ميركل تتجه للفوز بولاية ثالثة لكنها قد تغير شركاءها

تملك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظوظا قوية للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات التشريعية المقررة غدا لتصبح بذلك أول زعيمة أوروبية بارزة تحتفظ بمنصبها رغم الأزمة المالية، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحدي الإبقاء على ائتلافها الحالي. وحث منافس ميركل بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، بيير شتاينبروك، ال...
تملك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظوظا قوية للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات التشريعية المقررة غدا لتصبح بذلك أول زعيمة أوروبية بارزة تحتفظ بمنصبها رغم الأزمة المالية، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحدي الإبقاء على ائتلافها الحالي. وحث منافس ميركل بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، بيير شتاينبروك، ال...
TT

ميركل تتجه للفوز بولاية ثالثة لكنها قد تغير شركاءها

تملك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظوظا قوية للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات التشريعية المقررة غدا لتصبح بذلك أول زعيمة أوروبية بارزة تحتفظ بمنصبها رغم الأزمة المالية، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحدي الإبقاء على ائتلافها الحالي. وحث منافس ميركل بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، بيير شتاينبروك، ال...
تملك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظوظا قوية للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات التشريعية المقررة غدا لتصبح بذلك أول زعيمة أوروبية بارزة تحتفظ بمنصبها رغم الأزمة المالية، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحدي الإبقاء على ائتلافها الحالي. وحث منافس ميركل بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، بيير شتاينبروك، ال...

