ترحيب غربي بـ«مسودة الدستور الانتقالي» في السودان

حميدتي يعتبرها «نافذة أمل لبناء الثقة» بين الفرقاء

جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 31 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 31 أغسطس (أ.ف.ب)
TT

ترحيب غربي بـ«مسودة الدستور الانتقالي» في السودان

جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 31 أغسطس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني في الخرطوم 31 أغسطس (أ.ف.ب)

أبدى نائب رئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ترحيبه بمشروع الدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، فيما اعتبرت دول المجموعة الغربية الوثيقة الدستورية «مبادرة جادة ومشجعة»، ودعت لتحقيق اتفاق قاعدة واسعة من الدعم الشعبي لها. وأعرب حميدتي، في تعميم موجز وزعه مكتب إعلامه، عن أمله في أن يكون مشروع الدستور «نافذة أمل لبناء الثقة بين الأطراف السودانية كافة، في سبيل الوصول إلى اتفاق شامل لحل الأزمة السودانية»، وذلك في أول تصريح صحافي بعد صمت طويل.
واعتبر نائب رئيس مجلس السيادة، صدور الوثيقة دعماً للجهود الرامية للتغلب على «المصاعب التي تواجه البلاد»، ودعا «جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل عاجل في حوار شامل، يفضي إلى اتفاق لاستكمال الفترة الانتقالية»، بما يفضي لحفظ أمن واستقرار البلاد، ووعد بالاطلاع على ما جاء في مشروع الدستور، وإبداء رأيه فيه.
ونص مشروع الدستور على تكوين «دولة مدنية كاملة» تكفل الحريات الدينية واستقلال الصحافة، والبحث العلمي، ودمج قوات الدعم السريع وأفراد الحركات المسلحة في الجيش، وحظر ممارسة القوات النظامية للأنشطة التجارية والاستثمارية، وخضوع القوات المسلحة للسلطة المدنية، وأن تختار القوى الموقعة على مشروع الدستور قادة الحكم المدني الانتقالي بمن فيهم أعضاء مجلس السيادة ورئيس الوزراء والوزراء وأعضاء المجلس التشريعي وحكام الولايات ورؤساء القضاء والنيابة والمحكمة الدستورية.
وخفّت لهجة «العداء» بين «الحرية والتغيير» والدعم السريع بوضوح في الآونة الأخيرة، وبرز بشكل واضح في الندوة الصحافية التي عقدها التحالف مطلع الشهر الجاري، وساوى فيها بين الجيش والدعم السريع، وقال على لسان عضو مجلسه المركزي، ياسر عرمان، إنهم لن يقفوا مع الجيش ضد الدعم السريع، أو مع الدعم السريع ضد الجيش، مؤكداً أنهم يسعون لإصلاح القوات المسلحة لتكون صديقة للشعب. وسبق أن أشاد التحالف في يوليو (تموز) الماضي بتصريحات حميدتي المتعلقة بـ«ترك أمر الحكم للمدنيين وتفرغ القوات النظامية لأداء مهامها الوطنية»، فيما لا يزال التحالف يعتبر تصريحات قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان بالانسحاب من العملية السياسية أنها مجرد «مناورة».
من جهتها، رحبت سفارات دول (فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، والنرويج، وإسبانيا، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي) بنشر الوثيقة، واعتبرتها إطاراً لدستور انتقالي «من أجل تكوين حكومة مقبولة على نطاق واسع.. يمكن أن تضع السودان على طريق الديمقراطية والانتخابات». وقالت المجموعة في بيان مشترك: «نحن نقدر أن هذه المبادرة جادة ومشجعة. ولا يمكن لأي اتفاق سياسي أن يكون ذا مصداقية أو مستداماً، إذا لم يكن شاملاً أو لا يتمتع بقاعدة واسعة من الدعم الشعبي»، واستطردت: «نشيد بإدراج مبادرة نقابة المحامين لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة السودانيين والمراجعة الفنية الدقيقة للخبراء، وتشجعنا الإشارات الأولية للدعم من الجهات السودانية الفاعلة والمتنوعة منذ إصدار الوثيقة».
وأعلنت أحزاب وكيانات سياسية ومدنية ومجتمعية تأييدها لمشروع الدستور الانتقالي، المقدم من لجنة تسيير نقابة المحامين، ومن بينها الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يترأسه الزعيم الديني والسياسي محمد عثمان الميرغني، الذي نقل عنه مكتبه أنه وقّع على وثيقة الدستور، واعتبرها امتداداً لمبادرة زعيمه لمعالجة الأزمة الوطنية. وتعد المشاركة في ورشة إعداد الدستور الانتقالي، هي الأولى للحزب الذي يعتبره أنصار ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 ضمن الموالين لنظام الرئيس المعزول عمر البشير، وذلك لكونه ظل شريكاً له في الحكومة حتى سقوطه، وهو أحد أكبر الأحزاب السودانية، وحصل في آخر انتخابات نيابية جرت في البلاد في عام 1985 على عدد كبير من المقاعد مكّنته من تأليف الحكومة بالشراكة مع حزب الأمة بزعامة رئيس الوزراء الأسبق الراحل الصادق المهدي.
وأفلحت ورشة نظمتها لجنة تسيير نقابة المحامين في أغسطس (آب) الماضي، وشاركت فيها قوى سياسية ومجتمعية استمرت لزهاء أسبوع وحضور دولي وإقليمي لافت، في صياغة مشروع دستور انتقالي، قالت إنها ستقدمه للقوى السياسية والمدنية للتشاور حوله، وقدمت نسخة منه للآلية الثلاثية التي تتوسط بين المكونات السودانية، والمكونة من بعثة الأمم المتحدة «يونتامس» والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية «إيقاد».
ونقلت «سودان تربيون» عن نقيب المحامين، علي قيلوب، قوله إن نقابته ستطرح مشروع الدستور للقوى التي لم تشارك في الورشة، ومن بينها الحزب الشيوعي، والحركة الشعبية لتحرير السودان جناح عبد العزيز الحلو، وحركة تحرير السودان جناح عبد الواحد محمد نور، بهدف تحقيق أكبر إجماع على مشروع الدستور الانتقالي، عبر لقاءات مكثفة تجريها معها للتشاور وأخذ ملاحظاتها بعين الاعتبار.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.