مكيف هوائي أكثر فعالية وأقل تكلفة

باحثو هارفارد يصممونه لمناطق الطقس الجاف

مكيف هوائي أكثر فعالية وأقل تكلفة
TT

مكيف هوائي أكثر فعالية وأقل تكلفة

مكيف هوائي أكثر فعالية وأقل تكلفة

مع استمرار تزايد الحر على الكوكب، واتساع دائرة القادرين على تحمل تكلفة التكييف الهوائي، يشهد استخدام هذه الأجهزة نمواً في كل مكان. ومن المتوقع أن يصل عدد هذه الأجهزة المستخدمة إلى 5.6 مليار وحدة بحلول منتصف القرن، وأن يرتفع الطلب على الطاقة للتبريد بمعدل ثلاثة أضعاف.

تكييف جديد
يقول جاك ألفارينغا، باحث في معهد ويس التابع لجامعة هارفارد وعضو الفريق الذي يعمل حالياً على تطوير نوعٍ جديد من التبريد المنزلي: «أعتقد أن عدد المكيفات الهوائية سيرتفع بمعدل عشر وحدات كل ثانية، خلال السنوات الثلاثين المقبلة».
ولكن هذه الأرقام تنبئ بمشكلة كبيرة سببها كمية الطاقة التي تستهلكها المكيفات الهوائية، والمواد المبردة (المواد الكيميائية التي تمتص الحرارة في المكيف الهوائي) المستخدمة حالياً، التي تُعتبر من غازات الدفيئة الثقيلة، ما يعني أنه كلما زاد عدد المكيفات الهوائية المستخدمة، سيزداد الجو حراً في الخارج، وسيحتاج الناس إلى المزيد من التكييف.
تحتضن جامعة هارفارد اليوم فريقاً متعدد الاختصاصات يعمل على تصميم نوعٍ جديد من التكييف الهوائي الذي يستخدم جزءاً بسيطاً من الطاقة المستهلكة اليوم لهذه الغاية، ويعتمد على المياه بدلاً من المبردات الكيميائية العالية التلوث. وهذا المكيف الهوائي الجديد الذي سماه الفريق «كولد سناب» ColdSNAP (SNAP) - اختصاراً لعبارة «معالجة نانوية فائقة المقاومة للماء» باللغة الإنجليزية superhydrophobic nano - architecture process، يضم طبقة خارجية واحدة طورتها الجامعة أيضاً. ويقول جوناثان غرينهام، أستاذ العمارة في كلية التصميم التابعة لجامعة هارفارد وأحد أعضاء الفريق، إن «كثيراً من المواد المبتكرة هي نوع من المنتجات التي تبحث عن مشكلة»... لحلها.
استوحى الباحثون طريقة عمل هذه الطبقة في صد السوائل من أسلوب البط في المحافظة على جفاف ريشه؛ فقد أدرك الفريق أن وضع هذه الطبقة انتقائياً في أماكن معينة على السيراميك (المادة التي تمتص الرطوبة بشكل طبيعي) يعني أنهم يستطيعون استخدامها في نوعٍ جديد من أجهزة التبريد التبخيرية. تُسمى هذه التقنية بـ«مبرد المستنقع»، وتعمل غالباً في المناخات الجافة.

فكرة الجهاز
يعتمد هذا الجهاز على فكرة بسيطة: إذا سمحتم للهواء الحار بالاحتكاك بالمياه، تمتص المياه الحرارة أثناء تبخرها. يستخدم هذا النوع من الأجهزة 75 في المائة طاقة أقل من المكيفات الهوائية التقليدية، ولكن عملية التبريد التبخيري تنتج الكثير من الرطوبة، أي أنها لا تعمل جيداً في مناطق كولاية فلوريدا مثلاً. وعندما تتبخر المياه في جهاز التبريد الجديد، يعمل مكون التبادل الحراري في الطبقة الخارجية على حبس الرطوبة، ليصبح الهواء المتدفق في الغرفة مريحاً أكثر.
بدأ الباحثون، الشهر الماضي، اختبار جهازهم الجديد في أيام رطبة وحارة في منطقة بوسطن، في منزل «هاوس زيرو» التابع لهارفارد، الذي أعيد تجديده وتجهيزه بالتقنية لتعزيز فعاليته. لم يحصل الفريق على كل المعلومات التي يريدها بعد، ولكن الباحثين يقولون إن النتائج واعدة لاستخدام التقنية على نطاق واسع. يقول غريهام: «نعمل على التبريد بفعالية أكبر بكثير من المكيف الهوائي التقليدي، ونجحنا في الوصول إلى درجة حرارة متدنية (باردة)، ونحن قادرون على تحقيق كل هذه النتائج باستخدام كمية أقل من المياه من التي يتطلبها المكيف الهوائي التقليدي».
تحتاج التقنية الجديدة إلى المزيد من التطوير، وعلى الفريق أن يثبت أن الجهاز المبتكر قادر على تلبية شروط أداء معينة وضعها المصنعون الذين قد يدخلون المنتج أخيراً إلى الأسواق.
وقد يتوجب على المستهلكين أيضاً أن يغيروا توقعاتهم لناحية عمل التكييف الهوائي، على اعتبار أن هذا الجهاز الجديد لن يخلصهم من الرطوبة. ولكن استخدامه لطاقة أقل بكثير، وسعره المنخفض، سيجعله خياراً مناسباً للمناطق التي ترتفع فيها تكلفة الطاقة الكهربائية، ولا يستطيع فيها الناس تحمل تكلفة شراء مكيف هوائي عادي. ويضيف: «يجب أن نعثر على السوق الصحيحة والمستهلك الصحيح».
يعمل باحثون آخرون وشركات ناشئة أخرى أيضاً على تطوير بدائل أفضل للتكييف الهوائي التقليدي. وتتنوع أفكار هؤلاء، وأبرزها المضخة الحرارية (المتوفرة اليوم وتقدم لمستخدميها حوافز بموجب قانون تخفيض التضخم، وأجهزة الاستشعار التي تتيح للجهاز تبريد الهواء المتدفق من الخارج، أو الاتصال مباشرة بالألواح الشمسية لتجنب زيادة الضغط على الشبكة الكهربائية.
وأخيراً، تجدر الإشارة إلى أن منزل «هاوس زيرو» التابع لهارفارد يحتوي على مضخة حرارية تحافظ على برودة المنزل في الأيام التي يتوقف فيها اختبار تقنية التبريد الجديدة، فضلاً عن أن نوافذه مصممة للفتح التلقائي عند انخفاض درجة الحرارة ليلاً. يمكن لبعض الحلول التصميمية أن تساعد في هذا الشأن أيضاً؛ من استخدام الطلاء الأبيض الفائق العاكس لأشعة الشمس إلى التصاميم السلبية التي تحدد مكان النوافذ، وتضيف الظلال بشكلٍ استراتيجي.
* «فاست كومباني»
خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages
TT

جدل أخلاقي حول «تحرير الجينوم البشري» لإنجاب أطفال معدّلين وراثياً

gettyimages
gettyimages

أثار التغيير الأخير في إرشادات البحث الصحي الوطنية بجنوب أفريقيا الذي صدر في مايو (أيار) 2024 موجة من الجدل الأخلاقي، إذ يبدو أنه يفتح الطريق أمام استخدام تقنية تحرير الجينوم لإنجاب أطفال معدلين وراثياً مما يجعل جنوب أفريقيا أول دولة تتبنى هذ ا التوجه بشكل علني.

القصّ الجيني

ويعود السبب في الخلاف الحاد حول تحرير الجينوم البشري الوراثي (الفصّ الجيني) إلى تأثيراته الاجتماعية وإمكانياته المتعلقة بالانتقاء الجيني، ويعدُّ هذا التوجه مثيراً للاستغراب نظراً للمخاطر العالية التي تحيط بهذه التقنية.

وقد لفتت الانتباه إلى أن جنوب أفريقيا بصدد تسهيل هذا النوع من الأبحاث، كما ذكرت كاتي هاسون المديرة المساعدة في مركز علم الوراثة والمجتمع المشاركة في تأليف مقالة نشرت في 24 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 في مجلة The Conversation.

وكان عام 2018 شهد قضية عالم صيني قام بتعديل جينات أطفال باستخدام تقنية «كريسبر» CRISPR لحمايتهم من فيروس نقص المناعة البشرية، مما أثار استنكاراً عالمياً وانتقادات من العلماء والمجتمع الدولي الذين رأوا أن هذا الاستخدام غير مبرر. وانتقد البعض سرية الطريقة، في حين شدد آخرون على ضرورة توفير رقابة عامة صارمة حول هذه التقنية ذات الأثر الاجتماعي الكبير.

معايير جديدة

ومع ذلك يبدو أن جنوب أفريقيا قد عدلت توجيهاتها للأبحاث في الصحة لتشمل معايير محددة لأبحاث تحرير الجينوم الوراثي لكنها تفتقر إلى قواعد صارمة تتعلق بالموافقة المجتمعية رغم أن التوجيهات تنص على ضرورة تبرير البحث من الناحية العلمية والطبية مع وضع ضوابط أخلاقية صارمة وضمان السلامة والفعالية. إلا أن هذه المعايير ما زالت أقل تشدداً من توصيات منظمة الصحة العالمية.

* التوافق مع القانون. وتأتي هذه الخطوة وسط انقسام في القانون بجنوب أفريقيا حيث يحظر قانون الصحة الوطني لعام 2004 التلاعب بالمواد الوراثية في الأجنة لأغراض الاستنساخ البشري. ورغم أن القانون لا يذكر تقنيات تعديل الجينات الحديثة مثل «كريسبر» فإن نصوصه تشمل منع تعديل المادة الوراثية البشرية ما يُلقي بتساؤلات حول التوافق بين القانون والتوجيهات الأخلاقية.

