السعودية وباكستان.. أربعة مليارات دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين

فرص ماثلة للاستثمار في «الزراعة» و«الطاقة» و«البنى التحتية»

أحد أفرع مصرف باكستاني في العاصمة السعودية الرياض ({الشرق الأوسط})
أحد أفرع مصرف باكستاني في العاصمة السعودية الرياض ({الشرق الأوسط})
TT
20

السعودية وباكستان.. أربعة مليارات دولار حجم التبادل التجاري بين البلدين

أحد أفرع مصرف باكستاني في العاصمة السعودية الرياض ({الشرق الأوسط})
أحد أفرع مصرف باكستاني في العاصمة السعودية الرياض ({الشرق الأوسط})

بخلاف ما تلتقي فيه السعودية وباكستان من أواصر ترابط وعلاقات أخوية عريقة تنبع من قيم دينية مشتركة وقواسم ثقافية تضرب جذورها في التاريخ، يأتي الشقّ الاقتصادي والتجاري والاستثماري بارزا بمؤشراته العامة التي أفصحت عن نمو حركة التبادل التجاري وحجم الاستثمارات المشتركة فيما تدعم ذلك تصريحات المسؤولين الدبلوماسيين وقطاع الأعمال في البلدين المؤكدة على رغبة واسعة لرفع مستوى العلاقة التجارية والاستثمارية بين الجانبين والوصول إلى مستوى من الشراكة الاستراتيجية التكاملية في المشاريع المنتظرة في شتى المجالات والأنشطة الاقتصادية.
ينتظر أن تشهد الفترة المقبلة تفاعلا اقتصاديا مشتركا بين البلدين يتمخض عنه مشاريع وفرص تجارية يمهدها اندماج قطاعي الأعمال عبر مجلس أعمال مشترك يقوم على تنمية الحركة التجارية والاستثمارية وإبراز الفرص المتاحة، وسط تطلعات أبداها دبلوماسيون ورجال أعمال بقيام مشاريع استثمارية محتملة في مجالات الزراعة والصناعة والتقنية والتبادل المعرفي والطاقة والبنى التحتية.

رغبة حكومية

تبدي الحكومة الباكستانية من طرفها رغبة عارمة في تقوية العلاقات مع العربية السعودية، وفق ما أفصحت عنه صراحة خلال أسابيع ماضية حينما أبدت الحكومة الباكستانية اهتمامها بالسعودية مبرزة رغبتها في توسيع العلاقات المشتركة لا سيما في الجانب الاقتصادي إذ تطلعت لشراكة باكستانية - سعودية استراتيجية.
وأظهرت باكستان رغبتها عبر بيان رسمي صادر عن القصر الرئاسي الباكستاني قبيل شهر، تحدث فيه ممنون حسين رئيس جمهورية باكستان الإسلامية بأن بلاده حريصة على تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون الثنائي مع السعودية في مختلف المجالات.
وذهب ممنون إلى تفصيل ذلك، إذ أشار إلى وجود مجالات واسعة لتطوير العلاقات التجارية بين البلدين، موضحا أن باكستان لديها فرص استثمار هائلة في مجالات البنية التحتية والطاقة وبناء السدود والزراعة والثروة الحيوانية جميعها ترحب بالمستثمرين السعوديين.

