ناصيف زيتون لـ«الشرق الأوسط»: سأجد الحصان الرابح الذي أدخل مصر على صهوته

الفنان السوري الشاب يقرّ بصعوبة الاستمرارية

ناصيف زيتون
ناصيف زيتون
TT
20

ناصيف زيتون لـ«الشرق الأوسط»: سأجد الحصان الرابح الذي أدخل مصر على صهوته

ناصيف زيتون
ناصيف زيتون

يأتي النجاح إلى بعضهم بلمح البصر، فيما ينتظر آخرون عمراً أن تلمحهم الأضواء وعيون الجماهير. وضعت الحياة ناصيف زيتون مع البعض الأول. بسرعة الصوت، الجميل، دخل إلى آذان الناس. وبسرعة الضوء، غير الحارق، تحوّل من هاوٍ إلى «نجم صفّ أول» حسب التسميات المتداولة. حدثَ ذلك منذ 10 سنوات تقريباً. منهم مَن يسمّيها كاريزما، ومنهم مَن يقول إنه الحظ. أما ناصيف زيتون فيختصر القصة بكلمتَين: الطموح والجدّية.
يقف اليوم في نقطة قريبة جداً من قمّة النجاح، لكنه يتمسّك بالكثير من سِمات البدايات. ما زال خجولاً رغم الثقة التي تراكمت بفعل الخبرة. فيه خفَرُ الأبناء الذين تربّوا في حضن عائلة التزمت القيَم والأخلاق والحب والبساطة. نادراً ما يرفع بصرَه، ينظر أرضاً ويفكّر ملياً قبل الإجابة.
عن الطموح والجديّة يقول ناصيف زيتون في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «لا تزال الكاريزما مفهوماً مبهماً بالنسبة لي. هناك ما هو أهم منها... حتى يتقبّلك الناس ويأخذوك إلى النجاح، يجب أن تكون جاداً ومثابراً وطموحاً. لاحقاً تأتي الكاريزما». ويتابع: «أحب مَن يقدّرون الفنان الذي يتعب ويشتغل على نفسه».
يوم انتقل ناصيف من سوريا إلى لبنان عام 2010 للوقوف متبارياً على مسرح برنامج المواهب «ستار أكاديمي»، لم يكن على ثقة بأنّ تلك اللحظة ستحمله لاحقاً إلى مسارح العالم. غير أنه كان واثقاً من أمرٍ واحد: عشقه للموسيقى. وقد تحوّل هذا الشغف إلى مهنته لاحقاً.
محظوظٌ فعلاً مَن يجمع الهواية بالمهنة، وناصيف يوافق على هذه النظرية موضحاً: «درست الموسيقى لأنها هوايتي التي تُشعرني بالفرح. ثم شاءت الحياة أن تضعَني في مكان أمارس فيه مهنة هي فعلياً تلك الهواية، وهذا أمرٌ عظيم».

