار الباتّ والقطعي الذي اتخذته المحكمة الاتحادية العليا وإن جاء بناء على شكوى تقدم بها نائب سني (ليث الدليمي) ضد رئيس البرلمان السني أثار المزيد من اللغط، فضلاً عن الخلافات لجهة ما إذا كان له سند دستوري أم أنه أشبه بقرار سياسي اتُّخذ تحت ذريعة التزوير التي لها تبعات على صعيد الحنث باليمين الذي اعتمدته المحكمة الاتحادية في سياق تبرير القرار.

مع ذلك، فإن صدور هذا القرار المفاجئ على كل الصعد ومع قرب إجراء انتخابات مجالس المحافظات بدا مربكاً للمشهد السياسي العام في البلاد، فضلاً عما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات لا سيما في حال تم حساب طبيعة التحالفات السياسية بما فيها السابقة، وفي المقدمة منها التحالف الثلاثي الذي تزعمه مقتدى الصدر لغرض تشكيل حكومة أغلبية عام 2022. كانت أطراف ذلك التحالف الذي أطلق عليه «إنقاذ وطن»، التيار الصدري وكتلته التي حصلت على الأغلبية العددية في انتخابات 2021 بواقع 73 مقعداً، و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، وحزب «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي.

وبالربط بين إقالة أحد أقطاب التحالف الثلاثي الذي سقط بعد قيام «الإطار التنسيقي» الشيعي وحلفائه السنة والكرد بتشكيل ما سمي بـ«ائتلاف إدارة الدولة» الذي جاء بالحكومة الحالية التي يترأسها محمد شياع السوداني، وبين إجراء الانتخابات المحلية يبرز في الواجهة موقف التيار الصدري وزعيمه الرافض لإجراء هذه الانتخابات. ونظراً لكون عملية إقصاء أحد أطراف ذلك التحالف حتى بعد انضمامه إلى التحالف الجديد (إدارة الدولة)، فإنه يمكن أن يكون عامل تشجيع على حصول عرقلة لا تزال متوقعة من قبل التيار الصدري والقوى المدنية باتجاه عدم إجراء تلك الانتخابات في موعدها الشهر المقبل.

بين موعدين

الأمر الذي زاد من وتيرة المخاوف بشأن عدم إجراء الانتخابات هو القرار الاستباقي الذي اتخذه خصوم الصدر في البيت الشيعي (قوى الإطار التنسيقي) مع شركائهم الجدد (السنة والكرد) في ائتلاف «إدارة الدولة» بالتمديد لمجلس مفوضية الانتخابات الذي تنتهي ولايته خلال فترة الانتخابات، مما يعزز المخاوف من تركها دون غطاء قانوني.

ملصقات للمرشحين في الانتخابات المحلية العراقية المرتقبة في الموصل (أ.ف.ب)

إصرار القوى السياسية التي تمسك السلطة الآن، وفي مقدمتها «الإطار التنسيقي» الذي أصبح في غياب الصدر الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً، على إجراء الانتخابات تزامن مع حدثين، وهما إقالة رئيس البرلمان من منصبه، وهو أمر بدأ يثير شكوكاً سياسية وقانونية، والعطلة التشريعية التي يتمتع بها البرلمان والتي تمتد إلى التاسع من شهر يناير (كانون الثاني).

وبين احتمالية بقاء منصب رئيس البرلمان، الذي هو من حصة المكون السني حسب العرف السياسي السائد في العراق إلى ما بعد إجراء الانتخابات المحلية، وبالتالي تسليم المنصب مؤقتاً إلى النائب الأول الشيعي محسن المندلاوي، وعدم قدرة السنة على تقديم مرشح متفق عليه من قبلهم، فإن الأوضاع ازدادت تعقيداً، فبالإضافة إلى أن استهلاك المواعيد لم يعد في صالح البيت السني الممزق أصلاً والذي زادته تمزيقاً إقالة رئيس البرلمان، فإن الرهاوة التي يجد فيها البيت الشيعي نفسه حيال عدم اتفاق السنة على مرشح واحد، تضاعف من مساحة المناورة لدى الشيعة في اختيار رئيس للبرلمان ينسجم مع توجهاتهم ولا يكرر سياسات الحلبوسي السابقة الذي كان أجبرهم في سابقة لم تحصل من قبل على التصويت له مرتين في غضون أقل من سنة.

أسماء وأسماء

ووسط جدل حول ما إذا كان البرلمان سيعقد جلسة استثنائية هي الثالثة في سلسلة جلساته الاستثنائية خلال عطلته التشريعية لاختيار رئيس جديد للبرلمان خلفاً للحلبوسي، أو يتم تأجيل الانتخاب إلى ما بعد نهاية العطلة التشريعية، قدمت القوى السنية مرشحيها لرئاسة البرلمان، مساء الاثنين، إلى قوى «الإطار التنسيقي».

والتقى تحالف القيادة الذي يضم حزب «تقدم» بزعامة الحلبوسي، وحزب «السيادة» بزعامة خميس الخنجر في ذات الليلة، قادة «الإطار التنسيقي» لتسليمهم قائمة بعدد من المرشحين من كلا الحزبين. في مقابل ذلك قدم تحالف «عزم» بزعامة مثنى السامرائي مرشحاً واحداً هو رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، بعد أن أعلن السامرائي انسحابه مفسحاً المجال لكي يأخذ المشهداني المرغوب من أغلب قادة «الإطار التنسيقي» الشيعي مساحة أكبر في المناورة داخل قبة البرلمان.

