قضية تعذيب سجناء «رومية» تتفاعل.. ووزير العدل اللبناني يتعهد بـ «وضع حد للانتهاكات»

المدعي العام لـ«الشرق الأوسط»: لا خلفيات سياسية أو مذهبية للحادث

وزير الداخلية اللبناني في زيارة لسجن رومية أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
وزير الداخلية اللبناني في زيارة لسجن رومية أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

قضية تعذيب سجناء «رومية» تتفاعل.. ووزير العدل اللبناني يتعهد بـ «وضع حد للانتهاكات»

وزير الداخلية اللبناني في زيارة لسجن رومية أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
وزير الداخلية اللبناني في زيارة لسجن رومية أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)

تفاعلت في لبنان لليوم الثاني على التوالي، قضية شريط الفيديو المسرّب عن تعذيب سجناء داخل سجن رومية المركزي سياسيا وقضائيًا وشعبيًا، بعدما تصدّر ما عداه من أحداث سياسية وأمنية أخرى، واستدعى زيارة قام بها وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى السجن وقابل السجناء الذين تعرضوا للتعذيب واستمع إلى شرحٍ مفصل منهم لما حصل.
وأشار وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى أنه اجتمع مع الضباط ومع المسؤولين في سجن رومية، وكانت هناك رسالة واضحة إلى أن الخطأ الذي ارتكبه بعض العسكريين لا يجب أن ينال من الأجهزة الأمنية، والرسالة الثانية أنه سيتم محاسبة أي ضابط أو عنصر يخالف الحقوق الإنسانية لأي سجين، والضباط مسؤولون عن تطبيق القوانين على المساجين.
وكان وزير الداخلية اللبناني قد صرح لـ«الشرق الأوسط»: إنه يتفهم التداعيات التي حصلت بعد تسريب الشريط الذي يظهر تعرض موقوفين في سجن رومية المركزي لإساءة معاملة الموقوفين، لكنه شدد على أن أيا كان الفاعل الذي سرب الفيديو فهو يخدم «داعش والنصرة». وقال المشنوق «لقد تم في البدء تصوير الجيش اللبناني وكأنه في مواجهة السنة، وقد حققنا (المصالحة) وأزلنا الالتباس، واليوم يتم تصويره على أنه في عداء مع قوى الأمن الداخلي، وغدا مع الأمن العام، وهذا كله تفريغ للمؤسسات الأمنية وعلاقتها مع الناس، ويؤدي إلى خلق بيئة حاضنة لقوى الإرهاب». وإذ شدد المشنوق على أن ما جرى أمر مشين، أكد أن التعامل معه يتم بالطرق القانونية والإدارية المناسبة، لا بتشجيع الفوضى والتفلت الأمني. وأكد أنه يتحمل كامل مسؤولياته وماض في التحقيق حتى النهاية، منبها في المقابل من مخاطر «التوظيف السياسي والشعبي» لما جرى.
وأعلن المشنوق في مؤتمر صحافي عقده في سجن رومية، أمس، أنه استمع إلى المساجين الثلاثة الذين تم التعرض لهم وظهروا في الفيديوهات. وأوضح أنه «منذ انتقالهم إلى المبنى (ب) لم يتعرضوا لأي خطأ أو اعتداء، وسيتم متابعة الموضوع في المباني الأخرى من السجن، ولن أسمح أبدا أن يحدث خطأ مع أي كان». وتوجه إلى كل المتعاطين في هذا الموضوع من المنظور السياسي بالقول: «هذا لا يخدم إلا التطرف ضد مؤسسات الدولة، والتطرف يطال الدولة وكل مؤسساتها، بدأوا بالجيش والآن جاء دور قوى الأمن، وسأقوم بواجبي لحماية مؤسسات الدولة». ولفت إلى أن هناك أحداثًا حصلت من قبل في سجن رومية، ولم يتم الحديث سياسيا عن الموضوع. وأكد أن «تفريغ المؤسسات لا يخدم أحدا، المهم مؤسسات الدولة». وخاطب أهالي الموقوفين بقوله: «هذا الخطأ لن يتكرر، وكل التسهيلات ضمن القانون ستتأمن، والموضوع بحاجة إلى وقت لتحسين وضع السجون». وأعلن أنه لا يوافق على «اتهام وزير العدل أشرف ريفي بتسريب فيديو الأحداث، لأن هذا الاتهام لا يزعزع موقعي، بل يزعزع مؤسسات الدولة».
وكشف وزير الداخلية أن «الموقوفين في هذه القضية هم ستة عناصر، ثلاثة مسلمين وثلاثة مسيحيين، والتحقيق مستمر مع جميع العناصر التي شاركت في المبنى (د)». وعن كيفية وجود عناصر أمن ملتحية، قال المشنوق: «هناك عناصر من قوى الأمن يحق لها تربية لحاها، وهذا من ضمن التمويه الأمني».