بامتنانٍ كبير ينظر الفنان الشاب إلى مسيرة أوصلته إلى المراتب الأولى وهو بعدُ في الـ34 من عمره. إلا أن لحظة الاستمتاع بالتفوّق وبمحبة الناس لا تقيه لحظات القلق. يعترف بأنّ الفشل ضيفٌ غير مرحّب فيه: «لديّ مشكلة مع الفشل. يجب أن أنجح. هكذا هو طبعي منذ الطفولة».
يهجس بالاستمراريّة ويُقرّ بأن الأمر صعب. لا ينقصه شيء من الطاقة ولا الطموح ولا الموهبة حتى يستمر، لكنه ممتلئٌ واقعيّة. يراقب التحوّلات السريعة الحاصلة في المشهديّة الفنية، ويبحث عن مفاتيح الاستمرار وسط زحمة المنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي. يفصح عن بعض تلك المفاتيح قائلاً: «لا يمر يوم من دون أن أفتح التطبيقات الموسيقية وأسمع كل الإصدارات الجديدة العربية والأجنبية بلا استثناء. أراقب الاتجاهات والأمزجة الموسيقية، لا أترك أغنية لا أسمعها. هذه هي وظيفتي اليومية كفنان».
تستوقفه أعمال عمرو دياب، ووائل كفوري، وحسين الجسمي، وماجد المهندس وهو معجب بأسلوبهم الفني وبعبورهم المحترف للأزمنة. وغرباً، يتابع عن كثب تايلور سويفت، وذا ويكند، ودوا ليبا، وإد شيران. أما مُلهمُه الأوّل فيبقى «سلطان الطرب» جورج وسوف.
مفتاحٌ ثانٍ للاستمرارية بالنسبة إلى ناصيف زيتون، هو الإقرار بالفشل والتعلّم منه. لا يتوقّف به الزمن عند أغانٍ حطّمت الأرقام وشكّلت نقطة تحوّل في مسيرته مثل «مش عم تظبط معي»، و«مجبور»، و«بربّك». بجرأة يخبر كيف أنّ الأغاني التي لا تلاقي الإعجاب تثير حشريّته أكثر مما تفعل تلك الضاربة. يستمتع بتشريح الهفوات كي يتجنّبها لاحقاً: «يهمني أن أقيس مستويات النجاح والفشل. أريد أن أستمر من خلال تقديم موسيقى جيّدة لكل الأجيال، صغاراً وكباراً».
أما المفتاح إلى الأغنية الجيّدة فهو حسب وصفة ناصيف، «الكلمة المعبّرة التي لا تخدش الحياء، واللحن المتناغم مع تلك الكلمة، إضافةً إلى طريقة الطرح والأداء المحترف».

لا تكتمل خلطة الاستمرارية من دون إدارة أعمال ناجحة (Music is my Life)، ومجموعة من الملحنين والشعراء والموزّعين المميّزين. يدرك ناصيف زيتون أهمية فريق العمل المحيط به، وهو من جهته يخوض حالياً تجربة جديدة تقرّبه من الإنتاج الموسيقي من دون أن تبعده عن الغناء. ويقول: «أنشأتُ شركة الإنتاج الخاصة بي (T.Start) منذ فترة وجيزة. ليس الهدف منها مادياً فأنا لا أحب أن يتحوّل الفن إلى (بيزنس)».
ما الحاجة إلى شركة إنتاج إذن؟ يجيب: «وصلتُ إلى قناعة بضرورة امتلاك محتواي، وبأن تكون لديّ القدرة على إنتاج محتوى لفنانين آخرين. أحب أن أنجح وأن تكون لديّ يدٌ في نجاح غيري».
من أول إنتاجات الشركة أغنيتا «ع السريع» و«بالأحلام». وبانتظار استقطاب مواهب للانضمام إلى «T.Start». يستمتع ناصيف حالياً بجديده «بالأحلام». يبدو مقتنعاً تماماً بالكلام واللحن اللذَين وضعهما نبيل خوري، وبالفيديو كليب المُرهَف من إخراج إيلي فهد. أما النجاح فيقرره الجمهور، حسب كلامه.
عندما يُسأل عن الأغنية الحلم، يردّ بأنه لم يقدّمها بعد، ويوضح: «الأغنية الحلم بالنسبة لي هي تلك التي تضرب من المحيط إلى الخليج». لعلها قادمة... فعين ناصيف على بوّابة القاهرة. الاختراق الحقيقي يريدُه مصرياً، وهو مستعدّ له بكامل العدّة والعتاد. «صحيح أن مصر صعبة الاختراق فنياً، لكنّي مصرٌّ على ذلك. لن أستسلم وسأظلّ أحاول إلى أن أُجد الحصان الرابح الذي أدخل إلى مصر على صهوته، حتى وإن استلزم الأمر أن أنتقل إلى هناك»، يقول ناصيف زيتون متفائلاً.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1575381612459544576?s=20&t=osFFCesh_HzecNcImt3ldw
لا يأتي التفاؤل من عدم، فهو سيُخرج من جعبته قريباً ميني ألبوم باللهجة المصرية. يراهن بقوّة على أغانيه الأربع التي ألّفها عزيز الشافعي، وعلى أغنية خامسة ستشكّل مفاجأة: «هو لون موسيقي أقدّمه للمرة الأولى». لا يُفصح بالمزيد عن الآتي من أعمال، لكنه يذكر أنّ اللهجات الخليجية جزءٌ لا يتجزّأ من المشاريع المرتقبة.
لا يدّعي ناصيف زيتون ما لا يملك، فهو لم يُعرض عليه سيناريو فيلم أو مسلسل مثلاً، لكنه لا يغلق بابه في وجه هكذا مشروع إذا تبيّن أنه يمتلك قدراتٍ تمثيلية. وفي الأثناء، يُمضي جزءاً كبيراً من وقت فراغه في مشاهدة المسلسلات، كان آخرها «House of the Dragon» و«Monster: The Jeffrey Dahmer Story». يقرأ روايات جورج ر.ر. مارتن، كذلك: «أقرأ كثيراً، ليس من باب الثقافة ولا الادّعاء بل بهدف التسلية وتشغيل دماغي».
ما يشغل باله كذلك أخبار أهله وناسِه، ويقول: «أتواصل يومياً مع دائرتي الصغيرة لأطمئنّ عليهم. إذا كانوا بخير فأنا بخير». يكتفي بذلك وبالهدوء والقناعة، خصوصاً في مجال الفن. ويضيف: «لا يعنيني أن أكون في الطليعة، بقَدر ما يهمّني أن أكون ناجحاً في مكاني. لا تشغلني المراتب فأنا لستُ رقماً. أن أنافس نفسي لا يعني أنني لا أرى سواي، بل إنني أحب تطوير ذاتي. لا أريد كسر غيري بل على العكس، أنا أفرح بلاعبٍ آخر قوي».