المرشحون الذين قدمهم تحالف «القيادة» هم: «عبد الكريم عبطان، شعلان الكريم، سالم العيساوي، مزاحم الخياط، يحيى المحمدي» وهو ما يعني عدم وجود وحدة موقف سواء داخل البيت السني (القيادة وعزم)، أو داخل تحالف القيادة نفسه، الأمر الذي سيجعل عملية اختيار رئيس قادم للبرلمان، سواء خلال هذه الأيام أو ما بعد نهاية العطلة التشريعية مطلع العام المقبل، قراراً شيعياً بحتاً.


لودريان في بيروت لنصح الأطراف اللبنانيين بعدم الانزلاق للحرب وانتخاب رئيس

لودريان مجتمعاً مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال زيارته السابقة لبيروت (أ.ب)
لودريان مجتمعاً مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال زيارته السابقة لبيروت (أ.ب)
TT

لودريان في بيروت لنصح الأطراف اللبنانيين بعدم الانزلاق للحرب وانتخاب رئيس

لودريان مجتمعاً مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال زيارته السابقة لبيروت (أ.ب)
لودريان مجتمعاً مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال زيارته السابقة لبيروت (أ.ب)

يترقّب الوسط السياسي في لبنان ما سيحمله الوفد الرئاسي الفرنسي، وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، في زيارته الرابعة للبنان التي يفتتحها (الأربعاء) بلقاءٍ مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، كان مهّد له باتصال به أول من أمس، على أن يوسع مروحة اتصالاته بلقاء رؤساء الكتل النيابية والنواب المستقلين والمنتمين إلى قوى التغيير سعياً وراء إخراج انتخاب رئيس الجمهورية من المراوحة التي لا يزال يدور فيها.

ومع أن لقاءات لودريان تستمر حتى مساء الخميس، فإن الكتل النيابية تواصلت مع السفارة الفرنسية في لبنان للوقوف منها على جدول الأعمال الذي يحمله معه لكنها لم تحصل على أجوبة شافية، ما يدعوها للتصرف على أن الموفد الرئاسي الفرنسي يُبقي برنامجه مفتوحاً لعله يتوصّل في اجتماعاته إلى قواسم مشتركة حول ماذا سيكون عليه الوضع في لبنان فور انتهاء الحرب بين حركة «حماس» وإسرائيل في قطاع غزة.

لكن الغموض الذي يكتنف جدول أعمال لقاءاته في بيروت لا يمنع الكتل النيابية من تعاملها مع زيارته الرابعة للبنان من زاوية أنه يحاول ترميم العلاقات اللبنانية - الفرنسية بعد الجروح التي أصابتها من جراء انحياز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمصلحة إسرائيل.

واستبقت معظم الكتل النيابية وصول لودريان إلى بيروت بإجراء مشاورات توخّت من خلالها التحضير للقاءاتها معه، وهذا ما سارعت إليه قوى المعارضة في البرلمان في اجتماعها مساء الثلاثاء، رغبةً منها في توحيد موقفها حيال ما يمكن أن يطرحه عليها في حال بقاء باريس على موقفها الذي تبلغته منه لجهة ترجيحه في اجتماعاته السابقة ضرورة البحث عن خيار ثالث يفتح الباب أمام انتخاب رئيس توافقي، انطلاقاً من أن لا قدرة لمرشح محور «الممانعة»، رئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، ومرشح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور الذي تقاطعت على اسمه مع «التيار الوطني الحر»، على تأمين الغالبية النيابية لانتخاب أحدهما رئيساً للجمهورية.

وتلتقي المعارضة مع محور «الممانعة» في تعاملهما مع الزيارة الرابعة للودريان على أنها تأتي في سياق استطلاعه المواقف للتأكد ما إذا كانت ما زالت على حالها، وصولاً لابتداع أفكار جديدة لعلها تدفع باتجاه تسجيل خرق من شأنه أن يضع انتخاب الرئيس على نار حامية.

وبكلام آخر، تستبعد القوى المعنية بانتخاب رئيس للجمهورية أن يحمل لودريان أي جديد سوى «توزيع» مجموعة من النصائح تتصدّرها الدعوة لانتخاب رئيس للجمهورية، لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية. وتقول مصادر مقربة منهما لـ«الشرق الأوسط» إن المهمة الأولى للودريان تكمن في تسجيل الحضور الفرنسي في المشهد السياسي الذي يدخل حالياً في مرحلة جديدة مع التحاق جنوب لبنان، ولو من باب المساندة، بالحرب الدائرة في غزة.

وتكشف مصادر سياسية لبنانية محايدة عن أن لودريان سيتقدّم إلى الكتل النيابية بنصيحة منع انزلاق لبنان نحو توسع الحرب استجابةً لرغبة أصدقائه من دول غربية وعربية، فيما تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل لمنع تمدُّد المواجهة إلى الجبهة الشمالية مع جنوب لبنان.

وتؤكد أن باريس تسأل عن إمكانية تطبيق القرار 1701 لمنع انزلاق لبنان نحو الحرب أو جنوح إسرائيل لتوسعتها لتشمل الجبهة الشمالية، خصوصاً أنه لم ينفّذ منه سوى البند المتعلق بوقف الأعمال العسكرية الذي سرعان ما تهاوى مع بدء الحرب في غزة.

وتقول المصادر نفسها إن البنود التي تشكل الإطار العام الميداني والعسكري لوضع القرار 1701 على سكة التنفيذ، ما زالت عالقة، وأبرزها تلك المتعلقة بوقف إطلاق النار وخلوّ منطقة العمليات الخاضعة لسيطرة الجيش اللبناني وقوات «يونيفيل» في جنوب الليطاني، من المسلحين.

