المفوضية الأوروبية تقترح تعليق مساعدات المجر

على خلفية مخاطر مرتبطة بالفساد

رئيس وزراء المجر في تجمع حزبي بتكساس 4 أغسطس 2022 (رويترز)
رئيس وزراء المجر في تجمع حزبي بتكساس 4 أغسطس 2022 (رويترز)
TT

المفوضية الأوروبية تقترح تعليق مساعدات المجر

رئيس وزراء المجر في تجمع حزبي بتكساس 4 أغسطس 2022 (رويترز)
رئيس وزراء المجر في تجمع حزبي بتكساس 4 أغسطس 2022 (رويترز)

«الحكومة المجرية نظام هجين من الاستبداد الانتخابي». بهذه العبارات الحادة وصف البرلمان الأوروبي حكومة فكتور أوربان في القرار الذي اتخذه مساء الأربعاء، ومهّد لاقتراح المفوضية الأوروبية تعليق دفع نحو 7.5 مليار يورو من التمويل الأوروبي للمجر، بسبب «مخاطر عالية مرتبطة بالفساد»، بانتظار تنفيذها إصلاحات.
وقال المفوّض الأوروبي لشؤون الميزانية يوهانس هان في مؤتمر صحافي إن «المجر تعهدت بإبلاغ المفوضية بتنفيذها إجراءات لمعالجة الوضع بحلول 19 نوفمبر (تشرين الثاني). سنعيد تقييم الوضع وسنتصرف بناءً على ذلك». ويعود القرار النهائي إلى المجلس الأوروبي، الهيئة الممثلة للدول الأعضاء التي سيكون أمامها شهر للردّ على اقتراح المفوضية. ويمكن تمديد هذه المهلة شهرين إضافيين. وسبق أن اقترح المفوّض هان في يوليو (تموز) في وثيقة داخلية، تجميد 70 في المائة من الأموال المنبثقة عن عدة برامج مرتبطة بسياسة التضامن التي كان يُفترض أن تُمنح للمجر في الفترة بين 2021 و2027، وسيكون أمام الدول الأعضاء شهر للردّ بالأغلبية المؤهّلة، على اقتراح المفوضية، لكن يمكن تمديد هذه المهلة لشهرين إضافيين.
وجاء اقتراح المفوضية في أعقاب جلسة عاصفة تعرّضت فيها حكومة فيكتور أوربان لانتقادات شديدة بسبب انتهاكها المتواصل للمبادئ والقيم الأساسية التي يقوم عليها الاتحاد، ورفضها اتّخاذ التدابير التي كان المجلس الأوروبي قد أوصى بها لتعزيز استقلالية السلطة القضائية، واحترام الحريات الأساسية، وملاحقة حالات الفساد المالي التي غالباً ما تطال المساعدات الأوروبية لمشاريع التنمية والبنى التحتية. وكانت المجر قد توصلت إلى اتفاق مع المفوضية نهاية الصيف الماضي بعد مفاوضات مكثّفة وطويلة تعهدت بودابست بموجبه اتخاذ سلسلة من الإجراءات لمكافحة الفساد، لكنها إلى الآن لم تقدم على أي خطوة عملية في هذا الاتجاه.
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت على بودابست استحداث هيئة عليا مكلفة صلاحيات واسعة لمكافحة الفساد ومستقلّة عن الأجهزة التنفيذية، وشبكة واسعة من المكاتب التابعة لها لتلقي الشكاوى ومتابعتها في الدوائر القضائية. وتجدر الإشارة إلى أن المفوضية، وبعد أشهر طويلة من المواجهات مع بودابست، قررت تفعيل الآلية القانونية التي تتيح لها تعليق دفع المساعدات المالية للدول الأعضاء التي تنتهك سيادة القانون بحيث تتعذّر مراقبة إنفاق الموارد الأوروبية والتأكد من أنها تُنفق للغايات المخصصة لها. وكان ذلك القرار قد جاء في أعقاب الفوز الساحق الذي حققه أوربان في الانتخابات العامة، والذي قال يومها إنه يهديه إلى المفوضية الأوروبية.
ويُذكر أن المجر هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لم تقدم بعد خطتها للنهوض من تداعيات جائحة «كوفيد - 19» والتي لا بد منها للحصول على المساعدات من صندوق الإنعاش الذي أقرّه الاتحاد بما يزيد على 750 مليار يورو للبلدان التي تضررت من الجائحة. يضاف إلى ذلك أن بودابست كانت الوحيدة التي خرجت عن الإجماع الأوروبي في موضوع اللقاحات، وقررت شراء لقاح «سبوتنيك» الروسي، كما أنها ما زالت وحدها بين الدول الأعضاء في الاتحاد التي ترفض تطبيق العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو، وما زالت إمدادات الغاز الروسي تتدفق إليها بشكل طبيعي فيما انقطعت نهائياً عن بقية البلدان.
