منهجيات الإصلاح الاقتصادي تجنب السعودية تداعيات التضخم

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: مبادرات الدعم ومراقبة الأسواق وتشجيع الاستثمار دفعت لاستقرار مستوياتها محلياً

الدعم الحكومي المتواصل لتوفير السلع والخدمات الأساسية في السعودية يدعم استقرار التضخم (الشرق الأوسط)
الدعم الحكومي المتواصل لتوفير السلع والخدمات الأساسية في السعودية يدعم استقرار التضخم (الشرق الأوسط)
TT

منهجيات الإصلاح الاقتصادي تجنب السعودية تداعيات التضخم

الدعم الحكومي المتواصل لتوفير السلع والخدمات الأساسية في السعودية يدعم استقرار التضخم (الشرق الأوسط)
الدعم الحكومي المتواصل لتوفير السلع والخدمات الأساسية في السعودية يدعم استقرار التضخم (الشرق الأوسط)

تمكنت السعودية من وضع خطط ممنهجة وإصلاحات اقتصادية ومبادرات ساهمت في تدني معدل التضخم في السعودية مقارنةً بدول العالم. الأمر الذي جعل كثيراً من الخبراء والمنظمات الدولية ترجح احتواء التضخم في المملكة مع زيادة قوة مركزها الاقتصادي الخارجي.
وأكد خبراء اقتصاديون لـ«الشرق الأوسط» أن الاقتصاد السعودي يشهد حراكاً فاعلاً وإصلاحات اقتصادية ومبادرات وبرامج مؤخراً، استطاعت من خلالها السيطرة على معدل التضخم عند 3 في المائة، مع استمرار الحركة التجارية وتشجيع الاستثمارات وتسهيل الحصول على التمويل للمشروعات الصناعية والتجارية التي بدورها وفّرت المنتجات والخدمات والسلع محلياً بأسعار تنافسية.
- الاقتصاد العالمي
أكد الدكتور فهد المبارك، محافظ البنك المركزي السعودي، أخيراً، أن مستويات التضخم في المملكة لا تزال ضمن مستويات معقولة، مشيراً إلى قوة الاقتصاد السعودي في ظل التحديات الراهنة.
وكشف المبارك خلال اجتماع مجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في السعودية، (الأحد) الماضي، أن التوترات الجيوسياسية في أوروبا أدت إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2 في المائة، مضيفاً أن الدول العربية ليست بمعزل عن آثار التحديات الاقتصاديات، ولا بد من دراسة التدابير المحتملة للوصول إلى اقتصادات مستدامة.
- الإنتاج الصناعي
من جانبه، أوضح الدكتور أسامة العبيدي، المستشار القانوني وأستاذ القانون التجاري لـ«الشرق الأوسط»، أن السعودية تمكنت من الحفاظ على مستوى متدنٍ من التضخم 3 في المائة مع ارتفاع الإنتاج الصناعي محلياً، ما يسهم في معالجة التضخم والسيطرة عليه.
وأبان العبيدي أن التضخم الذي يتم استيراده من الخارج عبر السلع والخدمات من اقتصادات تواجه معدلات مرتفعة، يرجح قرب احتمال مزيد من الارتفاع في المعدلات محلياً، إلا أن قوة الاقتصاد السعودي ومتانته، إضافة إلى الاستقرار المالي المحلي، ساهما في التصدي لأي آثار محتملة في هذا الجانب، وهو ما ساهم في تدني معدل التضخم في السعودية مقارنة مع المعدل العالمي.
وتابع الدكتور العبيدي أن الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها السعودية في ضوء رؤية 2030 ساهمت في تحقيق هذا الإنجاز، وبشكل خاص تشجيع القطاع الخاص ومشاركته في النمو الاقتصادي؛ حيث يتوقع أن ينمو هذا القطاع بنسبة 5.8 في المائة.
- الاستثمارات الأجنبية
وزاد المستشار القانوني أن الإصلاحات تمكنت أيضاً في دعم تعافي الاقتصاد السعودي واجتيازه لتداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، وكذلك التطور في البنية التحتية الرقمية ومنظومة العمل الحكومي، وتطوير القطاع المالي وتحقيق الاستدامة المالية التي عززت من قوة ومتانة الاقتصاد السعودي.
وواصل الدكتور أسامة أن تشجيع الاستثمارات الأجنبية وتسهيل الحصول على التمويل للمشروعات الصناعية والتجارية استطاعا توفير المنتجات والخدمات والسلع محلياً بأسعار تنافسية، ما خفّض من معدل التضخم المحلي وساهم في تسهيل ممارسة الأعمال، وكذلك زيادة أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي السعودي.
وبيّن أن تدابير الدعم الحكومي المقدم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة خلال الجائحة ودعم وزيادة الصادرات غير النفطية وسياسات الإسكان وتوفير المساكن للمواطنين ساعدت أيضاً على تدني معدل التضخم في المملكة.
- الدعم الحكومي
وفقاً للعبيدي، فإن الدعم الذي تنفذه الحكومة خفف من الآثار والتداعيات المترتبة على التضخم، خاصةً بعد أن أمر الملك سلمان بن عبد العزيز، خادم الحرمين الشريفين، بتخصيص دعم مالي بقيمة 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) لدعم الأسر السعودية في مواجهة تداعيات زيادة الأسعار.
وأضاف أن زيادة نشاط الإنتاج الصناعي المحلي ستؤدي إلى خفض معدل التضخم الذي يمثل منه المستورد نسبة كبيرة.
- المحتوى المحلي
من جانبه، قال عبد الرحمن الجبيري، الكاتب والمحلل الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، إن مستويات التضخم في السعودية لا تزال ضمن نطاقها المعتدل عطفاً على ما تعانيه اقتصاديات العالم من تبعات حادة في المعدلات، مشيراً إلى مواصلة الاقتصاد الوطني حراكه الفاعل للتعافي وفق منهجيات مدروسة تنسجم مع مستهدفات «رؤية المملكة 2030» التي تؤكد على أهمية القطاع الصناعي وتنمية المحتوى المحلي الذي يقوده كل من القطاعين العام والخاص.
وبحسب الجبيري، فإن الاقتصاد السعودي بعد تجاوزه كثيراً من التحديات التي ضربت اقتصادات العالم يؤكد منهجية الإصلاحات والتطوير المستمرة وقراءة الأزمات وفن التعامل معها.
- السلع والخدمات
وأشار إلى أن الاقتصاد السعودي يمتلك قوة ومتانة، حقق معها كثيراً من المكتسبات والمؤشرات الهامة التي تعزز من التوسع الاستثماري وخلق فرص واعدة في المجالات كافة، بالإضافة إلى استمرار برامجها التنموية ومشروعاتها العملاقة، وتوفير احتياجات المواطنين والمقيمين من السلع والخدمات بكفاءة عالية.
وتوقع الجبيري أن يواصل الاقتصاد السعودي نموه المتسارع ويتجاوز توقعات الخبراء والمنظمات الدولية.
ولفت أن الاقتصاد السعودي حقق معدلات نمو إيجابية كواحد من أفضل اقتصاديات دول العشرين، نتيجة لتلك الإصلاحات وكفاءة ومرونة التشريعات، وكذلك إدارة الأزمات الاقتصادية التي يعيشها العالم تباعاً.
- المالية العامة
كانت وكالة ستاندرد آند بورز (إس آند بي) قد أكدت تصنيفها لتقييم السعودية الائتماني السيادي طويل وقصير الأجل بالعملة المحلية والأجنبية عند A - -A - 2 مع نظرة مستقبلية إيجابية، كما توقعت نمو السعة الإنتاجية للاقتصاد السعودي ودفع عجلة النمو على المدى الطويل، نتيجة لجهود تطوير المالية العامة والإصلاحات الاقتصادية الضخمة.
وفي ذات السياق، أعلن صندوق النقد الدولي في تقريره السنوي «آفاق الاقتصاد العالمي للعام 2022»، توقعاته أن يُسجل اقتصاد السعودية نسبة نمو تصل إلى 7.6 في المائة هذا العام، كأعلى نسبة نمو بين جميع اقتصاديات العالم التي تشمل «الاقتصادات المتقدمة والأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية».
وتوقع صندوق النقد الدولي نمو اقتصاد السعودية بنسبة 7.6 في المائة العام الحالي، و3.7 في المائة في 2023.