تطلع وترقب

وقال محمد نعيم خان السفير الباكستاني لدى السعودية الذي قال إن باكستان تنظر إلى السعودية بكل تطلّع وترقب في أن تشهد الفترة المقبلة طفرة حقيقية في ملف الشراكة الاستراتيجية في معظم الأنشطة والمجالات ومنها التجارة والاستثمار.
وزاد بأن هذا التوجه من قبل حكومة بلاده نتيجة إيمانها بمبدأ الإخوة وتقوية الشراكة الاستراتيجية.
وأوضح نعيم خان في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن اختيار الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي عهد السعودية زيارة باكستان لها دلالة وأبعاد يدركها المسؤولون في باكستان الذين يضعون أهمية بالغة لهذه الزيارة.
وكشف السفير الباكستاني عن عودة مجلس الأعمال المشترك بعد أن تم تشكيل اللجنة مؤخرا حيث ستعمل على برامج وخطط سيستفيد القطاع الخاص في البلدين منها، مبينا أن بلاده تولي اهتماما بنمو الاقتصاد المحلي عبر تفعيل التبادل التجاري وزيادة حجم الاستثمارات لا سيما مع السعوديين.
وأضاف نعيم أن اللجنة السعودية المشتركة بدأت في التشكّل مجددا وسيجري الإعلان عنها في وقت كشف فيه أن رجال الأعمال في الجانبين أبدوا رغبة في التواصل والاتصال مجددا لفتح منافذ التبادل التجاري وبحث فرص الاستثمار المشترك بين البلدين.
وأبان نعيم خان أن العمل جار بين الحكومتين على تأسيس رابط مؤسسي يجمع بين البلدين في قطاعات حكومية مختلفة تبنى على ثقة متبادلة كبيرة، مؤكدا أن باكستان مفتوحة على كافة فرص التعاون مع السعودية في شتى الجوانب.
وذكر نعيم خان أن بلاده تتطلع لشراكة على كافة الأصعدة منها الجانب الأمني حيث ترى أن أمن السعودية من أمن باكستان وتطوير التقارب العسكري بين البلدين بما يتضمنه من مشاريع تعاون على صعيد التدريب ورفع مستوى القدرات.
وأفاد السفير الباكستاني أن باكستان تسعى لتطوير القوى العاملة، كأحد أوجه التعاون، إذ تخطط لتطوير وتنمية العمالة لديها لا سيما أن لدى السعودية حاليا قرابة 1.7 مليون عامل من باكستان لهم بصمة ظاهرة في عملية التنمية التي تشهدها السعودية، كما أنهم، كما يصف، يشكلون جسرا للعلاقات المشتركة بين البلدين.
ولفت نعيم خان إلى أن نسبة العمالة الباكستانية المخالفة ضئيلة بالمقارنة مع إجمالي حجم القوى العاملة الباكستانية في السعودية، وهو الأمر الذي يعزز التوجه نحو تطوير وتنمية مهارات الأيدي العاملة قبل مجيئها للسعودية.
ويشير نعيم خان إلى أهمية الاستفادة من العقول الباكستانية لا سيما الأكاديمية والتطبيقية العلمية منها، حيث أوضح أن بلاده تزخر بكوادر تعليمية في مجال الدراسات الجامعية العليا يمكن أن تستفيد منها الطفرة التعليمية في السعودية حاليا. وبين أن باكستان بدورها تسعى للاستفادة من جودة بعض المعاهد والجامعات في باكستان عبر استقطاب الطلاب والطالبات السعوديين المبتعثين لمختلف التخصصات والدراسات العملية، مشيرا إلى أن هناك فرصا للتعليم الراقي والمهني عالي المستوى يمكن للسعوديين الاستفادة منه.

تجارة واستثمار

تفصح البيانات الإحصائية الصادرة عن سفارة باكستان أن السعودية تعد أحد أكبر عشرة مصدرين لجمهورية باكستان، كاشفة أن حجم التبادل التجاري بلغ خلال الفترة من منتصف عام 2012 وحتى منتصف عام 2013 ما قوامه 18.7 مليار ريال (5 مليارات دولار) حيث يميل الميزان التجاري لصالح السعودية نتيجة صادرات النفط الخام. وتفيد البيانات بأن صادرات باكستان تسجل تحسنا ملحوظا من حيث القيمة إذ بحسب إحصاءات عام 2012 ارتفاعا بنسبة 7 في المائة حينما سجلت 455.8 مليون دولار، ارتفعت في عام 2013 إلى 12 في المائة لتصل إلى 509.3 مليون دولار. وفي آخر إحصائية حديثة، أفصح لـ«الشرق الأوسط» القسم التجاري بسفارة خادم الحرمين الشريفين بإسلام آباد، أنّ قيمة التبادل التجاري بين البلدين بلغت 14.6 مليار ريال (3.9 مليار دولار) خلال عام 2013 كما أنّ قيمة الصادرات السعودية شكلت قرابة 3.4 مليار دولار.
ويصبح حجم التجارة المتبادلة بين البلدين خلال عقد من الزمن بين 2002 و2012 ليصل قرابة 115.4 مليار ريال (30.7 مليار دولار) يذهب قرابة 91 في المائة منه لصالح الميزان التجاري السعودي، في وقت سجلت فيه حركة نمو التبادل التجاري من الطرف الباكستاني تصاعدا ملموسا بواقع 3.6 أضعاف حتى عام 2012 (1.7 مليار ريال) مقابل ما هو مسجل في عام 2002 بما قيمته 477 مليون ريال. وتحتل السعودية، وفقا للقسم التجاري السعودي، المرتبة الأولى في قائمة الدول المصدرة للتحويلات المالية إلى باكستان حيث إن تدفق التحويلات المالية من المملكة إلى باكستان خلال العام المالي الماضي 2012-2013 كان بواقع 4.1 مليار دولار. وأفاد القسم التجاري بأنّ الصندوق السعودي للتنمية يقوم حاليا بمساعدة باكستان في تنفيذ عدة مشاريع لا سيما في مجال بالطاقة حيث قدم قرضا بواقع 100 مليون دولار أميركي للمساعدة في تنفيذ المشروع الكهرومائي (نيلم - جهلم) الذي يقع على نهر نيلم قرب مظفر آباد - عاصمة ولاية جامو كشمير الحرة ويستهدف توليد 969 ميغاواط من الكهرباء. كما أضاف تمويلا بواقع 57 مليون دولار للمشروع الكهرومائي «جولان قول» الذي يقع قرب مدينة جترال من إقليم خيبر بختونخواه ويستهدف توليد 108 ميغاواط من الكهرباء.

الصادرات والواردات

يتباين البلدان في تبادل السلع والمواد بشكل يظهر تكاملا في الحاجة والطلب بين الطرفين، حيث تصدر باكستان جملة من البضائع للسعودية، تشمل المنسوجات والأقمشة والأقطان المصنعة وكذلك الأرز، ولحوم الضأن والأبقار والفواكه والخضراوات بجانب الأسماك وتوابلها، ومنتجات الجلديات، والمناشف. كما تساهم باكستان في تقديم بعض المنتجات الإلكترونية للأسواق السعودية حيث يأتي بين صادراتها سلع هندسة ضوئية وبعض المنتجات الكيماوية.
ويمثل حجم صادرات باكستان ما دون تسعة في المائة فقط من إجمالي واردتها من السعودية، فيما تأتي صادرات النسيج الباكستاني صاحبة النصيب الأكبر بنسبة 23 في المائة. في المقابل، تورّد السعودية حجما كبيرا من المنتجات الخام والمصنعة تتصدرها النفط ومنتجات البتروكيماويات، وكذلك منتجات البلاستيك والكيمياويات والمبيدات العضوية، إضافة إلى الألمنيوم ومنتجاتها، وكذلك الأحجار الكريمة والنحاسيات بجانب المطاط ومنتجاتها المختلفة، والأوراق.

تطلع باكستاني

وهنا، أبدى القسم التجاري في سفارة باكستان إمكانية تغيير هذا الوضع إلى الأحسن مع وفرة الفرص المتاحة في مجالات يمكن لباكستان أن ترفع حصصها في السوق السعودية، مشيرة تحديدا إلى قطاعات وأنشطة حيوية في هذا الصعيد لا سيما مجال الغذاء والصناعات اليدوية والخدمات الطبية وحتى في مجال تصنيع مواد البناء.
وحدد القسم التجاري لدى سفارة باكستان رؤيته تلك في أنشطة تصدير الأرز، والبهارات، والنسيج والأقمشة، والملابس الجاهزة، والمواد الصحية والصيدلية، إضافة إلى مواد البناء كالسيراميك والرخام، بجانب الأسماك الطازجة.
وذكر أن على باكستان الاستفادة من انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية وتحرير أسواقها للطلب والعرض في قطاعات الجملة والتسويق بالتجزئة وكذلك الامتياز التجاري، والاستفادة من إمكانية الاستثمار الأجنبي الكامل في قطاعات الصناعة وتسويق المنتجات المصنعة والاستفادة من توجه الحكومة السعودية نحو التنمية المتعلقة بالبنية التحتية في المجال الاجتماعي والاقتصادي آخرها التوجه نحو مشاريع الإسكان وبناء المستشفيات والمدارس والمعاهد الفنية والتقنية إضافة إلى مشاريع النقل العام.

