أسبوع بيروت للصورة يحاول ترميم الإطار وما في داخله

ورش عمل ومعارض تدعم المصوّرين مهنياً ومادياً

أسبوع بيروت للصورة يحاول ترميم الإطار وما في داخله
TT
20

أسبوع بيروت للصورة يحاول ترميم الإطار وما في داخله

أسبوع بيروت للصورة يحاول ترميم الإطار وما في داخله

صورة بيروت أحزانٌ وهزائم ورماد. إطارُها مشلّع وألوانها باهتة، بل تكاد تختفي. لكنّ مصوّري المدينة، ورغم ما أبصرت عدساتُهم من مآسٍ ودماء خلال السنوات الثلاث المنصرمة، مصممون على الاحتفاء بمهنتهم وببيروتهم.
على قاعدة أنّ استمراريّة المصوّرين اللبنانيين تكون من خلال التكاتف ودعم بعضهم بعضاً، انطلقت النسخة الثانية من «أسبوع بيروت للصورة» في 26 سبتمبر (أيلول) الحالي، بمبادرة من مركز بيروت للتصوير وبالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي في لبنان.
برنامج هذا الحدث الثقافي ليس تقليدياً وهو لا يقتصر على معرضٍ للصور، بل تمتدّ احتفاليّة الصورة اللبنانية أسبوعاً، وتتضمّن ورش عمل وطاولات مستديرة وسوقاً يعرض فيها المصوّرون أعمالهم ويبيعونها.


بيروت خلف الزجاج المحطّم - صورة من المعرض بعدسة المصوّر مروان طحطح

«الفن أوكسجين البلد»
ليس مؤسس مركز بيروت للتصوير باتريك باز غريباً عن هواجس زملائه. هو الذي أمضى أكثر من نصف عمره في تغطية الحروب في لبنان وحول العالم، اختار قبل سنوات أن يكافئ نفسه باستراحة محارب. أفردَ عدسته لتصوير الحياة من زاويتها الإيجابية لا الدمويّة. وإلى جانب مجموعة من زملاء الصورة، أسّس المركز الذي صار بمثابة بيتٍ لرفاق المهنة.
في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يقول باز، إن الهدف الأساسي من أسبوع الصورة هو اتّخاذ خطوات تضمن استمرارية الإنتاج الفوتوغرافي في لبنان. ويضيف «نريد مساعدة المصوّرين من خلال إقامة فعاليات خاصة بهم. يجب دعمهم فالوضع مأساوي».

المصوّر باتريك باز في إحدى ورش التدريب
يتلاقى كلام باز مع انطباع تمارا سعادة، وهي إحدى المصوّرات الـ13 المشاركات، والتي قالت لـ«الشرق الأوسط»: «ليس سهلاً على المستوى المادي أن تمارسي مهنة التصوير الفوتوغرافي المحترف في لبنان. غالباً ما أُضطرّ إلى القيام بأعمال جانبية كالمونتاج وتصوير الأعراس حتى أؤمّن معيشتي».
ترى تمارا في «أسبوع بيروت للصورة» متنفساً لها، ولزملائها، ولأبناء المدينة كذلك «تُفرحني هذه الفعالية وأنا أشارك فيها للسنة الثانية. هي انعكاس لإرادة اللبنانيين ورغبتهم في العيش وفي تذوّق الفن وإعادة إحياء المشهدية الثقافية رغم كل شيء».
تمارا التي غطّت انتفاضة 17 تشرين في بيروت وما لحقها من أحداث، أمضت فسحة مع الطبيعة خلال السنة الماضية لتنفض عن كتفَيها العنف الذي عاينته. فكانت نتيجة الاستراحة مجموعة من الصور المُريحة للعين، والتي تضيء على وجه لبنان الآخَر: الغابات، والأزهار، والشواطئ...

صورة من المعرض بعنوان «ضباب» بعدسة تمارا سعادة
«كل سنة أفاجأ بالمواهب التصويرية الصاعدة في لبنان»، يقول باز. «لدينا فنانون حقيقيون ومثقفون بصرياً. هم يعرضون صورهم في معارض أوروبا والولايات المتحدة. لكن تبقى لمشاركتهم في أسبوع بيروت للصورة نكهة مختلفة. هنا سيكونون على تماس مع أهل بلدهم وستكون لديهم الفرصة لبيع أعمالهم والاستفادة قليلاً».
لم يتردّد المنظمون في تحويل الفكرة إلى واقع، رغم التحديات المادية واللوجيستية الراهنة. الكل ساعد على طريقته. فالقاعات التي تستضيف المعارض وحلقات النقاش وورش العمل لم تطلب بدل إيجار، واكتفت بتكاليف المولّد الكهربائي. أما معمل طباعة الصور فقدّم تسهيلات وتخفيضات، كذلك فعل الفندق الذي يستقبل الزوّار من خارج البلد. هذا إلى جانب تبرّعاتٍ وصلت من أفرادٍ فضّلوا أن يبقوا في الخفاء، محاولين تحصين الهوية الفوتوغرافية اللبنانية ضد الاختفاء.
لولا هذا الالتفاف والاحتضان، ولولا دعم المركز الثقافي الفرنسي، لما انطلق «أسبوع بيروت للصورة». يعلّق باز في هذا السياق قائلاً «الفن هو الأوكسجين المتبقّي للبلد. فعلنا كل ما بوسعنا لإنجاز المشروع، فالناس في حاجة إلى هكذا أجواء وللشعور بأن الفن ما زال موجوداً في لبنان».


