مصر للبحث عن دار سك عملة إسلامية في إسنا

بعد اكتشاف خبيئة تعود إلى حقب تاريخية متنوعة

عملات ذهبية نادرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
عملات ذهبية نادرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر للبحث عن دار سك عملة إسلامية في إسنا

عملات ذهبية نادرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
عملات ذهبية نادرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تستعد البعثة الأثرية المصرية، التابعة للمجلس الأعلى للآثار، للبحث عن دار سك ووزن للعملة في مدينة إسنا بمحافظة الأقصر (جنوب مصر)، بعد الكشف عن خبيئة تضم عدداً من العملات الأثرية، والتي تعود إلى فترات زمنية مختلفة من العصر الإسلامي، بالإضافة إلى أجزاء من قوالب سك العملة ووزنها.
ووصف الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى الآثار، الكشف الجديد بـ«المهم»، مشيراً إلى «احتمالية وجود دار سك ووزن للعملة في مدينة إسنا، وهو ما سوف تعمل البعثة على اكتشافه خلال الفترة المقبلة».
وأضاف محمد عبد البديع، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، في بيان صحافي، الأحد، أن «البعثة الأثرية التي بدأت عملها بالموقع، العام الماضي في الجزء الواقع خلف معبد إسنا مباشرة، عثرت على هذا العدد الهائل من العملات».
وتضم العملات المكتشفة عملة ذهبية تعود إلى عصر العزيز بالله بن المعز لدين الله الفاطمي وحوالي 286 عملة فضية لسلاطين وملوك المماليك حيث تعود إلى 19 ملكاً وسلطاناً بالعصر المملوكي، كما تضم عملة أجنبية تعود إلى عصر الملك ليفون الثاني ملك الأرمن، والذي عاصر الفترة المملوكية، بالإضافة إلى مجموعة من العملات البرونزية والنحاسية من العصر العثماني.

ومن بين العملات المكتشفة دينار فاطمي من الذهب يعود لعصر العزيز بالله، ودرهم نجم الدين أيبك، ودرهم الملك العادل بدر الدين سلامش المصنوعان من الفضة، بالإضافة إلى نصف درهم للملك المنصور سيف الدين قلاوون، ونصف درهم من الفضة للملك المنصور سيف الدين قلاوون، وعدد من الدراهم المصنوعة من الفضة، منها درهمان للملك العادل زين الدين كتبغا، ودرهم الملك المنصور سيف الدين أبو بكر، ودرهم الملك الكامل سيف الدين شعبان، بحسب الدكتور فتحي ياسين، مدير عام آثار مصر العليا.
يأتي ذلك في وقت تعمل فيه مصر على تحويل المدينة التاريخية الفريدة إلى متحف مفتوح، ووضعها على خريطة السياحة الثقافية، إذ تضم المدينة آثاراً ومزارات من عصور مختلفة، من بينها سوق إسنا السياحي، ووكالة الجداوي، التي تم إنشاؤها في عصر محمد على باشا، ومعبد خانوم، بالإضافة إلى سوق القيثارية التجاري.
وتضم المنطقة التاريخية بإسنا نحو 30 منزلا كنماذج لبنايات ذات طراز معماري إسلامي متميز، فضلاً عن وجود عدد كبير من المآذن أهمها مئذنة المسجد العمري.

ولعبت وكالة الجداوي الأثرية بإسنا، والتي يعود تاريخها إلى عام 1792 ميلادية دوراً في تجارة التوابل والبضائع التي تأتي من اليمن والصومال وجنوب أفريقيا، بحسب الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، الذي يستبعد وجود دور سك عملة بالمدينة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود عدد كبير من هذه العملات لا يعني أنها كانت مركزاً لسك ووزن العملات، لكنها كانت محطة مهمة للتجارة مع أفريقيا وآسيا، وهذا سبب طبيعي لوجود عملات كثيرة بها». وفسر الكسباني وجود عشرات العملات المتنوعة بالمنطقة إلى «حب الاكتناز».
لكن د. ياسين يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود قالب لسك العملة واختلاف الفترات التي صدرت بها، يعد دليلاً على وجود دار لسك العملة بإسنا، بالإضافة إلى وجود عملة أجنبية تعود لعصر الملك ليفون الثاني ملك الأرمن.
وبدأت الوكالة التي شيدها حسن بك الجداوي عام (1207 هجرية، 1792 ميلادية)، في استقبال الزوار مجدداً في أغسطس (آب) 2021 عقب مشروع ترميم استغرق نحو عامين، أعاد إليها رونقها التراثي وجماليات عمارتها.



مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».