تنقّل فؤاد يمّين بين مجالات فنية كثيرة، فمواهبه المختلفة سمحت له بدخول الساحة من بابها العريض. إضافة إلى ممارسته التمثيل في أعمال سينمائية وأخرى على الشاشة الصغيرة، شكّل المسرح رفيقه الدائم. كما عمل في مجال التقديم التلفزيوني. وهو موسيقي لديه تجارب غنائية تركت أثرها عند سامعها.
ولكن على مقلب آخر تبقى الكتابة شغفه الأول والأخير، ولذلك أسس «أباجور» وهي شركة إنتاج تعنى بتأليف المحتوى الدرامي. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «هدف هذه الشركة تقديم نصوص للسينما والمسلسلات ومهمتها تنحصر بكتابة النصوص وبيعها. وتيرة العمل في هذه الشركة على أشدها. استطعنا حتى اليوم بيع الكثير من النصوص وبينها ما تم تصويره أو على طريق الإنتاج». وعندما سألناه عمن يتفوق على الآخر عنده، الكاتب أو الممثل؟ أجاب: «القصة لا يمكن تقديرها بالتفوق ولكني أحب الكتابة أكثر من أي عمل آخر، مع أن الناس عرفتني في مجال التمثيل بشكل أكبر». ويتابع: «منذ صغري أكتب الشعر والأغاني وأعمالاً مسرحية. وعندما درست المسرح وتخصصت به تعلقت بهذه الموهبة أكثر، فهي تستهويني بشكل لافت. وفيما يخص أيهما أبرع فيه أكثر؟ أعتقد أنني في الحالتين أبذل الجهد المطلوب».
يُعرض لفؤاد يمّين حالياً فيلم «عالم التلفزيون» على منصة «شاهد» الإلكترونية. وهو كناية عن نقل لتجربة واقعية عاشها من خلال تقديمه برنامج «نقشت» (تايك مي آوت). يخرج في الفيلم، من أعماقه كل ما اكتشفه ضمن كواليس لعبة مفبركة كما يقول. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أردت أن أبيّن كل وجهات النظر التي تغلف العمل التلفزيوني. تناولت الكذب السائد في (الشو بزنس»، وأن هذا المجتمع قائم على الازدواجية. الأمور التي تمرَّر من تحت الطاولة لا تشبه بتاتاً تلك التي فوقها وينبهر المشاهد بها».
برأي يمّين أن عدم التصالح بين اللبنانيين، كمجتمع موحد، لن يؤدي بالتأكيد إلى إحداث تطور في «عالم التلفزيون». وعما إذا هو نعى بشكل غير مباشر هذا العالم؟ يرد: «في الواقع هناك تراجع ملموس في نسب مشاهدة التلفزيون، وخصوصاً عند جيل الشباب. فإذا قمنا بإحصاء سريع لمراهقين في عمر الـ15 أو 16 عاماً ندرك أن غالبيتهم لم تحفظ اسم أي محطة تلفزيونية. فهم منكبّون بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات الإلكترونية. فهي تقدم المحتوى التلفزيوني الذي يجذبهم. وأعتقد أننا في السنوات المقبلة لن تتشابه لغة الترفيه عند أولادنا مع اللغة التلفزيونية التقليدية ولن تمثلهم أيضاً». ويكمل: «أنا فعلياً، لا أنعاه تماماً، ولكني تحدثت عن واقعه اليوم، مع أن الفيلم صور منذ نحو 4 سنوات. مع ذلك، تبين لي أنه يواكب وضعنا التلفزيوني اليوم، وهو يطرح سؤالاً بدهياً عن مستقبله في السنوات المقبلة».
جميع أحداث فيلم «عالم التلفزيون» مقتبسة من واقع عاشه فؤاد يمّين ولكنه أضاف إليه تعديلات درامية تسهيلاً لتسويقه. ويختم في هذا الموضوع: «أشبّه التلفزيون بكائن قاسٍ بلا قلب، يلهث وراء الربح المادي مهما كان الثمن، وهو عالم مفبرك».
