مسلحون بملابس عسكرية يقتحمون اتحاد أدباء العراق ويعتدون على أعضائه

مثقفون عراقيون غاضبون لاقتحام مقرهم وسط بغداد.. ويطالبون برد الاعتبار

مجموعة من الأدباء والمثقفين العراقيين يتقدمهم فاضل ثامر رئيس اتحاد أدباء العراق في مظاهرة احتجاجية في شارع المتنبي أمس («الشرق الأوسط»)
مجموعة من الأدباء والمثقفين العراقيين يتقدمهم فاضل ثامر رئيس اتحاد أدباء العراق في مظاهرة احتجاجية في شارع المتنبي أمس («الشرق الأوسط»)
TT

مسلحون بملابس عسكرية يقتحمون اتحاد أدباء العراق ويعتدون على أعضائه

مجموعة من الأدباء والمثقفين العراقيين يتقدمهم فاضل ثامر رئيس اتحاد أدباء العراق في مظاهرة احتجاجية في شارع المتنبي أمس («الشرق الأوسط»)
مجموعة من الأدباء والمثقفين العراقيين يتقدمهم فاضل ثامر رئيس اتحاد أدباء العراق في مظاهرة احتجاجية في شارع المتنبي أمس («الشرق الأوسط»)

استنكر مثقفون وأدباء عراقيون، أمس، الاعتداء السافر على مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في العاصمة بغداد، الليلة قبل الماضية من قبل مجموعة مسلحة، وعدوه بأنه «استهانة» بالأمن الوطني «وتهديد» لحياة العاملين في الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني، وطالبوا بمحاسبة المتجاوزين «وردع» الجهات الغير رسمية من حمل السلاح واستخدامه والتأكيد على حصر استعمال السلاح بيد الدولة للحفاظ على هيبتها وسيادة القانون.
وشهد «شارع المتنبي»، أمس، مظاهرة تضامنية مع اتحاد الأدباء العراقيين الذي ما زال اسمه مرتبطا باسم مؤسسه «شاعر العرب الأكبر» محمد مهدي الجواهري.
حكاية الاعتداء كما وردت على لسان رئيس الاتحاد الناقد فاضل ثامر «بدأت في الساعة السابعة من مساء الأربعاء الماضي عندما هاجمت مجموعة مسلحة يقدر عددها بخمسين شخصا يرتدون ملابس عسكرية سوداء وتقلهم سيارات مدنية، وقاموا بغلق شارع ساحة الأندلس واقتحام البوابة الرئيسية للاتحاد لأن البوابة الثانية مقفلة لغلق النادي الاجتماعي منذ يومين احتراما لشعائر شهر رمضان الكريم». وأضاف: «تلك المجاميع قامت باحتجاز القوات الأمنية الرسمية المخصصة لحماية الاتحاد من قبل وزارة الداخلية وتجريدهم من سلاحهم مع ضابطهم المسؤول واقتحام غرف وقاعات الاتحاد والعبث بها وتكسير الكثير من أثاثه». وأصدر الاتحاد بيانا شديد اللهجة وصف فيه الحادث بـ«مخالفة لكل تقاليد المجتمع الديمقراطي»، داعيا «الجهات المعنية إلى إدانة هذا الاعتداء قبل أن يطال الجميع»، مطالبا بـ«محاسبة المتجاوزين وردع أي جهة غير رسمية من حمل السلاح واستخدامه ضد المؤسسات الثقافية والمدنية كونه يضعف هيبة الدولة ومكانتها في نظر الأدباء والمثقفين والمواطنين».
وعن تبعات قضية الاعتداء، قال فاضل ثامر: «قمنا على الفور بإعلام الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد الذي وعدنا بملاحقة الجناة، وكذلك أوصلنا صوتنا إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي استنكر الحادث وكذلك وزير الثقافة فرياد رواندزي الذي وعدنا بإصدار بيان لرفض تلك الممارسات ومتابعتها والمطالبة بتشديد ضبط الأمن وديمومة الحياة المدنية في البلاد».
