«داعش» يسرق آثار متحف الرمادي التي يعود تاريخها لـ7 آلاف عام

عضو مجلس محافظة الأنبار: الحكومة المحلية نقلت الأموال وتركت الآثار

قطع آثارية كانت محفوظة في متحف الرمادي وتم الاستيلاء عليها من قبل «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)
قطع آثارية كانت محفوظة في متحف الرمادي وتم الاستيلاء عليها من قبل «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يسرق آثار متحف الرمادي التي يعود تاريخها لـ7 آلاف عام

قطع آثارية كانت محفوظة في متحف الرمادي وتم الاستيلاء عليها من قبل «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)
قطع آثارية كانت محفوظة في متحف الرمادي وتم الاستيلاء عليها من قبل «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)

كشف عضو مجلس محافظة الأنبار فرحان محمد عن أن تنظيم داعش استولى على القطع الأثرية والتاريخية القديمة في متحف الأنبار وسط مدينة الرمادي، 110 كم غرب العاصمة بغداد، فيما أشار إلى أن التنظيم نهب قطع الآثار الموجودة في المتحف وأفرغه من محتواه تمامًا. بينما كشف عضو مجلس المحافظة شلال الحلبوسي لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الحكومة المحلية في الأنبار كان جل همها نقل الأموال النقدية التي كانت في مصارف مدينة الرمادي إلى مدينتي الخالدية والحبانية قبل دخول مسلحي تنظيم داعش إلى الرمادي بنحو أسبوعين، بينما لم تهتم بأمر الآثار والنفائس التي كانت في متحف الرمادي ودائرة الآثار وتركتها لتسرقها فلول «داعش».
وقال فرحان في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «تنظيم داعش الإرهابي وبعد هجومه ثم سيطرته على مدينة الرمادي استولى على متحف الأنبار ونهب القطع الأثرية والتاريخية الموجودة فيه وفي دائرة آثار الأنبار وسط المدينة لتمويل عملياته الإرهابية بعد بيعها على المهربين وتجار الآثار المسروقة». وأشار محمد إلى أن «متحف آثار الأنبار في الرمادي من أهم المتاحف التاريخية في العراق ويوجد فيه مئات القطع الأثرية التي تعود حقبتها لآلاف السنين وأكثرها تعود إلى مدينة إيتا التاريخية القريبة من مدينة هيت حاليًا التي يعود تاريخها إلى سبعة آلاف عام وقطع أخرى تعود لحقب زمنية قديمة من تاريخ الأنبار والعراق، نهبها (داعش) كونه يستغل كل شيء لتمويل عناصره بالمال والسلاح».
وقال مدير متحف الرمادي محمد صالح العاني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن متحف الآثار في الرمادي كان يضم أهم الكنوز الآثارية في العراق التي يعود تاريخها ما بين 5000 و7000 آلاف عام، حيث كانت مدينة إيتا التاريخية (هيت) الآن من أهم المدن العراقية التي واكبت حضارات سومر وبابل وآشور، وكانت مدينة تشتهر بمادة القار التي ساهمت في بناء الأنبوب الفخاري الناقل للماء والممتد من مدينة إيتا غرب العراق إلى بابل، حيث يغذي الجناين المعلقة بطريقة الأواني المستطرقة، كما تم بناء بيوت ومعابد أور واريدو وبابل باستخدام القار المستخرج من هيت، وهذا دليل كبير على أن مدينة إيتا كانت تظم البنائين والفنانين الذين عملوا على بناء حضارة العراق. وأضاف العاني: «كان المتحف يضم إلى جانب القطع الآثارية لمدينة إيتا التاريخية الكثير من القطع والمخطوطات النفيسة واللوحات الفنية وقطع لأوانٍ من الفخار والفضة والذهب ومشاهد آثارية لدولة بني العباس التي كانت عاصمتها الأنبار، وكنا قد أبلغنا الحكومتين المحلية والمركزية بضرورة نقل القطع الآثارية من المتحف ونقلها إلى بغداد، خصوصًا بعد التهديدات التي تعرضت لها مدينة الرمادي قبيل دخول مسلحي تنظيم داعش».
وأشار العاني إلى تأريخ مدينة إيتا (هيت) بالقول إن «مدينة هيت من المدن التاريخية القديمة في العراق والعالم والشواهد على ذلك كثيرة.. حيث أرجع الشيخ رشاد الخطيب في كتابه (هيت في إطارها القديم والحديث) بناء مدينة هيت إلى ما قبل الطوفان وكيف أن نوحًا عليه السلام لما بنى سفينته طلاها من قار هيت، وأن مدينة بابل التاريخية وبرجها المعروف بنيا من القار نفسه لمقاومته الظروف الطبيعية إذ ما زالت مدينة هيت تشتهر بعيون القير بشكل واسع، إضافة إلى العيون الكبريتية التي يقال إنها تعالج الكثير من الأمراض، كما أن سرجون الأكدي (2400 ق.م) قدم إلى هيت لتقديم القرابين إلى الإله (دكان) الذي من المرجح أنه إله الجبال وما زالت هذه المنطقة تعتبر المصدر الرئيسي للحجارة في مناطق أعالي الفرات وبنيت الكثير من المعامل لتقطيعه بأشكال فنية لتزيين واجهات المنازل وكانت سوقه رائجة في الفترة الأخيرة في بغداد والمحافظات الأخرى.. وحفر الملك الساساني خندقًا بالقرب من هيت ينحدر إلى البصرة بعد غزوات الأعراب وهو ما يعرف محليًا (بجري سعده) والحكايات الشعبية حوله كثيرة ومن بينها.. أن أحد أمراء البصرة اقترن بفتاة من هيت فحفر لها هذا النهر لتنقل عبره في يوم زفافها.
وما تبقى الآن من هيت القديمة هو القلعة التي تقع على الجهة اليمنى من نهر الفرات والتي ما زالت إطلالها تنتصب بشموخ تحكي قصة أجيال خلت لأقدم حضارة عرفتها الإنسانية في موطن هيت.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.