مشروع أنبوب الغاز النيجيري ـ المغربي يتحرك سريعاً للخروج إلى حيز الوجود

يرتقب أن يجذب اهتمام أوروبا باعتباره أحد أبرز بدائل الغاز الروسي

من حفل توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب و«إكواس» (الشرق الأوسط)
من حفل توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب و«إكواس» (الشرق الأوسط)
TT

مشروع أنبوب الغاز النيجيري ـ المغربي يتحرك سريعاً للخروج إلى حيز الوجود

من حفل توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب و«إكواس» (الشرق الأوسط)
من حفل توقيع مذكرة تفاهم بين المغرب و«إكواس» (الشرق الأوسط)

مع اشتداد أزمة الغاز في أوروبا بسبب اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، بدأت الأنظار تتجه إلى المشروع الضخم لنقل غاز نيجيريا إلى أوروبا عبر المغرب، وهو المشروع الذي جرى الاتفاق عليه بين العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس النيجيري محمد بوخاري في 2016، وبدأ يتحرك خطوات إلى الأمام، حيث جرى التوقيع على اتفاقيات لتمويل الدراسات الأولية، كما اتخذت خطوات لإخراجه إلى حيز الوجود.
وفي الخميس الماضي جرى في الرباط التوقيع على مذكرة تفاهم بين المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) وجمهورية نيجيريا الاتحادية، والمملكة المغربية تتعلق بمشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا. وقالت أمينة بنخضرة، المديرة العامة للمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن (مؤسسة عمومية مغربية لتدبير قطاع المعادن والهيدروكاربورات)، عقب التوقيع على مذكرة التفاهم: «اليوم سنمر إلى مرحلة جد مهمة لأنها تؤكد دعم الدول الأفريقية الـ14 للمشروع». مبرزة أن المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا «أسهمت في تتبع الدراسات حول المشروع، لكن بتوقيع الاتفاقية اليوم فإنهم يؤكدون أنهم سيسهمون في جميع المراحل الأخيرة للتنفيذ».
المشروع سيكون مفيداً للدول الأفريقية التي سيمر منها، وهي 13 دولة، إضافة إلى كونه سيشكل مصدراً مهماً للطاقة لأوروبا.
وترى بنخضرة أن المشروع من شأنه إعطاء أفريقيا تموقعاً أفضل، ويسهم في ربطها بالقارة الأوروبية. كما سيسهم في تنمية المنطقة، والولوج إلى الكهرباء والطاقة المستدامة، وسيساعد على تطوير الاقتصاد، ومساعدة كل البلدان التي سيمر منها أنبوب الغاز في تطوير مؤهلاتها المعدنية والصناعية. كما أن هذه البنية التحتية ستمكن من تزويد الدول غير الساحلية، مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي، بالغاز النيجيري، وسيسهم ذلك حسب بيان مشترك في تحسين مستوى معيشة السكان، وتكامل اقتصادات المنطقة، وتخفيف حدة التصحر بفضل التزويد المستدام والموثوق به من الغاز.
وكان واضحاً من خلال البيان المشترك التزام المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بالمساهمة في تفعيل مشروع أنبوب الغاز، الرابط بين نيجيريا والمغرب، وجاء فيه أنه «بمجرد اكتمال المشروع سيوفر الغاز لجميع دول غرب أفريقيا، وسيشكل أيضاً محور عبور جديداً للتصدير إلى أوروبا». وأوضح أنه سيتم تركيب خط أنبوب الغاز على طول ساحل غرب أفريقيا، وصولاً إلى المغرب، وسيتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي - الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية.
جاء ذلك بعد أن صادقت نيجيريا في يونيو (حزيران) الماضي على دخول شركة البترول الوطنية النيجيرية في اتفاقية مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، من أجل بناء خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب، علماً بأن المشروع حظي بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية، خصص لدراسة التصميم الهندسي لمشروع خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب.
ويعد التصميم الهندسي الأمامي بالغ الأهمية لهذا المشروع الاستراتيجي لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي فيه بحلول سنة 2023، وسيتولى أيضاً دراسة وتقييم الأثر البيئي والاجتماعي لضمان امتثال المشروع لجميع المعايير البيئية والاجتماعية المحلية والدولية، وتطوير الأراضي التي سيمر منها بالاتفاق مع جميع البلدان المعنية. وحسب الاتفاقية المبرمة بين المغرب ونيجيريا، سيتقاسم البلدان تكلفة مشروع الدراسة التي تقدر بنحو 90.1 مليون دولار، حيث سيدعم البنك الإسلامي للتنمية المساهمة المغربية بمبلغ يصل إلى 15.45 مليون دولار في إطار «خدمة إجارة». أما بالنسبة للمساهمة النيجيرية فقد وافق البنك على تمويل قدره 29.75 مليون دولار، وهو ما يجعل مساهمة البنك تصل إلى 50 في المائة من التكلفة الإجمالية لدراسة التصميم الهندسي الأمامي للمشروع.
وسيمتد مشروع خط الغاز المغربي - النيجيري الضخم على طول 5660 كيلومتراً، ويمر بـ13 دولة بما فيها نيجيريا والمغرب، وهذه الدول هي بنين وتوغو وغانا، وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو، وغامبيا والسنغال وموريتانيا.
وباستثناء موريتانيا، فإن جميع الدول الأخرى تنتمي بمعية نيجيريا إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ويشكل الاستقرار السياسي في مجموع هذه الدول عاملاً أساسياً لنجاح المشروع. وتقدر التكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 30 مليار دولار، وفقاً لتقديرات أولية.
ويظهر حسب تصريحات سابقة لوزير النفط النيجيري، تيميبري سيلفا، أن هناك العديد من الممولين الدوليين يبدون اهتماماً بالمشروع، حيث قال إن «هناك اهتماماً دولياً كبيراً، لكننا لم نحدد بعد المستثمرين الذين نريد العمل معهم». ويرتقب أن يجذب المشروع اهتمام أوروبا للمشاركة في تمويله وتسريعه، باعتباره أحد أبرز البدائل للغاز الروسي.
وفيما يعرف مشروع خط الأنابيب المغربي - النيجيري تقدماً، يلاحظ أن مشروعاً آخر لنقل الغاز من نيجيريا إلى الجزائر ما زال متعثراً، رغم أن هذا المشروع انطلق منذ 2002، ورغم قدم المشروع كفكرة، فإنه لم ينفذ بسبب عدة إكراهات، وحتى الدراسات بشأنه لم تتقدم كثيراً مقارنة مع الأنبوب المغربي - النيجيري.
ويفترض أن يمتد أنبوب الغاز الجزائري - النيجيري على مسافة 4 آلاف كيلومتر أي أقل من حيث المسافة من الأنبوب المغربي - النيجيري، ويمتد من نيجيريا وصولاً إلى الجزائر عبر دولة واحدة هي النيجر.
ورغم عودة الحديث عن المشروع في 2009 فإنه لم تتخذ خطوات جدية لتنفيذه، ليس فقط بسبب مشكلة التمويل، ولكن أيضاً بسبب انعدام الاستقرار الأمني في المنطقة الشاسعة بين الجزائر والنيجر، ذلك أن الحدود بين الجزائر والنيجر كانت مغلقة منذ سنوات بسبب سوء الوضع الأمني، ولم تفتح إلا في عام 2021، كما أن الأنبوب مخطط له أن يمر عبر مناطق صحراوية شاسعة غير آمنة، ما يجعله عرضة للتهديد من قبل الجماعات الإرهابية الموجودة في تلك المناطق، خصوصاً في شمال مالي.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