واستتبعت زيارة وزير الداخلية إلى رومية، باجتماع عقد في السرايا الحكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وحضره المشنوق ووزير العدل أشرف ريفي والنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص. وجرى خلال اللقاء البحث في نتائج ما توصل إليه التحقيق والإجراءات التي ستتخذها وزارتا الداخلية والعدل ومديرية قوى الأمن الداخلي والقضاء لمعاقبة المعتدين على السجناء. وقوبلت تداعيات ما حصل في رومية، بتحرك قضائي عاجل بحيث وضع النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود يده على التحقيق في القضية، وكلف فرع التحقيق في شعبة المعلومات في قوى اﻷمن الداخلي إجراء تحقيق فوري لكشف هوية كل عناصر الأمن الذين ارتكبوا هذا الجرم وتوقيفهم وإحالتهم إلى دائرته للادعاء عليهم ومحاكمتهم أمام المرجع القضائي المختص. وأكد القاضي حمود في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيقات الأولية أفضت إلى توقيف خمسة أشخاص بينهم العنصران اللذان ظهرا في الشريط يضربان السجناء بشكل مبرح وهمجي، والثالث كان يتولى عملية التصوير واﻵخران كانا على اطلاع ومعرفة بالعملية وتلقيا صور التعذيب على هواتفهما، ثم قام أحدهما بتوزيع هذه الصور ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي من دون أن يبلغ اﻷجهزة المختصة بحقيقة ما حصل».
وأوضح القاضي حمود أن «التحقيق لم يظهر أي خلفية سياسية أو دينية أو مذهبية لعملية التعذيب، وما حصل لم يكن عملية ممنهجة من قبل شعبة المعلومات على اﻹطلاق إنما هي جريمة فردية باتت بمتناول القضاء الذي سيتخذ إجراءات عقابية مشددة إلى أقصى الحدود بحق هؤلاء وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو شريكًا أو متدخلاً أو محرضًا، وأنه ﻻ غطاء على أي مرتكب أيًا كان». وردًا على سؤال عمّا إذا كان عدد الذين ارتكبوا هذه العملية هم خمسة أشخاص فقط، رغم أن الفيديو يظهر أكثر من خمسين سجينًا مكبلي الأيدي إلى الخلف وشبه عراة، لفت القاضي حمود إلى أن «النتائج الأولية للتحقيق دلّت على أن عملية تكبيل هذا العدد حصل أثناء نقل السجناء من مبنى إلى مبنى آخر داخل السجن، وبعد وضع هذا العدد في غرفة واحدة عمد العناصر الخمسة إلى التصرف بهذه الطريقة»، واستطرد النائب العام التمييزي قائلا: «إن التحقيق لن يهمل أي واقعة وإذا ثبت تورط عناصر آخرين سيكون مصيرهم أيضًا التوقيف والمحاكمة، ولا مجال للتسوية في مثل هذه الحادثة».
بدوره أوضح وزير العدل اللواء أشرف ريفي لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاء وحده صاحب الصلاحية في إنزال القصاص الرادع بحق من ارتكبوا هذه الجريمة المخالفة ﻷبسط قواعد حقوق اﻹنسان». وأكد أن له «ملء الثقة بالتحقيق الذي يشرف عليه شخصيا النائب العام والتمييزي»، جازمًا بأن «هذه الحادثة ستكون مدخلا لوضع حد لكل حالات التعذيب والانتهاكات التي تحصل في السجون اللبنانية وأماكن التوقيف». وشدد على أن «القضاء سيعمل على توقيف ومحاكمة كل من له صلة بهذه الجريمة». وقال: «ما نحن بصدده الآن هو معاقبة المرتكبين ومعالجة خلل وارتكابات بعيدا عن المزايدات والاستغلال السياسي لهذه الجريمة أو غيرها». وفي تصريح له قبيل اجتماع السرايا الحكومي، نفي ريفي ما تردد عن أنّ التحرك في طرابلس حصل بغطاء منه، مؤكدا أن «ما حصل ينتمي إلى مدرسة الرئيس السوري بشار الأسد، ونعمل ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق على لملمة الشارع». وقال: «إن الاتهامات الموجهة لي (عن الوقوف وراء تسريب شريط التعذيب) هي قمة الإفلاس، والتحقيقات متقدمة جدًا وسيعرف كل شيء، وأنا والوزير المشنوق أصدقاء».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.