وتضيف أن وحدة الساحات التي كان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، قد تحدث عنها، تتعارض مع تطبيق القرار 1701، إضافة إلى الإشكالية المترتبة على عدم انسحاب إسرائيل من بعض النقاط التي كان قد تحفّظ عليها «حزب الله» وتقع على خط الانسحاب الذي يطالب به لبنان كون «الخط الأزرق» ليس خط الانسحاب الكامل.

لذلك من السابق لأوانه الحديث عن تطبيق القرار 1701 ما دامت الحرب مشتعلة في غزة، وأن ما يصدر عن دعوة لبنان لتنفيذه يأتي في سياق منع انزلاقه نحو الحرب، باعتبار أن تطبيقه يُسقط أي ذريعة لإسرائيل يمكن أن تستخدمها لتوسعة الحرب.

وعليه فإن منطقة جنوب الليطاني ستبقى على حالها ولم تشهد أي تبدُّل يجعل منها منطقة منزوعة السلاح، وتخضع بلا شريك غير شرعي لسيطرة الجيش اللبناني بمؤازرة «يونيفيل»، وبالتالي لم يَحن أوان تطبيق القرار في ظل بقاء «حزب الله» على سلاحه في هذه المنطقة لتوفير مساندة لـ«حماس» في حربها، مع أن هذه المنطقة لم يسبق لها أن خضعت بالكامل لسيادة الدولة.

وعلى صعيد آخر لم تستبعد المصادر أن يتطرق لودريان لملء الشغور في قيادة الجيش في ضوء إصرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على استبعاد تعيين خلف للعماد جوزف عون فور إحالته إلى التقاعد، وهو لا يزال يراهن على تأجيل تسريحه، وهذا ما سعى إليه في الساعات الماضية لدى الثنائي الشيعي من دون أن يتوصل معه إلى اتفاق بسبب تريث «حزب الله» بعدم حسم موقفه بذريعة أن الوقت لم يَفُتْ بعد، ما أدى إلى استبعاد طرح تأجيل التسريح من خارج جدول الأعمال في جلسة مجلس الوزراء المقررة يوم الأربعاء.


العاهل الأردني: عمليات إسرائيل في غزة والضفة تتنافى مع قيم الإنسانية

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في برلين 15 مارس 2022 (رويترز)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في برلين 15 مارس 2022 (رويترز)
TT

العاهل الأردني: عمليات إسرائيل في غزة والضفة تتنافى مع قيم الإنسانية

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في برلين 15 مارس 2022 (رويترز)
العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين يتحدث خلال مؤتمر صحافي في برلين 15 مارس 2022 (رويترز)

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء، إن الحملات العسكرية الإسرائيلية في غزة والعمليات العسكرية في الضفة الغربية «تتنافى مع قيم الإنسانية وحق الحياة».

وفي تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية، قال العاهل الأردني الذي دعا مرة أخرى إلى إنهاء الحرب، إن «حرمان أهل غزة من الماء والغذاء والدواء والكهرباء، جريمة حرب لا يمكن السكوت عنها، واستمرارها يعني مضاعفة تدهور الوضع الإنساني هناك»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.


رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «سيستقيل قريباً جداً»

جنديتان إسرائيليتان تبكيان اليوم الثلاثاء وسط ملصقات لصور قتلى ورهائن سقطوا في هجوم «حماس» على حفل موسيقي في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي (أ.ب)
جنديتان إسرائيليتان تبكيان اليوم الثلاثاء وسط ملصقات لصور قتلى ورهائن سقطوا في هجوم «حماس» على حفل موسيقي في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي (أ.ب)
TT

رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية «سيستقيل قريباً جداً»

جنديتان إسرائيليتان تبكيان اليوم الثلاثاء وسط ملصقات لصور قتلى ورهائن سقطوا في هجوم «حماس» على حفل موسيقي في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي (أ.ب)
جنديتان إسرائيليتان تبكيان اليوم الثلاثاء وسط ملصقات لصور قتلى ورهائن سقطوا في هجوم «حماس» على حفل موسيقي في جنوب إسرائيل يوم 7 أكتوبر الماضي (أ.ب)

في أعقاب نشر تقرير جديد في تل أبيب عن قصور الجيش الإسرائيلي وإخفاقاته، والفشل في تفسير تصرفات «حماس» عشية هجومها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أعلن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، اللواء أهرون حليوة، أمام عدد من المقربين منه، أنه ينوي تحمّل مسؤولية شخصية عن الإخفاقات، وتقديم الاستقالة في أقرب وقت ممكن.

وقال حليوة إنه محتار فقط باختيار الموعد الدقيق للاستقالة، بحث لا يتسبب في أزمة. فهو مستعد لتقديمها فوراً، لكن لا يجوز له أن يفعل ذلك في وقت يخوض فيه الجيش الحرب، ولذلك فإنه سينتظر أن يتم وقف إطلاق النار ويعلن الاستقالة، وربما يبكّر الاستقالة إلى موعد أقرب.