تملك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظوظا قوية للفوز بولاية ثالثة في الانتخابات التشريعية المقررة غدا لتصبح بذلك أول زعيمة أوروبية بارزة تحتفظ بمنصبها رغم الأزمة المالية، لكنها تواجه في الوقت ذاته تحدي الإبقاء على ائتلافها الحالي.
وحث منافس ميركل بالحزب الاشتراكي الديمقراطي، بيير شتاينبروك، المنتمي إلى تيار يسار الوسط وصاحب الخبرة الواسعة في الحكومات الإقليمية في البلاد، حزبه على استغلال ما يقول إنه انهيار للدعم المقدم إلى المستشارة وتحالف الديمقراطيين المسيحيين. وقال شتيانبروك لحشد من الناس في ميدان ألكسندر، في برلين: «خلال ثلاثة أيام، يمكنك التخلص منهم!». واتهم شتيانبروك الائتلاف الذي ترأسه ميركل بأنه «أكثر الحكومات المثيرة للجدل وعديمة النفع والرجعية» في تاريخ ألمانيا الحديثة. واعتبر شتاينبروك أن المستشارة لم تقدم أي توجه واضح المعالم على مدى الأعوام الأربعة المنصرمة بل «تفضل الدوران في حلقات مفرغة كنمر محبوس في قفص بحديقة حيوان برلين». وأظهر استطلاع للرأي نشر الخميس أن ائتلاف ميركل يتمتع بنسبة أصوات محدودة قبل انتخابات الأحد. وبحسب استطلاع عبر الهاتف لشبكة «زد دي إف» التلفزيونية الحكومية، يحظى حزب المستشارة المنتمي لتيار يمين الوسط بتأييد نسبة 40 في المائة من الأصوات، بينما يؤيد شركاءها، الديمقراطيين الأحرار أصحاب العقلية التجارية، نسبة 6 في المائة من الأصوات. ويحظى «الحزب الاشتراكي الديمقراطي»، المنتمي إلى تيار يسار الوسط بتأييد 27 في المائة من الناخبين، بينما يحظى شركاؤهم المفضلون، «الخضر»، على نسبة 9 في المائة من الأصوات. وتعكس هذه النتائج أفكار 1369 شخصا قدموا آراءهم يومي الثلاثاء والأربعاء.
وأظهر استطلاع آخر للرأي أجري لصحيفة «بيلد تسايتونغ» أن حزب ميركل يحظى بتأييد 38 في المائة من الناخبين، وأن «الحزب الديمقراطي الحر» يحظى بتأييد 6 في المائة منهم. وتوافق الدعم المقدم إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، مع استطلاع «زد دي إف»، بحصول حزب «الاشتراكي الديمقراطي» على 28 في المائة من الأصوات، وحزب «الخضر» على 8 في المائة من الأصوات. وحصل حزب «البديل لألمانيا»، الذي يرفض اليورو، على نسبة 5 في المائة، مقارنة بنسبة 4 في المائة في استطلاع «زد دي إف»، متجاوزا عتبة 5 في المائة، الأمر الذي ربما يجعله يدخل البرلمان بشكل مفاجئ. ويلخص هذا الاستطلاع آراء 2248 ناخبا جرى أخذ آرائهم من الأحد إلى الأربعاء.
واستبعد كل من الحزبين الرئيسين، اللذين يؤكدان أن مستقبل ألمانيا متركز داخل أوروبا، تشكيل ائتلاف مع حزب «البديل لألمانيا». وإذا لم يدخل الحزب المعارض لليورو البرلمان، فربما يقلل من عدد المقاعد التي يحصل عليها ائتلاف ميركل، على نحو يجبرها على تشكيل ائتلاف كبير مع «الحزب الديمقراطي الحر». وهذا من شأنه أن يتوافق مع الائتلاف الذي حكم في فترتها الأولى، حين كان شتاينبروك يشغل منصب وزير المالية، ووجه الاثنان معا ألمانيا خلال الأزمة المالية عام 2008. وهذا ربما يجعل شتاينبروك لاعبا بارزا في المرحلة المقبلة من قيادة ألمانيا، سواء فاز حزبه أو خسر.
وأشار شتاينبروك، 66 عاما، إلى أنه لن يكون جزءا من ائتلاف كبير آخر. لكن يتضح جليا أنه قد يروق له أن يكون جزءا من التفاوض حول أي برنامج يمكن أن يناقشه الحزبان الكبيران بشكل موسع.
وفي ظل الغموض السائد حول نتائج الانتخابات، يحبس الاتحاد الأوروبي أنفاسه، ومن المرجح أن ينتظر بضعة أشهر أخرى قبل أن يعرف إلى أين سيروق لبرلين أن تقود القارة المثقلة بالمشكلات.
اعتبر شتاينبروك، السياسي الذكي والمتبجح في بعض الأحيان، بديلا قويا لميركل، 59 عاما، حين أعلن ترشحه لمنصب المستشارية قبل عام مضى. ومع ذلك، بدأ يعاني من عثرات، أولا بسبب الكشف عن معلومات مفادها أنه تلقى مبلغا قيمته 1.7 مليون دولار نظير أحاديث وكتابات، ثم بشأن ما إذا كان الساسة قد حصلوا على مقابل كاف، وبعدها حول اقتراح مفاده أنه لن يشتري مطلقا نبيذا رخيصا.
كان حزبه، الذي ما زال منقسما بشأن إرث من إصلاحات العمالة والخدمة الاجتماعية التي بدأها حين تولى السلطة آخر مرة في ظل حكم المستشار السابق غيرهارد شرودر، بطيئا في إطلاق حملته. فحتى أواخر يوليو (تموز)، بدا شتاينبروك أشبه بملاكم متردد على الحلبة. ومنذ مناظرته التلفزيونية الوحيدة مع ميركل في 1 سبتمبر (أيلول)، والتي ظهر فيها وكأنه يمكن أن يصبح مستشارا، استمر شتاينبروك في تنظيم الحملات بحماسة. اقتحم سباق الحملات الانتخابية باستراتيجية تعرف باسم «الحديث السلس»، والتي فيها يجلس المواطنون حوله، بينما يستعرض أسئلتهم المكتوبة – التي يجري انتقاؤها عبر وسيط، ولكنها لا تكون معدة مسبقا.
يملك شتاينبروك، الذي حكم من قبل أكبر ولايات ألمانيا في تعداد السكان، وهي شمال الراين - ويستفاليا، حس دعابة برز بشكل قوي في الحملات الانتخابية. «سأبدأ بالرد على أسئلتكم، وبعدها أعتقد أنه سيأتي خطاب الانتخاب الذي مدته 120 دقيقة، وسوف أقرأه لجعله مملا بدرجة أكبر».. هذا ما قاله حين اعتلى المنصة ذات مساء في ميونيخ الأسبوع الماضي، مع وجود 1500 من أنصاره.
وقد وجه بشكل متكرر اتهامات لوسائل الإعلام الإخبارية بكتابة نعيه السياسي مقدما، مذكرا محاورا تلفزيونيا يوم 30 أغسطس (آب) بأنه في لعبة كرة القدم، التي تعتبر هواية وطنية هنا، «ليس المهم أول 20 دقيقة، بل آخر 10 دقائق»، في تحديد من يفوز. ويضيف: «إنني مندهش من عدد الأشخاص العاملين في مهنتك ممن قد كتبوا بالفعل تعليقاتهم الجاهزة».
أصبح شتاينبروك موضوعا وطنيا للأحاديث نهاية الأسبوع الماضي عندما أظهرته مجلة «زود دويتشه تسايتونغ» يرفع أصبعه الأوسط ردا على الأسماء المستعارة غير اللطيفة التي نسبت إليه خلال الحملة. وتعود الصورة إلى نهاية يوليو، حين كان شتاينبروك متأخرا بنسبة كبيرة عن ميركل في استطلاعات الشعبية الشخصية. ولا يزال متأخرا عنها حتى الآن ولكن بنسبة أقل.
يرى كثير من الألمان أنهم حتى لو لم يوافقوا على جميع سياسات يمين الوسط الخاصة بميركل، فإنهم يعتقدون أنها قامت بعمل جيد يتمثل في قيادة الأمة نحو التقدم النسبي في أوروبا والتعامل مع أزمة اليورو وخفض معدل البطالة.
ومنذ أن ظهر شركاء ميركل، «الديمقراطيون الأحرار»، بشكل سيئ في انتخابات ولاية بافاريا يوم الأحد الماضي، ناشدت الناخبين بشكل مباشر، حيث ظهرت على التلفزيون الوطني في وقت متأخر من يوم الأربعاء لحث الناس على منح أصواتهم – إلى كل من مرشحي المنطقة وقوائم الحزب – لها والديمقراطيين المسيحيين. وهي توضح للألمان أن هذه هي الوسيلة الوحيدة لضمان بقائها في السلطة.
* خدمة «نيويورك تايمز»



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.