* المخاوف الأخلاقية. ويثير هذا التطور مخاوف واسعة بما في ذلك تأثيرات تقنية كريسبر على النساء والآباء المستقبليين والأطفال والمجتمع والنظام الجيني البشري ككل. وأثيرت تساؤلات حول إمكانية أن تكون جنوب أفريقيا مهيأة لاستقطاب «سياحة علمية»، حيث قد تنجذب مختبرات علمية من دول أخرى للاستفادة من قوانينها الميسرة.

استخدام تقنية «كريسبر»

وفي سابقة هي الأولى من نوعها في العالم وافقت الجهات التنظيمية الطبية في المملكة المتحدة العام الماضي على علاج جيني لاضطرابين في الدم.

ويعد علاج مرض «فقر الدم المنجلي» و«بيتا ثلاسيميا» أول علاج يتم ترخيصه باستخدام أداة تحرير الجينات المعروفة باسم كريسبر. ويعد هذا تقدماً ثورياً لعلاج حالتين وراثيتين في الدم وكلاهما ناتج عن أخطاء في جين الهيموغلوبين، حيث ينتج الأشخاص المصابون بمرض فقر الدم المنجلي خلايا دم حمراء ذات شكل غير عادي يمكن أن تسبب مشكلات لأنها لا تعيش طويلاً مثل خلايا الدم السليمة، ويمكن أن تسد الأوعية الدموية مما يسبب الألم والالتهابات التي تهدد الحياة.

وفي حالة المصابين ببيتا ثلاسيميا فإنهم لا ينتجون ما يكفي من الهيموغلوبين الذي تستخدمه خلايا الدم الحمراء لحمل الأكسجين في جميع أنحاء الجسم، وغالباً ما يحتاج مرضى بيتا ثلاسيميا إلى نقل دم كل بضعة أسابيع طوال حياتهم

علاج واعد لاضطرابات الدم

الموافقة عليه أخيراً في المملكة المتحدة على تحرير الجينات باستخدام طريقة مطورة من تقنية «كريسبر - كاس 9» CRISPR - Cas 9 لعلاج مرض فقر الدم المنجلي ومرض بيتا ثلاسيميا، من خلال تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» بدقة حيث يتم أخذ الخلايا الجذعية من نخاع العظم وهي الخلايا المكونة للدم في الجسم من دم المريض.

ويتم تحرير الجينات باستخدام مقصات «كريسبر» الجزيئية بإجراء قطع دقيقة في الحمض النووي لهذه الخلايا المستخرجة واستهداف الجين المعيب المسؤول عن إنتاج الهيموغلوبين المعيب. ويؤدي هذا إلى تعطيل «الجين - المشكلة» وإزالة مصدر الاضطراب بشكل فعال ثم يعاد إدخال الخلايا المعدلة إلى مجرى دم المريض. ومع اندماج هذه الخلايا الجذعية المعدلة في نخاع العظم تبدأ في إنتاج خلايا الدم الحمراء الصحية القادرة على العمل بشكل طبيعي حيث يصبح الجسم الآن قادراً على توليد الهيموغلوبين المناسب.

وقد أظهرت هذه العملية نتائج واعدة في التجارب السريرية فقد تم تخفيف الألم الشديد لدى جميع مرضى فقر الدم المنجلي تقريباً (28 من 29 مريضاً) ولم يعد 93 في المائة من مرضى ثلاسيميا بيتا (39 من 42 مريضاً) بحاجة إلى نقل الدم لمدة عام على الأقل. ويشعر الخبراء بالتفاؤل بأن هذا قد يوفرعلاجاً طويل الأمد وربما مدى الحياة.

ويقود البروفسور جوسو دي لا فوينتي من مؤسسة إمبريال كوليدج للرعاية الصحية التابعة لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، التجارب في المملكة المتحدة لهذا العلاج لكل من البالغين والأطفال، ويصفه بأنه اختراق تحويلي مع وجود نحو 15 ألف شخص في المملكة المتحدة مصابين بمرض فقر الدم المنجلي ونحو ألف مصابين بالثلاسيميا، إذ يمكن أن يحسن «كاسجيفي» نوعية الحياة بشكل كبير، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين يواجهون نطاق علاج محدود.

وتُعد «كريسبر - كاس 9» واحدة من الابتكارات الرائدة التي أحدثت تحولاً في الأبحاث الطبية والأدوية رغم أن استخدامها يثير جدلاً أخلاقياً، نظراً لاحتمالية تأثير تعديل الجينات على الأجيال المقبلة. وقد مُنحت جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2020 لجنيفر دودنا وإيمانويل شاربنتييه لمساهمتهما الأساسية في اكتشاف طريقة فعالة لتحرير الجينات، أي التدخل الدقيق الذي يسمح بإدخال التعديلات المطلوبة داخل الحمض النووي بطريقة بسيطة بكفاءة وسريعة واقتصادية.