موسكو تشدد العقوبات على رافضي القتال وتمنح الجنسية للمقاتلين الأجانب

أوكرانيا تخفض مستوى العلاقات مع إيران... وطهران تتوعد بـ«رد مناسب»

اعتقال أحد المحتجين ضد قانون التعبئة في موسكو أمس (أ.ف.ب)
اعتقال أحد المحتجين ضد قانون التعبئة في موسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

موسكو تشدد العقوبات على رافضي القتال وتمنح الجنسية للمقاتلين الأجانب

اعتقال أحد المحتجين ضد قانون التعبئة في موسكو أمس (أ.ف.ب)
اعتقال أحد المحتجين ضد قانون التعبئة في موسكو أمس (أ.ف.ب)

وقَّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السبت، تعديلات تنص على عقوبة السجن عشرة أعوام بحق العسكريين الذين يرفضون القتال في فترة التعبئة الجزئية التي أعلن عنها قبل أيام. وتنص التعديلات على عقوبات بالسجن بحق الجنود الذين يفرون أو يسلِّمون أنفسهم للعدو «من دون إذن»، أو يرفضون القتال، أو يعصون الأوامر في مرحلة التعبئة. وتأتي هذه التعديلات التشريعية بعدما قررت روسيا هذا الأسبوع تعبئة جزئية لعناصر الاحتياط، بهدف القتال في أوكرانيا؛ حيث تعرضت القوات الروسية لهزائم في الأسابيع الأخيرة. وأثار قرار التعبئة الذي يشمل حسب السلطات 300 ألف شخص، قلق عدد كبير من الروس، واختار بعضهم مغادرة البلاد.
وفي وقت تسعى فيه موسكو بكل السبل إلى تجنيد مزيد من العناصر للقتال في أوكرانيا، وقَّع بوتين السبت أيضاً قانوناً يسهل منح الجنسية الروسية للأجانب الذين يقاتلون في صفوف الجيش. ونص هذا القانون الذي صدر أيضاً في الجريدة الرسمية على أن الأجانب الذين ينضمون إلى الجيش لفترة لا تقل عن عام، يمكنهم طلب الحصول على الجنسية، من دون أن يضطروا إلى إثبات إقامتهم على الأراضي الروسية لخمسة أعوام. ويبدو أن هذا الإجراء يتوجه خصوصاً إلى المهاجرين المتحدرين من الجمهوريات السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى، الذين يمارسون في المدن الكبيرة، على غرار موسكو، مهناً شاقة جداً. وقبل أن يوقع بوتين القانون، دعت قرغيزستان وأوزبكستان هذا الأسبوع مواطنيهما إلى عدم المشاركة في أي نزاع.
وذكر نشطاء حقوقيون أنه تم اعتقال عدة أشخاص في روسيا خلال احتجاجات جديدة، رداً على تعبئة جنود الاحتياط للقتال في أوكرانيا. وأظهرت صور ومقاطع فيديو، نشرتها وسائل إعلام مستقلة، متظاهرين في خاباروفسك ونوفوسيبيرسك وأركوتسك وتومسك وتشيتا وسيبيريا، يتم اقتيادهم من قبل الشرطة. وذكرت تقارير أن أشخاصاً كانوا يرفعون لافتات كُتبت عليها شعارات، مثل: «لسنا لحوماً».

