قرار تعيين محققة رديفة في انفجار مرفأ بيروت يواجه ألغاماً قانونية

اتهامات للقاضية نصار برفض مبدأ الادعاء على سياسيين بالمسؤولية عن الانفجار

TT

قرار تعيين محققة رديفة في انفجار مرفأ بيروت يواجه ألغاماً قانونية

ينهي مجلس القضاء الأعلى، مطلع الأسبوع المقبل، الجمود الذي يلف التحقيق في ملف انفجار مرفأ بيروت منذ تسعة أشهر، بالموافقة على تعيين القاضية سمرندا نصار، محققاً عدلياً رديفاً في هذه القضية. وأكد مصدر في مجلس القضاء الأعلى لـ«الشرق الأوسط»، أن المجلس «سيتخذ قراره بالتصويت بالأكثرية على تسمية نصار لهذه المهمة، بعد تعذر تأمين الإجماع حولها»، وعلى الرغم من أن هذا التعيين سيترك آثاراً سلبية على الملف، وعلى الواقع القضائي برمته، قال المصدر إن «وسائل الاعتراض على التعيين متاحة، لكن ضمن الأطر التي يقتضيها القانون».
وفيما تترقب الأوساط القضائية الخطوة التي سيقدم عليها القاضي طارق البيطار، فور صدور قرار التعيين، إذ تصر مصادر مقربة منه على أنه «سيتخذ الموقف المناسب حيال ما يحصل، ولن يعترف بشرعية التعيين أياً كانت النتائج»، تتحضر أطراف الدعوى لمواجهة قانونية مع القاضية نصار، ما قد يضعها أمام ألغام قانونية شبيهة بتلك التي نصبت للقاضي البيطار، وكشف محامٍ في فريق الادعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن المحامين الذين يمثلون الضحايا وذويهم «يدرسون الكثير من الخطوات الممكن اللجوء إليها، ولن يتركوا الأمور رهينة إرادة معطلي التحقيق». وقال المحامي، الذي رفض ذكر اسمه، «عندما يصدر قرار تعيين القاضية نصار، تكتمل الصورة لدينا، وعندها نحدد أهدافنا، ومنها دعاوى الرد، وإجراءات أخرى أكثر قوة وفاعلية». وأكد أن «مقومات رد القاضية نصار متوفرة، لا سيما وأنه سبق لها أن وجهت انتقاداً لادعاءات البيطار ضد سياسيين وقادة أمنيين». وأضاف وكيل الادعاء: «فور صدور لائحة الادعاء عن القاضي البيطار في 2 يوليو (تموز) 2021، كتبت القاضية نصار على صفحتها على موقع (تويتر)، قائلة (لما بدك تصيب ما بتكبر الحجر)، وهذا يعد رأياً مسبقاً في الملف، ورفضاً لمبدأ الادعاء على السياسيين، وبالتالي لا يحق لها أن تنظر في الملف، ولا أن تبت بإخلاءات السبيل أو الدفوع الشكلية». ورأى أن «التطورات تتغير بشكل يومي، وكل تطور سنتعامل معه في وقته، ووفق ظروفها».
وتستمر المرجعيات القضائية والقانونية في رفضها لمبدأ تعيين محقق رديف، سواء بملف المرفأ أو أي دعوى أخرى، واعتبر النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي، أن «اختلاق مركز قضائي جديد يحتاج إلى قانون يقره مجلس النواب وليس قراراً يصدره وزير العدل». وناشد مجلس القضاء الأعلى «العودة عن موافقته على تعيين محقق رديف، لأن القرار يخالف القانون وقواعد التحقيق، التي لا تحتمل تعيين قاضيين لملف واحد، كما أن المجلس، وإن كان يمثل رأس السلطة القضائية، فهو يختلق مركزاً قضائياً بقرار إداري». وقال ماضي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «شروط تعيين القاضي الرديف لا تتوفر إلا في حال غياب القاضي الأصيل، أما في هذه الحالة فالقاضي البيطار موجود، وهناك من يعطل التحقيق بخلاف إرادته»، مستغرباً بشدة كيف أن وزير العدل حدد مهام المحقق الجديد، ومؤكداً أن «الوزير ليس صاحب صلاحية ليحدد مهام المحقق، بل قانون أصول المحاكمات الجزائية، إن دور الوزير يقتصر على طرح اسم القاضي، ومن ثم يصدر القرار بعد موافقة مجلس القضاء».
وتجمع المراجع المتخصصة بعلم القانون على أن هذا التعيين يشكل سابقة غير معهودة بتاريخ القضاء، ووصف القاضي ماضي هذا الإجراء بأنه «احتيال على القانون»، رافضاً مزاعم أن المحقق الرديف لديه مهام محددة وضيقة جداً. وشدد على أن «المحقق الجديد يمتلك كامل صلاحيات المحقق العدلي الأصيل، وما يحصل محاولة التفاف احتيالية على القاضي البيطار لدفعه إلى التنحي». وسأل ماضي: «من يضبط الاختلاف إذا وقع بين القاضيين الأصيل والرديف؟ وأي منهما يصدر القرار الاتهامي إذا افترضنا أن البيطار سيعود لممارسة مهمته؟».
واعتبر النائب العام التمييزي السابق، أن «مهمة المحقق الجديد ليست مفروشة بالورود، بل ستكون معقدة جداً، في ظل معلومات عن استعداد فريق الادعاء لتقديم دعاوى رد ضده بما يؤدي إلى تكبيل يديه». ورأى أن المخرج قد يكون بلجوء المحكمة التي تنظر بدعوى رده إلى المادة 125 من قانون أصول المحاكمات المدنية، التي تنص على أنه «عندما يتبلغ القاضي طلب رده وتكف يده، وإذا طرأ شيء مفاجئ يمكن المحكمة حينها أن تعين قاضياً، وتكلفه البت بالطلبات المقدمة للقاضي المطلوب رده». ولفت إلى أن «محاولات تسريع وتيرة إطلاق سراح الموقوفين بملف المرفأ ستصطدم برأي فريق الادعاء الذي سيبدي رأيه بطلبات إخلاء السبيل، إلا إذا كان هناك من يخطط للبت بطلبات إخلاء السبيل دون الأخذ برأي جهتي الادعاء أو الدفاع، وبذلك نكون أمام فضيحة إضافية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى واشنطن، وإعلانه أمام الكونغرس الأميركي أن حكومته عازمة على إنهاء التهديدات الأمنية التي يمثلها «حزب الله» على الجبهة الشمالية، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة، وهو يَعِد قبل هذه المناورة بتنفيذ عملية جوية قوية في لبنان».

