انطلقت في مدينة طنجة المغربية، أمس، أشغال «محاكمة صورية» مشتركة بين المغرب والنيجر وإثيوبيا، حول جريمتي الاتجار البشر وتهريب المهاجرين.
وستركز هذه الورشة التدريبية؛ المنظمة من قبل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بشراكة مع المديرية العامة للأمن الوطني (الأمن العام) وبدعم من إيطاليا، وتستمر حتى 16 سبتمبر (أيلول) الحالي، على تعزيز التعاون الدولي والأمن القضائي بين البلدان المشاركة، وإجراءات البحث والتحري والاستماع إلى الضحايا والمشتبه فيهم والشهود، أمام الشرطة القضائية والنيابة العامة، بما سيمكن من تبادل الخبرات والممارسات الفضلى والوقوف عند العراقيل التي تعوق الممارسة الميدانية في مكافحة الجريمتين.
كما تسلط هذه الورشة الضوء على التحقيقات؛ بالاعتماد على الأدلة الجنائية والرقمية والتحليل الجنائي والتحقيقات الموازية، من خلال الاشتغال على حالة عملية وفق سيناريو يقارب الجريمة على المستوى الواقعي. وستنظم محاكاة للتحقيقات الجنائية والمحاكمة الجنائية في جميع مراحلها وصولاً إلى النطق بالحكم النهائي.
في سياق ذلك، قال والي الأمن، محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية في المديرية العامة للأمن الوطني، إن المغرب «يولي اهتماماً كبيراً لمكافحة الاتجار بالبشر، والذي تجسد في الانضمام إلى العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، أبرزها (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة) و(البروتوكول الملحق بها) المتعلق بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص؛ خصوصاً النساء والأطفال»، مذكراً بـ«التطور الملحوظ الذي شهده الإطار التنظيمي والتشريعي المغربي الخاص بمكافحة الاتجار بالبشر في السنوات الأخيرة، والنابع من إرادة المغرب في مكافحة هذه الظاهرة الخطيرة».
وأشار الدخيسي إلى أن «(الاستراتيجية الأمنية لمحاربة الجريمة بكل أشكالها 2022 – 2026)، أولت اهتماماً خاصاً بمحاربة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود، مع التركيز وإعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب والتطرف وتمويل الإرهاب والجريمة السيبرانية، ومحاربة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، ومكافحة غسل الأموال والاتجار الدولي بالمخدرات، وذلك من خلال تعزيز آليات التعاون الدولي الثنائية ومتعددة الأطراف على المستوى الدولي والإقليمي والعربي، وتبادل المعلومات والتجارب والخبرات وتعزيز القدرات».
وأشار المسؤول الأمني المغربي إلى «الآثار السلبية لجريمتي الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين على سيادة القانون وحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والأمن. عدا أنهما صارتا أكثر تنظيماً وتعقيداً»، مشيراً إلى أن هذه الورشة التدريبية «تروم توفير مستوى عملي متقدم موجه لفائدة ممارسين ممن لديهم الخبرة الواسعة في التعامل مع قضايا الاتجار بالبشر، واكتساب القدرة على تحليل مختلف العناصر المكونة لها، وتوضيح النظم القانونية المتصلة بها، وكذا الوقوف عند الممارسات الفضلى، وتحديد العراقيل التي تواجه الممارسين في عملهم اليومي».
من جهتها، عدّت باتريسيا بنتو ساورس، المنسقة الإقليمية لـ«برنامج مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين» في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في غرب ووسط أفريقيا، أن هذه الورشة «تروم بناء القدرات في مجال مكافحة هذا النوع من الجرائم، إلى جانب تعزيز التعاون وتبادل المعلومات بين الدول المشاركة».
وقالت: «إننا نسعى إلى الاستفادة من خبرة المكتب ومن خبرة المغرب من أجل تعزيز قدرات البلدان الأفريقية»، مشددة على «ضرورة تضافر جهود البلدان المصدرة للمهاجرين والعبور والاستقبال، للحد من خطورة هذه الجرائم».
بدوره، شدد موموني حاميدو، رئيس «اللجنة الوطنية لتنسيق محاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين» في النيجر، على «الطابع العابر للحدود لهذه الجرائم»، عادّاً أن هذه الدورة التدريبية تتماشى ورغبة بلده في تطوير قدراتها من خلال التعاون الدولي في مجال محاربة الجريمتين، لا سيما بعد إصدار تشريعات ذات الصلة.
وقال تسفاي نيواي، نائب رئيس المحكمة الفيدرالية الابتدائية في إثيوبيا، إن «للاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين آثاراً نفسية وبدنية وخيمة على الضحايا، وهي جرائم تنتهك حقوق الإنسان وتخرق القانون»، مستعرضاً جهود بلده «في مجال الوقاية من هذا النوع من الجرائم، ورغبتها في تعزيز التعاون مع مكتب الأمم المتحدة والبلدان الشريكة؛ بما يضمن مزيداً من الاستقرار والأمن ويصون حقوق وكرامة الأفراد».
أما ممثل سفارة إيطاليا في الرباط، روميتيلي ماتيو، فركز على أن «هذه الدورة الممتدة على مدار أسبوع تشكل مثالاً ملموساً للتعاون الدولي في مجال مكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين عبر إشراك جميع الأطراف المعنية (شرطة – قضاة - هيئات وطنية...)»، مستعرضاً تجربة إيطاليا في هذا المجال وأوجه تشابهها مع المغرب؛ «لأن البلدين صارا يشكلان بلد استقبال وعبور للمهاجرين».
يذكر أن الورشة التدريبية الأولى حول «المحاكمة الصورية حول قضايا الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين»، جرت بشكل مشترك بين المغرب والنيجر في الدار البيضاء بين 2 و5 أغسطس (آب) الماضي، وذلك عبر محاكاة للتحقيقات والمحاكمة الجنائية في كل مراحلها؛ وصولاً إلى النطق بالحكم النهائي في القضية، في إطار مقاربة ترتكز على حماية حقوق الضحية.
«محاكمة صورية» في طنجة حول الاتجار بالبشر
تنظمها الأمم المتحدة بمشاركة المغرب والنيجر وإثيوبيا
«محاكمة صورية» في طنجة حول الاتجار بالبشر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة