مصر تعوّل على «الحوار الوطني» لإعادة الثقة بين «تحالف 30 يونيو»

تستعد مصر لإطلاق المناقشات الفعلية لجلسات الحوار الوطني، الذي تعوّل عليه لإعادة «بناء جسور الثقة»، بين المشاركين في تحالف «30 يونيو»، الذي أطاح بحكم تنظيم «الإخوان» عام 2013. وقال منسق عام مجلس أمناء الحوار الوطني، ضياء رشوان، إن «الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ستشهد انطلاقة جلسات الحوار الوطني».
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 26 أبريل (نيسان) الماضي، إلى إجراء حوار وطني حول مختلف القضايا، وتلبية للدعوة تم تشكيل مجلس أمناء للحوار، الذي عقد حتى الآن 8 اجتماعات لوضع قواعد ومحاور الحوار، وتشكيل لجانه المختلفة.
وقال رشوان، في تصريحات تلفزيونية مساء (الجمعة) عبر برنامج «مصر جديدة»، إنه «على مدار الشهور الماضية عمل الحوار على إعادة بناء جسور الثقة بين كل من شارك في ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013، من أجل عودة مصر إلى المصريين»، مستطرداً أن «هذه الجسور تحققت بنسبة كبيرة».
وفي عام 2013 دعا تحالف من قوى سياسية ونقابات وشخصيات مستقلة إلى مظاهرات في 30 يونيو ضد استمرار حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتمكنت المظاهرات الشعبية الحاشدة في ذلك الوقت من إنهاء حكم تنظيم «الإخوان»، وتولى رئيس المحكمة الدستورية رئاسة البلاد بشكل مؤقت.
وتسعى مصر من خلال جلسات الحوار الوطني إلى «تعزيز مفهوم الجمهورية الجديدة». وقال رشوان إن «الحوار الوطني هو بناء لجمهورية جديدة تقوم على المساحات المشتركة، وعلى وجود الجميع، رغم اختلافاتهم»، مشيراً إلى أن «الاختلاف قد يكون في طريقة إدارة المجتمع، وليس على قواعد الجمهورية الجديدة»، مؤكداً أن «الحوار لا يبحث عن حالة الإجماع، وإنما يسعى للتوافق والمساحات المشتركة التي قد تصل في بعض القضايا إلى نسبة 90 في المائة، بينما تكون أقل في قضايا أخرى»، مشدداً على أنه «أياً كانت مساحة التوافق، فالجميع يظل على أرضية واحدة للجمهورية المصرية الجديدة».
وأضاف المنسق العام للحوار الوطني أن «الاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، وكل من يعتقد أن هدفنا إلغاء الاختلاف لا يفهم دعوة الرئيس».
وجدد رشوان التأكيد على «جدية الحوار الوطني»، واصفاً إياه بأنه «عملية جادة، وليست عملية تنفيس عن الآراء ولا خلق (مكلمة) واسعة في مصر، بل البحث عن أولويات العمل الوطني»، تنفيذاً لدعوة الرئيس السيسي، مشيراً إلى أن «كل جلسات الحوار ستكون علنية، وتحت بصر وبصيرة الرأي العام والإعلام، باستثناء القضايا التي يرى مجلس الأمناء أنها تمس الأمن القومي».
وعلى مدار الشهور الماضية، تعرض الحوار الوطني لانتقادات من قوى سياسية، ومحاولات للتشكيك في جدواه، بداعي «بطء» سير الجلسات، وهو الأمر الذي حاول مجلس أمناء الحوار الوطني الرد عليه أكثر من مرة، عبر شرح منهجية وآلية عمل مجلس الأمناء.
وفي هذا السياق، أشار رشوان إلى أن «المجلس عقد 8 اجتماعات حتى الآن، وانتهى من وضع قواعد لإدارة الحوار الوطني في جلساته، وتحديد 3 محاور رئيسية، (سياسي واقتصادي ومجتمعي)، قسم كل محور إلى عدد من اللجان الفرعية»، وقال رشوان إن «هذه المرحلة أخذت وقتاً طويلاً، لكنها أنجزت أشياء مهمة، على صعيد تحديد لجان الحوار، ولائحة عمل مجلس أمنائه»، مضيفاً أن «جدية الحوار تجعل البعض يشعر بأن حركاته بطيئة».
ويحظى الحوار الوطني باهتمام الأوساط السياسية والإعلامية المصرية، في انتظار لمخرجاته. وقال الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، المقرر العام المساعد للمحور السياسي بالحوار الوطني، في تصريحات تلفزيونية مساء الجمعة، إن «الحكم على جدوى الحوار الوطني مبكر للغاية، فليس من الواضح ما الذي سينتج عنه»، مشيراً إلى «ضرورة ألا يستغرق الحوار وقتاً طويلاً».
وتفعيلاً لفكرة المشاركة المجتمعية، دعت الصفحة الرسمية للحوار الوطني على «فيسبوك» في منشورات على مدار اليومين الماضيين، المصريين إلى تقديم رؤيتهم حول القضايا التي تشغل اهتمامهم في المحاور المختلفة.
بدوره، أكد الدكتور أيمن عبد الوهاب، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أهمية «العمل على بناء جسور الثقة، وتفعيل المجال العام»، مشدداً على ضرورة «إفساح المجال للمشاركة المجتمعية في الحوار الوطني، التي ستمهد الطريق لطرح القضايا المختلفة بشكل أوسع»، وقال إنه «إذا اقتصر الحوار على الإطار النخبوي فسيفقد الكثير من الزخم».
وأضاف عبد الوهاب أن «التجارب القديمة ربما تلقي بأحكام مسبقة على تجربة الحوار الوطني»، مشيراً إلى أن «المحك الرئيسي الآن هو كيفية تلافي السلبيات السابقة، وتعظيم الإيجابيات، والمشاركة والمسؤولية حتى نصل لبناء وعي وثقة فيما هو قادم».