«الدولة العميقة»...الخليج على موعد مع عمل درامي ضخم

«الشرق الأوسط» تطلع على كواليس تصويره

سعيد الماروق يلاحق أدق التفاصيل
سعيد الماروق يلاحق أدق التفاصيل
TT

«الدولة العميقة»...الخليج على موعد مع عمل درامي ضخم

سعيد الماروق يلاحق أدق التفاصيل
سعيد الماروق يلاحق أدق التفاصيل

ينهي المخرج اللبناني سعيد الماروق تصوير مشاهد مسلسله الخليجي الأول، «الدولة العميقة»، في بيروت، ويستعد للانتقال بكاميرته إلى كوبا والكويت. 17 يوماً أمضاها في مدينة تمتهن نفض الخيبة، يصور بكثافة من دون إظهار معالمها في الخلفية. فالمسلسل (6 حلقات) المنتظر عرضه بداية العام المقبل، كويتي، يؤدي بطولته بشار الشطي، وخالد المظفر، وفيصل العميري وروان بن حسين؛ وما بيروت سوى استوديو ضخم يُسهل على المخرج التألق بالإمكانات التقنية والغَرف من التنوع الجغرافي.
استراحة قصيرة، فينتقل إلى كوبا ومدة التصوير أسبوعان تتبعهما محطة في الكويت. في حسابه على «إنستغرام»، يعلق مترقبون على «بوستر» المسلسل، وقد دون مُخرجه في أسفله ما يوقظ الحماسة: «أنتم على موعد مع أضخم عمل درامي في الخليج. يناير (كانون الثاني) 2023». النص لفيصل البلوشي والإنتاج لمنصة «شاشة» الكويتية، تعرضه بالاتفاق مع «شاهد»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».


المخرج اللبناني سعيد الماروق يُمسك بـ«الدولة العميقة»

حرك مسلسل «دور العمر» (كتابة ناصر فقيه، وبطولة سيرين عبد النور وعادل كرم) مزيداً من الأنظار نحو المخرج الآتي من عالم الفيديو كليب؛ وعنه تسلم جائزة «أفضل مخرج درامي لعام 2021» في مهرجان «وشوشة» بدبي. استمالت لمساته الإخراجية في أولى تجارب الدراما القصيرة، صناع المسلسلات في الكويت، فاجتمعوا به. كان مقرراً توليه إخراج مسلسل عربي، بطولته نسائية، إلى أن وقعت الشركة المنتجة على نص النسخة العربية من المسلسل البريطاني «Deep State». وصلت الماروق أصداؤه: «واو! عمل رائع»، فأُرجئ تصوير مسلسل وانطلق تصوير آخر.
يلتقط أنفاسه قبل إكمال المشوار. ومن خفقان تولده بهجة كثفها تصدر فريق «مياس» اللبناني السمعة الحسنة وإشادة العالم، يرمي الماروق تنهيدة وهو يتحدث عن بيروت: «لا حضور لها في النص، لكنها احتضنت كثيراً من المَشاهد. استعرتُها استوديو ضخماً يتيح لي التحرك ضمن إمكانات عالية. ميزتها أنها حاضرة في الوهج ذاته لاحتمال تغييبها عن المشهد والاستعانة بها كمساحة لغير مناخ. لن يشعر مُشاهد (الدولة العميقة) بأن أجزاءً من كوبا والكويت صُورت في لبنان القادر على أداء دور استوديو التصوير لأعمال عربية. نحتاج الأمان فقط».
يهتم بصورة يصفها بـ«السينمائية»، بموازاة اهتمامه بسلاسة الأداء الصوتي، فلا يشعر المُشاهد «البعيد» بغرابة اللهجات. لكن، كيف كان التعامل بين مخرج لبناني ونجوم من الكويت، بينهما فريق عمل متعدد الجنسية؟ رد الماروق أنه مبني على الاحترام والثقة: «لكثرة ما شعرتُ بهما، أحسستُ بمسؤولية مُضاعفة، فراحت تستوقفني أدق التفاصيل»، يقول مَن تُسعده بصفته لبناني الغمرة العربية.
ست حلقات، هي وفق مُخرجها «ستة أفلام قصيرة»، فالاهتمام الكبير لم يقتصر على الصورة، بل ابتكر لها «لغة خاصة على علاقة بالقصة». يشارك الماروق أحد مفاتيحه: «أهوى رواية الحكايات بالهمس؛ تماماً كما اعتادت ابنتي همس القصص في أذني. نعمل بجهد على عمل يتوق إلى العالمية».
لمح انعطافة مهنية منذ صعود المنصات يوم تفشى الوباء وزج البشر بين الجدران. قبلها، يُبدي تذمراً مُحقاً من واقع الإنتاج اللبناني القائم بمعظمه، آنذاك، على الاستسهال: «عدنا كمخرجي فيديو كليبات إلى الساحة الدرامية بعد تكرس المنصات كضرورة في هذا العصر. كانت المسلسلات بحد أدنى 30 حلقة، تُمارس ضغوط على المخرج لإنجاز الحلقة بيومين! الأمر مستحيل، ولو كنتُ ستيفان سبيلبرغ».
بانتشار المنصات، شعر بأوان اقتناص الفرص: «مدة الحلقة نحو 40 دقيقة، تُصور كل منها بمعدل 5 إلى 7 أيام. يناقشنا المنتجون بالديكور والموسيقى التصويرية والصوت والمونتاج والملابس، كما لم يحدث من قبل. اللغة السينمائية المُستجدة جراء المنصات تحمسني للاندفاع».
إذن، هل يقول سعيد الماروق وداعاً للفيديو كليب؟ سيودعه بالفعل: «أخوض حالياً تجربة المسلسلات القصيرة، حيث مساحات التعبير الذاتي أكثر اتساعاً. يبقى هدفي الأساس واحداً: السينما». يذكر مرحلة دراستها الجامعية وتخرجه مع المخرجَين نادين لبكي وسليم الترك في الدفعة نفسها. ويروي ما يبقى عالقاً في الذهن.
يقول: «كنا طلابَ ما بعد نهاية الحرب الأهلية. آنذاك، لم يكن ثمة وجود للسينما في لبنان، ولا أفلام تلقى الدعم ولا صناديق للنهوض بالمواهب. لجأنا، لا شعورياً، إلى عالم الفيديو كليب. أردنا سرد القصص ولقينا حينها سنداً إنتاجياً، تزامناً مع صعود (روتانا) وضخها الأموال».
جاءت المنصات لتضخ شيئاً آخر، وفق الماروق: «الأمل». يرى الجانب الإيجابي من «كوفيد - 19»: «أنعشها وجعلها في كل بيت». يتفرغ حالياً للمسلسلات القصيرة، على أن يشدد التمسك بحلم، ولو تأجل: «فيلم لي، يكون بصمة لا تُمحى في العالمية. أعده منذ 10 سنوات، وأنتظر الوقت المناسب للانكباب عليه. هو فيلم لبناني يتناول قصة حب تشبه 7 مليارات بشري!».
خيبات ومطبات، وآلام تبعها انتصار على السرطان. محنٌ تجعل من سعيد الماروق إنساناً أقوى، بقوله. لدى السؤال عن ثقل السنوات وجراح التجارب، يتطلع إلى الوراء من باب الدرس: «كانت فترات مؤلمة، هي اختزال لوجه الحياة القاسي، أثرت علي من ناحية الإبداع. لملمة النفس بعد ارتمائها دَفْع للتحليق».


مقالات ذات صلة

أحمد العوضي لـ«الشرق الأوسط»: الدراما الشعبية تشبهني

يوميات الشرق العوضي في كواليس تصوير مسلسله (حساب العوضي على فيسبوك)

أحمد العوضي لـ«الشرق الأوسط»: الدراما الشعبية تشبهني

قال الفنان المصري أحمد العوضي إن مسلسل «فهد البطل» الذي يجري عرضه في رمضان يتضمن توليفة منوعة تجمع بين الشعبي والأكشن والصعيدي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق العودة إلى تقييم أكثر اكتمالاً مسألةُ وقت («بالدم» و«نَفَس»)

الدراما اللبنانية تُنافس رمضانياً بعد غياب... وتتخطّى «المُشترك»

مسلسل «بالدم» المشغول لبنانياً تماماً، يشاء أن يُلقِّن درساً بأنه الأوان لاستعادة الثقة بالصناعة الدرامية المحلّية بعد انكسارات...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هنيدي في لقطة من مسلسل «شهادة معاملة أطفال» (الشركة المنتجة)

