شوارع بيروت وساحاتها تحتفي بعيد الموسيقى للسنة الـ15 على التوالي

حفلات البوب والروك والكلاسيك تتوزّع على 14 مسرحا وتحييها 92 فرقة

شوارع بيروت وساحاتها تحتفي بعيد الموسيقى للسنة الـ15 على التوالي
TT

شوارع بيروت وساحاتها تحتفي بعيد الموسيقى للسنة الـ15 على التوالي

شوارع بيروت وساحاتها تحتفي بعيد الموسيقى للسنة الـ15 على التوالي

تحتفل بيروت بعيد الموسيقى العالمي للسنة الـ15 على التوالي بحيث ستعمّ الحفلات الخاصة في هذه المناسبة، غالبية شوارعها وساحاتها من خلال 92 فرقة موسيقية تتوزّع على 14 مسرحا في الهواء الطلق.
فإذا كنت من عشّاق موسيقى الروك والبوب والكلاسيك، أو من سميعة العزف على العود والناي والأغاني الشرقية، أو حتى من محبّي «الميتال» و«الهيب هوب» و«الريغي» و«الراب»، فأنت مدعو اليوم لحضور هذا المهرجان الفني الذي ينظّمه كل من «المركز الثقافي الفرنسي» وشركة «سوليدير» في وسط بيروت يوم 21 يونيو (حزيران) من كل عام.
هذه الاحتفالات التي تبدأ في السابعة مساء لتنتهي مع خيوط الفجر الأولى، سيتسنّى للبنانيين حضورها كما في ساحة الشهداء والحمامات الرومانية وشارع يوسف الرامي في وسط بيروت، كذلك في ساحة العجمي ودرج مار نقولا (شارع الجميزة) وسوق الطويلة و«غراند فاكتوري» (الكرنتينا) وخليج الزيتونة في بيروت أيضا.
أما ضيف الشرف لهذه الاحتفالات فهي فرقة «فرنسوا - ذا اتلاس ماونتينز»، المعروفة بموسيقى الـ«آندي بوب». هذه الفرقة المؤلّفة من أربعة شبان يتحدرون من أصول فرنسية وبريطانية، سيؤدون أغاني اشتهروا بها مثل «la verite» و«la fille aux cheveux de soie» و«piscine» و«city kiss» و«the people to forget» وغيرها من الأغاني التي يرافقها عزف مباشر على آلة البيانو.
وعلى نفس المسرح الذي سيستضيف هذه الفرقة الأجنبية أي في الحمامات الرومانية، ستكون هناك إطلالات لفرق أخرى مشابهة تجيد نفس الموسيقى (آندي روك)، كـ«شامبلاين» (أغان فرنسية)، و«سافار» (بوب)، و«واندر غاب».
أما محبو الأغاني الشرقية والعزف على العود فسيكون لديهم فرصة متابعة برامج منوعة، أن على مسرح خليج الزيتونة مع فرقتي «عوديات» و«عزيزة»، أو على درج مار نقولا (الجميزة) مع فرقة «عود يا ناي» و«ديانا بجاني بطرس التي تؤدي فيروزيات قديمة، وفرقة «كفاح المصري» للأغاني الشرقية الكلاسيكية المعاصرة.
العصا السحرية لاحتفالات عيد الموسيقى ستطال أيضا أحد أهم المراكز التجارية في بيروت (أ.ب.ث.مول) في منطقة الأشرفية، بحيث سيستضيف فرق «عزيزة» و«بولي» و«دجيت» و«كالين شدياق»، التي ستتشارك في تقديم استعراض غنائي موسيقي على طريقة الـ«أرت فلاش موب» من الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم حتى السادسة مساء.
أما الفريق اللبناني «فرقة ع نوطة» المعروف بموسيقى الجاز الشرقي والبلوز والروك، فسيكون له إطلالة وحيدة ينتظرها عشّاقه في هذه المناسبة، وذلك في ساحة العجمي في أسواق بيروت ابتداء من الثامنة مساء. وسيؤدّي أغاني من نوع الموشّحات كـ«زارني المحبوب» و«نبّه الندمان» وغيرها من الأغاني التي ترتكز على خليط ما بين الموسيقى الشرقية والجاز والبلوز والروك (قصّة ومافيك).
ساحة سمير قصير في وسط بيروت سترتدي أيضا حلّة العيد من خلال استضافتها 11 فرقة موسيقية، ستؤدي مقطوعات ومعزوفات مغناة من نوع الروك والبلوز والجاز والفوك روك. ومن بين الفرق المشاركة فيها «ميغاتيريوم» و«هوميسيك» و«جاز ماين باي تريو» و«لارا عيدي» وغيرها. أما في سوق الطويلة في وسط بيروت فستصدح أصوات 10 فرق موسيقية في أنحائه، بحيث سيتابع الحضور أغاني من نوع الـ«هيب هوب» لفرق «سبع طقات» و«لتلتة» و«روكي تيرز» و«من الآخر».
وخصص المهرجان لمحبّي السهرات الطويلة برنامجا موسيقيا يتخلله حفل عشاء في الهواء الطلق، وذلك في مركز «غراند فاكتوري» الفنّي في منطقة الكرنتينا. هذا الحفل الذي أرادته اللجنة القائمة على تنظيم المهرجان، بمثابة مبادرة تعزّز فيها هذه المناسبة خارج وسط بيروت لتلامس ولأول مرة ضواحيها، سيبدأ في السابعة من مساء اليوم لينتهي في الرابعة فجرا. ويتضمن هذا الاحتفال إضافة إلى لوحات موسيقية من نوع الـ«إلكترو» والـ«فاناك» والـ«بوب» والـ«روك» والـ«بلوز»، عرض ختامي مع «دي جي ست»، الذي سيلهب الأجواء بأغان ومقطوعات موسيقية مع فريقه الرباعي المؤلّف من (جاد ومودي وسوبليمينال وتالا).
ومع هذا البرنامج الضخم والمنوّع الذي ستحتفي به بيروت بعيد الموسيقى، سيتمكن قلبها من أن ينبض مرة جديدة على دقات آلات الموسيقى، بدلا من المعزوفات الخطابية السياسية التي ملّها الشباب اللبناني. فلقد أراد أن يلغيها من روزنامته اليومية ولو لمرة واحدة في السنة، من خلال استبدالها بوقائع مهرجان لا يتحدث إلا بلغة عالمية واحدة ألا وهي الموسيقى.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».