مقتل 9 أشخاص بإطلاق نار داخل كنيسة للسود في أميركا

الشرطة تطارد المشتبه به وهو شاب أبيض

مقتل 9 أشخاص بإطلاق نار داخل كنيسة للسود في أميركا
TT

مقتل 9 أشخاص بإطلاق نار داخل كنيسة للسود في أميركا

مقتل 9 أشخاص بإطلاق نار داخل كنيسة للسود في أميركا

قتل تسعة اشخاص حين فتح مسلح ابيض النار أمس الاربعاء، داخل كنيسة للسود في تشارلستون بولاية ساوث كارولاينا جنوب شرقي الولايات المتحدة، في جريمة بدافع الكراهية، على ما أعلن قائد شرطة المدينة اليوم (الخميس).
وافادت شرطة تشارلستون على حسابها على موقع "تويتر" أنها لا تزال تطارد المشتبه به وهو شاب ابيض عمره حوالى 21 سنة يرتدي سروالا جينز.
وقال قائد شرطة تشارلستون غريغوري مالن خلال مؤتمر صحافي «كان هناك ثمانية قتلى داخل الكنيسة»، مشيرا إلى وفاة شخص تاسع كان أحد جريحين نُقلا إلى اقرب مستشفى. وأضاف «لدينا في الوقت الحاضر تسعة ضحايا لهذه الجريمة المشينة التي ارتكبت» واصفا إياها بأنها «جريمة عنصرية».
ووقع اطلاق النار بحسب الشرطة قرابة الساعة التاسعة ليلا (01,00 تغ) داخل «كنيسة عمانوئيل الأفريقية الأسقفية الميثودية»؛ وهي أقدم كنيسة ميثودية في الجنوب الاميركي.
وعلى الرغم من الانتشار الكثيف لقوات الأمن، بما فيها الوسائل الجوية، لم تقبض الشرطة، بعد خمس ساعات على الجريمة، على مطلق النار الذي وصفه قائد الشرطة بأنه «خطير جدا».
وقال قائد الشرطة «كما ترون، كانت الفوضى تعم المكان عندما وصلنا». وأوضح أن الشرطة تستعين بالكلاب لمطاردة المشبوه، «ونريد أن نتأكد أنه ليس موجودا في الضواحي لارتكاب جرائم اخرى».
وهذه ضربة جديدة يتلقاها السود في الولايات المتحدة. وحتى لو أن طبيعة الحادث في تشارلستون مختلفة جدا، فقد واجهوا منذ الصيف الماضي تجارب قاسية تمثلت بعدد كبير من عمليات القتل التي ارتكبها ضباط بيض في الشرطة واستهدفت شبانا من السود العزل.
ومنذ فيرغسون صيف 2014 وحتى بالتيمور اخيرا، اججت هذه التصرفات التي غالبا ما لا يعاقب عليها مرتكبوها، التوترات العرقية في البلاد، ورسخت الانطباع لدى السود بأن حياتهم أقل اهمية من حياة البيض.
والهواتف الذكية المزودة بكاميرات هي التي اتاحت الكشف عن حجم المشكلة من خلال بث صور آنية عن هذه الاحداث على شبكات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام.
وسرعان ما توالت ردود الفعل على هجوم مساء الاربعاء. فقد دعت حاكمة كارولاينا الجنوبية نيكي هالي إلى الصلاة «لدعم ضحايا هذا التصرف غير المفهوم».
وقال جيب بوش المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية، على حسابه في تويتر، «أفكارنا وصلواتنا من أجل الاشخاص والعائلات التي تأذت من الاحداث المأساوية في تشارلستون».
وكتبت هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية إلى البيت الابيض، التي كانت تعقد اجتماعا انتخابيا في تشارلستون الاربعاء، في تغريدة، «أخبار مرعبة من تشارلستون- إني أفكر فيكم جميعا وأصلي من أجلكم».
وأعلن مايك هوكابي الجمهوري الآخر الذي يخوض السباق إلى البيت الابيض، أنه يصلي أيضا من اجل الضحايا والمصابين.
وفي المقابل، لم يصدر حتى السادسة صباح يوم الخميس، أي رد فعل عن الرئيس باراك اوباما أو وزيرة العدل لوريتا لينش.
وحملت مشاهد بثتها شبكات التلفزيون المحلية طوال دقائق، على الاعتقاد بأن القاتل قد اعتقل بعد اقل من ساعتين على الهجوم؛ فقد ظهر فيها شاب تنطبق عليه مواصفات القاتل الاصلي، مكبل اليدين ويحيط به شرطيان، لكن الشرطة أوضحت أنها ما زالت تبحث عن المشتبه به.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.