احتجاجات معيشية في السويداء... والنظام يكرر وعوده

عودة الهدوء إلى بلدة المزرعة بعد نزاع مع عشائر

الاحتجاجات المعيشية على الطريق المحورية وسط مدينة السويداء (الشرق الأوسط)
الاحتجاجات المعيشية على الطريق المحورية وسط مدينة السويداء (الشرق الأوسط)
TT

احتجاجات معيشية في السويداء... والنظام يكرر وعوده

الاحتجاجات المعيشية على الطريق المحورية وسط مدينة السويداء (الشرق الأوسط)
الاحتجاجات المعيشية على الطريق المحورية وسط مدينة السويداء (الشرق الأوسط)

قطع عشرات من المحتجين في محافظة السويداء، الثلاثاء، طريق دمشق السويداء لليوم الثاني على التوالي، وبالقرب من بلدة حزم بريف السويداء الشمالي، والطريق المحورية الرئيسية وسط مدينة السويداء، بالإطارات المشتعلة؛ وذلك احتجاجاً على تردي الخدمات العامة في المنطقة وتدهور الأوضاع المعيشية، في حين عاد الهدوء إلى بلدة المزرعة بعد نزاع مع عشائر في المنطقة واعتقال اثنين من أبنائها.
وكانت الاحتجاجات الأخيرة قد اندلعت صباح الاثنين، وقال حمزة (وهو اسم مستعار) لشاب من قرية حزم شارك بالاحتجاجات الأخيرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما دفع المحتجين لقطع الطرقات الرئيسية هو غضبهم من سوء الأحوال الاقتصادية والأمنية، وبعث رسالة إلى الجهات المسؤولة بعد مناشدتها مرات عدة بضرورة تحسين الخدمات العامة، من شبكات المياه والكهرباء والهاتف والطرقات والمحروقات والصحة والتعليم في السويداء.
وأضاف، أن دور السلطة والحكومة في كل بلدان العالم هي تحمّل ورعاية المواطنين، لكن في سوريا لم يترك لهم الخيار إلّا اللجوء إلى الشارع، بعد احتجاجات سلمية حضارية لشعور الأهالي بتخلي الحكومة السورية عن مسؤولياتها اتجاه المواطنين. ولم تعد الأهالي تتحمل التقصير وسط أعباء ومتطلبات الحياة المعيشية المتزايدة، والغلاء الذي اكتسح كل جوانب الحياة. وأكد، أن قوات النظام السوري لم تتدخل بالاحتجاجات بعد، ولكن عناصر محلية تابعة لقوات الدفاع الوطني، حضرت يوم الاثنين وأخمدت نيران الإطارات المشتعلة التي قطع فيها المحتجين الطريق المحورية وسط مدينة السويداء لفتح الطريق. كما تلقى المحتجون وعوداً ودعوات من شخصيات اجتماعية في السويداء وعلى مستوى المحافظة، للتهدئة وتلبية احتياجاتهم في وقت قصير.
ولفت شخص آخر من المحتجين إلى تأثيرات هذه الحالة المتردية على المجتمع المحلي؛ فقد شهدت محافظة السويداء، خلال الشهرين الماضيين، هجرة أعداد كبيرة من الشباب بطرق شرعية وغير شرعية، ووصل الأمر إلى استقالة أعداد من الموظفين الشباب في الدوائر الحكومية السورية ليتمكنوا من السفر؛ بهدف العمل خارج البلاد والبحث عن حياة أفضل تحقق لهم أبسط مقومات الحياة. ومع اتساع الرغبة في السفر والهجرة، شهد مركز تسوية الأوضاع الأمنية في السويداء، إقبالاً من الراغبين من أبناء المحافظة قبل السفر، على تسوية الوضع الأمني لوجود ملاحقات ومطالب من الأفرع الأمنية بحقهم بقصد إزالتها بموجب التسوية. وقد استغل ضباط وعناصر مركز التسوية هذه الحالة، وباتوا يطلبون من الراغبين بتسوية أوضاعهم، بدفع مبالغ مالية مقابل تسريع إجراءاتهم بالحصول على التسوية الأمنية.
