النظام السوري يقصف مدينة دوما بالطيران والصواريخ ويسوّي عشرات المنازل بالأرض

براميل متفجرة على تفتناز في إدلب واشتباكات عنيفة بريف حماه

النظام السوري يقصف مدينة دوما بالطيران والصواريخ ويسوّي عشرات المنازل بالأرض
TT

النظام السوري يقصف مدينة دوما بالطيران والصواريخ ويسوّي عشرات المنازل بالأرض

النظام السوري يقصف مدينة دوما بالطيران والصواريخ ويسوّي عشرات المنازل بالأرض

تعرّضت مدينة دوما في ريف العاصمة السورية دمشق صباح أمس للقصف بالبراميل المتفجرة من قبل الطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي، وجاءت هذه الغارات غداة قصف عنيف بعشرات الصواريخ من طراز أرض - أرض شنته القوات النظامية على المدينة مساء أول من أمس.
وأفاد موقع «أخبار سوريا» المعارض، أن «القوات النظامية المتمركزة قرب ضاحية الأسد، قصفت بالصواريخ مدينة دوما ما أدى إلى مقتل 24 مدنيًا بينهم ستة أطفال، كما أصيب 60 آخرون بينهم 16 طفلاً، بعضهم بحالة حرجة». وأكد أن «هذا القصف أدى إلى إثارة الرعب بين الأهالي، وقد عملت فرق الدفاع المدني على نقل القتلى والجرحى إلى المستشفيات، وبقيت حتى ساعة متأخرة من الليل تبحث عن ناجين بين أنقاض المنازل التي دمرها القصف بشكل كامل». ونقل الموقع عن أحد المسعفين، في الدفاع المدني، أن «أعداد القتلى والجرحى قابلة للازدياد، على اعتبار أن هناك عائلات بكاملها لم يعثر عليها بعد، وبالتالي ما زال مصيرها مجهولاً».
مصدر ميداني في المعارضة السورية، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيران المروحي السوري نفذ ثلاث غارات على مدينة دوما صباحًا (أمس)، بعد قصفها بصواريخ الـ(فيل) والكاتيوشا وقذائف الهاون التي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 25 مدنيًا وعشرات الجرحى بينهم عدد كبير من الأطفال»، واصفًا ما قام به النظام بأنه «حلقة في مسلسل التدمير والقتل الممنهج الذي يرتكبه النظام في سوريا، خصوصا أن القصف سوّى عشرات المنازل بالأرض». وعمّا إذا كان هذا التصعيد من قبل النظام هو ردّ على قصف فصائل المعارضة لأحياء في دمشق أول من أمس، أكد المصدر أن «المعارضة لم تقصف دمشق، بل من قصفها هو النظام بالتزامن من وجود (مبعوث الأمم المتحدث ستافان) دي ميستورا في دمشق، وكان الهدف قتل المدنيين لإثارة انتباه المبعوث الدولي وإيهامه بأن المعارضة هي من تقتل المدنيين، بدليل أن القصف لم يستهدف المناطق التي توجد فيها المواقع العسكرية للنظام، إنما طاول الأحياء السكنية».
وفي الشمال السوري، استهدف الطيران المروحي التابع للجيش السوري النظامي، بلدة تفتناز الخاضعة لسيطرة المعارضة في ريف محافظة إدلب الشرقي، ما أسفر عن سقوط عدد من الجرحى في صفوف المدنيين. وأعلن موقع «الدرر الشامية» الإخباري، أن «المقاتلات المروحية استهدفت الساحة العامة في تفتناز بـ15 لغمًا بحريًا، أسفرت عن سقوط 15 إصابة في صفوف المدنيين تفاوتت بين الخفيفة والمتوسطة من دون أن يسجل سقوط قتلى، بالإضافة إلى دمار عدد من المنازل السكنية. وقد تم نقل المصابين إلى النقاط الطبية في البلدة وما حولها، من دون تسجيل قتلى»، مشيرًا إلى أنّ «المنطقة المستهدفة مكتظة بالسكان، وتُعدّ السوق الرئيسية المنطقة، وهي المرة الأولى التي يستهدف فيها الطيران النظامي البلدة بالألغام البحرية».
ونقل موقع «الدرر الشامية» عن ناشطين في إدلب، أن «الطيران المروحي النظامي قصف بعدد من البراميل المتفجرة والصواريخ الموجهة بلدة أبو الظهور ومحيط مطار أبو الظهور في ريف إدلب، التي تدور فيها اشتباكات بين القوات النظامية وفصائل المعارضة في محاولة من الأخيرة للسيطرة على المطار»، مؤكدًا أن «فصائل المعارضة، دمّرت دبابة تابعة للقوات السورية النظامية المتمركزة في مدينة مورك في ريف حماه الشمالي».
وقال الناشط الإعلامي في إدلب أبو بكر عقاب لـ«الشرق الأوسط» إن «طيران النظام لا يتوانى عن قصف المناطق السكنية في مناطق إدلب بواسطة الألغام البحرية واسطوانات الغاز، ليكون لها وقع تدميري وإيقاع أكبر عدد من الضحايا». ولاحظ أن «النظام يلجأ إلى القصف بالطيران في المواقع التي تعجز وحداته العسكرية عن تحقيق أي تقدم على الأرض فيها، وفي المناطق التي تشهد تقدمًا لقوات المعارضة، إلا أن المؤسف في الأمر أن معظم ضحايا هذا القصف البربري هم مدنيون وأطفال».
وفي ريف حماه أيضًا، تمكن مقاتلون تابعون لـ«حركة أحرار الشام الإسلامية» من تدمير دبابة تابعة القوات النظامية عن طريق استهدافها بصاروخ من طراز «تاو» شرق مورك، ما أسفر عن تدميرها ومقتل عنصرين نظاميين وجرح ثلاثة آخرين كانوا بداخلها، بحسب ما أعلن موقع «أخبار سوريا» الذي تحدث عن «قصف مكثّف من الطيران النظامي، بالبراميل المتفجرة والألغام البحرية على مدينة كفرزيتا وبلدة اللطامنة وقرية معركبة الخاضعة لسيطرة المعارضة». وقال: «إن هذا القصف تزامن مع اشتباكات دارت بين الطرفين على جبهة قرية معركبة في ريف حماه الشمالي ضمن المعركة التي أطلقتها فصائل المعارضة منذ عدة أيام تحت اسم (فتح من الله) للسيطرة على الحواجز العسكرية المحيطة باللطامنة ومعركبة، من دون ورود أنباء عن سقوط قتلى أو جرحى في صفوف الطرفين».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.