ورغم اختلاف التفسيرات حول أبعاد هذه المناورة وتوقيتها، فإنها أجمعت على أن تل أبيب ماضية بخطط الهجوم الواسع على لبنان، ما لم يخضع «حزب الله» لشرط الانسحاب من منطقة جنوب الليطاني. وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، قراءته لهذه المناورة، مشيراً إلى أن «ثلاث وحدات عسكرية جديدة انتقلت في الأسابيع الماضية إلى الجبهة الشمالية ووُضعت بحال استنفار استعداداً لعملية عسكرية كبيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الوحدات «بحاجة إلى التدريب على العمل مع بعضها وتوزيع المهام على الجبهة». وقال: «عندما يعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيقوم بمناورة فيمكن أن تكون مجرّد تمرين، لكن يمكن أن تمهّد لهجوم عسكري يحمل عنصر المفاجأة ونصبح أمام عملية كبيرة على الأرض»، مذكراً بأنه «منذ انتهاء حرب تموز في عام 2006، وإسرائيل تستعدّ لحرب جديدة وطويلة مع (حزب الله)، لكن هذه الحرب تحتاج إلى اجتماع ثلاثة مقومات: الأول الاستعداد اللوجستي والثاني العسكري والأمني والثالث الاستعداد السياسي، وأكثر ما نخشاه أن تكون إسرائيل أنجزت الاستعداد السياسي بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن».

وسبق الإعلان عن هذه المناورة، زيارة قام بها قائد الجبهة الشمالية إلى الحدود مع لبنان، حيث ذكّر بأن الغارة على ميناء الحديدة في اليمن وتدميره، هي رسالة واضحة إلى إيران و«حزب الله» بأن سلاح الجو الإسرائيلي قادر على أن يطال كل الأهداف. ولفت العميد خليل الحلو إلى أن إسرائيل «عازمة على إبعاد (حزب الله) عن الحدود الشمالية بأي ثمن، بما في ذلك العمل العسكري الذي يضعه نتنياهو على الطاولة، والذي أكد عليه في كلمته أمام الكونغرس الأميركي»، لافتاً إلى أنه «رغم الاستعدادات للوحدات البرية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي يلعب دوراً حاسماً في الحرب».

الإعلان عن هذه المناورة، يأتي بعد أقلّ من شهرين على مناورة كبيرة وواسعة أجراها الجيش الإسرائيلي في 28 مايو (أيار) الماضي، لاختبار مدى استعداد قواته وأجهزته لنشوب حرب شاملة على الجبهة الشمالية للبلاد، وقالت هيئة البث الإسرائيلية حينها، إنّ المناورة «نُفذت بشكل مفاجئ؛ إذ إن الهدف منها تعزيز جاهزية الجيش الإسرائيلي، لمختلف السيناريوهات على الجبهة الشمالية مع لبنان».

ووضع مدير «معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، المناورة الجديدة في سياق «الضغط على لبنان، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة ولقاءاته مع كبار القادة في الإدارة الأميركية ولدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي». وأكد نادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تل أبيب مصرّة على إزالة التهديد على الجبهة الشمالية سواء بالعمل الدبلوماسي أو بالخيار العسكري الذي استكملت الاستعدادات له، في حين يصرّ (حزب الله) على العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ أي قبل عملية (طوفان الأقصى)، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي ذاهب باتجاه تنفيذ تهديدات نتنياهو بخلاف ما يُحكى عن خلاف ما بين رئيس الحكومة والقيادة العسكرية».

ورغم الجهود التي بذلتها وتبذلها الإدارة الأميركية ودول القرار، لمنع فتح جبهات جديدة خصوصاً مع لبنان، يشدد الدكتور سامي نادر على أن إسرائيل «مصممة على تغيير قواعد الاشتباك، وما زاد من هذا الإصرار ما كشفه (حزب الله) في الأيام والأسابيع الأخيرة عن بناء قدرات جوية كبيرة تهدد أمن إسرائيل، وإن كانت هذه القدرات لا تقاس بما تمتلكه تلّ أبيب من سلاح نوعي وكمّي لا يقارن بما لدى الحزب وكل محور الممانعة».