غلاء المعيشة يدفع البريطانيين للتخلي عن حيواناتهم الأليفة

قطة صغيرة تُدعى توليب في ملجأ مايهيو للحيوانات غرب لندن (أ.ف.ب)
قطة صغيرة تُدعى توليب في ملجأ مايهيو للحيوانات غرب لندن (أ.ف.ب)
TT
20

غلاء المعيشة يدفع البريطانيين للتخلي عن حيواناتهم الأليفة

قطة صغيرة تُدعى توليب في ملجأ مايهيو للحيوانات غرب لندن (أ.ف.ب)
قطة صغيرة تُدعى توليب في ملجأ مايهيو للحيوانات غرب لندن (أ.ف.ب)

خلال الأعوام الخمسة والعشرين من مسيرتها المهنية في مأوى للحيوانات في لندن، رأت سو باريت كثيراً من الحيوانات، المهجورة بشتّى الوسائل، من بينها مثلاً قطط صغيرة في صناديق، وببغاوات تُركت في الخارج في منتصف الليل، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنّ فريق ملجأ مايهيو، حيث تعمل موظفة استقبال، لم يسبق أن رأى حيوانات مهجورة بالعدد الذي رآه في السنوات الأخيرة.

كايتي إحدى العاملات في ملجأ مايهيو للحيوانات تُطعم قطة (أ.ف.ب)
كايتي إحدى العاملات في ملجأ مايهيو للحيوانات تُطعم قطة (أ.ف.ب)

وقالت مديرة الملجأ الكائن في غرب لندن إلفيرا ميوتشي ليونز إن أصحاب هذه الحيوانات «يشعرون بالحزن والخجل والإحباط لأنهم مضطرون لاتخاذ هذه القرارات».

وأضافت: «يأتون إلينا لأنهم يشعرون بأنه لا خيار لديهم سوى التخلي عن حيواناتهم»، ويعود ذلك في المقام الأول إلى تكلفة المعيشة.

فمن المعروف عن البريطانيين أنهم يحبون الكلاب والقطط. وتشير جمعية منع القسوة على الحيوانات، وهي الأقدم من نوعها في العالم، إلى أن أكثر من نصف السكان البالغين، أي 26 مليون شخص، يحتفظون بحيوان أليف.