مصدر حكومي في السويداء، قال، إن المحتجين على الأوضاع المعيشية الصعبة، أصحاب حق، وما يدفع السوريين إلى الاحتجاج على الأوضاع المعيشية سواء بالكلمة أو بالشارع، هي فروقات بين ما كان يعيشه السوري سابقاً والحالة التي وصلت إليها سوريا اليوم بسبب الحرب التي لا تزال مستمرة، وهذه الحالة هي من تكلفة ومخلفات سنوات الحرب، لا سيما على المواطنين بالدرجة الأولى والدولة.
واعتبر مسؤول تحرير «شبكة السويداء24» ريان معروف، في مداخلة مع «الشرق الأوسط»، أن مناطق عدة في محافظة السويداء شهدت مؤخراً احتجاجات متفرقة، طالب فيها الأهالي بتحسين الواقع الخدمي، بعد تدهور الخدمات العامة في المحافظة، مثل المياه والكهرباء والصحة وحتى التعليم، وما زاد رقعة الاحتجاجات المعيشية في المحافظة، أو ما يدفع إلى استمرارها، غياب أي حلول أو مبادرات من الحكومة، لتخفيف وطأة تردي الأوضاع المعيشية والخدمات، وسط وعود حكومية تطلق دائماً بتحسين الواقع، ويبقى الأمل معقوداً على تحمل المواطن السوري هذا الواقع فقط. فمنذ شهر فبراير (شباط) الماضي، تلاشت خدمات القطّاعات الخدمية في السويداء، بعد اتخاذ الحكومة السورية سلسلة إجراءات تقنينية، مثل تخفيض توريدات المحروقات، والكهرباء؛ ما انعكس على الخدمات كافة في المحافظة.
في سياق آخر، شهدت بلدة المزرعة في ريف السويداء الغربي، استنفاراً لمسلحين من أبناء العشائر التي تسكن الحي الشمالي من البلدة، بعد أن قامت مجموعة محلية مسلحة يقودها ليث البلعوس باعتقال اثنين من أبناء العشائر، وإسعاف أحدهما إلى المشفى الوطني نتيجة تعرضه للضرب بعد الاعتقال، وبقاء الثاني محتجزاً لدى المجموعة المسلحة.
في آن آخر، أطلق مسلحون من الحي الشمالي في بلدة المزرعة، العيارات النارية، وسط تجمع أعداد من أبناء العشائر بعد الحادثة في حالة غضب، جراء احتجاز الشابين. وقالت مصادر محلية، إن مجموعة ليث البلعوس في بلدة المزرعة احتجزت اثنين من أبناء العشائر بقضية مقتل ابن عمه حمزة البلعوس، وخليل الزاعور، أثناء محاولتهما قطع الأشجار من حرش اللجاة شمال غربي السويداء قبل أسبوع. هذا، وقد نفت عشائر بلدات المزرعة والبستان في السويداء، علاقتها بالحادثة وبالعشائر الموجودة في منطقة حرش اللجاة. ووسط تدخلات ومساعٍ من وجهاء العشائر في السويداء وشخصيات دينية من المحافظة، عاد الهدوء إلى البلدة، مع أنباء عن توافق على مطالب عدة بين الطرفين.


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
TT

«قرار متسرع وغير مسؤول»... غضب في إسرائيل تجاه اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان

إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)
إسرائيليون يقومون بمعاينة موقع استهدفته صواريخ «حزب الله» في تل أبيب وأدت إلى أضرار بالمنازل والسيارات (أرشيف - أ.ف.ب)

دخل وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية حيز التنفيذ، في وقت مبكر من صباح اليوم الأربعاء، بعد أن وافق الجانبان على اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، في انتصار نادر للمساعي الدبلوماسية في منطقة تعصف بها الحرب منذ أكثر من عام.