رغم الحديث عن تراجع الإصابات... الكوليرا تحصد الأرواح في الجزيرة السودانية

أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
TT

رغم الحديث عن تراجع الإصابات... الكوليرا تحصد الأرواح في الجزيرة السودانية

أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)
أطفال نازحون من ولاية الجزيرة في أحد مراكز النزوح في حلفا الجديدة بالسودان (رويترز)

لم تجد عائلة سودانية ابتليت بإصابة إحدى نسائها بالكوليرا سوى سرير منزلي لنقلها إلى مستشفى قريب في ولاية الجزيرة وسط السودان في ظل فشلها في الحصول على محفة طبية، مع استمرار معاناة المنطقة من قطع الطريق والحصار المفروض منذ أشهر بسبب انتشار «قوات الدعم السريع» في محيطها.

وذكرت مصادر طبية أن مرض الكوليرا حصد أرواح المئات في الجزيرة بمتوسط 3 وفيات في اليوم بسبب تداعيات تأخر المصابين في الوصول للمستشفيات مع شح الوقود واستمرار حالة الانفلات الأمني في الطرق الرابطة بين قرى الولاية والمدن الكبرى التي توجد بها مستشفيات كبيرة، فضلاً عن نقص الإمداد في الأدوية والمحاليل الوريدية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتقول السلطات الصحية بولاية الجزيرة إن التدابير التي اتخذتها خلال الفترة الماضية من خلال حملات الرش والتعقيم والتثقيف الصحي أسهمت في خفض الإصابات من 300 إلى 117 في اليوم الواحد.

ونجحت مزدلفة آدم في إنقاذ حياة طفلها بصعوبة بالغة بعد إصابته بمرض الكوليرا، حيث اتخذت قراراً سريعاً بنقله إلى مستشفى المناقل الذي يبعد عن قريتها أكثر من 30 كيلومتراً.

وقالت: «فجأة ظهر له مغص، استفرغ (تقيأ) مرة واحدة. قمت بإعطائه بعض الليمون وذهبت به إلى المستوصف. قالوا إنه مصاب بالملاريا والتهاب وجرثومة».

وأضاف: «بعد أخذ العلاجات وقبل خروجي أصابه الإسهال والاستفراغ (القيء) مرة أخرى. قررت الذهاب به إلى المستشفى. عندما جئنا وبعد عمل الفحوصات قالوا إنه مصاب بالمرض ده (هذا)».

وتوقع عمار يحيى مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة في ولاية الجزيرة استمرار انخفاض عدد الإصابات في الفترة المقبلة بشكل تدريجي.

وقال: «الحالات في البدء كانت عالية ويمكن أن تصل في اليوم إلى أكثر من 300 حالة. والآن بدأت في الانخفاض التدريجي. حتى أمس الحالات الموجودة كانت 117 حالة، ومتوقع أن يحدث اليوم انخفاض كبير إلى ما يقل عن 100 حالة».

وألقى مرضى ومرافقون باللوم على وزارة الصحة الاتحادية بسبب ما اعتبروه تأخيراً في إيجاد الحلول المناسبة لإيصال الأدوية والمستلزمات الطبية خلال فترة حصار ولاية الجزيرة، ما أدى إلى توسيع دائرة انتشار المرض.

وقال الإمام بشير، رئيس قسم التمريض في مركز عزل المصابين بمرض الكوليرا في المناقل: «كانت هناك بعض الصعوبات التي واجهت الناس منها نقص المحاليل الوريدية والإمداد بشكل عام».

وأضاف: «لجأنا لمحلول معالجة الجفاف وهذا مخصص لعلاج الأعراض البسيطة. فالناس اعتمدت عليه في فترة من الفترات كلياً. بسبب قطع الطريق، الإمداد كان بسيطاً. والحمد لله الناس تخطت المرحلة دي (هذه) بس (لكن) حالياً الحالات بدأت تخف».