وبناء على هذه التصريحات، بدأ الجنرالات أعضاء رئاسة أركان الجيش التنافس على هذا المنصب الرفيع. وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أصبح حليوة يُعامل في قيادة الجيش على أنه «ذاهب»، لدرجة أن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، أجرى مشاورات في الساعة الثانية والنصف فجر السبت الماضي حول قضية ميدانية في قطاع غزة، وأشرك فيها قائد اللواء الجنوبي، يارون فنكلمان، ورئيس دائرة العمليات، عوديد بسيوك، ولم يُشرك اللواء حليوة.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الوزيرين يوآف غالانت وبيني غانتس خلال مؤتمر صحافي... الصحافة الإسرائيلية تقول إن القيادة السياسية تتحمل أيضاً مسؤولية إخفاقات الجيش (رويترز)

وكُشف النقاب في إسرائيل (الثلاثاء) عن تفاصيل جديدة تتعلق باستعداد حركة «حماس» للهجوم على إسرائيل. وبحسب تقريرين منفصلين لصحيفتي «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» العبريتين، أجرت قيادة الجيش الإسرائيلي، ليلة السابع من أكتوبر الماضي، مشاورات هاتفية على أثر ورود «إشارات ضعيفة»، تفيد بأن شيئاً ما يحدث عند حدود قطاع غزة.

وإلى جانب ذلك، كانت هناك «مؤشرات مطمئنة»، وتقرر في النهاية أنه يجب إطلاع رئيس «أمان»، أهرون حليوة، على أي تطور. وشارك في المشاورات الليلية كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، ورئيس دائرة العمليات، عوديد بسيوك، وقائد اللواء الجنوبي، يارون فنكلمان، الذي كان يقضي إجازة. ولم يشارك رئيس «أمان» في هذه المشاورات، ولا رئيس دائرة الأبحاث في «أمان»، عَميت ساعر. كذلك لم يشارك فيها قائد سلاح الجو، تومير بار.

جانب من تشييع روني إيشيل المنضوية في وحدة عسكرية تابعة للاستخبارات والتي قُتلت في هجوم «حماس» على غلاف غزة يوم 7 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

وعدّت الصحيفتان المعلومات الواردة عن تحركات «حماس» وقرار قيادة الجيش بعدم القيام بأي خطوة جدية إزاءها، دليلاً على حجم الإخفاق الإسرائيلي قبيل عملية «طوفان الأقصى» في منطقة «غلاف غزة». ويضيف تقرير «هآرتس» أنه «عند الساعة الثالثة قبيل فجر 7 أكتوبر، تلقى حليوة، الذي كان في إجازة في إيلات، اتصالاً من مساعده الذي أبلغه بمعلومات حصل عليها من ضابط الاستخبارات في قيادة المنطقة الجنوبية، وبموجبها أنه من الجائز أن (حماس) تستعد للمبادرة إلى هجوم. وعلى الرغم من أن البلاغ لم يتحدث عن هجوم بحجم الهجوم الضخم الذي بدأ بعد ذلك بساعات قليلة، فإن الرد على المعلومات كان هزيلاً».

وكانت التقديرات حينها أن التحركات في غزة تتعلق بتدريب ستجريه «حماس». وفي موازاة ذلك، كان الاعتقاد في جهاز «الشاباك» بأن «حماس» ستنفذ هجوماً محدوداً، ولذلك جرى إرسال وحدة العمليات فيه، المعروفة باسم «تيكيلا»، إلى المنطقة الجنوبية من دون أن يصدر عنها شيء. وكان الاعتقاد في «الشاباك» بأن إرسال هذه الوحدة إلى الجنوب أمر «مبالغ فيه». وفي وقت لاحق، قال حليوة إنه لو تعيّن عليه الاستناد إلى المعلومات التي نوقشت في المشاورات الليلية لما كان سيطرح تقديرات مختلفة عن تلك التي سادت في نهاية هذه المشاورات.

الجيش الإسرائيلي في شارع صلاح الدين بقطاع غزة اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفادت «يديعوت أحرونوت» بأن غضباً يسود قيادة الجيش على أثر نشر تقارير عديدة في وسائل الإعلام عن معلومات تجمّعت لدى «أمان» حول تخطيط «حماس» لهجوم لكنها تجاهلها. وتحدث أحد هذه التقارير عن ضابطة حذّرت أمام ضابط كبير في «أمان» من هجوم مثل الذي حدث في 7 أكتوبر، في حين نفى حليوة إمكانية حدوث مثل هذا الهجوم، وتجاهل أيضاً تقارير مشابهة من جانب مجنّدات يراقبن حدود غزة. ووصف ضابط في «أمان» تحذير الضابطة بأن «هذا سيناريو خيالي وغير واقعي». كذلك لخّص حليوة تحذير الضابطة والمجندات بأنه «لا توجد نية لدى يحيى السنوار (زعيم حماس في غزة) لأن يقود إلى تدهور، بل توجد معلومات بأنه أوعز بلجم الميدان وتهدئة الوضع الميداني». وشددت الصحيفة على أن هذا «لا يعفي شعبة الاستخبارات عموماً، وحليوة خصوصاً، من المسؤولية الشاملة عن إخفاق 7 أكتوبر».

ويقول تقرير «هآرتس» إنه «منذ عملية (الجرف الصامد) العسكرية، قبل 9 سنوات، رصد الجيش الإسرائيلي استعدادات بمستويات مختلفة في (حماس) لتنفيذ غزوات على بلدات غلاف غزة ومواقع الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة». وقدّم رئيس دائرة الأبحاث في «أمان» وكذلك «الشاباك» تقييمات، عشية الأعياد اليهودية في شهرَي سبتمبر (أيلول) وأكتوبر الماضيين، وجاء فيها أنه «وفقاً لإدراكنا، لا توجد لدى السنوار مصلحة بمواجهة واسعة».

دبابة ميركافا إسرائيلية قرب الحاجز الفاصل بين جنوب إسرائيل وقطاع غزة... حركة «حماس» اخترقت السياج خلال عملية «طوفان الأقصى» (رويترز)

وأضافت الصحيفة أن الرأي السائد كان أن «حماس» مرتدعة وليست معنية بالمبادرة إلى تصعيد، وهذا الأمر أكده طاقم مراقبة في الموساد، الذي مهمته فحص مثل هذه الاستنتاجات.

