أحافير ثلاثية الأبعاد تكشف تطور النباتات أبكر مما كنا نظن

أحافير ثلاثية الأبعاد تكشف تطور النباتات أبكر مما كنا نظن
TT
20

أحافير ثلاثية الأبعاد تكشف تطور النباتات أبكر مما كنا نظن

أحافير ثلاثية الأبعاد تكشف تطور النباتات أبكر مما كنا نظن

قد تشير أقدم الطحالب الخضراء المحفوظة بطريقة الأبعاد الثلاثية إلى أن النباتات نشأت في وقت أبكر مما كان يعتقد سابقًا.
فالحفريات (بمقاطعة شنشي وسط الصين التي كانت بحرًا ضحلًا أواخر العصر الإدياكاري) أقدم من 541 مليون سنة (فترة العصر الكمبري) عندما تنوعت الحياة فجأة بوميض يعرف باسم «الانفجار الكمبري». فالأحافير صغيرة (قطرها نصف مليمتر فقط) لكنها محفوظة بتفاصيل رائعة، وصولاً إلى الهياكل الأنبوبية الوعرة التي تبطن طبقاتها الخارجية وكتل الخيوط الدقيقة التي تشكل لبها.
والطحالب الخضراء هي أعضاء في المملكة النباتية التي ظهرت منذ ما لا يقل عن مليار سنة. لكن الاكتشاف الجديد، الذي يظهر أن مجموعة متنوعة من أنواع الطحالب الحديثة المظهر كانت موجودة في وقت أبكر مما كان يعتقد، قد تدفع إلى الوراء أصل المملكة النباتية ربما 100 مليون سنة أخرى، كما أفاد الباحثون بمجلة «بي إم سي بيولوجي» يوم (الأربعاء) الماضي. فقد تبين ان الطحالب القديمة معقدة بشكل مدهش، وهي مطابقة تقريبًا للجنس الحديث من الأعشاب البحرية المسمى «Codium»، وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي المتخصص.
وفي توضيح أكثر لها الأمر، قال المؤلف المشارك في الدراسة سيدريك أريا باحث ما بعد الدكتوراه في علم البيئة والتطور بجامعة تورنتو ومتحف أونتاريا الملكي «إن اكتشاف شيء قريب جدًا من نبات الكوديوم في العصر الإدياكاري من المرجح أن يدفع هذا الأصل من الطحالب الخضراء وبالتأكيد أصل المملكة النباتية بأكملها إلى الوراء مرة أخرى في الوقت المناسب».
وتأتي العينات من رواسب غنية من الأحافير المعروفة باسم نباتات «جاوجياشان» التي تم حفظ عدد منها في ثلاثة أبعاد بدلاً من سحقها بشكل مسطح.
فقد طلب المؤلفون المشاركون في الدراسة من جامعة نورث ويست بمدينة شيان بالصين، من أريا إلقاء نظرة على عينات الطحالب الخمس، والتي لم تتطابق مع أي شيء آخر شوهد من أواخر العصر الإدياكاراني في أماكن أخرى من العالم.
وسرعان ما أدرك أريا وزملاؤه من بنية الحفريات أنها كانت طحالب خضراء. لكن الباحثين لم يتمكنوا من العثور على أي شيء مشابه في الأنواع المعروفة من الطحالب القديمة؛ لذلك بدأوا في التمشيط من خلال الأنواع الحديثة. وذلك عندما اكتشفوا أن الطحالب القديمة تشبه تمامًا الكوديوم الحديث (الطحالب الخضراء تأتي بأشكال عديدة، من النباتات أحادية الخلية إلى الأعشاب البحرية المعقدة متعددة الخلايا).
وبخلاف حقيقة أن الطحالب القديمة كانت حوالى نصف حجم الكوديوم وحيدة الخلية الحديثة، كانت الطحالب متطابقة، كما يقول أريا، الذي يؤكد «كانت تلك مفاجأة بالتأكيد... لقد كانت حقًا لحظة مذهلة».
ويعتقد أريا عمومًا أن الأنواع التي سبقت الانفجار الكمبري كانت بسيطة نسبيًا؛ لكن الاكتشاف الجديد لمثل هذه الطحالب الخضراء المعقدة منذ أكثر من 541 مليون سنة يشير إلى تنوع أكبر بالعصر الإدياكاراني أكبر مما كان متوقعًا. مضيفا «قد يكون الوقت قد حان لإعادة تقييم بعض الأحافير ثنائية الأبعاد من هذا العصر لمعرفة ما إذا كانت أيضًا يمكن أن تكون كوديوم».
وأطلق الباحثون على النوع الجديد اسم «Protocodium sinese» والذي يعني تقريبًا أول كوديوم من الصين.
وبين أريا أن «الطحالب نجت. حقيقة أنها لم تتغير بشكل أساسي منذ أواخر العصر الإدياكاري؛ وهذا الأمر يشير الى ان هذه المجموعة من الطحالب الخضراء اكتشفت مكانتها التطورية في وقت مبكر وتمكنت بطريقة ما من التشبث بخمسة انقراضات جماعية وأكثر من نصف مليار سنة من التغيير. واليوم، تعد أنواع الكوديوم غازية في العديد من الأماكن وتتفوق على الأعشاب البحرية والطحالب المحلية... كانت لها اليد الطولى في وقت مبكر واحتفظت بها».


