ما مستقبل التاج البريطاني بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية؟

تقرير اعتبر أن التحدي الأكبر أمام الملك تشارلز هو مضاهاة شعبية الملكة الراحلة

الأمير تشارلز  (آنذاك) ينظر إلى تاج الدولة الإمبراطوري الذي تمت إزالته بعد قراءة خطاب الملكة في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
الأمير تشارلز (آنذاك) ينظر إلى تاج الدولة الإمبراطوري الذي تمت إزالته بعد قراءة خطاب الملكة في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT
20

ما مستقبل التاج البريطاني بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية؟

الأمير تشارلز  (آنذاك) ينظر إلى تاج الدولة الإمبراطوري الذي تمت إزالته بعد قراءة خطاب الملكة في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)
الأمير تشارلز (آنذاك) ينظر إلى تاج الدولة الإمبراطوري الذي تمت إزالته بعد قراءة خطاب الملكة في مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

رحلت الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، يوم الخميس الماضي عن عمر ناهز 96 عاماً، تاركة وراءها تاريخاً حافلاً بالأحداث خلال الفترة الطويلة التي تربعت فيها على عرش البلاد.
والآن، وبعد رحيلها بدأت هناك علامات استفهام تفرض نفسها حول مستقبل بريطانيا من بعد إليزابيث التي لطالما اعتبرت بمثابة «رمانة الميزان» للحياة السياسية في البلاد على مدار سنوات عديدة.
وبحسب تقرير نشرته مجلة «تايم» الأميركية، فإن العبارة شبه العالمية التي ترددت في تأبين الملكة الراحلة إليزابيث الثانية كانت دورها كرمز للاستقرار في بريطانيا، وكذلك كشخصية ثابتة في عالم غير ثابت بشكل متزايد.
وقد وصفها رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون في تأبينه لها يوم الجمعة، بأنها كانت «نقطة مرجعية إنسانية لا تتغير في الحياة البريطانية».
ويذكر التقرير أن الملكة كانت أيضاً نجمة بريطانيا ومصدراً للراحة في وقت يبدو فيه أن الاضطرابات التي لا تنتهي، أكثر من كونها مجرد وجه رمزي للأمة. والتحدي الذي يواجه البلاد الآن هو كيفية المضي قدماً من دونها.
وفي حين أن الطريق إلى الأمام بالنسبة لبريطانيا واضحة (حيث مرّ عليها ذلك عدة مرات من قبل)، فإن مستقبل الملكية البريطانية يبدو أقل يقيناً، وفق التقرير.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1569225548491984896
ويرث الملك تشارلز الثالث العرش في وقت لا يزال فيه النظام الملكي كمؤسسة يحظى بدعم واسع النطاق في بريطانيا، مع أغلبية طفيفة من 62 في المائة مؤيدة، وفقاً لاستطلاع للرأي أجري في يونيو (حزيران)، لكن تدفق الدعم والإعجاب بالملكة لا ينبغي أن يختلط بالدعم الثابت للعائلة المالكة ككل، خاصة بعد التداعيات الأخيرة حول معاملة الأمير هاري وميغان، فضلاً عن مزاعم الاعتداء الجنسي التي تواجه ابنها الأمير أندرو، حسبما أشار تقرير لوكالة الأنباء الألمانية.
وبحسب التقرير، فإن أكبر اختبار يواجه الملك الجديد هو ما إذا كان بإمكانه محاكاة صورة والدته للاستقرار والحفاظ على المؤسسة التي قضت الكثير من حياتها في محاولة حمايتها.
إن الملكة، التي اعتلت العرش في سن 25 عاماً فقط، كان لديها عمر لإثبات نفسها. ولن يتمتع تشارلز، الذي يبلغ من العمر 73 عاماً وهو أكبر ملك عمراً يعتلي العرش في التاريخ البريطاني، بنفس الميزة. لقد تشكلت الكثير من صورة تشارلز العامة من خلال فترة عمله أميرا لويلز، بما في ذلك فترات قاسية من حياته الخاصة من بينها علاقته مع كاميلا باركر بولز، التي تأخذ الآن لقب الملكة كونسورت (عقيلة الملك)، وانفصاله عن الأميرة ديانا، بالإضافة إلى مواقفه الصاخبة بشأن قضايا واسعة النطاق مثل تغير المناخ، والتحوط والصين، وأساليب الحكومة البريطانية المثيرة للجدل لعرقلة الهجرة.

