أحبار الوشم... خطر يُهدد الخلايا البشرية

دراسة أميركية كشفت احتواءها على مركبات ضارة وجزيئات نانونية

أحبار الوشم... خطر يُهدد الخلايا البشرية
TT

أحبار الوشم... خطر يُهدد الخلايا البشرية

أحبار الوشم... خطر يُهدد الخلايا البشرية

استخدم الناس منذ آلاف السنين الوشم لتزيين أجسادهم لأسباب احتفالية ودينية، وتكشف بعض الأدلة الأثرية الحديثة عن أن المصريين القدماء عرفوا الوشم منذ آلاف السنين. واليوم فإن الكثير من الناس يمارسون نفس المسلك كشكل من أشكال التعبير عن الذات، لكنّ دراسة حديثة، قُدمت في 24 أغسطس (آب) باجتماع الخريف للجمعية الكيميائية الأميركية، حذّرت من أن الأحبار المستخدمة حالياً في الوشم، قد تحتوي على جزيئات ضارة بالخلايا البشرية.
يقول جون سويرك، من جامعة «بينغامتون» بولاية نيويورك، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الرسمي للجمعية: «فكرة هذا المشروع جاءت في البداية لأنني كنت مهتماً بما يحدث عند استخدام ضوء الليزر لإزالة الوشم، لكن بعد ذلك أدركت أنه لا يُعرف سوى القليل جداً عن تكوين أحبار الوشم، بدأنا في تحليل العلامات التجارية الشهيرة».
وأجرى سويرك والطلاب الجامعيين في مختبره مقابلات مع فناني الوشم لمعرفة ما يعرفونه عن الأحبار التي يستخدمونها مع عملائهم، حيث وجدنا أن الفنانين قادرين على تحديد العلامة التجارية التي يفضلونها بسرعة، لكنهم لم يعرفوا الكثير عن محتوياتها.
ويوضح سويرك: «من المثير للدهشة أنه لا يوجد محل للصباغة يصنع صبغة مخصصة لحبر الوشم، والشركات الكبرى تصنع أصباغاً لكل شيء، مثل الطلاء والمنسوجات، وتستخدم هذه الأصباغ نفسها في أحبار الوشم».
وتحتوي أحبار الوشم على جزأين: «صبغة» و«محلول ناقل»، ويمكن أن تكون الصبغة مركباً جزيئياً مثل الصباغ الأزرق، ومركباً صلباً مثل ثاني أكسيد التيتانيوم، وهو أبيض، أو مزيج من النوعين المركبين مثل الحبر الأزرق الفاتح، الذي يحتوي على الصباغ الأزرق الجزيئي، وثاني أكسيد التيتانيوم.
وينقل المحلول الحامل الصبغة إلى الطبقة الوسطى من الجلد ويساعد عادةً في جعل الصبغة أكثر قابلية للذوبان، ويمكنه أيضاً التحكم في لزوجة محلول الحبر ويتضمن أحياناً عنصراً مضاداً للالتهابات.
وقام فريق سويرك في جامعة «بينغامتون» بولاية نيويورك بالتحقيق في حجم الجسيمات والتركيب الجزيئي لأصباغ الوشم باستخدام مجموعة متنوعة من التقنيات، مثل مطياف (رامان) والتحليل الطيفي للرنين المغناطيسي النووي، والفحص المجهري الإلكتروني.
ومن خلال هذه التحليلات، أكدوا وجود مكونات غير مدرجة في بعض الملصقات، فعلى سبيل المثال، في حالة واحدة لم يتم إدراج الإيثانول، لكن التحليل الكيميائي أظهر أنه موجود في الحبر، وتمكن الفريق أيضاً من تحديد الأصباغ المحددة الموجودة في بعض الأحبار.
يقول سويرك: «في كل مرة نظرنا فيها إلى أحد الأحبار، وجدنا شيئاً جعلني أتوقف قليلاً، على سبيل المثال، يشير 23 من 56 حبراً مختلفاً تم تحليلها حتى الآن إلى وجود صبغة تحتوي على الآزو».
ورغم أن الكثير من أصباغ (الآزو) لا تسبب مخاوف صحية عندما تكون سليمة كيميائياً، فإن البكتيريا أو الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تحللها إلى مركب آخر قائم على النيتروجين والذي يعد مادة مسرطنة محتملة، وفقاً لمركز الأبحاث المشتركة، الذي يقدم نصائح علمية مستقلة إلى الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى ذلك، قام الفريق بتحليل 16 حبراً باستخدام المجهر الإلكتروني، واحتوى نصفها تقريباً على جزيئات أصغر من 100 نانومتر، يقول سويرك: «هذا نطاق حجم مقلق، فجزيئات بهذا الحجم يمكن أن تمر عبر غشاء الخلية وقد تسبب ضرراً».
وبعد أن يُجري الباحثون بعض الاختبارات الإضافية، سيقومون بإضافة المعلومات إلى موقع الويب الخاص بهم «What in My Ink؟». يقول سويرك: «باستخدام هذه البيانات، نريد من المستهلكين والفنانين اتخاذ قرارات مستنيرة وفهم مدى دقة المعلومات المقدمة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب