السيسي في قطر... والتنسيق الثنائي والإقليمي على أجندته

خبراء اعتبروا الزيارة «إعلاناً رسمياً لعودة العلاقات إلى طبيعتها»

أمير قطر خلال استقباله للرئيس المصري في مطار الدوحة (الديوان الأميري القطري على تويتر)
أمير قطر خلال استقباله للرئيس المصري في مطار الدوحة (الديوان الأميري القطري على تويتر)
TT

السيسي في قطر... والتنسيق الثنائي والإقليمي على أجندته

أمير قطر خلال استقباله للرئيس المصري في مطار الدوحة (الديوان الأميري القطري على تويتر)
أمير قطر خلال استقباله للرئيس المصري في مطار الدوحة (الديوان الأميري القطري على تويتر)

في ما اعتبره مراقبون «إعلانا رسمياً مصرياً لعودة العلاقات بين البلدين إلى أوضاعها الطبيعية»، وصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، إلى قطر، للقاء أميرها الشيخ تميم بن حمد، في أول زيارة لرئيس مصري منذ نحو 9 سنوات.
واستقبل أمير قطر الرئيس المصري في مطار حمد الدولي بالدوحة في مستهل زيارة «رسمية تستغرق يومين» تلبية لدعوة من الشيخ تميم، بحسب السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، الذي أوضح في بيان صحافي، أن «الزيارة، التي تعد الأولى من نوعها، تأتي تتويجاً للمباحثات المكثفة المتبادلة خلال الفترة الأخيرة بين البلدين الشقيقين، بهدف تعزيز أطر التعاون الثنائي على جميع الأصعدة». مشيرا إلى أن المحادثات «ستتناول أهم محاور العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين، فضلاً عن التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية محلّ الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة، والتي تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومي العربي».
وتأتي زيارة السيسي لقطر في سياق «تطور ملحوظ» للعلاقات بين البلدين، تلا توقيع «اتفاق العُلا»، في المملكة العربية السعودية في يناير (كانون الثاني) 2021، لإنهاء الخلاف بين القاهرة والرياض والمنامة وأبوظبي من جهة، والدوحة من جهة أخرى. بعد نحو 4 سنوات من قطع العلاقات.
ويؤكد السفير محمد العرابي، وزير الخارجية المصري الأسبق، ضرورة النظر إلى الزيارة باعتبارها «مؤشراً لبداية لعلاقة طبيعية بين البلدين، تراعي مصلحة القاهرة والدوحة»، موضحا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة هي استكمال لتطور مسار العلاقات الثنائية بين البلدين في الفترة الأخيرة».
ويذهب الدكتور معتز سلامة، مدير برنامج الخليج العربي، ورئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية فس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إلى المعنى نفسه باعتبار أن الزيارة «إعلان رسمي مصري لعودة العلاقات إلى أوضاعها الطبيعية»، ومشيراً إلى اعتقاده أن «المآخذ المصرية لم تعد موجودة الآن».
وقال سلامة لـ«الشرق الأوسط» إن «الزيارة تفتح لكلا البلدين مجال العمل معا في كثير من القضايا، وهي تطور طبيعي لتحسن علاقات الدوحة بدول الخليج ومصر».
وشهدت الفترة الأخيرة منذ توقيع «اتفاق العُلا» لقاءات على مستوى الوزراء والسفراء ورجال الأعمال بين البلدين، واتصالات على مستوى قيادات البلدين، توجت بقمة مصرية- قطرية في القاهرة في يونيو (حزيران) الماضي ركزت على «تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، من خلال تعظيم الاستثمارات القطرية في مصر وتنشيط التبادل التجاري»، إضافة إلى «بحث تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، والتداعيات السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي، ومكافحة الإرهاب والتطرف»، بحسب بيان الرئاسة المصرية في حينها.
ويؤكد سلامة أن العلاقات الثنائية بين البلدين «ستكون الملف الأساسي على أجندة مباحثات السيسي وتميم في الدوحة، لإعادة بناء هذه العلاقات على أسس صحيحة بعد سنوات من الخلافات الحادة بين البلدين، بسبب ملف تنظيم (الإخوان)، ورؤية قطر لبعض الأحداث الداخلية في مصر». ولفت إلى أن «الزيارات المتبادلة بين السيسي والشيخ تيمم تعتبر ترجمة لرؤية مختلفة لموقف قطر، بناء على معطيات قدمتها الدوحة مؤخراً». وشدد على «أهمية الزيارة في ضوء مواجهة التداعيات الاقتصادية للحرب الروسية- الأوكرانية».
ويتفق معه العرابي بقوله إن «العلاقات الثنائية وخاصة الاقتصادية ستكون مسار بحث عميق خلال القمة». لكنه يلفت الانتباه إلى دور قطر «المتنامي والمؤثر» في القضايا الإقليمية، مما يحتم «التنسيق والتشاور بين البلدين في قضايا معينة تلعب فيها مصر دورا أساسيا وهي الملفات المتعلقة بفلسطين وليبيا وسوريا والسودان واليمن». مشيرا إلى أن «زيارة السيسي لقطر هي استكمال للجهود المصرية لتوحيد الصف العربي والتي بدأت قبل قمة جدة التي استضافتها السعودية مؤخرا بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن».
ومن بين القضايا المطروحة على أجندة القمة المصرية-القطرية «تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية، والترتيبات الجارية لعقد القمة العربية في الجزائر، وقمة المناخ «كوب27» في شرم الشيخ خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل»، بحسب العرابي.
كما تأتي زيارة السيسي للدوحة عقب زيارات لمسؤولين ليبيين، في إطار جهود قطرية لحل الأزمة الليبية. وهو ما فسره البعض بأنه «محاولة لتنسيق الجهود بين القاهرة والدوحة لحل الأزمة».
ويقول العرابي إن «ملف ليبيا هو أحد الملفات المطروحة للنقاش بالتأكيد، في ظل توافق الآراء بين القاهرة والدوحة في هذا الشأن».
ويتفق معه سلامة بقوله إن «هناك تقارباً بين البلدين لحل الأزمة المشتعلة في ليبيا». لافتا إلى «دور قطر في مبادرات التسوية في العديد من الأزمات الإقليمية».
كما أشار سلامة إلى «التوافق بين القاهرة والدوحة في ملفات إقليمية مثل القضية الفلسطينية والأوضاع في غزة، والتي شهدت تنسيقا حتى في أوقات الخلاف»، إضافة إلى أن «قطر تعتبر عنصرا أساسيا في محاولات المصالحة مع تركيا». لكنه أكد أنه «لا يمكن أن نحصر القمة في محاولة حل الأزمة الليبية والقضايا الإقليمية، فالأهم هو العلاقات الثنائية بين البلدين».


مقالات ذات صلة

رئيس الخطوط الجوية القطرية: نتطلع للتعاون مع «طيران الرياض»

الاقتصاد رئيس الخطوط الجوية القطرية: نتطلع للتعاون مع «طيران الرياض»

رئيس الخطوط الجوية القطرية: نتطلع للتعاون مع «طيران الرياض»

تطلّع أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية، إلى التعاون مع شركة «طيران الرياض» السعودية، التي تأسست مؤخراً بهدف منافسة شركات القطاع الإقليمية. وأضاف الباكر خلال مؤتمر صحافي بمعرض سوق السفر العربي في دبي: «هناك كثير من الأعمال التجارية المتاحة للجميع. سنتعاون معها وندعمها»، مبيناً أن «(الخطوط القطرية) مستعدة للسعي إلى عمليات مشاركة بالرمز وتبادل المساعدة الفنية مع شركة طيران الرياض». ولفت إلى أن الشركة قد تزيد عدد المقاصد من 170 حالياً إلى أكثر من 255، ضمن خططها الرامية إلى تحقيق نمو سريع، لافتاً إلى أن الزيادة ستعتمد على تسليم مزيد من الطائرات إلى شركته.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد التضخم السنوي يصعد في قطر

التضخم السنوي يصعد في قطر

قالت قطر إن مؤشر أسعار المستهلك في الدولة ارتفع بنسبة 4.01 في المائة في مارس (آذار) الماضي على أساس سنوي، قياساً مع الشهر ذاته من عام 2022، ليصل إلى 105.5 نقطة، بينما انخفض على أساس شهري، بنسبة 0.20 في المائة، مقارنة بفبراير (شباط) الماضي. ويضم المؤشر، الذي يقيس التضخم، 12 مجموعة رئيسية من السلع الاستهلاكية تندرج تحتها 737 سلعة وخدمة، ومحسوب على سنة أساس (2018)، تبعاً للنتائج المحسوبة من بيانات مسح إنفاق دخل الأسرة (2017 - 2018). ويعود الارتفاع السنوي للمؤشر إلى زيادة أسعار 8 مجموعات، هي مجموعة الترفيه والثقافة بنسبة 13.63 في المائة، تلتها مجموعة السكن والماء والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأ

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الخليج «التعاون الإسلامي» ترحب بعودة العلاقات البحرينية - القطرية

«التعاون الإسلامي» ترحب بعودة العلاقات البحرينية - القطرية

رحبت منظمة التعاون الإسلامي بعودة العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وقطر، عقب قرار نتج عن اجتماع لجنة المتابعة القطرية - البحرينية الثاني في الرياض. وأشاد الأمين العام للمنظمة حسين إبراهيم طه، بهذا القرار الذي يؤكد حرص دول الخليج على رأب الصدع، مما سيسهم في تعزيز التعاون والتكامل بين دول المنطقة وتحقيق تطلعات شعوبها، فضلاً عن تعزيز العمل الإسلامي المشترك.

«الشرق الأوسط» (جدة)
إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وقطر

إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وقطر

قررت البحرين وقطر إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما، جاء ذلك خلال الاجتماع الثاني للجنة المتابعة البحرينية - القطرية في مقر «الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية» بمدينة الرياض. وترأس وفد البحرين الدكتور الشيخ عبد الله بن أحمد آل خليفة وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية، وترأس وفد قطر الدكتور أحمد بن حسن الحمادي أمين عام وزارة الخارجية. وأكد الجانبان، خلال الاجتماع، أن هذه الخطوة تأتي انطلاقاً من الرغبة المتبادلة في تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التكامل والوحدة الخليجية، وفقاً لمقاصد النظام الأساسي لـ«مجلس التعاون لدول الخليج العربية»، واحتراماً لمبادئ المساواة بين الدول، والسياد

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ترحيب خليجي بعودة العلاقات القطرية ـ البحرينية

ترحيب خليجي بعودة العلاقات القطرية ـ البحرينية

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بقرار عودة العلاقات الدبلوماسية بين البحرين وقطر، «التي أُعلِن عنها عقب اجتماع لجنة المتابعة القطرية - البحرينية الثاني، في الرياض». ونوهت «الخارجية» بهذه الخطوة التي وصفتها بـ«الإيجابية»، والتي «تؤكد متانة العلاقات بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتسهم في تعزيز العمل الخليجي المشترك، بما يحقق تطلعات دول وشعوب المنطقة».

«الشرق الأوسط» (الدمام)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.