وفي حين حافظت الملكة على سمعة الحياد، واختارت أن تسمو فوق الخلاف وترك السياسة للسياسيين، فعل الأمير تشارلز العكس تماماً، حتى أنه ذهب إلى حد الخوض في أعلى مستويات السياسة عندما كتب سلسلة من الرسائل في عامي 2004 و2005 تعرف باسم «مذكرات العنكبوت الأسود»، ضغط فيها على وزراء الحكومة بشأن عدد من القضايا، في انتهاك واضح للدور المحايد والاحتفالي للنظام الملكي في السياسة البريطانية.
ويقول ريتشارد فيتز ويليامز، الخبير في شؤون العائلة المالكة «تشارلز نشط، ربما لأنه، بالنسبة للغالبية العظمى من فترة حياته، كانت وظيفته الأساسية هي متابعة اهتماماته من خلال مؤسساته وجمعياته الخيرية المختلفة».
وقال بروك نيومان، وهو مؤرخ معني بشأن بريطانيا الحديثة المبكرة في جامعة فرجينيا كومنولث لمجلة «تايم»، إن تشارلز «ليس لديه نفس المستوى من الغموض الذي اكتسبته الملكة إليزابيث الثانية بنجاح كبير على مدى حياتها». وبعيداً عن حبها لكلاب الكورجي والخيول «كانت (إليزابيث) حريصة جداً على عدم التعبير عن موقف بشأن الكثير من أي شيء. لقد أصبحت رمزاً في جميع أنحاء العالم لأن الناس يمكنهم إسقاط آمالهم وأحلامهم وأوهامهم وغضبهم عليها وعلى المؤسسة لأنها جسدت التاج بطريقة أعتقد أنه سيكون من المستحيل على تشارلز القيام بها لأنه يمثل بالفعل أشياء معينة».
ولكن لكي يستمر النظر إلى النظام الملكي على أنه مصدر للوحدة الوطنية ولكي يتمكن الملك من القيام بواجباته الاحتفالية دون دعوة إلى مزاعم بالحزبية، وهو أمر حتى في بعض الأحيان كان يطارد عهد والدته المحايد بشكل صارم، قال فيتز ويليام، إن الملك الجديد سيحتاج إلى إبقاء آرائه تحت السيطرة. وقد اعترف تشارلز بهذه الحقيقة في الماضي، وفي أول خطاب وطني له منذ اعتلائه العرش، اعترف بأنه مع تغير دوره «لن يكون من الممكن بالنسبة لي بعد الآن أن أعطي الكثير من وقتي وطاقاتي للجمعيات الخيرية والقضايا التي أهتم بها بعمق».

إن الحفاظ على القيمة الرمزية للعائلة المالكة ليس سوى جزء من تحدي الملك الجديد. ومن الأمور الأخرى ضمان بقاء المؤسسة ملائمة للغرض في وقت تبدو فيه الملكيات وامتيازات الوراثة عفا عليها الزمن على نحو متزايد.
هنا، كان تشارلز ووالدته إلى حد كبير في حالة انغلاق. وأدرك كلاهما حتمية تقليص العائلة المالكة، سواء من حيث التكلفة على دافعي الضرائب أو المظهر العام، بما يتماشى مع الرأي العام. وفي عهد تشارلز، من المتوقع أن يتم أخذ هذا الجهد إلى أبعد من ذلك من خلال تقليص العائلة المالكة إلى سبع فقط من أفراد العائلة المالكة العاملين النشطين المكلفين بالمشاركة في الارتباطات الرسمية، ومقابلة كبار الشخصيات الأجنبية، وتمثيل الملك في غيابهم، بانخفاض عن العشرة الحاليين.
لكن التحدي الأكبر الذي يواجه تشارلز سيكون قدرته على مضاهاة شعبية الملكة الراحلة، التي لم تكن ملطخة إلى حد كبير بفضائح من حولها. وعندما تحدثت «تايم» مع المشيعين الذين تجمعوا في أعقاب وفاة الملكة مباشرة، كان من الواضح أن أحداً لم يتوقع أن ينافس عهد تشارلز عهد والدته، وهذا لا يقلل بالضرورة من الضغط الذي سيواجهه، ولن يوفر أي عزاء إذا ما أخذ تصور النظام الملكي منعطفاً نحو الأسوأ. وقال وارن كابرال، الذي ذهب إلى قصر باكنغهام يوم الخميس لتأبين الملكة مع زوجته وابنه، لمجلة «تايم»: «لقد واجه تشارلز الكثير من الصعود والهبوط»، مضيفاً «لكنه يرث التاج في ذروته».
ولكن على عكس والدته، لن يتحمل تشارلز عبء رعاية التاج على مدى السنوات الـ70 المقبلة. إنه يحتاج فقط إلى القيام بذلك لفترة طويلة بما يكفي لنقله إلى الجيل التالي في حالة سليمة.