وسبق أن تعرض الاتحاد العام للأدباء إلى اعتداءات متكررة من قبل جماعات مسلحة، وعن أسباب ذلك يقول ثامر: «هناك عوامل كبيرة تقف في مقدمتها أن اتحاد الأدباء وخلال سنوات عمله أصبح منظمة اجتماعية مرموقة ولها مواقف مهمة كونها رفضت الانضواء تحت أي لافتة سياسية، واعتنت بالشأن الاجتماعي والسياسي ضد موجة العنف والتطرف والانفلات ويبدو أن هذا المشروع لا يتفق مع بعض أجندات وتوجهات تلك الجهات!».
ووصف الكاتب والباحث العراقي الدكتور فالح عبد الجبار الحادث بـ«العدوان وإعلان الحرب على الثقافة». وقال «يذكرني الحدث بغوبلز النازي القائل: كلما سمعت كلمة ثقافة مددت يدي إلى المسدس! الحدث يذكرني أيضا بمنطق الميليشيا: الانفلات».
وأصدر عبد الجبار في بيان موجه إلى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، جاء فيه «تعرض مقر اتحاد الأدباء ببغداد إلى غارة بقوة مسلحة، قوامها 50 رجلا، بملابس عسكرية سوداء، وهو هجوم حربي بالمعنى الحرفي، واكتساح على طريقة العصابات: تحطيم الأثاث، مصادرة أجهزة التليفون، وتفريغ جيوب الحاضرين، وضرب الحاضرين». وأضاف «هذا اعتداء على الثقافة، مادة ورمزًا، وفلتان ميليشيات ينذر بالشؤم، واستثمار أهوج للرمزية المقدسة - شهر رمضان - لارتكاب أفعال مدنسة».
وجاء في البيان الذي وقعه المئات من الأدباء والمثقفين العراقيين عبر الإنترنيت «نحن الموقعين أدناه ندعوكم إلى التحقيق الفوري، وضبط الفاعلين، وإحالتهم ومصادرة أسلحتهم، وإحالتهم إلى القضاء. السكوت عن هذا العدوان سيقضي على كل بشارة توسمها المثقفون ببداية جديدة تقوم على التزام القانون، ما يفقد حكومتكم أي احترام، من أصغر إلى أكبر مثقف».
نقيب النقابة الوطنية للصحافيين العراقيين في بغداد عدنان حسين، استنكر حادث الاعتداء على مقر الاتحاد، ووصفه بالعدوان الهمجي غير المبرر من إحدى العصابات الكثيرة التي خلفتها لنا الحكومة السابقة الفاشلة: «وطالب الوسط الإعلامي والثقافي في بغداد برفع أصواتهم عاليا والتظاهر والاحتجاج في ساحة التحرير لهذا التجاوز السافر على الدولة والخروج على أحكام دستورها الذي نص على حصر حمل السلاح بالدولة وحرّم العمل خارج القوانين».
ولفت يقول: «إن صمتنا معناه تمادي تلك العصابات المسلحة في التجاوز على القوانين والنواميس، وسيكون كل واحد منا الهدف التالي».
بدورها وصفت الشاعرة غرام الربيعي الحادث بأنه «إهانة لكل المثقفين»، وقالت: «الاستنكار وحده لا يكفي لا بد من فعل شيء لإنقاذ الثقافة العراقية من التهديد وسيطرة الجماعات المسلحة، ولا بد من وحدة صف المثقفين لأجل إيصال كلمتهم القوية، وإلا فإن رياح القوة والسلطان ستغلب على الكلمة والأدب والفنون».
فيما قالت الشاعرة أطياف رشيد: «هذا يعني استهدافا للثقافة والجمال وتهديدا واضحا للمثقفين والأدباء.. إنهم يريدون قتل بغداد، ولا بد أن نتصدى لمشاريعهم». وطالبت الأديبة راوية الشاعر الحكومة «بتشكيل فرق للتحقيق وبشكل سريع والاتفاق على إدانة أدباء العراق للحادث المشين الذي يمس صرحا من صروح الثقافة في العراق». وشددت على «أهمية الحفاظ على ما تبقى من رائحة الإبداع والثقافة في البلاد». أما النائب عن كتلة الوركاء الديمقراطية جوزيف صليوا، فطالب وزارة الداخلية بالتحرك فورًا، لكشف ملابسات حادث اعتداء مجموعة مسلحة على مقر الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.