الاستثمارات المشتركة

وحول المشاريع المشتركة، تظهر المعلومات والإحصائيات الأخيرة عن حضور أكبر للمستثمرين الباكستانيين في نسبة المشاركة حيث أفادت آخر البيانات الصادرة عن مجلس الغرف قبل ثلاثة أعوام أن إجمالي عدد المشاريع المشتركة بلغ 44 مشروعا مشتركا تبلغ نسبة السعوديين دون 42 في المائة منها، بينما يزيد نسبة حصة الباكستانيين على 55 في المائة، وتتجه النسبة الباقية لمستثمرين آخرين.

فرص متاحة

وتكشف معلومات واردة عن السفارة الباكستانية أن الجهات السعودية موعودة بفرص استثمار مغرية أمام رجال الأعمال والمستثمرين وصناديق الاستثمار الراغبة، مشيرة على وجه التحديد إلى جانب الغذاء والزراعة التي يمكن الاستفادة منها عبر إنشاء شركات زراعية مشتركة يمكن أن تعمل في مجال عمليات التصنيع الغذائي والإنتاج في العسل واللحوم الحمراء والثروة الحيوانية ومزارع الدواجن والأسماك، بالإضافة إلى المحاصيل ودراسات الأبحاث المتعلقة بالحبوب الهجينة والأرز والشعير.
وأوضحت معلومات السفارة الباكستانية أن قطاع الطاقة في باكستان لديه قابلية النمو بسرعة فائقة متى ما توافرت لديه الشراكة الاستراتيجية محددة إطارها في مجال الهايدرو - ميكانيكا لا سيما فيما يخص السدود وصناعات الفحم والطاقة الحرارية والشمسية. وتفيد المعلومات بأن باكستان لا تزال بحاجة ماسة إلى التنقيب عن المصادر الطبيعية في الغاز والنفط والفحم وغيرها من المعادن. وهنا، يلفت السفير الباكستاني في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القطاع الزراعي واسع فيما يتعلق بالاستثمار فيه على الأراضي الباكستانية حيث تتوافر كافة مكونات نجاح مشاريع الأغذية، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يعزز من مبادرة الملك عبد الله للأمن الغذائي التي تسعى السعودية إلى الوصول إلى مستويات متقدمة فيها.
ويلفت نعيم خان إلى أن بلاده تضع في مقدمة الفرص التي يمكن الاستفادة منها من قبل المستثمرين السعوديين البنى التحتية التي تحتاج إلى مجهودات كبيرة من قبل المستثمرين للاستفادة منها، مشيرا إلى جانب قطاع الطاقة حيث يحوي فرصا مغرية تتعلق بتطوير القطاعات المختلفة من طاقة شمسية وهيدرولكية.

أبواب التعاون

يتطلع قطاع الأعمال السعودي من ناحيته، إلى فتح أبواب التعاون والشراكة التجارية والاستثمارية بين الأنشطة الاقتصادية في البلدين، حيث يلفت الدكتور عبد الرحمن الزامل إلى أن زيارة الأمير سلمان لباكستان تعد من أولى الزيارات خارج النطاق الخليجي التي تعطي انعكاسا واضحا للأهمية التي تبديها السعودية لباكستان المبنية على علاقة تاريخية إذ تعد باكستان دولة صديقة منذ أن أنشئت ودورها السياسي في النطاق الإسلامي كبير ودائما دورها معاضد ومتوافق في كل السياسات مع السعودية.
ويضيف الزامل بالقول: «لا نتردد أن نعتمد على باكستان في موقفها الإيجابي في المحافل الدولية، فباكستان لم تقف موقفا مغايرا سواء سياسيا كالقضايا الإقليمية أو القضايا الاقتصادية على المستوى الدولي في منظمة التجارة وكل القضايا الأخرى كالإغراق وغيرها».
وأبان الزامل أن باكستان دولة تقدر كل المساعدات المالية التي قدمتها السعودية لها، وهو الأمر الذي يمكن الاستفادة منه بمزيد من تقوية للعلاقات المشتركة بين البلدين، لافتا في حديثه إلى أن ذلك يمكن أن يفتح المجال لرجال الأعمال للنظر مجددا في طبيعة التعاون التجاري والاستثماري مع باكستان.
ويرى الزامل أن عامل الأمن تزايد في باكستان بعد هدوء الأوضاع في أفغانستان وهو العامل الإيجابي الذي سيدفع لمزيد من العلاقات والتبادل التجاري إضافة إلى تفعيل الاستثمار السعودي في باكستان، مبينا أنها تحتاج إلى بنى تحتية وحركة بناء وعمار ضخمة يمكن أن تستفيد منها الشركات السعودية في شتى الأنشطة.
ويذهب الزامل إلى أن باكستان ستكون قاعدة جيدة للمستثمرين السعوديين والمصدرين حيث تمثل سوقا عملاقة بما تحويه من حجم سكاني ضخم يمكن تفعيلها والتصدير إليها بالاستفادة من قرب المسافة. ويضيف الزامل أن باكستان بالنسبة للمصدرين السعوديين في غاية الأهمية وهي من أهم الأسواق مقابل ما نستورده منها من السلع والمواد كالأرز والاستهلاكيات، لكن السعوديين يصدرون منتجات بتروكيماوية وكيماوية وأمامهم حاليا فرصة ليس فقط في باكستان بل إقامة مصانع لخدمة كافة القارة الهندية. وقال الزامل: «أنا على ثقة أن تلك المصانع والاستثمار سيعود بأرباح وفيرة على الشركات الأم في السعودية لا سيما أن قرب المسافة مع باكستان سواء برا أو بحرا سيشكل إضافة مهمة للتجار والمستثمرين السعوديين».
في المقابل، يوضح الزامل أن باكستان مستفيدة من السعودية إذ تعتبر من أكبر أسواق العمالة لديها حيث توجه الأيدي العاملة التي تعد أحد أكبر الجاليات المقيمة في السعودية، وعليه يستفيد العمالة بتحويلات مالية تغطي معيشة ملايين الأفراد في باكستان.
ويتطلع الزامل إلى عودة مجلس الأعمال المشترك حيث يتوقع أن يعيد إحياء النشاط الاقتصادي والتجاري والاستثماري ويرفع من حجمها لا سيما أن قوانين الاستثمار جيدة في باكستان مع تطلع لمزيد من التسهيلات مستقبلا. من ناحيته، يؤكد رجل الأعمال فهد الحمادي وهو عضو مجلس الغرفة التجارية الصناعية بالرياض أن تقارب البلدين الذي تسعى إليه الحكومتين سينعكس إيجابا على مستوى العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري. يقول الحمادي: «نحن كرجال أعمال نقر بأن العمالة الباكستانية من أحسن العمالة في أدائها والتزامها ونشاطها في تنفيذ المشاريع»، بيد أن ذلك لا يمنع من التأكيد على ضرورة رفع مستوى تلك العمالة باعتبارها شريان حركة التنمية وسواعد قيام المشاريع.
وطالب الحمادي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بإيجاد آليات تدريب وتثقيف وتوعية لليد العاملة من باكستان عبر معاهد ومراكز متخصصة مشتركة بين البلدين إضافة إلى ضرورة رفع مستوى الوعي التقني لدى العامل الباكستاني. وأضاف الحمادي أن حكومة السعودية لديها توازنات مع جميع الدول، من ضمنها باكستان التي لا بد أن تستفيد من فرصة التقارب بتوفير سوق عمالة مدربة ولديها مستوى مقنع من المهارة لتشكل إضافة جديدة لسوق التنمية المحلية. وأبان الحمادي وهو أحد أبرز العاملين في نشاط المقاولات، أن المستثمر الباكستاني من ناحيته، لا بد أن يقدم إضافة ملموسة لدى دخوله في الأنشطة الاقتصادية السعودية باعتباره مستثمرا أجنبيا إذ تمتلك باكستان قدرات في مجال مهنية وفنية ويدوية عالية يمكنها أن تشكل قيمة مضافة عند وجودها في السوق السعودية.
ويرى الحمادي أنه لا بد من الاستفادة من القدرات التصنيعية الميكانيكية لدى باكستان حيث سجلت نجاحا في بعض الآلات المستخدمة من ماكينات ومعدات للتصنيع والتعبئة وغيرها مما يعني إمكانية الاستثمارات المشتركة في تطوير تلك الآلات والأدوات أو عبر تفعيلها واستخدامها في كافة المنتجات الممكنة.

تحكيم ونظام

وحول رغبة الطرف الباكستاني في استقطاب المستثمرين السعوديين، شدد الحمادي على أهمية أن تتجه باكستان إلى تطبيق أنظمة وقوانين تعزز هذه الوجوه وتدعم جاذبية الاستثمار على أراضيها لا سيما ما يختص بالزراعة والحبوب وتحقيق الأمن الغذائي للسعودية بالاستفادة مما تحتويه باكستان من قدرات طبيعية وفنية هائلة في هذا الصعيد تحتاج إلى تفعيل بالشراكة والاستثمار الجاد.
ويلفت الحمادي إلى أنه لا بد من ممارسة التحكيم التجاري الدولي وفرض استراتيجية أنظمة وقوانين واضحة تدعمها تشريعات صارمة من أجل حفظ حقوق المستثمر السعودي أو غيره من المستثمرين في باكستان، لافتا إلى أن وجود تلك الأنظمة بلا شك سيحقق لباكستان ما ترجوه من استقطاب للاستثمارات ورفع سقف حركة التبادلات التجارية مع الدول. وقال: «يجب أن يُحمى المستثمر بنظام واضح وتحكيم دولي سائد في التعاملات التجارية حتى يتسنى للمستثمرين التفكير الجدي في الدخول للسوق الباكستانية والاستفادة من إمكاناتها الكبيرة».
ودعا الحمادي حكومة باكستان إلى ضرورة توفير البيئة الملائمة لدخول المستثمر السعودي الذي يرغب في وجود خطوط ملاحة للنقل وكذلك ميزات نسبية تحفزه للاستثمار لا سيما ما يخص تحركات رؤوس الأموال وإيجار الأراضي طويل المدى والتعاملات التجارية في البنوك، مختتما حديثه بأن باكستان دولة صديقة تستحق من رجال الأعمال السعوديين أن يستثمروا فيها أكثر وأكثر. أمام هذا، يشدد السفير الباكستاني محمد نعيم خان على أن حكومة بلاده لا تألو جهدا في دعم المستثمرين والتجار السعوديين الذي يبدون رغبة جادة في الاستثمار عبر توفير كافة سبل الدعم الممكنة وتسهيل الإجراءات وكذلك الزيارات المتبادلة.



«تقييم الحوادث» يفنّد 4 ادعاءات ضد «التحالف» في اليمن

فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)
فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

«تقييم الحوادث» يفنّد 4 ادعاءات ضد «التحالف» في اليمن

فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)
فريق تقييم الحوادث في اليمن يستعرض عدداً من الادعاءات خلال مؤتمر صحافي بالرياض (الشرق الأوسط)

فنّد «الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن» 4 ادعاءات موجّهة ضد «تحالف دعم الشرعية»، لحالات في محافظات صنعاء وصعدة وأبين، مستعرضاً مرفقات إحداثية وصور، وذلك خلال مؤتمر صحافي استضافته الرياض، الأربعاء، بحضور ممثلي الدول ووسائل الإعلام.

ونفى الفريق صحة ما ورد من اللجنة اليمنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان حول قيام طيران التحالف باستهداف مبنى محافظة أبين في مديرية زنجبار بتاريخ 4 يونيو (حزيران) 2015، وقال إنه أجرى زيارة ميدانية لموقع الادعاء تبيّن وجود أضرار ناتجة عن اشتباكات بالأسلحة السطحية على المبنى وأسواره، وأخرى فيه ولم يتمكن من تحديد أسبابها.

وأضاف أنه بدراسة المهام الجوية المنفذة من قوات التحالف بالتاريخ الوارد في الادعاء واليومين السابق واللاحق؛ تبين أن «التحالف» لم ينفذ أي مهام جوية على محافظة أبين، كما قام المختصون بدراسة الصور الفضائية للمبنى، ولم يتبين وجود آثار استهداف جوي على موقعه، مما يؤكد عدم صحة ما ورد في الادعاء.

وبشأن الادعاء الوارد في البيان الصادر من المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بتاريخ 18 يناير (كانون الثاني) 2022، بشأن إلحاق غارة جوية لـ«التحالف» في تاريخ 13 من الشهر ذاته، أضراراً جزئية بقسم الطوارئ والعيادات الداخلية في مستشفى بمنطقة السواد بمديرية سنحان في محافظة صنعاء، أشار «فريق تقييم الحوادث» إلى تقارير أفادت بأن غارات جوية للتحالف استهدفت معسكراً يقع بالقرب من المستشفى.