مقالات ذات صلة

السر الملكي: كيف يحافظ قصر باكنغهام على نعومة المناشف؟

يوميات الشرق السر الملكي: كيف يحافظ قصر باكنغهام على نعومة المناشف؟

السر الملكي: كيف يحافظ قصر باكنغهام على نعومة المناشف؟

كشف موظفو قصر باكنغهام عن روتين خاص للعناية بالمناشف يضمن بقاءها ناعمة ونظيفة، وذات قدرة امتصاص عالية لسنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الملك تشارلز (أ.ب)

قصر باكينغهام يؤكد أن الملك تشارلز سيلتقى بابا الفاتيكان مطلع أبريل

سوف تتم الزيارة الرسمية المقررة لملك بريطانيا تشارلز الثالث والملكة كاميلا إلى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس كما هو مخطط لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الأمير البريطاني ويليام يحمل صافرة الحكم خلال مباراة كرة قدم مصغرة (رويترز)

ترتبط بتشجيعه أستون فيلا... الأمير ويليام يكشف عن الخرافات التي يؤمن بها

كشف الأمير ويليام اليوم الجمعة أنه من مشجعي فريق أستون فيلا المؤمنين بالخرافات، لدرجة أنه ينقل أطفاله من مكان إلى آخر في أنحاء منزله خلال المباريات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تقدّم ميغان ماركل في أحدث مشاريعها برنامجاً تظهر فيه كطبّاخة وربة منزل ماهرة (نتفليكس)

ميغان ماركل تبرع في خَفق البيض وتُخفق في إقناع الجمهور

سباغيتي بالطماطم، وعجّة بالبيض العضوي، وكعكة بالعسل، وغيرها الكثير من الأطباق تقدّمها ميغان ماركل في برنامجها الجديد على «نتفليكس». فما خلفيّاته وتفاصيله؟

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مقطع دعائي للمسلسل المكون من ثمانية أجزاء «مع الحب، ميغان» (أ.ف.ب)

«قصص مبتذلة باعتها للعائلة المالكة»... أخو ميغان ماركل ينتقدها وبرنامجها

انتقد توماس ماركل جونيور، أخو ميغان ماركل غير الشقيق من جهة الأب، «قصصها المبتذلة» بعد إطلاقها برنامجها الجديد «مع الحب، ميغان» على «نتفليكس».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

70 ألفاً من البيض في جنوب أفريقيا مهتمون بخطة ترمب لمنحهم اللجوء

أصدر ترمب أمراً تنفيذياً في السابع من فبراير بتقليص تمويل الولايات المتحدة لجنوب أفريقيا وأشار إلى «أعمال حكومية تغذي العنف غير المتناسب ضد أصحاب الأراضي المهمشين عرقياً» في إشارة إلى الأفريكان البيض (رويترز)
أصدر ترمب أمراً تنفيذياً في السابع من فبراير بتقليص تمويل الولايات المتحدة لجنوب أفريقيا وأشار إلى «أعمال حكومية تغذي العنف غير المتناسب ضد أصحاب الأراضي المهمشين عرقياً» في إشارة إلى الأفريكان البيض (رويترز)
TT
20

70 ألفاً من البيض في جنوب أفريقيا مهتمون بخطة ترمب لمنحهم اللجوء

أصدر ترمب أمراً تنفيذياً في السابع من فبراير بتقليص تمويل الولايات المتحدة لجنوب أفريقيا وأشار إلى «أعمال حكومية تغذي العنف غير المتناسب ضد أصحاب الأراضي المهمشين عرقياً» في إشارة إلى الأفريكان البيض (رويترز)
أصدر ترمب أمراً تنفيذياً في السابع من فبراير بتقليص تمويل الولايات المتحدة لجنوب أفريقيا وأشار إلى «أعمال حكومية تغذي العنف غير المتناسب ضد أصحاب الأراضي المهمشين عرقياً» في إشارة إلى الأفريكان البيض (رويترز)

قالت سفارة الولايات المتحدة في جنوب أفريقيا إنها تلقت قائمة تضم نحو 70 ألف شخص مهتمين بالحصول على وضع اللجوء في أميركا بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة توطين أفراد أقلية الأفريكان ذات البشرة البيضاء، حيث يزعم أنهم ضحايا للتمييز العرقي من قبل الحكومة التي يقودها مسؤولون من ذوي البشرة السمراء.

وتلقت السفارة القائمة من غرفة التجارة بجنوب أفريقيا في الولايات المتحدة، والتي قالت إنها أصبحت نقطة الاتصال لأبناء جنوب أفريقيا البيض الذين يطرحون أسئلة عن البرنامج الذي أعلنت عنه إدارة ترمب الشهر الماضي. وذكرت الغرفة أن القائمة لا تشكل طلبات رسمية، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وأصدر ترمب أمراً تنفيذياً في السابع من فبراير بتقليص تمويل الولايات المتحدة لجنوب أفريقيا، وأشار إلى «أعمال حكومية تغذي العنف غير المتناسب ضد أصحاب الأراضي المهمشين عرقياً».

ووجّه الأمر وزير الخارجية ماركو روبيو ووزيرة الداخلية كريستي نوم لمنح الأولوية للإغاثة الإنسانية للأفريكان لكونهم ضحايا «للتمييز العنصري الظالم»، وإعادة توطينهم في الولايات المتحدة بموجب برنامج لجوء.