وقد قدَّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الاتفاق، في سياق ما قال إنها «إنجازات غير مسبوقة» حققتها إسرائيل، على مدار العام الماضي، من حرب على سبع جبهات.

وقال إن إسرائيل أعادت «حزب الله» عشرات السنين إلى الوراء، وأنه لم يعد الجماعة نفسها التي كان عليها من قبل، وفق شبكة «بي بي سي» البريطانية.

وأشار نتنياهو إلى أن وقف إطلاق النار أيضاً سيسمح لإسرائيل «بالتركيز على التهديد الإيراني»، مؤكداً أن بلاده ستحتفظ بالحرية العسكرية الكاملة لمواجهة أي تهديد جديد من «حزب الله».

ولا يريد أي من الجانبين أن يُنظَر إلى اتفاق وقف إطلاق النار هذا بوصفه استسلاماً منهما.

إلا أن منافسي نتنياهو السياسيين، بل بعض حلفائه أيضاً، ينظرون إلى الاتفاق على أنه «استسلام بالفعل».

وأشار استطلاع للرأي، أُجريَ أمس، إلى أن أكثر من 80 في المائة من قاعدة دعم نتنياهو تُعارض الاتفاق، وأن السكان في شمال إسرائيل، الذين جرى إجلاء أعداد كبيرة منهم من منازلهم بسبب الضربات التي شنها «حزب الله» بالمنطقة، غاضبون أيضاً.

وعلى المستوى الداخلي في إسرائيل، كان هناك انقسام شديد بشأن الاتفاق. فقد أظهر أحد استطلاعات الرأي أن 37 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار، و32 في المائة يعارضونه، و31 في المائة لا يعرفون أن هناك اتفاقاً من الأساس.

وقالت شيلي، وهي معلمة لغة إنجليزية في بلدة شلومي، إن وقف إطلاق النار كان «قراراً سياسياً غير مسؤول، ومتسرعاً».

من جهتها، قالت رونا فالينسي، التي جرى إجلاؤها من كيبوتس كفار جلعادي بشمال إسرائيل، في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، إنها تريد العودة إلى ديارها، وأن وقف إطلاق النار ضروري، لكن فكرة عودة السكان اللبنانيين إلى القرى القريبة من كفار جلعادي، مثل قرية العديسة اللبنانية، أعطتها «شعوراً بالقلق والخوف».

وأضافت: «الشيء الوحيد الذي أستطيع أن أتمناه هو ألا يتسلل (حزب الله) إلى مثل هذه القرى القريبة ويبني شبكة جديدة له هناك».

وتابعت: «لا يوجد شيء مادي حقيقي يمكن أن يجعلني أشعر بالأمان إلا محو هذه القرى تماماً، وعدم وجود أي شخص هناك».

وقالت «بي بي سي» إنها تحدثت إلى كثير من سكان إسرائيل يرون أن على نتنياهو مواصلة الحرب في لبنان، ويتساءلون: لماذا يوقّع رئيس الوزراء، الذي تعهّد بمواصلة القتال في غزة حتى «النصر الكامل»، على وقف لإطلاق النار في لبنان؟!

وعارض وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير الاتفاق، ووصفه بأنه «خطأ تاريخي».

وكتب بن غفير، في منشور على موقع «إكس» يشرح فيه معارضته الاتفاق: «هذا ليس وقف إطلاق نار، إنه عودة إلى مفهوم الهدوء مقابل الهدوء، وقد رأينا بالفعل إلى أين يقود هذا». وتوقَّع أنه «في النهاية سنحتاج مرة أخرى إلى العودة للبنان».

وعلى النقيض، أكد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن «هذا الاتفاق ربما يضمن أمن إسرائيل للأبد».