حملة ضد «داعش» شرق سوريا... وتوتر بين النظام والمعارضة جنوبها

أحد أبناء مدينة الرقة شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
أحد أبناء مدينة الرقة شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

حملة ضد «داعش» شرق سوريا... وتوتر بين النظام والمعارضة جنوبها

أحد أبناء مدينة الرقة شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)
أحد أبناء مدينة الرقة شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، بأن «قوات سوريا الديمقراطية»، بمساعدة «التحالف الدولي»، داهمت بعد منتصف ليلة الخميس (صباح الجمعة)، قرية الزر بريف دير الزور، وسط تحليق مكثف للطيران المروحي، بحثاً عن خلايا تنظيم «داعش». وأشار إلى اشتباكات بين الطرفين، وإلى فرار بعض المطلوبين إلى الكسار شمال دير الزور. وأسفرت عملية الدهم عن توقيف 13 شخصاً، تم إطلاق 9 منهم بعد التحقيق معهم.
وجاءت عملية الدهم بعد يومين من تنفيذ قوة تابعة لـ«سوريا الديمقراطية»، مدعومة بقوات «التحالف الدولي»، عملية أمنية في قرية البيدر التابعة لناحية الكرامة بريف الرقة الشرقي، بهدف اعتقال اثنين من أفراد خلايا «داعش»، وهما من قيادات التنظيم، بحسب «المرصد»، الذي قال إن اشتباكاً وقع بين القوة المداهمة والمطلوبين أدى إلى مقتلهما، وهما رجل وابنه. كما أصيب في الاشتباك ابن آخر للقيادي «الداعشي» المطلوب.
يأتي ذلك بعد تصاعد هجمات «داعش» عقب تنفيذ قوات الأمن الكردية حملة واسعة ضد خلاياه، فيما يُعرف بـ«دويلة الهول»، المخيم الذي يؤوي آلافاً من أسر أفراد التنظيم المتطرف بشمال شرقي سوريا. ووفق «المرصد»، نفذ «داعش» 16 عملية انتقامية رداً على ما يحصل في الهول، مشيراً إلى أن عمليات التنظيم أدت إلى مقتل 17 شخصاً، هم 3 مدنيين بينهم طفل، و14 من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، وتشكيلات عسكرية أخرى عاملة بمناطق الإدارة الذاتية.

صبي يعمل بائع خبز في المدينة التي كانت معقلاً لـ «داعش» شمال سوريا أمس (أ.ف.ب)

وفي جنوب سوريا، شهد محيط مدينة جاسم بريف درعا الشمالي حالة من التوتر والاستنفار العسكري لفصائل محلية وقوات من النظام السوري، إثر اشتباكات جرت فجر الجمعة في المنطقة.
وأفادت مصادر محلية في جاسم بتعرض الأطراف الشرقية للمدينة لقصف بقذائف الدبابات صباح الجمعة، مصدرها تل المطوق الذي تسيطر عليه قوات من النظام السوري. كما شهدت المنطقة استنفاراً لعناصر النظام السوري الموجودين في جاسم وفي تل المطوق والثكنات العسكرية القريبة من المنطقة.
وجاء ذلك بعد أن حاولت دورية من الأجهزة الأمنية السورية صباح الجمعة، مداهمة أحد المنازل والمزارع الواقعة على الأطراف الشرقية مدينة جاسم، ما أدى لاندلاع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بين مطلوبين للنظام من جهة، وعناصر الدورية المقتحمة من جهة أخرى؛ وأسفرت عن سقوط قتيل من عناصر الأمن، وجرحى آخرين من القوات المقتحمة.
وأفاد «تجمع أحرار حوران» (المعارض) بأنّ عنصراً من قوات النظام قتل أثناء الاشتباكات وبقيت جثته لساعات على المدخل الشرقي لمدينة جاسم، مضيفاً أن قوات النظام في تل المطوق والثكنات العسكرية شهدت استنفاراً وتجهيزاً للمدافع على قمة التل في محاولة للضغط على أهالي المدينة. وأضاف المصدر أن قوات النظام السوري عززت في مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، نقاطها العسكرية في محيط جاسم، إذ أنشأت نقطة عسكرية جديدة شمال المدينة، وعززت الحواجز والنقاط العسكرية المحيطة بها، وأجرت عمليات تمشيط للمنطقة بواسطة طائرات استطلاعية، تزامناً مع عمليات تفتيش دقيقة في المزارع القريبة من النقاط العسكرية.
ويطالب النظام بإخراج أشخاص يتهمهم بالانتماء إلى تنظيم «داعش» ويؤكد أنهم موجودون في مدينة جاسم بعدما نفذوا هجمات ضد قوات الأمن السورية. وترفض لجنة ممثلة لمدينة جاسم هذه الاتهامات.
وتعد مدينة جاسم من كبرى مدن ريف درعا الشمالي ومن المناطق التي طبق فيها اتفاق التسوية بضمانة روسية مع الفصائل المعارضة التي كانت في تلك المنطقة بعام 2018. ورغم مرور سنوات على اتفاق التسوية بقيت سيطرة الأجهزة الأمنية شكلية في المدينة.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».