هنيدي يواجه دعوى قضائية لوقف مسلسل «شهادة معاملة أطفال»

يواجه الفنان المصري محمد هنيدي دعوى قضائية تطالب بوقف عرض مسلسل «شهادة معاملة أطفال» بعد 3 أيام فقط من بدء عرضه.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مصطفى شعبان في لقطة من مسلسل «حكيم باشا» (حساب شعبان بـ«فيسبوك»)

مسلسل «حكيم باشا» يلفت الاهتمام في مصر ويستعيد «دراما الجنوب»

لفت مسلسل «حكيم باشا» الذي ينتمي لنوعية الدراما الصعيدية الاهتمام في مصر وتصدّر «التريند» على موقعي «إكس» و«غوغل»، الاثنين.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق سمية الخشاب في مشهد من مسلسل «أم 44» (شاهد)

الدراما الخليجية تفتح أبوابها للممثلات العربيات... وتستقطب نجمات مصر وسوريا

تشهد الدراما الخليجية خلال الموسم الحالي زخماً غير مسبوق جراء مشاركة نجمات عربيات من مصر، وسوريا، ولبنان، في أدوار رئيسية.

إيمان الخطاف (الدمام)

استقرار اقتصاد منطقة اليورو في فبراير مع تباطؤ قطاع التصنيع

الحي المالي في مدينة فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
الحي المالي في مدينة فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

استقرار اقتصاد منطقة اليورو في فبراير مع تباطؤ قطاع التصنيع

الحي المالي في مدينة فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
الحي المالي في مدينة فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

استقرّ اقتصاد منطقة اليورو مرة أخرى الشهر الماضي، حيث تفوّق التباطؤ المطول في التصنيع على التوسع الضعيف لدى قطاع الخدمات المهيمن في المنطقة.

واستقر مؤشر مديري المشتريات المركب النهائي لمنطقة اليورو، الذي تعدّه «ستاندرد آند بورز غلوبال»، ويُعدّ دليلاً مهماً على صحة الاقتصاد بشكل عام، عند 50.2 نقطة في يناير (كانون الثاني)، مما يتماشى مع التقدير الأولي وأعلى قليلاً من مستوى الخمسين الذي يفصل بين الانكماش والنمو، وفق «رويترز».

وأوضح كبير الاقتصاديين في بنك هامبورغ التجاري، سايروس دي لا روبيا، أن اقتصاد منطقة اليورو لم يشهد نمواً يُذكر على مدار الشهرَيْن الماضيين، حيث إن النمو المعتدل في قطاع الخدمات قد تآكل تقريباً بسبب الركود المستمر في قطاع التصنيع. كما انخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أشهر، مسجلاً 50.6 نقطة، بعد أن كان 51.3 نقطة في الشهر السابق. وتُظهر بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي مزيداً من علامات التباطؤ في قطاع التصنيع الشهر الماضي.

وفي إشارة إلى أن الاتحاد النقدي قد يستغرق وقتاً طويلاً قبل أن يشهد ارتفاعاً حاداً، انخفض الطلب الإجمالي بمعدل أسرع، حيث تراجع مؤشر الأعمال الجديدة المركب إلى 49 نقطة من 49.3 نقطة. كما استمرت الضغوط التضخمية في قطاع الخدمات، التي يراقبها البنك المركزي الأوروبي من كثب، في الارتفاع، حيث سجل مؤشر الأسعار أعلى وتيرة له في عشرة أشهر، مرتفعاً إلى 54.7 من 53.9.

وفي هذا السياق، قال دي لا روبيا: «قبل اجتماع البنك المركزي الأوروبي المقبل، تتجه الأنظار نحو الزيادة في تكاليف المدخلات المدفوعة بالأجور، بالنظر إلى تأكيد البنك المركزي تضخم قطاع الخدمات». وأضاف أنه في ظل غياب أي علامات على تراجع تضخم تكاليف المدخلات، من الممكن أن تظهر بعض الأصوات داخل البنك المركزي الأوروبي التي تدعو إلى مناقشة توقف مؤقت لخفض أسعار الفائدة في الاجتماع المقبل.