من بعد تجربته التلفزيونية في «نقشت» قرر يمّين اعتزال العمل التلفزيوني وتقديم استقالته منه. «نقشت» سمح باكتشاف ذاتي، ودلّني على الأمور التي أود المضيّ فيها والعكس. التمثيل لا يزعجني بتاتاً، إنما التقديم التلفزيوني دخلته بالغلط ولم يزوّدني بأي إضافة في مشواري كفنان. اتخذت قراري بعده بمغادرة هذا العالم رغم عروض كثيرة تلقيتها».
من ناحية أخرى يحضّر يمّين لمجموعة أعمال درامية ومسرحية توازيها أخرى سينمائية بالعشرات، بعضها لم يتم عرضه بعد. «لديّ نحو 10 أفلام سينمائية جاهزة للعرض وبينها ما تعاونت فيها مع شركة (فينيكس برودكشن) و(إم إن برودكشن) و(داي 2 بيكتشرز) وغيرها. فالإفراج عن أعمال سينمائية، يعود إلى المنتجين، فهم يتريثون في تحديد مواعيد عروضهم لأسباب كثيرة. السينما اليوم تعاني من تراجع في نسبة مشاهديها بعد ارتفاع أسعار بطاقات الدخول، وانتشار الجائحة من ناحية ثانية. بعضهم قرر اللجوء إلى المنصات، لإنقاذ إنتاجه، ولذلك نجهل تماماً مواعيد العروض».
عجقة أعمال يحضر لها اليوم يمّين، بينها مسرحية بعنوان «خليّا بيناتنا» التي يقدمها على الخشبة مع زوجته الممثلة سيرينا الشامي. وتحكي عن علاقة تجري بين رجل وامرأة تحمل ميزات معينة. «تعالج موضوعات مختلفة في شأن العلاقات ككل والتعقيدات التي تحملها». لم يسبق أن اجتمع يمّين وزوجته في عمل مسرحي وحدهما. وهذه هي التجربة الأولى لهما. ويوضح: «شعرنا بأن الوقت أصبح مؤاتياً للقيام بهذه الخطوة، لا سيما أن ابننا وسيم كبر، وأصبحنا قادرين على التحرك بحرية أكبر». وعن مشاريعه الأخرى يقول: «هناك مسرحية (ع كعبا) التي نعرضها منذ زمن وقد تنقلنا بها في عدة مناطق لبنانية. وهي تلاقي نجاحاً كبيراً، لأنها ترتكز على التفاعل المباشر مع الحضور. وأقدمها مع جاد أبو كرم وطوني داغر وأنطوني حموي. نقف على المسرح ونبدأ بالتحدث مع أحد الحضور. وبناءً عليه نشيّد مشاهد مسرحية، نقدمها ابنة اللحظة على الخشبة، ويتخللها ألعاب ارتجالية ومشاركة فعالة من الحضور. قدمنا نحو 150 عرضاً في دول كثيرة بينها لبنان وأفريقيا، وقريباً جداً سنحملها إلى أبوظبي والدوحة».
وعن رأيه بالأعمال المسرحية اليوم التي تميل إلى الحداثة وتناولها موضوعات تحاكي جيل الشباب يوضح: «هو أمر واقع بطبيعة الحال، لأن العاملين في هذا المجال اليوم هم من الشباب اللبناني، ولكل زمن رجاله. فبين فترة وأخرى يتسلم مهمات المسرح جيل جديد، ولا بد أن يفرض أفكاره. كما أن العولمة التي نعيشها في عصرنا هذا، أسهمت في انفتاحنا على موضوعات أكثر حداثة. هناك متابعة من جيل الشباب لكل جديد في العالم. وهذا الأمر ينطبق على المسرح عالمياً، وليس في لبنان فقط».
من المسلسلات التي سيطل فيها يمّين قريباً «براندو الشرق» من كتابة جورج خباز وإنتاج شركة الصبّاح. وكذلك «الحفرة» مع شركة «فالكون فيلمز» من إخراج السوري فادي وفائي. ومن أعماله الأخرى «روح» مع شركة «داي تو برودكشن» و«ترتيب خاص» أيضاً مع شركة «فالكون» مع المخرج ميار النوري نجل الممثل السوري عباس النوري، وقد شارك في كتابة نصه مع يمّين ورامي عوض.