من الصور المشاركة - بعدسة المصوّر حسين بيضون

برنامج «أسبوع بيروت للصورة»
بين 26 و29 سبتمبر، تستضيف الطاولات المستديرة وورش العمل المجانية في كلٍ من مركز مينا للصورة ومركز Artnub الثقافي، المهتمين بشأن التصوير الفوتوغرافي. أما المواضيع الرئيسة التي ستتمحور حولها الورش فهي تطوير الممارسات التصويرية من خلال تقنيات بناء الصورة، والتمييز بين الحقيقي والمزيّف، والسَرد من خلال الصورة. وتحت عنوان «لعبة الضوء»، سيطّلع المتدرّبون على كيفية التعامل مع مصادر الضوء الطبيعي والصناعي خلال التصوير. كما ستُخصص إحدى الورش لمساعدة المصوّرين المبتدئين على إنشاء ملفهم الشخصي (portfolio)، بدءاً من اختيار الصور والإطار البصري وصولاً إلى النصوص المرافقة.
ورش العمل التي يقودها أهم المصوّرين وخبراء الصورة، توازيها طاولات مستديرة. لعلّ أبرزها تلك التي تتطرق إلى الذكاء الاصطناعي (AI) والرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، وتداخلها مع الصورة. وستطرح الجلسة إشكالية تلك التقنيات الحديثة وما إذا كانت تشكّل تهديداً على الصورة، أم أنها فرصة يتأقلم بواسطتها المصوّر مع التكنولوجيا الزاحفة والتي لا يمكن الهروب منها.
ومن المواضيع التي ستجمع المصوّرين حول طاولة واحدة: أهمية التعاون والتكاتف فيما بينهم من خلال إنشاء جمعيات، إضافة إلى موضوع ترتيب وحفظ الأرشيف الخاص بالصور، إلى جانب جلسة تتمحور حول البورتريه في الصورة الفوتوغرافية.


صورة من مجموعة بعنوان «جذور» Home بعدسة المصوّرة شنتال فأهمي
تترافق النقاشات وورش العمل مع معرض بعنوان «يا لبنان»، ويضمّ بورتريهات لمراهقين لبنانيين من توقيع المصوّر الفرنسي فريدريك ستوسان، المتخصص في بورتريهات الشخصيات المعروفة والأشخاص غير المعروفين.
أما «سوق الصور» فتختتم فعاليات الأسبوع، وهي تقام يومَي 1 و2 أكتوبر (تشرين الأول) في «سوق الطيّب» – شارع مار مخايل. يشارك فيها نحو 30 مصوّرة ومصوّراً من لبنان، يعرضون صورهم المتعدّدة المواضيع ضمن مساحة تَفاعليّة يلتقون فيها بالزوّار.



«برستيج»... دراما التشويق تعود إلى واجهة الشاشات المصرية

محمد عبد الرحمن وأحمد داود في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
محمد عبد الرحمن وأحمد داود في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
TT
20

«برستيج»... دراما التشويق تعود إلى واجهة الشاشات المصرية

محمد عبد الرحمن وأحمد داود في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
محمد عبد الرحمن وأحمد داود في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

تضرب العاصفة قلب القاهرة. يلجأ عدد من الغرباء إلى مقهى صغير وسط المدينة. تبدأ رحلة عن ملاذ مؤقت. لا أحد يتوقع أن تنقلب تلك الليلة الماطرة الهادئة إلى نقطة تحوّل، حين تُكتشف جثة في ركن بالمكان. هكذا تبدأ أحداث المسلسل المصري «برستيج» الذي يقدّم قصة تدور في مكان واحد؛ حيث لا أحد يستطيع المغادرة. كل شخص يُحتمل أن يكون القاتل.