مقالات ذات صلة

مركَّبات طبيعية في سلالات الذرة تعمل مبيدات حشرية ذاتية

يوميات الشرق آفة دودة الذرة تُسهم في تراجع جودة الإنتاج (جامعة ولاية بنسلفانيا)

مركَّبات طبيعية في سلالات الذرة تعمل مبيدات حشرية ذاتية

بعض سلالات الذرة تحتوي على مركَّبات طبيعية تعمل مبيدات حشرية ذاتية، مما يساعدها على مقاومة يرقات دودة الذرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الاقتصاد صندوق التنمية يدعم الفرص الاستثمارية كافة التي تتوافق مع ضوابط الصندوق (واس)

السعودية تتجه لرفع حجم تمويلها الزراعي إلى ملياري دولار هذا العام

توقع المتحدث الرسمي لصندوق التنمية الزراعية، حبيب بن عبد الله الشمري، أن يصل حجم تمويل موافقات القروض إلى 7400 مليون ريال خلال عام 2025.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق صناديق من «الفقع» يعرضها باعة متجوّلون (الشرق الأوسط)

البحث عن «الفقع» وزراعته... من هواية إلى «ميزة نسبية» في السعودية

هواة ومهتمّون كشفوا لـ«الشرق الأوسط» عن جانب من معرفتهم التي تكوّنت بعد سنوات من مطاردة «الفقع» واستخراجه عبر نبش الأرض بعصا صغيرة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق خديعة الرائحة لا تُنتَظر من الزهر (غيتي)

الزهرة العملاقة كريهة الرائحة ترتفع حرارتها مثل الإنسان

عادة ما يدل الزهر على تميُّز الرائحة وجمال العطر، لكنَّ رائحةً كريهةً جداً تنبعث من هذه الزهرة العملاقة وترتفع حرارتها حتى تبلغ درجة حرارة جسم الإنسان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال السعودية تطلق منتجها العالمي «ميلاف كولا» المستخلص من التمر

السعودية تطلق منتجها العالمي «ميلاف كولا» المستخلص من التمر

أطلق وزير الزراعة السعودي باكورة منتجات شركة «تراث المدينة» التحويلية من التمور، وهو مشروب «ميلاف كولا»، الذي سيدشَّن في السوق السعودية قريباً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
TT
20

مصطفى الرزاز يستحضر الذكريات والفولكلور المصري عبر «رزق البحر»

جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)
جانب من معرض «رزق البحر» يُظهر مجموعة أعمال (إدارة الغاليري)

استحضر الفنان المصري مصطفى الرزاز عناصر ورموزاً من الأساطير والفولكلور الشعبي المصري، واستدعى مَشاهد وذكريات مرَّ بها لسنوات طويلة، ثم مزج ذلك كله بفرشاته وخطوطه وخاماته المختلفة على مسطح أعماله؛ ليقدم مجموعة جديدة من اللوحات، والمنحوتات تنبض بالحياة، وتدعو إلى الاستمتاع بها.

