اعترف كبار الضباط في الشرطة الإسرائيلية، بأن «وحدة سيف»، التي أنشئت قبل أكثر من عام لغرض «القضاء على الجريمة المنظمة في المجتمع العربي، فشلت في مهمتها، ولم تتمكن من إحباط ولو حتى جريمة قتل واحدة». ومن تصريحات أدلى بها هؤلاء الضباط، يسود الشعور بأن قرار إنشائها لم يؤخذ بالجدية اللازمة، بل تحولت هذه الوحدة إلى «ملجأ للضباط الذين لا يمكن العثور لهم على وظيفة في وحدات أخرى».
وأكد هؤلاء الضباط، أن القيادة استخدمت «وحدة سيف» كرافعة لمنح الرتب للضباط. وقال مقربون من وزير الأمن الداخلي عومر بارليف: «إن هذه الوحدة أقيمت لأغراض سياسية ولكنها فائضة عن الحاجة منذ اللحظة الأولى، ولا ضرورة لها».
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، نفتالي بنيت، قد أعلن عن تأسيس هذه الوحدة في أغسطس (آب) الماضي في أعقاب تفاقم أزمة العنف في المجتمع العربي، وبعد أن وضع النواب العرب في الكنيست (البرلمان) معالجة الجريمة شرطاً لدعم الائتلاف الحكومي. وقررت الحكومة في حينه، تخصيص مبلغ 5 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) لمهمة «إحباط الجريمة في المجتمع العربي وإعادة الأمن إلى شوارع المدن والقرى». وقرر المفتش العام للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، تعيين اللواء جمال حكروش لرئاسة هذه الوحدة، «باعتباره ابن المجتمع العربي ويفهم أكثر من غيره من الضباط ماذا يدور في محيطه العربي».
وبعد سنة من ذلك الوقت، يتضح أن الجريمة في المجتمع العربي ما زالت متفاقمة، والأمن الشخصي للمواطنين ينهار، وعدد القتلى من جراء الجرائم بلغ في سنة 2022 التي لم تنته بعد، 76 مواطناً عربياً، مقابل مقتل 84 شخصاً في الفترة نفسها من العام السابق. وعزا مسؤولون في الشرطة سبب فشل «وحدة و«وحدة سيف «سيف» في المهمة المنوطة بها، إلى كونها «فاقدة للصلاحيات اللازمة». ويرى قادة في الشرطة تحدثوا لصحيفة «هآرتس» أن الوحدة «فقدت السيطرة».
وكانت بداية الانهيار عندما قامت صحيفة «هآرتس» بالكشف عن شريط تصوير يظهر فيه جمال حكروش، رئيس «وحدة سيف» وهو يفر من مكان وقوع جريمة أمام ناظريه. فقد تم قتل الشاب غازي أمارة، ابن بلد حكروش (كفركنا)، داخل متجر لبيع مواد البناء. وكان الضابط يجلس في المكتب. وقد تم تصويره وهو يقفز فوق جثة الشاب الممددة في الموقع. واضطر حكروش إلى الاستقالة ليس فقط من المنصب بل من الشرطة برمتها. ثم شهدت الوحدة موجة استقالات لكبار المسؤولين فيها، شملت ثلاثة ضباط على الأقل كان آخرهم رئيس قسم العمليات في الوحدة، آساف دورون، الذي تولى مهام منصبه في مارس (آذار) الماضي.
وأشارت «هآرتس» إلى أنه منذ استقالة حكروش، تم تعيين الضابط نيتان بوزنيه خلفاً له. واكتسب الأخير خبرته في التعامل مع المجتمع العربي خلال عمله كقائد لمنطقة النقب، علماً بأنه متورط في أحداث إخلاء قرية أم الحيران في يناير (كانون الثاني) 2017 التي استشهد خلالها المربي يعقوب أبو القيعان، في جريمة تجنبت الشرطة إجراء تحقيق داخلي جدي فيها. واتهمت الضحية واعتبرته «مخرباً إرهابياً حاول دهس رجال الشرطة فحيدوه»، لكن شواهد كثيرة دلت على تورط عناصر الشرطة وضباطها في جريمة قتله.
ولفت تقرير «هآرتس» إلى أن التعيينات في «وحدة سيف»، تقوم عادة على رغبة الضباط في رفع مستوى رتبهم، والحصول على وظيفة جديدة، الأمر الذي يخلق نوعاً من البلبلة في جهاز الشرطة، وسط تضارب في الصلاحيات الموكلة للوحدة وأقسامها وشعبها، وبين وحدات أخرى في الشرطة من بينها، المنظومات الاستخباراتية، والوحدات المركزية التي تعمل كذلك على القضاء على الجريمة في المجتمع العربي.
ونقلت الصحيفة عن أحد الضباط قوله إن «هذا القسم فائض عن الحاجة منذ اللحظة الأولى. قائد محطة لا يحتاج قسماً كاملاً لإبلاغه أن هناك خلافاً بين عائلتين، هو يعرف ذلك بنفسه»، وأشار المسؤول إلى تضارب بين الصلاحيات الممنوحة للقسم، والصلاحيات الموكلة لأقسام أخرى تابعة للمقر المركزي للشرطة الإسرائيلية، الأمر الذي يخلق بلبلة في الجهاز ويقلل من نجاعة عملياته.
ورغم الوعودات والإعلانات والتصريحات الرسمية الصادرة عن مسؤولين في الحكومة وفي أجهزة إنفاذ القانون، لا تزال معدلات حل الجرائم في المجتمع العربي وتقديم مشتبهين للقضاء، منخفضة للغاية، إذ لا تتعدى الـ19 في المائة، مقارنة بـ70 في المائة في المجتمع اليهودي، وسط غياب مخطط واضح للاستراتيجيات والأهداف الرسمية الموضوعة بشأن إحباط الجريمة المنظمة في المجتمع العربي.
ورغم الانتقادات، تصر الشرطة على ضرورة استمرار عمل «وحدة سيف»، وتدعي أنه ما زال من السابق لأوانه الحكم على أدائها.
الشرطة الإسرائيلية تعترف بفشل خطتها لمكافحة العنف في المجتمع العربي
ارتفع معدل الجرائم بدل أن ينخفض... و«وحدة سيف» لا لزوم لها
الشرطة الإسرائيلية تعترف بفشل خطتها لمكافحة العنف في المجتمع العربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة