علاج شائع لسرطان البروستاتا قد يعيد الورم ويجعله أكثر عدوانية

علاج شائع لسرطان البروستاتا قد يعيد الورم ويجعله أكثر عدوانية
TT

علاج شائع لسرطان البروستاتا قد يعيد الورم ويجعله أكثر عدوانية

علاج شائع لسرطان البروستاتا قد يعيد الورم ويجعله أكثر عدوانية

أشارت دراسة جديدة نشرت نتائجها مجلة «Nature Communications» من مركز «روجل» للسرطان بجامعة ميشيغان الأميركية إلى أن مثبطات مستقبلات الأندروجين يمكن أن تعيد تشكيل كيفية عمل أورام البروستاتا، وفي بعض الحالات تجعلها أكثر عدوانية، وذلك وفق ما ذكر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
وتشير الأبحاث إلى أن علاج سرطان البروستاتا شائع الاستخدام يعيد أسلاك محرك أورام البروستاتا في ثلاث من أصل 21 حالة درسها جوشي ألومكال وفريقه تغير التعبير الجيني لأورام البروستاتا بعد تلقي «إنزالوتاميد» ولم يعد لديه مستقبلات الأندروجين.
وتم استخدام أدوية مثل «إنزالوتاميد» التي تثبط هرمونات الذكورة من تنشيط مستقبلات الأندروجين لعلاج سرطان البروستاتا المتقدم لأكثر من عقد من الزمان.
وعلى الرغم من نجاح هذه الأدوية في معظم الحالات، إلا أنها قد تتوقف عن العمل في النهاية، ولكن هناك فهم محدود لكيفية حدوث هذا التغيير.
وتعمل هرمونات الذكورة كوقود، حيث تقوم بتشغيل مستقبلات الأندروجين التي تعمل كمحرك لخلايا سرطان البروستاتا.
وعلى مدار الثمانين عامًا الماضية، ركز علاج المرضى الذين يعانون من سرطان البروستاتا المتقدم على التدخل في مستويات الهرمون هذه (يتم ذلك الآن عادةً من خلال جرعات خفض الهرمونات وأدوية مثل إنزالوتاميد). وفي النهاية، تطور جميع الأورام تقريبًا حلولاً بديلة وتهرب من العلاج. وفي معظم الحالات تظل الأورام معتمدة على هرمونات الذكورة لتعزيز نموها. لكن لا تزال الأمثلة الأخرى لمقاومة العلاج غير مفهومة.
ويوضح الدكتور جوشي ألومكال أستاذ طب الأسرة وطب الأورام والطب الباطني الذي قاد فريق الدراسة بالتعاون مع مختبر Zheng Xia بمعهد «نايت» للسرطان بجامعة أوريغون للصحة والعلوم، وكذلك الدكتور توماس ويستبروك زميل أمراض الدم والأورام المؤلف الأول المشارك للدراسة انه «بمجرد توقف إنزالوتاميد عن العمل، هناك خيارات محدودة. لا نعرف كيف أو لماذا تصبح معظم الأورام مقاومة؟!».
وأراد ألومكال أن يفهم ما كان موجودًا بهذه الأورام في البداية وما حدث بعد أن بدأت الأورام في النمو بعلاج إنزالوتاميد. لذا قام هو وزملاؤه بتجنيد المرضى لدراسة طولية للحصول على خزعات النقائل قبل العلاج بالإنزالوتاميد وفي الوقت الذي أصبح فيه الورم مقاومًا للعلاج. جمع فريقه خزعات متسلسلة من 21 مريضًا، ما مكنهم من فهم الحلول البديلة للورم من كل مريض.
ويبن ألومكال أن هذه هي أكبر مجموعة من الخزعات النقيلية المتطابقة قبل وبعد إنزالوتاميد «لفهم مقاومة الأدوية. غالبًا ما يجمع الباحثون عينات من بعض المرضى قبل العلاج ومن مجموعة مختلفة من المرضى الذين تكون أورامهم مقاومة للعلاج. ومع ذلك، فإن هذا النهج أقل دقة نظرًا لاحتمال وجود اختلافات كبيرة أخرى بين هؤلاء المرضى».
وقد قدمت طريقة أخذ العينات المتسلسلة لألومكال صورة أوضح بكثير لكيفية ظهور مقاومة الإنزالوتاميد؛ فعندما قارنوا العينة الأساسية بعينة التقدم من نفس المريض، لم تظهر معظم الأورام أي تغييرات كبيرة في التعبير الجيني. وفق ألومكال، الذي يؤكد «أن برنامج التعبير الجيني للورم قبل العلاج بدا مشابهًا جدًا في التقدم أثناء تناول إنزالوتاميد، إنه أمر رائع للغاية. إنه يتحدث عن مدى قدرة معظم الأورام على التكيف والحفاظ على محرك مستقبلات الأندروجين على الرغم من العلاج بالإنزالوتاميد».
لكن هذه لم تكن المفاجأة الوحيدة؛ ففي ثلاث حالات من أصل 21 حالة، لاحظ ألومكال وفريقه تحولًا عميقًا في الأسلاك - أو برنامج التعبير الجيني - للأورام، قائلا «كنا نعلم أن الأورام في بعض الأحيان تصبح مستقلة عن الوقود ولم تعد تعتمد على مستقبلات الأندروجين. وبدلاً من ذلك تقوم هذه الأورام بتشغيل برنامج التعبير الجيني الأكثر شيوعًا في الخلايا العصبية بدلاً من خلايا البروستاتا، وتتحول إلى شكل عدواني يسمى سرطان البروستاتا العصبي».
لكن ألومكال وجد أنه في 15 في المائة من الحالات، أصبحت الأورام أيضًا مستقلة عن الوقود لسبب آخر، فقد «تم توصيل هذه الأورام بطريقة فريدة وكانت أكثر اتساقًا مع نوع فرعي من سرطان البروستاتا يسمى سرطان البروستاتا السلبي المزدوج، ما يعني أن الأورام لم تعد تمتلك مستقبلات الأندروجين كمحرك. لكنها أيضًا لم تصبح سرطان البروستاتا العصبي الصماوي».
فاستخدم ألومكال المركبات لوصف هذا التغيير «في البداية، جميع أورام البروستاتا تقريبًا تستهلك كميات كبيرة من الغازات؛ تعتمد بشكل كبير على الوقود وتدعمها مستقبلات الأندروجين كمحرك. وعند معالجتها بالعلاجات الهرمونية، تظل معظم الأورام معتمدة على الوقود ولكنها تصبح أكثر كفاءة في استهلاك الوقود وقادرة على الانتقال لمسافات أبعد مع كمية أقل من الوقود، لقد أظهر عملنا أن غالبية الأورام (حتى بعد تلقي إنزالوتاميد) تظل معتمدة على الوقود بشكل كبير، ما يشير إلى أن الاستمرار في استهداف مستقبلات الأندروجين يمكن أن يحدث فرقًا هائلاً في هذه الأورام».
كما وجد ألومكال أن ثلاثة أورام تحولت إلى سرطان البروستاتا المزدوج السلبي (على غرار السيارة الكهربائية). مبينا «تم استبدال محرك البنزين بمجموعة متميزة تمامًا من الآلات التي سمحت للأورام بالنمو والبقاء على قيد الحياة. كانت طفرات الحمض النووي الموجودة في خزعات خط الأساس والتقدم من هذه الأورام المحولة هي نفسها، ما يشير بقوة إلى أن إنزالوتاميد أعاد توصيل محرك الورم الأصلي المعتمد على الوقود ليصبح مستقلاً عن الوقود عند تقدم المرض. إنه تحول مثير».
وعلى الرغم من أن أورام خط الأساس بدت متشابهة تحت المجهر ، إلا أن فريق ألومكال حدد جينات معينة تم التعبير عنها بشكل كبير في تلك التي أصبحت في النهاية سرطان البروستاتا السلبي المزدوج.
وتشير هذه النتيجة إلى أن بعض الأورام توجد في حالة هجينة وتعتمد في البداية على الوقود ولكنها معرضة لخطر التحول إلى سرطان البروستاتا المزدوج السلبي المستقل عن الوقود أثناء العلاج بالإنزالوتاميد.
ويحذر ألومكال أن نتائج طريقة أخذ العينات المتسلسلة تشير إلى أن إنزالوتاميد يتسبب في تكيف الأورام بشكل كبير في بعض الحالات. مشيرا الى ان الفريق لديه المزيد من العمل. ومع ذلك، فإن حقيقة أن الحمض النووي يبدو متشابهًا في المحولات تشير بقوة إلى أن إنزالوتاميد يعيد برمجة الأورام «لدينا المزيد من العمل الذي يتعين علينا القيام به، ولكن قد يكون من الممكن مسبقًا تحديد المرضى الأكثر عرضة لخطر أن يصبح ورمهم مستقلاً عن الوقود بعد العلاج بعقاقير مثل انزالوتاميد».


مقالات ذات صلة

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

يوميات الشرق الغضب لا يزال يشكل حافزاً مهماً للنجاح في العالم الحديث (رويترز)

الأشخاص الغاضبون «أكثر ميلاً للنجاح»... كيف؟

كشف أحد علماء الأعصاب أن الأشخاص الغاضبين أكثر ميلاً للنجاح، وقال الدكتور جاي ليشزينر إن الشعور بالغضب قد يكون «محركاً مهماً» للنجاح في العالم الحديث.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».