تباين مواقف عسكر السودان حول حل الأزمة السياسية

آلاف يحتشدون لإحياء مجزرة 17 نوفمبر

جانب من موكب مدينة بحري في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
جانب من موكب مدينة بحري في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
TT

تباين مواقف عسكر السودان حول حل الأزمة السياسية

جانب من موكب مدينة بحري في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)
جانب من موكب مدينة بحري في العاصمة السودانية (أ.ف.ب)

أبرز الجيش السوداني موقفاً مفارقاً لما اتفق عليه رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو «حميدتي»، على أن يتولى المدنيون اختيار رئاسة مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين. وكشف موقف جديد من قبل الجيش عن تباين في وجهات النظر بين أكبر قوتين عسكريتين وهما، الجيش والدعم السريع، في التعاطي مع الأزمة السياسية في البلاد. وقال العميد الطاهر أبو هاجة، المستشار الإعلامي للبرهان، في تصريح لوكالة أنباء السودان الرسمية، إن السودان شعبه وأرضه وأمنه والفترة الانتقالية أمانة في عنق رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان.
وأضاف أن «هذه الأمانة لن تُسلم إلا لمن يختاره الشعب السوداني، ولا مجال لحكم الفترة الانتقالية بوضع اليد، والفهلوة السياسية».
ودرج أبو هاجة على الإدلاء بتصريحات في كثير من القضايا السياسية باسم الجيش، رغم وجود متحدث رسمي باسم القوات المسلحة، إذ تتعامل وسائل الإعلام مع ما يصدر عنه يعبر عن الجيش.
وجاء حديث أبو هاجة بعد أقل من 24 ساعة من التصريحات التي أدلى بها نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو «حميدتي»، التي أعلن فيها التزامه الصارم بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، والانصراف تماماً لمهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون.
وأكد أبو هاجة أن القوات المسلحة مسؤولة بنص قانونها ودستور البلاد «عن حماية أمن واستقرار هذا البلد، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً». وأضاف: «نحن ملتزمون بخروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي وهذا أمر ذكره القائد العام منذ 4 يوليو (تموز) الماضي، وبأن تكون حكومة ما تبقى من المرحلة الانتقالية حكومة كفاءات وطنية مستقلة غير حزبية ولا تخضع لأي محاصصات، ونحن ملتزمون بأن يكون ذلك بالتوافق بين جميع القوى السياسية». وتابع: «لن نسلم السلطة إلا لحكومة متوافق عليها من كل السودانيين أو حكومة منتخبة».
وكان حميدتي قد كشف عن اجتماع جمعه بـ«البرهان» يوم الخميس الماضي، جددا خلاله التزامهما السابق بخروج المؤسسة العسكرية من السلطة وترك أمر الحكم للمدنيين. وقال إن الاجتماع أقر بشكل قاطع بأن يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلسي السيادة والوزراء. ودعا حميدتي قوى الثورة للتوافق على تشكيل حكومة مدنية بالكامل لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، بما يؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي.
والأسبوع الماضي رحب حميدتي بمشروع الدستور الانتقالي الذي صاغته نقابة المحامين السودانيين المحسوبة على تحالف المعارضة «الحرية والتغيير»، وأثار موقفه هذا جدلاً كبيراً في الساحة السياسية، فيما لم يصدر عن الجيش أي تصريح عن مشروع الدستور. وقال حميدتي عن مشروع الدستور إنه يدعم كل الجهود التي تسهم في انخراط جميع الأطراف في حوار شامل، يفضي إلى اتفاق لاستكمال الفترة الانتقالية.
ورغم إعلان الجيش والدعم السريع خروجهما من العمل السياسي، فإنهما يشاركان بلجنة عسكرية مشتركة في المساعي التي تقودها «الآلية الرباعية» المكونة من السعودية والولايات المتحدة والإمارات وبريطانيا لإيجاد تسوية سياسية بين الجيش والقوى المدنية. وأكد كل من رئيس مجلس السيادة ونائبه، مراراً وتكراراً، أن الجيش وقوات الدعم السريع قوة واحدة، ولن يحدث صدام بينهما.
في غضون ذلك، احتشد الآلاف في منطقة «المؤسسة» بمدينة بحري، تخليداً لذكرى مجزرة 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 التي ارتكبتها قوات الأمن في المدينة وراح ضحيتها 17 قتيلاً وعشرات الجرحى في الاحتجاجات ضد تولي الجيش السلطة في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وكانت لجان المقاومة التي تقود الحراك الاحتجاجي قد دعت إلى مظاهرة مليونية لإحياء ذكرى المجزرة تنطلق من مدن العاصمة إلى منطقة المؤسسة. وارتفع عدد الضحايا من المتظاهرين جراء قمع الاحتجاجات إلى 117 قتيلاً وآلاف المصابين من أكتوبر الماضي.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تُكثف جهودها لدعم سوريا والحفاظ على مؤسساتها

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
TT

مصر تُكثف جهودها لدعم سوريا والحفاظ على مؤسساتها

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (الخارجية المصرية)

تُكثف مصر جهودها لدعم سوريا والحفاظ على مؤسساتها، وتعمل مع الأطراف المعنية وفقاً لأربع محددات رئيسة، يرتكز عليها موقف القاهرة من الأحداث، وهو ما عَدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة أساس ينبغي البناء عليه لوضع خطط عملية، مشيرين إلى «ارتباط المحددات المصرية بالموقف العربي».