المسلسل الذي يُعرض عبر منصة «يانغو بلاي» في 8 حلقات، بواقع حلقتَيْن كل خميس، من تأليف إنجي أبو السعود وإخراج عمرو سلامة. يعتمد على حبكة مغلقة، حيث يحاصر الغموض عدداً من الشخصيات المتنوعة التي اجتمعت بالصدفة، لتصبح فجأة أطرافاً في جريمة لم يكن لأيٍّ منهم استعداد لمواجهتها. ومع توالي الحلقات، تتعقّد العلاقات، وتتشابك دوافع الصمت والتورط، في حين يزداد التوتر داخل جدران لا تسمح بالخروج، ولا تتيح الراحة.

«برستيج» ينتمي إلى نوعية دراما الجريمة والتشويق، وتدور أحداثه في إطار مغلق داخل أحد المقاهي بوسط القاهرة، حيث تجتمع مجموعة من الأشخاص بعد اضطرارهم إلى الاحتماء من عاصفة مفاجئة، لتنشأ بينهم توترات تتصاعد مع وقوع سلسلة من جرائم القتل.

الملصق الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)
الملصق الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

المسلسل من تأليف إنجي أبو السعود وإخراج عمرو سلامة، ويشارك في بطولته عدد من الممثلين من أجيال مختلفة؛ منهم: محمد عبد الرحمن، ومصطفى غريب، ودينا، وسامي مغاوري، وآلاء سنان، بالإضافة إلى عدد من ضيوف الشرف، أبرزهم الفنانة يسرا وأحمد داود.

الحلقة الأولى تُفتتح بحدث مفصلي: مقتل «تامر الجمال»، وهو متخصص في وسائل التواصل الاجتماعي، ويجسّد دوره أحمد داود في ظهور قصير. الجريمة تقع داخل المقهى، في وقت لا يُسمح فيه لأحد بالخروج بسبب العاصفة، ما يجعل المشتبه بهم محصورين في دائرة مغلقة من الشخصيات، وتبدأ من هنا محاولات استكشاف القاتل. يتصاعد الغموض مع وقوع جريمة ثانية، وتصبح كل شخصية محل شك في سياق درامي يُبقي على وتيرة التوتر دون أن يُهمل الجوانب الإنسانية أو اللمسات الكوميدية الخفيفة.

من الناحية التقنية، اعتمد المسلسل على أسلوب بصري بسيط، يتماشى مع طبيعة الأحداث، ونجح في خلق توازن بين الإضاءة وزوايا التصوير بما يخدم أجواء الترقب. المونتاج حافظ على إيقاع مناسب. لا يتسرّع في تقديم الأحداث ولا يتباطأ في الكشف عنها؛ مما جعل الحلقات الأولى قادرة على جذب الانتباه، دون الاعتماد على مشاهد صادمة أو مفاجآت مبالغ فيها.

مصطفى غريب ومحمد عبد الرحمن في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)
مصطفى غريب ومحمد عبد الرحمن في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

المخرج عمرو سلامة قال إن «برستيج» جاء بعد فترة من التحضير، وإنه اختار المزج بين التشويق والكوميديا ضمن قالب يعتمد على بطولة جماعية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «العمل جرى تصويره بالكامل في موقع واحد تقريباً، وهو تحدٍّ من نوع خاص يتطلّب تنسيقاً عالياً بين الإخراج والتصوير والتمثيل»، مشيراً إلى أن «الفريق نجح في تقديم العمل بالصورة التي كان يأملها».

ويرى الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن أن «المسلسل يخوض تجربة غير معتادة في الدراما المصرية من خلال تقديمه نمط (كوميديا الجريمة)، وهو نوع لا يُطرح كثيراً محلياً». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُحسب لصنّاع (برستيج) اعتمادهم على بطولة جماعية، ومحاولتهم المزج بين الجريمة والتشويق بخفة، دون إثقال درامي». ولفت إلى أن «الحلقة الأولى تأخرت قليلاً في التمهيد، لكنها سرعان ما دخلت في مسار أكثر تشويقاً».

واحدة من الشخصيات التي أثارت اهتمام المتابعين هي شخصية متحكم في اللجان الإلكترونية. يجسّدها أحمد داود، وهي المرة الأولى التي تُعرض فيها هذه الشخصية بوضوح في عمل درامي مصري.

وعدّ عبد الرحمن «هذا الطرح يُعدّ خطوة لافتة، كونه يعالج موضوعاً معاصراً له امتداداته في الواقع الرقمي وتأثيراته في المجال العام»، مشيداً باختيارات المخرج عمرو سلامة للأبطال، فإلى جانب الأسماء المعروفة، شهد المسلسل عودة فنانين؛ مثل: راندا وبسام رجب، مع تقديم «اليوتيوبر» محمد عبد العاطي في أول تجربة تمثيلية له.