اقترحت دراسة نظرية أعدها علماء المصريات في كلية الآثار بجامعة «فليندرز» الأسترالية ومركز أبحاث «فاباب» بإيطاليا، طريقاً لحل لغز مومياء «الصبي الغامض» التي عثر عليها في مقبرة «أمنحتب الثاني» بوادي الملوك بمدينة الأقصر (جنوب مصر)، التي تعرف عالمياً باسم «KV35 ».
وعندما فحص عالم المصريات الفرنسي فيكتور لوريت (1859 - 1946) مقبرة أمنحتب الثاني عام 1898، لم يجد المومياء الملكية في التابوت فقط، لكنه عثر أيضاً في غرفة دفن جانبية على ثلاث مومياوات، ظلت جميعها غامضة لفترة طويلة، حتى تم حسم هوية إحداها، وبقيت هوية الثانية محل جدل، فيما لم تحظ الثالثة، التي تعرف بـ«الصبي الغامض»، بأي محاولات لكشف الهوية.
مومياء الصبي الغامض تتوسط السيدة العجوز التي تم كشف هويتها (الملكة تي) والمرأة الشابة، التي أصبحت تعرف بـ«الأم الجينية للملك توت عنخ آمون» (وزارة السياحة والآثار المصرية)
وخلال الدراسة المنشورة في 8 سبتمبر (أيلول) بدورية «بيريف كومينيكيشن»، استعرض الباحثون مايكل هيبكت وفرانشيسكو ماريا جالاسي وإلينا فاروتو، المحاولات العلمية لكشف هوية المومياوات التي عثر عليها في مقبرة «أمنحتب الثاني»، وزعموا أن «مطابقة الحمض النووي للفرعون الشاب مع مومياء الصبي قد تعيد كتابة التاريخ الفرعوني»، حسب وصفهم.
وقالوا إن التحليلات الجينية حسمت هوية المومياء الأولى، التي كانت تعرف لفترة طويلة باسم «مومياء السيدة العجوز»، بأنها مومياء الملكة «تي»، جدة الملك توت وزوجة أمنحتب الثالث، أما المومياء الأخرى، التي كانت لشابة حليقة الرأس، فقد كان هناك اعتقاد لفترة طويلة أنها تخص رجلاً، قبل أن يقوم عالم التشريح الأسترالي غرافتون أليوت سميث، بتحديد جنسها بأنها أنثى، وتحديد عمرها عند الوفاة بين 25 - 30 سنة، ثم أثبتت دراسة وراثية مهمة عام 2010 أنها الأم الجينية لتوت عنخ آمون، وهي ابنه أمنحتب الثالث والملك تي، وبالتالي كانت الأخت الشقيقة لزوجها أخناتون، ولكن ليس معروفاً اسمها حتى الآن.
ولأن مومياء الصبي وجدت بصحبة مومياوات ملكية، فهذا يشير – كما يرى الباحثون - إلى حقيقة أنه لم يكن مجرد أمير، ولكنه شخص عدَّه الكهنة مهماً للغاية، وربما كان سيصبح الوريث لعرش أمنحتب الثالث لولا وفاته المبكرة، وكان من المحتمل لولا وفاته في سن المراهقة قبل والده، أن يكون قد اعتلى عرش مصر باسم «تحتمس الخامس»، وكان مسار التاريخ سيصبح مختلفاً، ولكن بوفاته، وصل أخوه الأصغر إلى السلطة باسم الفرعون أمنحتب الرابع، الذي غيّر اسمه إلى إخناتون.
ويقول مايكل هيبكت في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، أنه لإثبات هذه النظرية، يجب أولاً إثبات العلاقة بين مومياء الصبي الغامض وتوت عنخ آمون، فقد يكون ذلك هو الطريق لكشف هوية الصبي الذي حرمه الموت من أن يصبح ملكاً.
ما يطالب به هيبكت يتم بالفعل حالياً، كما يقول عالم المصريات الشهير زاهي حواس، مشيراً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «النتائج التي رصدتها تلك الدراسة النظرية بخصوص كشف هوية مومياء السيدة العجوز ومومياء السيدة الشابة، كانت من مخرجات أول مشروع قاده في عام 2010 إبان رئاسته للمجلس الأعلى للآثار، لدراسة الحمض النووي لمومياوات ملكية مصرية قديمة».
ويقول: «نجري حالياً دراسة وراثية على مومياء الصبي الغامض، ولم نصل إلى نتائج بعد، ولكني لا أستبعد أنه قد يكون شقيق الملك توت عنخ آمون».