كيف سيرد بوتين على انتكاسة القوات الروسية في أوكرانيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
TT

كيف سيرد بوتين على انتكاسة القوات الروسية في أوكرانيا؟

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

بعدما تحولت بوصلة القتال بين روسيا وأوكرانيا بصورة دراماتيكية مطلع الأسبوع الحالي، وأعلن الجيش الأوكراني استعادة السيطرة على آلاف الكيلومترات المربعة محرراً إياها من قبضة القوات الروسية في شمال شرق البلاد، تثار تساؤلات عدة بشأن السيناريوهات المحتملة للفترة المقبلة ورد الفعل المتوقع من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق تحقيق لوكالة الأنباء الألمانية.
في هذا السياق، حذرت صحيفة «التايمز» البريطانية من «رد الفعل العنيف للرئيس الروسي»، مشيرة إلى تعرضه «لانتقادات داخلية حتى من المقربين له والداعمين لخططه». وكتبت أن ب«وتين الجريح» سيصبح أكثر خطورة من أي وقت مضى، مضيفة: «أجبر هجوم مضاد خاطف من الجيش الأوكراني روسيا على التخلي عن بلدات رئيسة مثل إيزيوم وكوبيانسك في منطقة خاركيف، ويمكن القول إنها أكبر انتكاسة لموسكو في الحرب. كما استولت أوكرانيا على أعداد كبيرة من المركبات المدرعة والدبابات الروسية أثناء استعادتها للأراضي».
وأكدت «التايمز» أن أي محاولة من الجيش الأوكراني لتوغل واسع النطاق في روسيا، في إشارة إلى مدينة بيلغورود الروسية التي تقع على مسافة 25 ميلا فقط من منطقة خاركيف، ستشهد دخول الحرب مرحلة أكثر خطورة. وأضافت: «يمكن أن تؤدي خسارتها (روسيا) مساحات كبيرة من منطقة خاركيف إلى تسريع التوترات الداخلية في موسكو. هناك شائعات بأن سيرغي شويغو وزير الدفاع يمكن استبداله، في حين انتقد الزعيم الشيشاني رمضان قديروف الأداء العسكري لروسيا».
واختتمت الصحيفة تحليلها بالقول: «أثبت بوتين بالفعل أنه مستعد للتضحية بأعداد لا حصر لها من الأرواح للبقاء في السلطة. لدى الديكتاتور الروسي القليل من الخيارات الجيدة الآن، ويجب أن يأمل العالم ألا يختار أسوأها».

سيدة أوكرانية تسير في أحد شوارع خاركيف (أ.ف.ب)
واتفقت صحيفة«بوليتيكو» الأميركية مع رواية نظيرتها البريطانية، وقالت إن مشاكل بوتين ليست فقط في ساحة المعركة، معتبرة أن تفوق الجيش الأوكراني على نظيره الروسي في خاركيف أدى إلى «صداع سياسي وعسكري» لبوتين. وأشارت إلى امتناع وزارة الدفاع الروسية عن الإدلاء بأي تعليقات حول الوضع في خاركيف خلال الأيام الأولى من الهجوم المضاد لأوكرانيا.
وكانت الخسائر التي تكبدتها روسيا خلال الأيام القليلة الماضية والتي وصفتها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية بأنها «واحدة من أكبر نكساتها» منذ بدء الصراع ، كانت محور مقال لكون كوغلين محرر شؤون الدفاع في صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية، حمل عنوان «حلم بوتين الإمبراطوري ينهار أمام أعيننا».
واعتبر كوغلين أن «الغزو الروسي لا يسير وفق ما كان مخططا له، والشاهد على ذلك أن يقر المسؤولون الروس بأنهم عانوا هزيمة كبرى خلال الهجوم الأوكراني الأخير». ولفت إلى أن «روسيا دأبت عند مواجهة أي انتكاسة كبيرة طوال هذا الصراع على الانغماس في التكتم، وحدث ذلك عند تدمير أوكرانيا للسفينة الحربية الروسية الرائدة في أسطول البحر الأسود (موسكفا)، وبدلا من الاعتراف بأن السفينة الحربية غرقت بسبب الضربات الصاروخية (الأوكرانية)، حاولت موسكو إقناع الشعبالروسي بأن انفجارا غامضا على متنها هو السبب».
ويعتبر الكاتب أن اعتراف المعلقين الروس بسهولة بأن الأوكرانيين حققوا «نصرا مهما» من خلال هجومهم الدراماتيكي على الجبهة الشمالية لروسيا، يشير إلى أن «مغامرة بوتين العسكرية في أوكرانيا في ورطة حقيقية». ويضيف أن الهجوم الأوكراني المفاجئ «يمكن أن تكون له تداعيات كارثية محتملة على القوات الروسية، لأن الاختراق يعني أن الأوكرانيين باتوا في وضع يسمح لهم بتهديد خطوط الإمداد الحيوية لروسيا».
ووصف انتزاع السيطرة على بلدة كوبيانسك ذات الأهمية الاستراتيجية بأنه نكسة كبيرة للقوات الروسية، «لأن هذه البلدة مستودع الإمداد الرئيسي لعشرات الآلاف من القوات الروسية العاملة في منطقة خاركيف، ويعني الاستيلاء عليها أن ما يصل إلى 15 ألف جندي روسي محاصرون كلياً الآن، من دون الوصول إلى الإمدادات العسكرية».
من جهتها، علقت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية على التقدم الذي أحرزته القوات الأوكرانية بأنه «الأكثر إثارة للدهشة منذ انسحاب روسيا من حول كييف في (آذار) مارس». إلا أنها استدركت أن ذلك «لا يعني أن ثمة نهاية سريعة للصراع في الأفق ... على الأرجح ستظل المواجهة بين الجانبين قائمة حتى الربيع في أوروبا».

جنود أوكرانيون في إيزيوم بمنطقة خاركيف (أ.ب)
واعتبرت الصحيفة أن الأسلحة الغربية أحدثت الفارق وقلبت موازين المعادلة العسكرية لمصلحة كييف، «وهذا يعزز الحجج الداعية إلى تسريع تسليم ما تم التعهد به، إذ لم يتم تسليم سوى نصف الأسلحة التي تم التعهد بها بقيمة 16 مليار دولار».
وأشارت إلى أن موسكو «أبدت استعدادا للانتقام في ضربات نهاية الأسبوع (الأحد) حول خاركيف بهدف حرمان السكان المدنيين من الماء والتدفئة، ولا يزال الوضع حول محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها روسيا ينذر بالخطر». وقالت إن «بوتين يتعرض لضغوط... الخطر الذي قد يسعى إلى تفجيره أو تصعيده هو خطر يجب على العواصم الغربية أن تكون متيقظة ومستعدة له، لكن لا ينبغي لهذا الخطر أن يثنيهم عن مواصلة استراتيجية الدعم لأوكرانيا التي تظهر مؤشرات أنها تؤتي ثمارها».
وركزت صحيفة «موسكو تايمز» الروسية على ما وصفته بـ«الانتقاد النادر» عندما دعا عشرات المسؤولين، بينهم نواب من موسكو وسان بطرسبرغ، الرئيس بوتين إلى الاستقالة في رسالة مفتوحة نشرت الإثنين. وأوضحت أن «دعوة الرئيس الروسي للتنحي تأتي وسط مزاعم بالتلاعب في الأصوات في الانتخابات المحلية والإقليمية التي أجريت نهاية الأسبوع الماضي، فضلا عن التقدم الهائل للقوات الأوكرانية في الأيام الأخيرة الذي يمثل أكبر انتكاسة حتى الآن لحرب موسكو ضد كييف».
ونقلت الصحيفة عن كسينيا تورستريم، النائبة عن منطقة سيميونوفسكي في سانت بطرسبرغ، والتي وقّعت الرسالة إلى جانب عشرات المسؤولين الآخرين، قولها: «تصرفات الرئيس بوتين ضارة بمستقبل روسيا ومواطنيها. نطالبه بالاستقالة من منصب رئيس الاتحاد الروسي».

العلم الأوكراني مرفوعاً على نصب الشاعر تاراس شيفشينكو في مدينة بالاكليا (لاويترز)
وأضافت الصحيفة أن «العديد من الشخصيات المؤيدة للكرملين أعربت عن قلقها وإحباطها من الهجوم المضاد الذي شنته كييف». كما استشهدت الصحيفة بقول الخبير السياسي فيكتور أوليفيتش خلال برنامج حواري سياسي على إحدى القنوات التلفزيونية الحكومية: «قيل لنا إن كل شيء يسير وفقا للخطة. هل يعتقد أي شخص حقا أنه قبل ستة أشهر كانت الخطة هي مغادرة مدينة بالاكليا، وصد هجوم مضاد في منطقة خاركيف والفشل في السيطرة على خاركيف».
ويرى مراقبون أن بوتين لم يرد بعد على خسائر روسيا، ليبقى التساؤل بشأن ما إذا كانت الهزائم ستجعله أكثر أو أقل تهديدا لأوكرانيا والغرب مفتوحا على كل الاحتمالات.


مقالات ذات صلة

الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

العالم الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

الكرملين يتهم كييف بمحاولة اغتيال بوتين بمسيرتين

قال الكرملين الأربعاء إنه أسقط طائرتين مسيّرتين أطلقتهما أوكرانيا، واتّهم كييف بمحاولة قتل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأوضح الكرملين في بيان: «استهدفت مسيّرتان الكرملين... تم تعطيل الجهازين»، واصفاً العملية بأنها «عمل إرهابي ومحاولة اغتيال رئيس روسيا الاتحادية». وقال الكرملين إن العرض العسكري الكبير الذي يُقام في 9 مايو (أيار) للاحتفال بالنصر على ألمانيا النازية في عام 1945 سيُنظم في موسكو رغم الهجوم بمسيَّرات. ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قوله: «العرض سيقام. لا توجد تغييرات في البرنامج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
شؤون إقليمية تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

أكّدت تركيا وروسيا عزمهما على تعزيز التعاون بعد نجاح إطلاق أكبر مشروع في تاريخ العلاقات بين البلدين اليوم (الخميس)، وهو محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء التي أنشأتها شركة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية في ولاية مرسين جنوبي تركيا. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مشاركته إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو الخميس، في حفل تزويد أول مفاعل للمحطة التركية بالوقود النووي، أن تركيا ستصبح من خلال هذا المشروع واحدة من القوى النووية في العالم.

يوميات الشرق محمد بن سلمان وبوتين يبحثان العلاقات

محمد بن سلمان وبوتين يبحثان العلاقات

أجرى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي اتصالاً هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس. وقدم الرئيس الروسي في بداية الاتصال التهنئة لولي العهد بعيد الفطر المبارك. وجرى خلال الاتصال استعراض العلاقات الثنائية بين السعودية وروسيا وسبل تطويرها في مختلف المجالات.

«الشرق الأوسط» (جدة)
بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس

بوتين يقر بـ«صعوبات» في دونباس

اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس الخميس، بالصعوبات التي تواجهها قوات بلاده في إقليم دونباس بشرق أوكرانيا، وطالب بوضع تصورات محددة حول آليات تطوير الحكم الذاتي المحلي في المناطق التي ضمتها روسيا الخريف الماضي. وقال بوتين خلال ترؤسه اجتماعاً لمجلس تطوير الحكم الذاتي المحلي الذي استحدث لتولي الإشراف على دمج المناطق الجديدة، إنه على اتصال دائم مع حاكم دونيتسك دينيس بوشيلين. وخاطب بوشيلين قائلاً: «بالطبع، هناك كثير من المشكلات في الكيانات الجديدة للاتحاد الروسي.

العالم تقرير: المعارضة الروسية مشتتة وتعول على هزيمة في أوكرانيا

تقرير: المعارضة الروسية مشتتة وتعول على هزيمة في أوكرانيا

في روسيا وفي المنفى، أُضعفت المنظمات والمواطنون المناهضون للحرب ولبوتين بسبب القمع وانعدام الوحدة بين صفوفهم، وفق تقرير نشرته الأربعاء صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. حسب التقرير، يعتبر المعارضون الديمقراطيون الروس أن هزيمة الجيش الروسي أمر مسلَّم به. «انتصار أوكرانيا شرط أساسي للتغيير الديمقراطي في روسيا»، تلخص أولغا بروكوبييفا، المتحدثة باسم جمعية الحريات الروسية، خلال اجتماع نظمه المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري) مع العديد من ممثلي المعارضة الديمقراطية الروسية، وجميعهم في المنفى بأوروبا. يقول المعارضون الروس إنه دون انتصار عسكري أوكراني، لن يكون هناك شيء ممكن، ولا سيما تمرد السكان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
TT

أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)

أضافت الولايات المتحدة شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية، اليوم (الثلاثاء)، بسبب مزاعم تمكينهما ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مع مواصلة الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط على بكين في الأيام الأخيرة من إدارته.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت وزارة التجارة، التي تشرف على سياسة التصدير، في وثيقة، أنها أدرجت شركة «تشوجانغ يونيفيو تكنولوجيز» إلى قائمة الكيانات «لأنها تمكن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق المراقبة باستخدام التقنية العالية التي تستهدف عامة السكان والأويغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى».

وأُضيفت شركة «بكين تشونجدون سكيوريتي تكنولوجيز غروب» الصينية المحدودة إلى القائمة لبيعها منتجات «تمكن مؤسسة الأمن العام الصينية من ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان».

ولم ترد شركة «يونيفيو» بعد على طلب للتعليق. ولم يتسنَّ الوصول إلى شركة «بكين تشونجدون سيكيوريتي» من أجل التعليق.

وتستخدم الولايات المتحدة منذ سنوات قليلة ماضية قائمة الكيانات لمعاقبة الشركات الصينية التي تتهمها بالمساعدة في قمع الصين للأويغور وغيرهم من الأقليات، بما في ذلك شركة المراقبة بالفيديو الصينية «هيكفيجن» في 2019.

وتجبر إضافة أي شركة إلى قائمة الكيانات الموردين الأميركيين للشركة المستهدفة على استصدار ترخيص يصعب الحصول عليه قبل الشحن إلى تلك الشركات. وأُضيفت 6 كيانات أخرى في روسيا وميانمار اليوم أيضاً.