وحتى في التقويم السنوي للوضع في عام 2024، الذي بلورته «أمان» وصدر قبل الحرب الحالية على غزة، جاء أن «الفلسطينيين لن يكونوا المحرّك لحرب متعددة الجبهات»، وذلك على أثر التقديرات التي كانت سائدة لدى الأجهزة العسكرية و«الشاباك»، وبموجبها أن «السنوار يريد أن يحكم ويحسّن الوضع الاقتصادي في القطاع». وأشارت الصحيفة إلى أن إخفاقات «أمان» و«الشاباك» لا تعفي المستوى السياسي من المسؤولية. ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير عضو في هيئة الأركان العامة قوله حول تدريبات قوات «حماس» المتكررة والعلنية، إنه «لم ننجح في إدراك أن الخطة التي نُسجت أمام أنظارنا تحولت إلى أمر عسكري. لا نحن ولا (الشاباك)، وكذلك ليس الموساد ولا طواقم مراقبة تقييمات الوضع. ونحن لا نعلم متى اتخذ السنوار القرار بتحويل الخطة إلى أمر عسكري، ولا نعلم لماذا أيضاً، رغم أنه تعالت تقديرات بهذا الخصوص».


نتنياهو رفض المصادقة على اغتيال السنوار... 6 مرات

يحيى السنوار... جهاز «الشاباك» عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي 6 مخططات لاغتياله (أ.ب)
يحيى السنوار... جهاز «الشاباك» عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي 6 مخططات لاغتياله (أ.ب)
TT

نتنياهو رفض المصادقة على اغتيال السنوار... 6 مرات

يحيى السنوار... جهاز «الشاباك» عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي 6 مخططات لاغتياله (أ.ب)
يحيى السنوار... جهاز «الشاباك» عرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي 6 مخططات لاغتياله (أ.ب)

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، أفيغدور ليبرمان، النبأ الذي نشره الصحافي بن كسبيت في صحيفة «معاريف» العبرية، الثلاثاء، ومفاده أن جهاز المخابرات العامة (الشاباك) عرض على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ست مخططات لاغتيال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار وغيره من قادة الحركة في الفترة ما بين 2011 و2023. لكن نتنياهو رفض المصادقة على أي منها.

ومع أن ديوان نتنياهو نفى هذه الأنباء، فإن ليبرمان، الذي كان قد استقال من حكومة نتنياهو سنة 2018 لأنه رفض خطة للتخلص من حكم «حماس» في قطاع غزة، أكد ما نشره بن كسبيت وقال إنه «صحيح مائة في المائة»، وأن نفي نتنياهو غير صحيح. وأضاف: «أنا لا أقول هذا من باب التقديرات بل من معرفة تامة بالحقائق».

أفيغدور ليبرمان (حسابه على منصة «إكس»)

ونشرت الصحيفة تقريراً أعده المعلق السياسي الرئيسي فيها، بن كسبيت، يقول فيه إن نتنياهو رفض الموافقة على المخططات الستة التي قدمها «الشاباك» تحت قيادة كل رؤسائه في السنوات الأخيرة وهم: يورام كوهين ونداف أرغمان ورونين بار. ويضيف أنه استناداً إلى شهادات عدد كبير من كبار المسؤولين الذين شغلوا مواقع مهمة في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فإن مخططات تصفية السنوار شملت تفاصيل دقيقة وشاملة، وضمن ذلك تصورات لتداعيات عملية الاغتيال. وأكد أن مخططات الاغتيال استندت إلى حقيقة أن السنوار لم يكن يتصرف بوصفه مطلوباً، إنما كان يحرص على مزاولة أعماله بشكل علني، ولا يعيش في أماكن سرية أو ملاجئ، مثلما يفعل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله منذ حرب 2006 في لبنان.

صورة وزعتها الحكومة الإسرائيلية لبنيامين نتنياهو خلال تفقد قواته في قطاع غزة يوم الأحد (رويترز)

وأشار كسبيت إلى أن الخطة التي قدمها رئيس «الشاباك» الحالي رونين بار بشأن اغتيال السنوار كانت الأكثر تفصيلاً، إذ هدفت إلى تصفية كل قيادة حركة «حماس» في قطاع غزة. وقد بنيت على متابعة نشاطات «حماس» وخططها لاجتياح البلدات الإسرائيلية في غلاف غزة، واكتشاف أنها ضاعفت عدد مقاتلي وحدتها المختارة «النخبة»، فقط خلال السنة الماضية، والتي تحدث عنها السنوار بأنها يجب أن تكون مثل الطوفان على إسرائيل. ولذلك ليس صدفة أن «حماس» أطلقت على ما قامت به يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي اسم عملية «طوفان الأقصى».

يذكر أن رئيس «الشاباك» الأسبق، كوهين، كان قد سبق وأقر قبل شهر، في مقابلة مع برنامج «قابل الصحافة» في «قناة 12» الإسرائيلية، بأنه تم تقديم مخططات لنتنياهو لـ«قطع رؤوس قادة حركة (حماس)»، من منطلق أن «مخاطر» هذا التنظيم على إسرائيل كبيرة، لكنه رفض المصادقة عليها.