إلفيرا ميوتشي ليونز الرئيسة التنفيذية لملجأ مايهيو للحيوانات (أ.ف.ب)
إلفيرا ميوتشي ليونز الرئيسة التنفيذية لملجأ مايهيو للحيوانات (أ.ف.ب)

إلا أن الجمعية سجّلت أكثر من 5700 حالة هجر للحيوانات الأليفة خلال الأشهر القليلة الأولى من سنة 2025، أي بزيادة 32 في المائة عن الفترة نفسها من العام الفائت.

وفي عام 2024، تلقت بلاغات عن نحو 22500 حالة هجر للحيوانات، أي بزيادة 7 في المائة عن عام 2023.

قط يُدعى روميو في ملجأ مايهيو (أ.ف.ب)
قط يُدعى روميو في ملجأ مايهيو (أ.ف.ب)

وتخلى عشرات الآلاف في المملكة المتحدة عن حيواناتهم منذ نهاية جائحة كوفيد وأزمة تكلفة المعيشة. ومنذ مطلع السنة الجارية، استقبل ملجأ مايهيو أكثر من 130 حيواناً.

ولاحظت ميوتشي ليونز أن «وراء كل حيوان يستقبله المأوى قصة إنسانية».

فعلى سبيل المثال، تسلّم المركز كلب البودل الصغير البالغ عاماً واحداً براوني وكلباً آخر من نوع بوكيت بولي يُدعى أسترو بعدما فقد أصحابهما منزلهم بسبب مشاكل مالية.

ولفتت ميوتشي ليونز إلى أن مثل هذه القصص «هي الأكثر إيلاماً»؛ لأن «الحيوانات الأليفة المحبوبة في حاجة لأصحابها أكثر من أي وقت مضى» خلال الأوقات العصيبة.

أحد الموظفين يصطحب الكلب أسترو في نزهة خارج حظيرته في ملجأ مايهيو للحيوانات (أ.ف.ب)
أحد الموظفين يصطحب الكلب أسترو في نزهة خارج حظيرته في ملجأ مايهيو للحيوانات (أ.ف.ب)

مشاكل صحية

وأوضح بعض أصحاب الحيوانات الأليفة أن لديهم خياراً بين أن يأكلوا أو يُطعموها.

ويصل أيضاً عدد متزايد من الحيوانات إلى مايهيو وهي في حالة صحية سيئة؛ لأن أصحابها لا يستطيعون تحمل تكاليف الطبيب البيطري.

ومن الأمثلة على ذلك القط فيليكس البالغ تسع سنوات؛ إذ أتى به أصحابه إلى الملجأ كونهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الرعاية البيطرية لأسنانه.

وبالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، كان لانتهاء جائحة كوفيد-19 تأثير أيضاً على عدد الحيوانات المتروكة.

فقد شهد تبني الحيوانات زيادة خلال مرحلة الإقفال والحجر المنزلي. وما إن توقف العمل بهذه الإجراءات، حتى تخلى كثر عن حيواناتهم، ولا يزال بعضها يُودَع مراكز الإيواء.

تُعتبر بريطانيا من محبي الكلاب والقطط إذ يمتلك نصف سكانها البالغين حيواناً أليفاً (أ.ف.ب)
تُعتبر بريطانيا من محبي الكلاب والقطط إذ يمتلك نصف سكانها البالغين حيواناً أليفاً (أ.ف.ب)

وتبع ذلك ارتفاع معدل التضخم إلى 11.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 40 عاماً، وأدى ذلك إلى ارتفاع حاد في أسعار الأعلاف الحيوانية.

ولمساعدة أصحاب الحيوانات الأليفة المحتاجين، يوفّر مركز مايهيو غذاءً للحيوانات الأليفة وعلاجات وقائية مجانية في عيادته البيطرية.

وشرحت ميوتشي ليونز أنه «لدينا تخمة، ولم نعد قادرين على تلبية الطلب» الكثيف. وأضافت: «إنه لأمرٌ مُحزنٌ كل يوم. عندما نخلد إلى النوم ليلاً، نفكر في الكلاب والقطط التي لا نستطيع مساعدتها».

لكنّ العاملين في المركز لا يزالون متحفزين. والسبب في رأي ميوتشي ليونز: «نحن نرى الفارق الذي نصنعه كل يوم».