مقالات ذات صلة

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

«قطار الرياض» ينطلق غداً بـ 3 مسارات

ينطلق يوم الأحد، «قطارُ الرياض» الأضخمُ في منطقة الشرق الأوسط، والذي يتضمَّن أطولَ قطار من دون سائق في العالم.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد خلال الجولة في «قطار الرياض» التي نظمتها الهيئة الملكية لمدينة الرياض للإعلاميين (الشرق الأوسط)

ينطلق الأحد... «قطار الرياض» يعيد هندسة حركة المرور بالعاصمة

ينطلق «قطار الرياض»، الأحد، بـ3 مسارات من أصل مساراته الـ6، الذي يتوقع أن يخفف من ازدحام السير في العاصمة السعودية بواقع 30 في المائة.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ناقلة نفط يتم تحميلها في مصفاة رأس تنورة النفطية التابعة لـ«أرامكو السعودية» (رويترز)

شركات الطاقة السعودية تحقق 27.45 مليار دولار أرباحاً في الربع الثالث

حققت شركات الطاقة المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) أرباحاً بلغت نحو 102.94 مليار ريال سعودي (27.45 مليار دولار) خلال الربع الثالث من عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد صورة جوية لـ«قطار الرياض» (الهيئة الملكية)

السعودية تتصدر دول «مجموعة العشرين» في انخفاض تكلفة النقل العام

تتصدر السعودية دول «مجموعة العشرين» في انخفاض أسعار تكلفة النقل العام، بالمقارنة مع متوسط دخل الفرد الشهري، وفق ما أظهرته بيانات تطبيق «درب».