وإذا كانت المواجهة بين بودابست والمفوضية الأوروبية تشهد فصولاً عنيفة منذ سنوات، فهي قد بلغت ذروتها في البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع حيث بدت الكتل السياسية، باستثناء بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة وفي طليعتها الإيطالية، عازمة على محاصرة أوربان الذي يرى فيه كثيرون حصان طروادة لروسيا داخل الاتحاد الأوروبي، وذراعاً طويلة للكرملين تحاول زرع الشقاق بين الدول الأعضاء في مواجهة موسكو.
ويصف القرار الأخير الذي اتّخذه البرلمان الأوروبي النظام المجري بأنه «ديمقراطية ناقصة»، ويدين «الجهود المتعمدة والممنهجة» التي تبذلها الحكومة المجرية لتقويض القيم والمبادئ الأوروبية الأساسية، ويحضّ المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية على اتّخاذ التدابير الكفيلة بمعالجة هذا الوضع.
وتتضمّن حيثيات القرار اتهامات قاسية ضد الحكومة المجرية، مثل أن «السياسة التي تتبعها الحكومة المجرية تنهك المواطنين، وتحرمهم من حقوقهم ومن فرص التنمية، فيما تستولي جماعات مستبدة قريبة منها على ثروات الدولة ومواردها». ويتضمّن القرار اقتراحاً بعدم تسليم بودابست مبلغ 8.5 مليار يورو من صندوق الإنعاش الأوروبي، إذا لم تتّخذ الحكومة المجرية، قبل نهاية هذه السنة، التدابير التي نصّ عليها الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في نهاية مفاوضات الصيف الماضي. لكنّ مصادر أوروبية مطلعة ترى أن هذه المهلة ليست كافية لتنفيذ التدابير المتفق عليها، وبالتالي يصبح من شبه المؤكد أن المجر لن تحصل على هذه المساعدات. وتذكّر هذه المصادر بأن حكومة أوربان حصلت خلال السنوات السبع المنصرمة على ما يزيد على 30 مليار يورو من المساعدات الأوروبية، في الوقت الذي كانت تتّخذ إجراءات تقوّض سيادة القانون والحقوق الاجتماعية وتحدّ من استقلالية القضاء وتلاحق وسائل الإعلام المستقلة.
وفي ضوء هذه التطورات، بات من المؤكد أن الصراع سيحتدم على الصعيد الأوروبي ضد القوى اليمينية المتطرفة التي تتنامى شعبيتها باطّراد، والتي باتت قاب قوسين من الوصول إلى الحكم في بلدان مثل السويد وإيطاليا. وكانت زعيمة حزب إخوان إيطاليا جيورجيا ميلوني، التي ترجح الاستطلاعات فوزها في الانتخابات العامة نهاية الأسبوع المقبل وتوليها رئاسة الحكومة الإيطالية، قد علّقت على قرار البرلمان الأوروبي بقولها إن «أوربان فاز في الانتخابات الأخيرة، والمجر دولة ديمقراطية».


مقالات ذات صلة

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن الدول واستقرارها

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن الدول واستقرارها». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

أوروبا تسجّل في 2022 أعلى إنفاق عسكري منذ الحرب الباردة

سجّل الإنفاق العسكري في أوروبا عام 2022 ارتفاعاً بوتيرة سريعة غير مسبوقة، حيث وصل بعد الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مستويات لم تشهدها القارة منذ الحرب الباردة، وفق ما أفاد باحثون في مجال الأمن العالمي. وأوردت دراسة لـ«معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام» أن ارتفاع الإنفاق الأوروبي على الجيوش ساهم بتسجيل الإنفاق العسكري العالمي رقماً قياسياً للمرة الثامنة توالياً حيث بلغ 2.24 تريليون دولار، أو 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وعززت أوروبا انفاقها على جيوشها عام 2022 بنسبة 13 في المائة أكثر مقارنة بالأشهر الـ12 السابقة، في عام طغى عليه الغزو الروسي لأوكرانيا. وهذه الزيادة هي الأكبر م

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.