ونُظمت مظاهرات أمس السبت في العاصمة موسكو، وفي مدينة سان بطرسبرغ. وكانت احتجاجات قد اندلعت بمختلف أنحاء البلاد، في أعقاب أوامر من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتعبئة جنود الاحتياط، بعد حوالي سبعة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا. ووقعت أولى الاحتجاجات في يوم الإعلان نفسه، وطبقاً لبوابة الحقوق المدنية «أو في دي» فقد تم اعتقال أكثر من 1400 شخص.
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية في بيان أصدرته أمس السبت، إقالة ديمتري بولغاكوف نائب وزير الدفاع الروسي من منصبه. وعزت الوزارة في بيانها هذه الخطوة بشكل رسمي إلى نقل بولغاكوف إلى «منصب آخر». وسيخلف بولغاكوف في منصبه ميخائيل ميزينتسيف الذي كان يرأس حتى الآن مركز إدارة الدفاع الوطني، وسيشرف ميزينتسيف في منصبه الجديد بشكل خاص على لوجستيات الجيش. وأظهرت المكاسب الأخيرة التي حققها الجيش الأوكراني في هجوم مضاد عيوباً لوجستية مهمة لدى الروس، ويرى محللون أن الخدمات اللوجستية هي الحلقة الضعيفة في الجيش الروسي.
يذكر أن ميزينتسيف معروف في الخارج أيضاً؛ حيث إنه مسؤول عن الهجمات الخطيرة التي وقعت على مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب أوكرانيا التي استولى عليها الروس في نهاية مايو (أيار) الماضي. وحسب الجانب الأوكراني، فقد قُتِل آلاف المدنيين أثناء حصار المدينة الذي استغرق أسابيع، كما دُمِّر جزء كبير من المدينة. وكانت بريطانيا قد أدرجت ميزينتسيف على قائمة عقوبات، بوصفه «جزار ماريوبول».
في سياق متصل، كتب ميخائيلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني في تغريدة باللغة الإنجليزية، أمس السبت، أن إيران تدعم روسيا «من خلال تقديم طائرات مُسيَّرة حديثة إلى دولة رجعية لقتل الأوكرانيين». وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد وصف تزويد موسكو بطائرات مُسيَّرة إيرانية، بأنها خطوة «تواطؤ مع الشر». وقررت أوكرانيا الجمعة سحب اعتماد سفير إيران، وكذلك تقليص عدد الموظفين الدبلوماسيين في السفارة الإيرانية في كييف بشكل كبير، بسبب إمداد طهران القوات الروسية بطائرات مُسيَّرة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية أمس السبت، إن طهران تخطط لاتخاذ «الرد المناسب» إزاء قرار أوكرانيا خفض العلاقات معها. وأضاف المتحدث باسم الوزارة ناصر كنعاني، أن أوكرانيا يجب أن «تكف عن الخضوع لتأثير أطراف ثالثة تسعى لتدمير العلاقات بين البلدين». وقال كنعاني -كما نقلت عنه «رويترز»- إن قرار أوكرانيا «استند إلى تقارير غير مؤكدة، ونتج عن ضجة إعلامية من قبل أطراف أجنبية». ولم يشر كنعاني مباشرة إلى الطائرات المُسيَّرة.
ونفت إيران في السابق تزويد روسيا بطائرات مُسيَّرة؛ لكن صحيفة «كيهان» اليومية المحافظة، قالت السبت إن إيران باعت «مئات الطائرات المُسيَّرة المسلحة». وقالت الصحيفة التي يختص الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بتعيين رئيس تحريرها: «على مدار الفترة الماضية، كانت الطائرات المُسيَّرة الإيرانية تنفذ عمليات في سماء أوكرانيا ضد حلف شمال الأطلسي».
وقالت السلطات العسكرية في جنوب أوكرانيا، أمس السبت، إنها أسقطت ما لا يقل عن سبع طائرات مُسيَّرة إيرانية، من بينها ست طائرات من طراز «شاهد-136» (الانتحارية)، فوق البحر، بالقرب من ميناءي أوديسا وبيفديني، الجمعة. وأفادت القيادة العسكرية الجنوبية بأن الطائرات شملت -لأول مرة في أوكرانيا- طراز «مهاجر-6»، وهي طائرة مُسيَّرة إيرانية أكبر حجماً.
ومع تقدم القوات الأوكرانية على الجبهة الشمالية الشرقية، قال الجيش البريطاني، أمس السبت، إن روسيا قصفت سد بشينهي على نهر سيفيرسكي دونتس في شمال شرقي أوكرانيا، مستخدمة صواريخ باليستية قصيرة المدى أو أسلحة مماثلة. وذكرت وزارة الدفاع في نشرة المخابرات اليومية أن الهجوم وقع في يومي 21 و22 سبتمبر (أيلول)، في أعقاب هجوم سابق استهدف سد كاراشونيفسكي على نهر كريفي ريه في وسط أوكرانيا في 15 سبتمبر، مضيفة أن القوات الأوكرانية تتقدم في اتجاه مصب النهرين. وقالت الوزارة على «تويتر» إن القادة الروس ربما كانوا يحاولون قصف بوابات السد لإغراق نقاط عبور عسكرية أوكرانية.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف في صورة مع أحد الجنود الأوكرانيين الذين أصيبوا في الحرب (د.ب.أ)