يحيي السنوار وإسماعيل هنية خلال احتفال بذكرى 30 سنة على تأسيس «حماس» في مدينة غزة عام 2017 (رويترز)

تجدر الإشارة إلى أن بن كسبيت هو واحد من الصحافيين البارزين في إسرائيل الذين يتهمون نتنياهو بأنه عمل بشكل منهجي على تقوية «حماس»؛ لغرض تشجيعها على تعميق الانقسام الفلسطيني، وبالتوازي عمل على إضعاف السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس. فقد اعتُبرت «حماس» كنزاً عند نتنياهو، تساعده على إفشال مشروع الدولتين. وقال في مقاله الجديد إن أول خدمة قدمها نتنياهو إلى «حماس» كانت بصفقة تبادل الأسرى التي أطلق خلالها الجندي جلعاد شاليط مقابل 1027 أسيراً فلسطينياً، بينهم يحيى السنوار.

ومنذ أن قطعت السلطة الفلسطينية الميزانيات عن حكومة «حماس»، تسمح إسرائيل للأخيرة بالحصول على تعويض، وذلك بدفعات شهرية تقدمها قطر، بلغت حتى الآن مئات ملايين الدولارات.


انهيار المنظومة الصحية في غزة يهدد آلاف الجرحى والمرضى

TT

انهيار المنظومة الصحية في غزة يهدد آلاف الجرحى والمرضى

مخلفات طبية متناثرة خارج قسم الطوارئ في «المستشفى الإندونيسي» في شمال قطاع غزة بعد مداهمة من القوات الإسرائيلية (أ.ف.ب)
مخلفات طبية متناثرة خارج قسم الطوارئ في «المستشفى الإندونيسي» في شمال قطاع غزة بعد مداهمة من القوات الإسرائيلية (أ.ف.ب)

لا يمكن رسم صورة لحجم المأساة في غزة بفعل الحرب الإسرائيلية، والتي لا تتوقف عند الرقم الكبير للضحايا وحجم التدمير الهائل، وتتعدى النقص في كل شيء أساسي، مثل الكهرباء والماء والغذاء والوقود، إلى الخشية من تضاعف أرقام ضحايا هذه الحرب، بسبب انهيار المنظومة الصحية في وضع يوجد فيه عشرات آلاف الجرحى والمرضى، ووضع يساعد في انتشار أمراض معدية محتملة.

وتعمدت القوات الإسرائيلية منذ بداية الحرب استهداف المستشفيات، قبل أن تقتحمها في مدينة غزة وشمال القطاع، وتقوم بإخراجها عن الخدمة نهائياً، بعد قصف وتدمير وتخريب وإجبار الأطباء والمرضى والنازحين على مغادرتها، ما ترك هؤلاء في مهب الريح، من دون مستشفيات، ومن دون أطباء، ومن دون أدوية.

من استهداف مجمع «الشفاء» (رويترز)

وعانى إسماعيل صقر (39 عاماً) من سكان حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، بعد إصابته قبل نحو أسبوع ونصف بشظية صاروخ إسرائيلي استهدف منزلاً مجاوراً لمنزله، طويلاً، حتى تمكن من الحصول على علاج مناسب، لكنه مؤقت، في محاولة للحفاظ على يده ومنع بترها.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن أشقاءه بذلوا جهداً كبيراً من أجل أن يحصل على علاج فوري بعد إصابته، لكن ذلك كان شبه مستحيل في «مستشفى المعمداني» الذي ظل يعمل في مدينة غزة جزئياً في ظل نقص الكوادر الطبية والمستلزمات.

في كل مرة، كان موعد علاج صقر يتأجل في المستشفى، فاضطر إخوته لمضاعفة جهودهم، وعبر شبكة علاقات واسعة، اتفقوا مع طبيب عظام للقيام بالعملية الجراحية في «مستشفى كمال عدوان» شمال القطاع، في محاولة لمنع بتر يده اليمنى.

طفلة تنتظر تلقي العلاج في مستشفى «الشفاء» بمدينة غزة (أ.ف.ب)

استمرت عملية صقر 3 ساعات حتى نجح الأطباء في تثبيتها مؤقتاً، وأوصوهم بضرورة نقله للعلاج بالخارج إذا لم يرد توديع يده. وقال شقيقه أحمد إنه بعد معاناتهم الطويلة جراء إصابة شقيقهم، عليهم أن يختبروا معاناة أكبر في نقله للخارج. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن أن تحصل على حقك في العلاج هنا بشكل طبيعي. كثيرون ماتوا أثناء محاولة ذلك. الوضع مأساوي».

ويحتاج 35 ألف جريح، وفق وزيرة الصحة الفلسطينية مي الكيلة، للعلاج بشكل مستعجل، لكن لم ينقل منهم سوى 470 إلى مستشفيات مصرية.

وقال الناطق باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة، إن الآلية المتبعة في إخراج الجرحى للعلاج خارج القطاع بطيئة للغاية، ولا تتماشى مع الأعداد الكبيرة من الحالات الخطيرة والحرجة والحروق الشديدة التي من المفترض أن تخرج للعلاج، محذراً من أن «استمرار الآلية المتباطئة لإخراج الجرحى للعلاج بالخارج سيؤدي إلى فقد العشرات من الجرحى والمصابين لحياتهم».

وتوقفت جميع مستشفيات مدينة غزة باستثناء «المعمداني»، وجميع مستشفيات شمال القطاع باستثناء «كمال عدوان»، لكن مع وجود عدد قليل من الأطباء والممرضين، ونقص في كل شيء.

وكانت القوات الإسرائيلية قد أجبرت الأطباء والممرضين بعد اقتحامها المستشفيات في مدينة غزة وشمال القطاع، على مغادرتها ضمن قوافل طبية تقل المرضى والمصابين إلى مستشفيات جنوب القطاع التي لا تتسع لهذه الأعداد من الجرحى والمرضى، ولا تملك إمكانات المستشفيات في وسط وشمال القطاع.

دفن جثث فلسطينيين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية على غزة بعد نقلهم من مستشفى «الشفاء» (رويترز)

بعض الأطباء اعتُقلوا، مثل محمد أبو سلمية، مدير «مجمع الشفاء الطبي»، أكبر مستشفى في قطاع غزة.

واشتكى مواطنون من أنهم، حتى بعد وصولهم إلى «المعمداني»، و«كمال عدوان» لم يتلقوا العلاج، لأنهم لم يجدوا أطباء متخصصين هناك، ولمسوا بأنفسهم النقص الحاد في المستلزمات الطبية والأدوية.

وكانت وزارة الصحة قد أطلقت نداءً لكل طبيب أو ممرض بقي في وسط وشمال القطاع، للتوجه إلى «المعمداني» أو «كمال عدوان»، من أجل المساعدة في إنقاذ الناس.

وقالت مارغريت هاريس المتحدثة باسم «منظمة الصحة العالمية»، إن عدداً أكبر من سكان غزة معرضون للموت بسبب الأمراض مقارنة بالقصف، في حال لم تجرِ إعادة بناء النظام الصحي في القطاع بسرعة، وذكرت: «في نهاية المطاف، سنرى عدداً أكبر من الناس يموتون بسبب الأمراض مقارنة بالقصف إذا لم نتمكن من إعادة بناء هذا النظام الصحي»

وفعلاً كادت سامية حسان (61 عاماً)، التي عانت أياماً من وعكة صحية شديدة ألّمت بها، أن تفقد حياتها. واضطرت للجوء لطرق بدائية عبر توفير بعض المياه والملح والخل، لاستخدامها بديلاً للمحلول الطبي الذي كان يساعدها على تجاوز أزمتها الصحية.

وتقول حسان من سكان مخيم الشاطئ، ونازحة في مدرسة للإيواء شمال مدينة غزة، إن الظروف الصعبة التي مرت بها، دفعت أبناءها للتفكير في بدائل، من أجل سلامتها، وخشية فقدان حياتها.

طفلة فلسطينية تُدعى نور تتلقى الرعاية بعد إصابتها جراء القصف في غزة في مستشفى العريش بمصر (أ.ب)

وقال جميل حسان، نجل سامية لـ«الشرق الأوسط»: «كدنا نفقدها. ارتفع ضغط الدم، وكذلك معدل السكري لديها، ولم نجد أي مستشفى وأي علاج لها بعد تعمد الاحتلال تخريب كل المعدات في المستشفيات، بحثنا وسألنا ولجأنا إلى الطب البديل. كانت أياماً صعبة».

ورغم دخول بعض المواد الطبية ضمن المساعدات الإنسانية، فإنه لم يصل سوى القليل جداً منها إلى مناطق مدينة غزة، وشمال القطاع.

ومن بين ما تفتقده المستشفيات والعيادات الطبية بمدينة غزة وشمال القطاع، التلقيحات الخاصة بالأطفال.

ولم تجد سهير شعبان أي أنواع من التطعيمات المضادة للأمراض المنتشرة في فصل الشتاء. وكانت تتلقى مع أطفالها تطعيمات مضادة للإنفلونزا مع بداية الفصل.

ومخاوف الناس في القطاع مرتفعة اليوم أكثر، في ظل وجود وتحلل جثث تحت الأنقاض، وانتشار الروائح الكريهة، واختبار أمراض جلدية معدية، وتحذيرات خبراء من عودة أمراض سارية ومعدية.

وقالت وزارة الصحة في غزة إنه لم يحدث حتى اللحظة حصر الإصابات والوفيات الموجودة تحت الأنقاض خلال فترة الهدنة، حيث ما زالت الاتصالات مقطوعة وصعبة بين المستشفيات.


العراق: بديل الحلبوسي يدخل «متاهة» الإطار التنسيقي

محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)
محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)
TT

العراق: بديل الحلبوسي يدخل «متاهة» الإطار التنسيقي

محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)
محمد الحلبوسي مترئساً إحدى جلسات البرلمان العراقي (رويترز)

فرض «الإطار التنسيقي» على الأحزاب السنيّة في العراق شرط موافقته على المرشح لمنصب رئيس البرلمان خلفاً لمحمد الحلبوسي، لكنه يفشل حتى الآن في تحديد موعد لجلسة انتخابه، والتوافق على اسم واحد بسبب انقسامه إلى ثلاثة تيارات حول البديل.

ورغم أن أعضاء في حزب «تقدم» الذي يتزعمه الحلبوسي أكدوا أن الإطار لن يقبل مرشحاً من خارج الحزب، فإن مجموعة من قوى الإطار تحاول إبعاد هذا الحزب عن المنصب، ومنحه لقوى سنية أخرى لديها تحالفات مع «الإطار التنسيقي»، وخصومة مع الحلبوسي.

وكان من المفترض أن يصوت البرلمان، الأربعاء الماضي، على بديل الحلبوسي، الذي تم إقصاؤه بقرار من المحكمة الاتحادية، لكن انعقاد الجلسة فشل بسبب تعثر الاتفاق السياسي.

وقال قيادي بارز في الإطار التنسيقي، لـ«الشرق الأوسط»: «لا موعد محدداً لجلسة انتخاب الرئيس الجديد (...) ليس هناك قائمة مرشحين نهائية متفق عليها».

وبحسب نظامه الداخلي، فإن على البرلمان في حالة خلو منصب الرئيس لأي سبب، انتخاب البديل بالأغلبية المطلقة في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر، وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل.