من جهة أخرى، أشار 82 خبيراً اقتصادياً، استطلعت «رويترز» آراءهم، إلى أن البنك المركزي الأوروبي سيخفّض سعر الفائدة على الودائع يوم الخميس، مع توقعات بإجراء خفضَيْن آخرَيْن بحلول منتصف يونيو (حزيران)، رغم عدم وضوح المدى الزمني لما بعد ذلك.

أما في ألمانيا فقد أفادت «ستاندرد آند بورز غلوبال» بأن نشاط الأعمال في قطاع الخدمات نما للشهر الثالث على التوالي في فبراير (شباط)، رغم تباطؤ وتيرة التوسع بسبب ضعف الطلب. وسجل مؤشر «إتش سي أو بي» المعدل موسمياً لنشاط الأعمال في قطاع الخدمات 51.1 في فبراير، بانخفاض عن 52.5 في يناير (كانون الثاني)، مشيراً إلى زيادة هامشية في النشاط.

كما تراجعت الطلبات الجديدة مرة أخرى، نتيجة تأثير الميزانيات الضيقة وتخفيضات الإنتاج بين عملاء التصنيع. وهذا الشهر كان السادس على التوالي من انخفاض الطلبات، على الرغم من أن معدل الانخفاض كان الأقل خلال فترة الانكماش الحالية، ما يُعزى جزئياً إلى انخفاض أقل وضوحاً في طلبات التصدير.

وركّز مقدمو الخدمات على تصفية المتأخرات مع تسارع وتيرة تقليص المتأخرات إلى أسرع مستوياتها منذ منتصف عام 2020. واستمر نمو التوظيف للشهر الثاني على التوالي، ولكن بمعدل أبطأ من يناير، حيث أشارت بعض الشركات إلى عمليات توظيف استراتيجية، خصوصاً في المبيعات. وكان الشعور العام للأعمال التجارية للعام المقبل أقل تفاؤلًا من يناير؛ حيث انخفض مؤشر التوقعات إلى ما دون اتجاهه الطويل الأجل. وعبّر بعض المشاركين عن أملهم في تحسّن الاقتصاد بعد تشكيل حكومة جديدة، لكن الأسعار المرتفعة ونقص العمالة الماهرة ظلا مصدر قلق.

وفي فرنسا، شهد قطاع الخدمات أسوأ انكماش له في النشاط التجاري منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في فبراير، حيث تراجع مؤشر مديري المشتريات للخدمات إلى 45.3 من 48.2، مما يمثّل الشهر السادس على التوالي دون عتبة الـ50 التي تشير إلى النمو. وهذا الانخفاض كان مدفوعاً بتراجع كبير في الطلبات الجديدة، مع اعتماد الشركات بشكل متزايد على الأعمال المؤجلة لدعم عملياتها.

وقال الخبير الاقتصادي في بنك هامبورغ التجاري، طارق كمال شودري: «قطاع الخدمات الفرنسي في حالة يُرثى لها»، مشيراً إلى انخفاض الطلب من العملاء، وضعف الاقتصاد العام، وسلوك العملاء المتردد؛ كلها عوامل أسهمت في تثبيط الإنتاج. كما ارتفعت تكاليف المدخلات بأسرع وتيرة في ستة أشهر، نتيجة لارتفاع أسعار الشراء والرواتب ورسوم الخدمات، ولكن الشركات كافحت لتمرير هذه التكاليف إلى العملاء؛ حيث شهدت أسعار الإنتاج زيادة طفيفة فقط.

وتراجعت التوقعات بشكل أكبر بسبب الانكماش الحاد في الأعمال الجديدة، وهو الأكبر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، خصوصاً من الأسواق المحلية. وتراجع مؤشر مديري المشتريات المركب في فرنسا الذي يشمل الخدمات والتصنيع، إلى 45.1 في فبراير من 47.6 في يناير، مما يشير إلى أسرع انكماش في ناتج القطاع الخاص منذ يناير 2024. وكانت هذه الانكماشات مدفوعة بشكل رئيسي بقطاع الخدمات، في حين أظهر التصنيع انخفاضاً طفيفاً فقط.

كما تراجع التوظيف في القطاع الخاص بأسرع معدل في أربعة أعوام ونصف العام، مما يعكس القيود الميزانية ونهج التوظيف الحذر في ظل الظروف الاقتصادية الضعيفة.