شولتس في كييف بعد طول غياب... واتهامات باستغلاله الزيارة لأغراض انتخابية

زار المستشار الألماني أوكرانيا بعد عامين ونصف العام من الغياب وفي وقت تستعد فيه بلاده لانتخاب عامة مبكرة، واتهمته المعارضة باستغلال الزيارة لأغراض انتخابية.

راغدة بهنام (برلين)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله إلى أوكرانيا (حسابه عبر منصة إكس)

شولتس في زيارة مفاجئة لأوكرانيا... ويعلن عن مساعدات عسكرية جديدة

وصل المستشار الألماني أولاف شولتس إلى أوكرانيا، الاثنين، في زيارة لم تكن معلنة مسبقاً للتأكيد على دعم برلين لكييف في حربها ضد روسيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تحليل إخباري فون دير لاين بعد مصادقة البرلمان الأوروبي على تشكيلة المفوضية الجديدة بستراسبورغ في 27 نوفمبر (رويترز)

تحليل إخباري المفوضية الأوروبية الجديدة تباشر مهامها وسط هواجس أمنية واقتصادية

يمرّ الاتحاد الأوروبي بأصعب المراحل منذ تأسيسه بسبب الانقسام غير المسبوق تحت وطأة الانحسار الاقتصادي والسياسي في ألمانيا وفرنسا.

شوقي الريّس (بروكسل)

أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى «خفض التصعيد» بسوريا

سوريان يشاهدان المعارك في سراقب 28 نوفمبر (أ.ف.ب)
سوريان يشاهدان المعارك في سراقب 28 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى «خفض التصعيد» بسوريا

سوريان يشاهدان المعارك في سراقب 28 نوفمبر (أ.ف.ب)
سوريان يشاهدان المعارك في سراقب 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

دعت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة إلى خفض التصعيد فوراً في سوريا، وذلك بعد الاشتباكات التي أفادت تقارير بأنها شهدت سيطرة تحالف من الفصائل المتمردة بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام على مدينة حلب من قوات الحكومة السورية خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وقالت الدول الأربع الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بيان مشترك صدر مساء أمس الأحد: «نراقب من كثب التطورات في سوريا وندعو جميع الأطراف إلى خفض التصعيد وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية لتجنب المزيد من النزوح وتعطيل الوصول الإنساني». وأضاف البيان: «إن التصعيد الحالي يؤكد فقط الحاجة الملحة إلى حل سياسي للصراع بقيادة سورية»، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 وقد تم اعتماد هذا القرار في عام 2015، ويدعو إلى إجراء محادثات سلام بين الحكومة السورية وقوات المعارضة.

وفي الوقت نفسه، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد عن شن هجوم مضاد في أعقاب خسارة حلب.

وشن الطيران الحربي الروسي أربع غارات جوية، الأحد، استهدفت مشفى الجامعة وسط مدينة حلب، أسفرت عن سقوط 5 قتلى عسكريين ومدنيين، بالإضافة إلى عدد كبير من الجرحى، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن أربعة مدنيين قُتلوا بينهم سيدة وعنصر في الدفاع المدني، إضافةً إلى نحو 50 جريحاً، جراء غارات جوية روسية استهدفت مخيماً للمهجرين في حي الجامعة بمدينة إدلب.