في معرضه «رزق البحر» المُقام في «قاعة الزمالك للفن»، يترك الرزاز للمتلقي الفرصة للانغماس مع عالمه الذي جسَّده في أعماله، متنقلاً ما بين البحر والصيد والمرأة والأسماك؛ وخلال ذلك تتشبَّع عين الزائر بجماليات أعماله، ويتزوَّد وجدانه بدفء حكاياته.

الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)
الصياد وشِباك السمك (إدارة الغاليري)

يضمّ المعرض نحو 60 لوحة كبيرة، و64 لوحة صغيرة، فضلاً عن 45 قطعة نحتية، تتميّز بأنَّ «البطولة المطلقة» فيها للأسماك في المقام الأول؛ فهي ليست مجرّد عنصر رمزي، أو مفردة من البيئة تزدان بها الأعمال، لكنها ذات حضور طاغٍ، فتلتقيها على مسطّح اللوحات محمولة بعناية بين الأيدي، أو عروس للبحر، أو في صورة فرس البحر الذي يبدو صديقاً حميماً للإنسان، ورمزاً لحمايته، كما جاء في الحضارة المصرية القديمة، وغير ذلك من مَشاهد تُعزّز مكانتها.

عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)
عمل نحتي برونزي يُبرز احتفاء الإنسان بالسمك (إدارة الغاليري)

اللافت أنَّ الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بعناصر العصفورة والهدهد والنبات في أعماله؛ في رمز للسلام والنماء، والتماهي مع البيئة المصرية. وبدا واضحاً أنّ لإقامته طويلاً في حي المنيل المطلّ على النيل بالقاهرة بالغ الأثر في أعماله بالمعرض؛ فقد قدَّم مَشاهد حياتية يومية عن قرب لمناظر الصيد والمراكب. يقول الفنان لـ«الشرق الأوسط»: «عندما تُشرق الشمس في صباح كل يوم، أحبُّ النظر إلى نهر النيل حيث جمال المنظر والحضارة والتاريخ».

ومن أكثر المَشاهد التي استوقفته في الصباح الباكر، حركة المراكب والاستعداد للصيد. لذلك استخدم «النظارة المُعظمة» ليتأمّلها عن قرب، فإذا به يكتشف أنَّ مَن يقُمن بالصيد في هذه المنطقة نساء.

لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)
لوحة المرأة الفلسطينية ترمز إلى نضال غزة (إدارة الغاليري)

يواصل الفنان المصري حديثه: «وجدتُ أنهن قبل الصيد يُحضّرن الفطور، ويتناولنه مع أطفالهن وجاراتهن بشكل جماعي يومياً قبل التوجه إلى العمل».

أثار ذلك اهتمام الرزاز، فتوجَّه إلى نقطة تجمعهن، والتقى معهن، ومن خلال حديثه معهن، اكتشف أنّ الرجال لا يشاركونهن الصيد في هذا المكان؛ فيقتصر الأمر عليهن لانشغال أزواجهن بالعمل في مجالات أخرى.

كما اكتشف الفنان أنّ المراكب التي يخرجن للصيد بها هي بيوتهن الدائمة؛ حيث يقمن بها، ولا مكان آخر يؤوي هذه الأسر.

«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)
«عروس البحر»... حلم قد يراود الصياد (إدارة الغاليري)

استهوته هذه الحكايات الإنسانية، وفجَّرت داخله الرغبة في تجسيد هذا العالم بفرشاته. يقول: «كانت تجربة غنية ومفيدة جداً بالنسبة إليّ؛ مثلت منبعاً للإلهام. من هنا جاء اهتمامي بتناول البحر والأسماك والصيد في عدد من معارضي؛ منها هذا المعرض الجديد، ولا أعني هنا البحر والصيد فيه وحده، إنما نهر النيل كذلك؛ إذ إنَّ كلمة البحر في اللغة المصرية الدارجة تشير إليهما معاً».