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد لقطات أثناء تجربة «مترو الرياض» خلال الفترة الماضية (الهيئة الملكية لمدينة الرياض) play-circle 02:15

«قطار الرياض» يحوّل العاصمة إلى منطقة اقتصادية أكثر جذباً للشركات العالمية

يرى مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن «قطار الرياض» الذي افتتحه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الأربعاء، سيحول العاصمة السعودية إلى منطقة اقتصادية.

بندر مسلم (الرياض)

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

صناديق الأسهم العالمية تحقق تدفقات أسبوعية تاسعة على التوالي

متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

زاد المستثمرون العالميون مشترياتهم من صناديق الأسهم في الأسبوع المنتهي في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، مدفوعين بتوقعات بنمو قوي للاقتصاد الأميركي في ظل إدارة ترمب وبدعم من انخفاض عائدات السندات الأميركية.

وضخ المستثمرون مبلغاً ضخماً قدره 12.19 مليار دولار في صناديق الأسهم العالمية، بزيادة بنسبة 32 في المائة مقارنة بـ9.24 مليار دولار من عمليات الشراء الصافية في الأسبوع السابق، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». ويمثل هذا التدفق الأسبوعي التاسع على التوالي.

ويوم الجمعة، كانت الأسهم العالمية في طريقها لتحقيق أفضل شهر لها منذ مايو (أيار)، مدفوعة بالتفاؤل بشأن النمو القوي في الولايات المتحدة وازدهار الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، على الرغم من المخاوف بشأن الاضطرابات السياسية والتباطؤ الاقتصادي في أوروبا.

وفي الأسبوع الماضي، أدى ترشيح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب للمحافظ المالي سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة، إلى رفع توقعات السوق بمستويات ديون يمكن إدارتها في ولايته الثانية، وهو ما أدى إلى انخفاض عائدات السندات الأميركية.

واختار المستثمرون ضخ مبلغ ضخم قدره 12.78 مليار دولار في صناديق الأسهم الأميركية؛ مما أدى إلى تمديد صافي الشراء للأسبوع الرابع على التوالي، لكنهم سحبوا 1.17 مليار دولار و267 مليون دولار من صناديق الأسهم في آسيا وأوروبا على التوالي.

وشهد القطاع المالي طلباً قوياً؛ إذ استقطب مشتريات صافية بقيمة 2.65 مليار دولار، مسجلاً التدفقات الأسبوعية الخامسة على التوالي. كما اشترى المستثمرون صناديق السلع الاستهلاكية التقديرية والتكنولوجيا والصناعات بمبالغ كبيرة بلغت 1.01 مليار دولار و807 ملايين دولار و778 مليون دولار على التوالي.

وشهدت صناديق السندات العالمية تدفقات للأسبوع التاسع والأربعين على التوالي؛ إذ ضخ المستثمرون 8.82 مليار دولار في هذه الصناديق.

وحصلت صناديق السندات للشركات على تدفقات صافية بلغت 2.16 مليار دولار، وهي أكبر تدفقات أسبوعية في أربعة أسابيع. وشهدت صناديق السندات الحكومية وصناديق تجميع القروض عمليات شراء ملحوظة؛ إذ بلغ صافي التدفقات الداخلة 1.9 مليار دولار و1.34 مليار دولار على التوالي.

وفي الوقت نفسه، قام المستثمرون ببيع 12.87 مليار دولار من صناديق سوق النقد، وهو ما يمثل الأسبوع الثاني على التوالي من المبيعات الصافية. وسجلت صناديق الذهب والمعادن الثمينة تدفقات صافية بقيمة 538 مليون دولار، وهو ما يمثل التدفق الأسبوعي الرابع عشر في 16 أسبوعاً.

وأظهرت البيانات أن صناديق الأسهم خرجت من دائرة الاهتمام للأسبوع الخامس على التوالي مع صافي مبيعات بلغ نحو 4.3 مليار دولار. كما سحب المستثمرون 2.58 مليار دولار من صناديق السندات، مسجلين بذلك الأسبوع السادس على التوالي من المبيعات الصافية.