وأبان الفريق أنه بعد تقييم الأدلة؛ تبين أنه لم يرد ضمن الادعاء إحداثي محدد أو مسمى المستشفى محل الادعاء، ويوجد بالمنطقة معسكر «السواد»، ويقع بالقرب منه «مستشفى 48 النموذجي» المدرج ضمن قائمة المواقع المحظور استهدافها لدى قوات التحالف (NSL)، وبدراسة المهام الجوية المنفذة بالتاريخ الوارد في الادعاء، تبين للفريق المشترك أنه وردت معلومات استخباراتية إلى «التحالف» تفيد بوجود هناجر تخزين أسلحة وورش للصواريخ والطائرات المسيَّرة تابعة لميليشيا الحوثي المسلحة، داخل المعسكر؛ فقامت القوات عند الساعة (1:20) صباحاً بتاريخ 13 يناير بتنفيذ مهمة جوية على الهدف العسكري، وفق إحداثيات محددة، وذلك باستخدام قنابل موجهة أصابت أهدافها.

إحدى الحالات التي استعرضها فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي (الشرق الأوسط)
إحدى الحالات التي استعرضها فريق تقييم الحوادث في اليمن خلال المؤتمر الصحافي (الشرق الأوسط)

وأضاف الفريق أن قوات التحالف اتخذت الاحتياطات الممكنة لتجنب إيقاع خسائر أو أضرار بصورة عارضة بالمدنيين والأعيان المدنية، أو تقليلها على أي حال إلى الحد الأدنى أثناء التخطيط والتنفيذ للعملية العسكرية، وذلك من خلال الأخذ في الاعتبار وجود مواقع محظور استهدافها (مستشفى 48 النموذجي) خلال مرحلتي التخطيط والتنفيذ، واستخدام قنابل موجهة دقيقة الإصابة، ومتناسبة مع حجم الهدف العسكري، واختيار التوقيت المناسب لتنفيذ العملية العسكرية وذلك في وقت متأخر من الليل لضمان عدم وجود المدنيين.

وأشار إلى أنه بدراسة تقرير ما بعد المهمة تبين للفريق أن القنابل أصابت نقاط الاستهداف المحددة بشكل دقيق ومباشر، وقام المختصون بدراسة «الصور الفضائية»، وتبين وجود آثار استهداف جوي على النقاط المحددة، وأقرب نقطة استهداف تبعد 210 أمتار عن المستشفى، وهي مسافة آمنة وخارج نطاق التأثيرات الجانبية للاستهداف، فضلاً عن سلامة المباني والأسوار التي تفصل ما بينه والهدف العسكري، وعدم وجود آثار استهداف جوي على مباني وملحقات المستشفى، مما يؤكد عدم صحة ما ورد في الادعاء.

فيما يتعلق بما ورد عن سقوط صاروخ أُفيد بأنه أتى من جهة الحدود، قرب منزل بقرية الملاحيظ في مديرية حيدان بمحافظة صعدة يوم 23 فبراير (شباط) 2020، ما أدى إلى إصابة فتاة بجروح، وأضرار طفيفة، ذكر الفريق أنه بعد تقييم الأدلة ودراسة المهام السطحية المنفذة من «التحالف» بالتاريخ الوارد، تبين أن قواته لم تنفذ أي رماية باستخدام أسلحة الإسناد الناري على القرية، ولم يتم العثور على أي معلومات عن صاروخ سقط بالقرب من منزل هناك، مما يؤكد عدم صحة ما ورد في الادعاء.

وحول ما ورد عن إصابة ضربة جوية مزرعة في منطقة الوتدة بمديرية خولان بمحافظة صنعاء، في الساعة (13:00) بتاريخ 3 مارس (آذار) 2021، أوضح الفريق أنه بعد تقييم الأدلة لم يرد ضمن الادعاء إحداثي محدد لموقع المزرعة، كما تبيّن عقب دراسة المهام الجوية المنفذة من «التحالف» بالتاريخ الوارد في الادعاء واليومين السابق واللاحق، أن قوات التحالف لم تنفذ أي مهام جوية على المنطقة، كما لم يتم العثور على أي معلومات عن استهداف مزرعة هناك، مما يؤكد عدم صحة ما ورد في الادعاء.