على الرغم من فورة النفط... نقص الدولار يخنق نيجيريا

أضرار واسعة بشركات الطيران والمستثمرين

النقص المزمن في الدولار داخل نيجيريا تسبب في أضرار بشركات الطيران وسوق الاستثمار بشكل عام (رويترز)
النقص المزمن في الدولار داخل نيجيريا تسبب في أضرار بشركات الطيران وسوق الاستثمار بشكل عام (رويترز)
TT

على الرغم من فورة النفط... نقص الدولار يخنق نيجيريا

النقص المزمن في الدولار داخل نيجيريا تسبب في أضرار بشركات الطيران وسوق الاستثمار بشكل عام (رويترز)
النقص المزمن في الدولار داخل نيجيريا تسبب في أضرار بشركات الطيران وسوق الاستثمار بشكل عام (رويترز)

ذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية، الاثنين، أن النقص المزمن في الدولار داخل نيجيريا تسبب في أضرار واسعة النطاق بشركات الطيران الكبرى العاملة في البلاد، وكذلك في سوق الاستثمار عموماً؛ خصوصاً مع فشل أكبر منتج للنفط في أفريقيا في الاستفادة من ارتفاع أسعار النفط عالمياً.
وقالت الصحيفة إن المعروض من الدولارات في نيجيريا شح هذه الأيام؛ لدرجة أن حتى شركات الطيران الدولية الكبرى تكافح لإعادة الإيرادات من مبيعات التذاكر. وأعلنت شركات أنها ستعلّق الرحلات الجوية من وإلى نيجيريا، بدءاً من سبتمبر (أيلول)، على أن تستأنف الرحلات الجوية إلى لاغوس فقط، عندما يصدر البنك المركزي 265 مليون دولار من إجمالي 464 مليون دولار تقول شركات الطيران إنها من ضمن مستحقاتها.
وأعرب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) عن خيبة أمله، بسبب ارتفاع مستحقات شركات الطيران الدولية التي تحجبها الحكومة النيجيرية، ووصلت إلى 464 مليون دولار في يوليو (تموز) الماضي.
ويقول تجار العملات والمستثمرون -حسبما أبرزت الصحيفة- إن النقص المزمن في الدولار في نيجيريا، وهو يمثل شكوى مستمرة من الشركات العاملة في البلاد، تسبب مؤخراً في أزمة كبيرة؛ خصوصاً مع الأخذ في الاعتبار أن قيمة العملة المحلية (النيرة) التي تتداول رسمياً عند 421 نيرة مقابل الدولار، انخفضت إلى 700 مقابل الدولار في السوق السوداء، مع توقعات بأنها سوف تواصل الهبوط خلال الفترة المقبلة.
وقال إيين أبويجي، وهو رائد أعمال في مجال التكنولوجيا المالية في لاغوس: «إنها حقاً عاصفة كاملة. فلم يكن بإمكان أحد توقع ذلك: انخفاض إنتاج النفط، وارتفاع الطلب على الدولار».
وعلى صعيد موازٍ، تراجعت عائدات الدولار من النفط بسبب تفشي السرقات الهائلة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج اليومي الرسمي من النفط الخام إلى 1.1 مليون برميل، وهو أقل بكثير من حصة نيجيريا لدى منظمة «أوبك» العالمية البالغة 1.8 مليون برميل في اليوم، ما دفع أنغولا الآن للتفوق على نيجيريا بوصفها أكبر منتج للنفط في أفريقيا.
وأوضحت «فايننشيال تايمز» في هذا الشأن أن دعم نيجيريا للبنزين الذي يتمتع بموجبه مالكو السيارات بواحد من أرخص أنواع الوقود في العالم (0.40 دولار للتر)، يعني أن الحكومة الفيدرالية تحصل على إيرادات أقل؛ حيث إنه كلما ارتفع سعر النفط، زادت الفجوة بين السعر الحقيقي والسعر المدعوم، ومن ثم زادت فاتورة الحكومة؛ خصوصاً أن نيجيريا عليها إنفاق ما يقدر بنحو 9.6 مليار دولار على دعم النفط هذا العام، ونحو 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ونحو 10 أضعاف المبلغ المدرج في الميزانية.
ومن ناحية الطلب، أضافت الصحيفة أن شهر أغسطس (آب) الماضي يعتبر دائماً شهراً عصيباً بالنسبة لنيجيريا؛ لأن ما يقدر بنحو 100 ألف نيجيري يحتاجون الدولارات مقابل الرسوم الدراسية في الخارج. كذلك، سارعت الأحزاب السياسية إلى الحصول على الدولارات لتوزيعها على المندوبين في الانتخابات التمهيدية الرئاسية التي عقدت في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، ما دفع الطلب والعرض إلى الخروج عن السيطرة أكثر من المعتاد.
وربما يكون محافظ البنك المركزي غودوين إميفييل اضطر إلى زيادة تعقيد المشكلة، بتحذير السياسيين من أن أولئك الذين تم القبض عليهم وهم يغيرون عملة النيرة إلى دولارات في السوق السوداء سيتم اعتقالهم.
وتابعت بأن انهيار النيرة جعل الواردات أكثر تكلفة، ما أدى إلى ارتفاع التضخم الذي وصل إلى أعلى مستوى في 17 عاماً عند 19.6 في المائة في يوليو الماضي، وأجبر البنك المركزي على رفع أسعار الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس إلى 14 في المائة منذ مايو، فضلاً عن مساعيه لإعطاء الأولوية لتوفير الدولارات لمجالات الاقتصاد، مثل الزراعة التي تعتبرها الدولة ذات أولوية قصوى. ففي العام الماضي، توقف البنك عن بيع الدولارات إلى مشغلي مكاتب الصرافة، لحماية احتياطياته المحدودة البالغة 38 مليار دولار، ما أدى إلى مزيد من المخاوف داخل الأسواق.
وحول هذا الملف، قال أبويجي: «السوق السوداء في نيجيريا أصبحت بمثابة سوق حرة. فالنيجيريون الذين يحتاجون إلى الدولارات لأشياء مهمة مثل الرسوم المدرسية، يجب أن يستخدموا السوق الموازية بدلاً من تلقي ما يتم دعمه فعلياً بالدولار بالسعر الرسمي».
وأفادت الصحيفة البريطانية أخيراً، بأن سنوات من نقص الاستثمار في البنية التحتية النفطية في نيجيريا أدت إلى تراجع الإنتاج، مما يعني أن نيجيريا لم تستفد من ارتفاع أسعار النفط الناتج عن الأزمة العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، كذلك، تسببت معدلات سرقة النفط الخام على نطاق واسع، والتي قدرت شركة البترول الوطنية النيجيرية خسائرها بنحو 400 ألف برميل يومياً، في خفض الإنتاج.
كما تراجعت مصادر نيجيريا الأخرى لعائدات النقد الأجنبي. وكان الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2021 أقل بقليل من 700 مليون دولار، انخفاضاً من 3.1 مليار دولار سُجلت في بداية ولاية الرئيس محمد بخاري في عام 2015.


مقالات ذات صلة

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

العالم المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

كشفت موجة المعلومات المضللة التي تستهدف حاليا لجنة الانتخابات وقضاة المحكمة العليا في نيجيريا، وهما الجهتان المسؤولتان عن الفصل في الانتخابات الرئاسية، عن تشويه سمعة المؤسسات في أكبر بلد في إفريقيا من حيث عدد السكان، وفقا لخبراء. في حين أن الانتخابات في نيجيريا غالبا ما تتميز بشراء الأصوات والعنف، فإن الإخفاقات التقنية والتأخير في إعلان النتائج اللذين تخللا انتخابات 25 فبراير (شباط)، أديا هذه المرة إلى انتشار المعلومات المضللة. وقال كيمي بوساري مدير النشر في منظمة «دوبابا» لتقصّي الحقائق إن تلك «مشكلة كبيرة في نيجيريا... الناس يسخرون من تقصّي الحقائق.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
العالم 8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

تمكنت 8 تلميذات خطفن على طريق مدرستهنّ الثانوية في شمال غربي نيجيريا من الإفلات من خاطفيهن بعد أسبوعين، على ما أعلنت السلطات المحلية الأربعاء. وأفاد صامويل أروان مفوض الأمن الداخلي بولاية كادونا، حيث تكثر عمليات الخطف لقاء فدية، بأن التلميذات خطفن في 3 أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (كانو)
الاقتصاد هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

بينما يعاني الاقتصاد النيجيري على كل المستويات، يستمر كذلك في تكبد خسائر تقدر بمليارات الدولارات نتيجة سرقة النفط الخام.

العالم مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

يبدو مخيم الحج للوهلة الأولى شبيهاً بسائر مخيمات النازحين في شمال نيجيريا؛ ففيه تنهمك نساء محجبات في الأعمال اليومية في حين يجلس رجال متعطّلون أمام صفوف لا تنتهي من الخيم، لكن الفرق أن سكان المخيم جهاديون سابقون أو أشخاص كانوا تحت سيطرتهم. أقنعت الحكومة العناصر السابقين في تنظيم «بوكو حرام» أو تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا بتسليم أنفسهم لقاء بقائهم أحراراً، على أمل وضع حد لحركة تمرد أوقعت عشرات آلاف القتلى وتسببت بنزوح أكثر من مليوني شخص منذ 2009. غير أن تحقيقاً أجرته وكالة الصحافة الفرنسية كشف عن ثغرات كبرى في آلية فرز المقاتلين واستئصال التطرف التي باشرتها السلطات بعد مقتل الزعيم التاريخي لحرك

«الشرق الأوسط» (مايدوغوري)
العالم «قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

«قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

أثارت تغريدات لمنصة إعلامية على موقع «تويتر» جدلاً في نيجيريا بعد أن نشرت أوراق قضية تتعلق باتهامات وُجهت من محكمة أميركية إلى الرئيس المنتخب حديثاً بولا أحمد تينوبو، بـ«الاتجار في المخدرات»، وهو ما اعتبره خبراء «ضمن حملة إعلامية تديرها المعارضة النيجيرية لجذب الانتباه الدولي لادعاءاتها ببطلان الانتخابات»، التي أُجريت في فبراير (شباط) الماضي. والاثنين، نشرت منصة «أوبر فاكتس (UBerFacts»)، التي تعرّف نفسها على أنها «منصة لنشر الحقائق الموثقة»، وتُعرَف بجمهورها الكبير على موقع «تويتر»، الذي يقارب 13.5 مليون متابع، وثائق ذكرت أنها صادرة عن محكمة أميركية (متاحة للجمهور العام) في ولاية شيكاغو، تقول


مصر: نظام ضريبي جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لجذب ممولين جدد

وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)
وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)
TT

مصر: نظام ضريبي جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لجذب ممولين جدد

وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)
وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)

أكد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، أن أولويات بلاده المالية والضريبية تُشكِّل إطاراً محفّزاً للاستثمار، ونمو القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، موضحاً أن الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تعالج بشكل عملي ومبسط تحديات كثيرة تواجه كبار الممولين وصغارهم، في مسار جديد من الثقة والشراكة والمساندة مع المجتمع الضريبي يبدأ بعودة نظام الفحص بالعينة لجميع الممولين.

وقال، في حوار مفتوح مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين، إنه سيتمّ تبسيط منظومة رد ضريبة القيمة المضافة، ومضاعفة المبالغ المسددة إلى الممولين، وتقديم حلول محفّزة لإنهاء النزاعات الضريبية بالملفات القديمة، لافتاً إلى أن الغرامات لا تتجاوز أصل الضريبة، وهناك نظام متطور للمقاصة الإلكترونية بين مستحقات ومديونيات المستثمرين لدى الحكومة؛ على نحو يُسهم في توفير سيولة نقدية لهم.