واتخذ الرزاز قراراً بتخصيص المعرض كله للصيد، من دون الاقتصار على تجربة الصيادات الإنسانية؛ فثمة قصص أخرى للصيد في الوجه القبلي، وفي المناطق الساحلية حيث يقتصر الصيد على الرجال.

من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)
من أعمال الفنان في المعرض (إدارة الغاليري)

ويتابع: «سافرت إلى الإسكندرية (شمال مصر) وشاركتهم رحلة للصيد، وتأثّرت جداً بعملهم، فتشرَّبت تفاصيل حياتهم، وطريقة عملهم، وصوَّرتهم فوتوغرافياً، إلا أنني تركتها جانباً، ورسمت التكوينات من خيالي، حتى تختلف عن الرؤية المباشرة أو التسجيل».

لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)
لقطة من معرض «رزق البحر» (إدارة الغاليري)

ويرى الرزاز أنه عندما يرسم الفنان الواقع كما هو، يُفقده جمالياته وحرّيته في التعبير. لكن لماذا يمثّل البحر والصيد كل هذا الاهتمام من جانب الدكتور مصطفى الرزاز؟ يجيب: «البحر بالمفهوم الذي أشرت إليه هو نصف الدنيا، وهو مختلف تماماً عن اليابسة، وأكثر غموضاً، وسحراً، بالإضافة إلى اختلاف الكائنات التي تعيش فيه عن الأرض».

ويؤكد الفنان المصري أنّ «لمهنة الصيد خصوصيتها؛ ونموذج حقيقي لسعي الإنسان؛ فالصياد يتوجَّه إلى البحر على وجه الكريم، من دون أن يحظى براتب، ولا يمكن أن يعرف حجم أرباحه التي سيجنيها، ويرمي نفسه في البحر طوال النهار، وربما لأيام، وقد يعود بما يرضيه، وقد لا يرجع بشيء على الإطلاق».

علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)
علاقة الإنسان بالبحر تشغل الفنان (إدارة الغاليري)

ومن هنا، فإن حلم الصياد أن يجني سمكة ضخمة، أو سمكة تُكلّمه، أو تكون في صورة امرأة جميلة، أو داخلها «خاتم سليمان) يحقّق له كل ما يتمناه. لذلك أيضاً، كان للسمك نصيب كبير في الأساطير والحكايات الشعبية؛ فكانت هناك «أم الشعور»، و«عروسة البحر»، وغيرهما مما يُعدّ فانتازيا علاقة الإنسان بالسمك، وفق الرزاز الذي يرى أن هذه العلاقة هي مصدر إلهام للفنان، ومنبع حكايات تحفّز أي شخص على الانطلاق والسعي في الحياة.

الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)
الفنان لم يتخلَّ عن احتفائه بالمرأة والعصفورة رمزاً للجمال والسلام (إدارة الغاليري)

وربما لم تُنافس الأسماك في أعمال المعرض -المستمر حتى 15 مارس (آذار) الحالي- سوى المرأة الجميلة بعيونها الواسعة وملابسها المزدانة بالموتيفات والنقوش الشعبية؛ انعكاساً لاهتمام الفنان بمكانتها والفولكلور المصري في أعماله من جهة، ومن جهة أخرى تعبيراً عن قوة الوطن.

فتأتي على سبيل المثال لوحة المرأة الفلسطينية التي تطلّ علينا بزيها التقليدي، حاملة صينية الأسماك الطازجة فوق رأسها، كأنها جاءت للتوّ من رحلة للصيد، تضامناً مع أهل غزة. يقول الرزاز: «يرمز هذا العمل إلى أنّ أهل القطاع المعروفين بالصيد سيستمرّون في مهنتهم، وسيبقون في مدينتهم، ولن يستطع أحد أن يغيّر شيئاً من هذا الواقع».