وقال «الإطار التنسيقي»، في بيان صحافي صدر عقب اجتماع عقده أمس الاثنين، إنه تسلّم بالفعل قائمة بأسماء المرشحين لخلافة الحلبوسي، ويعكف على دراستها.

ومن المفترض أن تكون القائمة مرسلة من تحالف «القيادة» الذي يضم خميس الخنجر، زعيم حزب «السيادة»، إلى جانب الحلبوسي، لكن مصادر تقول إن قوى سنيّة منافسة أرسلت مرشحيها إلى الإطار التنسيقي «المنقسم»، ما قد يفتح الباب أمام جلسة تصويت عاصفة داخل البرلمان.

وعلى الأكثر، فإن تحالف «العزم» الذي يقوده مثنى السامرائي، وهو منافس وخصم للحلبوسي، سلّم لقادة «الإطار التنسيقي» اسم رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، مرشحاً للمنصب.

وفي حال قبول ترشيح مرشحين من خارج دائرة الحلبوسي، فإن حزب «تقدم» سيتلقى ضربة سياسية أخرى بعد قرار المحكمة الاتحادية، لا سيما أن مرشحاً مثل المشهداني يحظى بقبول قادة بارزين في «الإطار التنسيقي»، من بينهم رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وقال عضو حزب «تقدم» محمد العلوي، في مقابلة تلفزيونية، إن «الإطار التنسيقي» لن يدعم أي مرشح لرئاسة البرلمان سوى من يرشحه تحالف «القيادة».

صورة نشرها إعلام «الإطار التنسيقي» لاجتماع عقده هذا الشهر بحضور السوداني وغياب المالكي

المالكي «يرد الجميل»

ويميل سياسيون عراقيون إلى الاعتقاد بأن المالكي، الذي يمثل أحد تيارات الإطار الثلاثة، يحاول رد الجميل للمشهداني بترشيحه للمنصب مجدداً، بعدما لعب الأخير دوراً كبيراً في إفشال جلسة برلمانية عقدت مطلع عام 2022، كان من المفترض أن تذهب نتائجها لصالح التيار الصدري.

وكان المشهداني تعرض للضرب من قبل نواب من التيار الصدري، بعد مناوشات بين نواب التيار الصدري و«الإطار التنسيقي» خلال جلسة لاختيار رئيس البرلمان ونوابه، في حينها.

وقبل تلك الجلسة كان «الإطار التنسيقي» يحاول الطعن بنتائج الانتخابات التي فاز بها التيار الصدري بـ73 مقعداً، ويومها كان يطمح إلى تشكيل حكومة بمعزل عن بقية الأحزاب الشيعية، قبل أن ينسحب كلياً من العملية السياسية بأوامر من زعيمه مقتدى الصدر.

وقالت المصادر إن المالكي يحث حلفاءه في «الإطار التنسيقي» على حسم فراغ المنصب بأسرع وقت ممكن، ورغم أنه يفضّل المشهداني فإنه لن يمانع في النهاية اختيار مرشح آخر.

وإلى جانب المالكي، فإن تياراً يمثله قيس الخزعلي، زعيم حركة «عصائب أهل الحق»، يرفض تماماً بقاء المنصب في دائرة حزب «تقدم» والحلبوسي، ويحاول توسيع دائرة المتنافسين إلى قوى منافسة لتحالف «القيادة»، على عكس تيار آخر يمثله هادي العامري زعيم منظمة «بدر» وآخرون، يدفع باتجاه «أي مرشح تتوافق عليه الأغلبية السنية».

وحذر السياسي العراقي مشعان الجبوري، خلال مقابلة متلفزة، من منح المنصب لحزب «تقدم»؛ لأن ذلك سيعني «إبقاء البرلمان في قبضة الحلبوسي ومدير مكتبه الذي سيبقى مديراً لمكتب الرئيس الجديد».

واستخدم «الإطار التنسيقي» في بيانه الصحافي الأخير الذي صدر أول من أمس الاثنين، عبارات ملغمة، والتي يفسرها مراقبون بأنها رسالة موجهة إلى الحلبوسي، وجاء فيها أن الإطار يشدد على «انتخاب رئيس مجلس النواب باختيار شخصية تتناسب مع طبيعة المهمة والتحديات التي تواجه البلاد في المرحلة الراهنة».

ودعا الإطار التنسيقي إلى أن «يكون التنافس على أساس البرامج الخدمية، وتقديم رؤى واقعية لخدمة المحافظات».

وأشار قيادي بارز حضر اجتماع الإطار الذي تسلم خلاله قائمة المرشحين، إن القوى الشيعية تريد أن تجري الانتخابات المحلية منتصف الشهر المقبل، بوجود رئيس جديد للبرلمان، دون أن يستمر النائب الأول محسن المندلاوي في إدارة الجلسات.

قوائم مرشحين بلا «صفقة»

وتضاربت الأنباء حول قائمة المرشحين التي تسلمها «الإطار التنسيقي»، ونشرت وسائل إعلام محلية قوائم أسماء مختلفة، لكن القائمة التي روجت لها مصادر من تحالف «القيادة» تضم: سالم العيساوي، وهو عضو في حزب خميس الخنجر، وشعلان الكريم وعبد الكريم عبطان، وهما من حزب الحلبوسي.

وثمة قائمة أخرى تضم مرشحين آخرين من بينهم زياد الجنابي، ويحيى المحمدي، وخالد الدراجي، وجميعهم من تحالف «القيادة». ومع هذا التضارب، فإن التسريبات تفيد بأن القوى السياسية: «الإطار التنسيقي» والأحزاب السنية، ستذهب إلى جلسة التصويت، منقسمة دون صفقة واضحة بشأن المرشح.