وأضاف الوزير أنه «سيتمّ قريباً جداً، إقرار نظام ضريبي مبسّط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والمهنيين حتى 15 مليون جنيه يجذب ممولين جدداً، حيث يتضمّن حوافز وإعفاءات، وتيسيرات جديدة تشمل كل الأوعية الضريبية: الدخل والقيمة المضافة والدمغة ورسم تنمية موارد الدولة، بما في ذلك الإعفاء من ضرائب الأرباح الرأسمالية وتوزيعات الأرباح والدمغة ورسوم الشهر والتوثيق أيضاً».

وأكد كجوك، التزام وزارته بتوسيع نطاق وزيادة تأثير السياسات المالية في الأنشطة الاقتصادية والإنتاجية والصناعية والتصديرية، موضحاً أنه سيتمّ صرف 50 في المائة من مستحقات المصدرين نقداً على مدار 4 سنوات مالية متتالية، بدءاً من العام الحالي بقيمة تصل إلى 8 مليارات جنيه سنوياً، ولأول مرة يتمّ سداد مستحقات المصدّرين في 2024-2025 خلال العام نفسه، وقد تمّ بدء سداد أول قسط للمصدّرين في شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

وأشار إلى أنه ستتمّ تسوية 50 في المائة من متأخرات هؤلاء المصدّرين بنظام المقاصة مع مديونيّاتهم القديمة والمستقبليّة لدى الضرائب والجمارك وشركتي الكهرباء والغاز.

وأوضح أن الشركات الصناعية تبدأ الحصول على التسهيلات التمويلية الميسّرة لدعم خطوط الإنتاج خلال الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أن الخزانة العامة للدولة تُسهم في تمويل هذه المبادرة، وتتحمّل فارق سعر الفائدة، لزيادة الطاقة الإنتاجية وتعزيز النمو الاقتصادي.

من جانبه، أكد رئيس الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين، الدكتور محرم هلال، أن الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية تُسهم في معالجة الكثير من التحديات، وتمهّد لبناء علاقة جديدة من الثقة بين مجتمع الأعمال ومصلحة الضرائب.

على صعيد آخر، عقدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رانيا المشاط، اجتماعاً افتراضياً مع نائبة المدير العام للمفوضية الأوروبية، مديرة العلاقات الاقتصادية والمالية الدولية في المفوضية والإدارات المعنية بالمفوضية الأوروبية، إيلينا فلوريس، وذلك في إطار الدور الذي تقوم به الوزارة لتنفيذ الشق الاقتصادي في إطار الشراكة الاستراتيجية المصرية - الأوروبية، والإعداد لبدء التفاوض بشأن المرحلة الثانية من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة بقيمة 4 مليارات يورو، والإجراءات المزمع تنفيذها في إطار الشق الاقتصادي الخاص بالإصلاحات الهيكلية.

وتطرّقت الوزيرة إلى المتابعة والتنسيق مع 9 جهات وطنية ووزارات، والجانب الأوروبي فيما يخص المرحلة الأولى، التي بموجبها أتاح الاتحاد الأوروبي تمويلاً ميسّراً بقيمة مليار يورو لمساندة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية المحفّزة للقطاع الخاص في مصر، موضحة أن الوزارة ستنسّق مع الجهات الوطنية والجانب الأوروبي فيما يتعلق بالشق الاقتصادي الخاص بالمرحلة الثانية، مؤكدة أن الوزارة تعمل على تعظيم العائد من ضمانات الاستثمار وتعريف الجهات الوطنية والقطاع الخاص بكيفية الاستفادة منها من أجل وضع الأولويات.

جدير بالذكر أن الحزمة المالية الأوروبية في إطار الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبي تضم 6 أولويات مشتركة تتمثّل في تعزيز العلاقات السياسية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، والترويج للاستثمار والتجارة، وتعزيز أطر الهجرة والتنقل، ودعم الأمن، وتعزيز المبادرات التي تركّز على الإنسان بوصفها مطورة المهارات والتعليم.