وبينما شارك وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، في اجتماع «لجنة الاتصال العربية الوزارية» بشأن سوريا، الذي عقد بالأردن، السبت، أوضح المتحدث باسم «الخارجية المصرية»، السفير تميم خلاف، محددات موقف القاهرة من تطورات الأوضاع في سوريا.

وقال خلاف في تصريحات متلفزة، مساء الجمعة: «إن هناك 4 عناصر أساسية تُشكل الموقف المصري الرسمي بشأن أحداث سوريا»، موضحاً أن «القاهرة تُصر على ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية وعدم تقسيمها». وأشار إلى أن الموقف المصري «يتمحور حول أن سوريا بحاجة إلى عملية سياسية شاملة، تُؤسس لمرحلة جديدة من دون تدخلات خارجية»، مبرزاً في هذا السياق أن «هناك تحركات لبدء عملية سياسية شاملة تؤسس لتلك المرحلة الجديدة».

أما العنصر الثالث من محددات الموقف المصري فيتركز على «ضرورة أن تكون هناك مشاركة دولية لإعادة إعمار سوريا»، في حين يشمل المحدد الرابع «ضرورة إعادة المواطنين السوريين إلى بلادهم، وضمان الأمن والاستقرار في البلاد»، حسب خلاف، الذي أكد أن دمشق «تحتاج إلى إدارة العملية الانتقالية بحنكة».

مركبات عسكرية إسرائيلية في مدينة القنيطرة السورية كما شوهدت من الجانب الإسرائيلي من مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)

كما أشار متحدث «الخارجية» إلى أن «القاهرة تتابع باهتمام كبير التغيير السياسي الذي تشهده سوريا، التي تجمعها علاقات تاريخية بمصر، واللتين كانتا دولة واحدة، وحاربتا معاً في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973».

وقال بهذا الخصوص: «هناك رغبة مصرية صادقة في مساعدة سوريا في هذه المرحلة العصيبة، والخروج من الأزمة، خصوصاً أن مصر عبّرت عن موقفها بإدانة استيلاء إسرائيل على المنطقة العازلة، وقصف القواعد العسكرية السورية»، مشيراً إلى «تحركات دولية في مجلس الأمن من أجل صدور قرار يلزم إسرائيل بوقف ما تقوم به في الأراضي السورية».

وأضاف خلاف موضحاً أن «مصر تتحرك في مسارها الإقليمي بالجامعة العربية في هذا الصدد، وتسعى لتوجيه المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية».

وكانت جامعة الدول العربية قد عقدت اجتماعاً، مساء الخميس، بمبادرة مصرية، خلُص إلى إصدار قرار عربي «يدين توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا»، مع الدعوة لتحرك المجموعة العربية في نيويورك لعقد جلسة في «مجلس الأمن» الدولي بهذا الشأن.

من جهته، قال مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي: «إن المحددات المصرية الأربع في محلها، لكنها تحتاج إلى خطط وتحركات فعلية على الأرض». مشيراً إلى «التحرك المصري من أجل إصدار قرار عربي يدين التوغل الإسرائيلي في الجولان، ودعمه بتحرك مماثل في مجلس الأمن». وقال: «إنه ينبغي أن يتم تعزيز هذا التحرك بتنسيق مع تركيا».

وأضاف الشوبكي موضحاً أن «المحددات المصرية تتوافق بشكل كبير مع الموقف العربي»، مطالباً بـ«وضع خطط عملية لصياغة تحركات سياسية ودبلوماسية، تشتبك مع التطورات في سوريا، وتدعم المسار الانتقالي؛ انطلاقاً من المحددات المصرية».

أشخاص يجمعون معادن من موقع غارة إسرائيلية استهدفت شحنات أسلحة تابعة للقوات الحكومية السورية السابقة في القامشلي (أ.ف.ب)

وعلى مدار الأيام الماضية، أجرت مصر اتصالات مكثفة مع الأطراف الإقليمية والدولية بشأن تطورات الوضع في سوريا، وأكدت مراراً «دعمها عملية سياسية شاملة بملكية وطنية سورية، تلبي طموحات الشعب السوري، وتحفظ استقرار سوريا وأمنها وسيادتها على كامل أراضيها».

واستعرض وزير الخارجية المصري، خلال مشاركته في اجتماع «لجنة الاتصال العربية الوزارية» حول سوريا بالأردن، السبت، موقف بلاده الداعي إلى «ضرورة الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذا الظرف الدقيق، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وسلامتها، واحترام سيادتها، ودعم مؤسسات الدولة لتعزيز قدراتها للقيام بأدوارها في خدمة الشعب»، حسب إفادة رسمية لـ«الخارجية المصرية».

وشدد الوزير عبد العاطي على «رفض مصر الكامل لتوغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا، وأدان احتلال إسرائيل للأراضي السورية، وانتهاك (اتفاق فض الاشتباك) بين سوريا وإسرائيل لعام 1974».

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، فإن موقف القاهرة من التطورات في سوريا «مرتبط بالموقف العربي»، مشيراً إلى مشاركة مصر في اجتماع الأردن، اليوم السبت، والذي يشمل أطرافاً إقليمية ودولية. وأكد هريدي «أهمية الاجتماع، لا سيما مع وجود لاعبين إقليميين ودوليين على الأرض في سوريا حالياً».