سوريون يعودون إلى تل أبيض بعد تحريرها.. والتطمينات الكردية لا تبدد مخاوف المعارضة

عضو بالائتلاف: مسؤولون غربيون يقترحون التقسيم علنًا

نازحون سوريون ينتظرون عند معبر آقجه قلعة الحدودي في محافظة أورفة التركية على أمل العودة إلى مدينة تل أبيض داخل الحدود السورية (أ.ف.ب)
نازحون سوريون ينتظرون عند معبر آقجه قلعة الحدودي في محافظة أورفة التركية على أمل العودة إلى مدينة تل أبيض داخل الحدود السورية (أ.ف.ب)
TT

سوريون يعودون إلى تل أبيض بعد تحريرها.. والتطمينات الكردية لا تبدد مخاوف المعارضة

نازحون سوريون ينتظرون عند معبر آقجه قلعة الحدودي في محافظة أورفة التركية على أمل العودة إلى مدينة تل أبيض داخل الحدود السورية (أ.ف.ب)
نازحون سوريون ينتظرون عند معبر آقجه قلعة الحدودي في محافظة أورفة التركية على أمل العودة إلى مدينة تل أبيض داخل الحدود السورية (أ.ف.ب)

لا تنجح التطمينات الكردية المتتالية التي يطلقها حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» بأنه لا يسعى لإقامة دولة كردية على الحدود الشمالية السورية بتبديد مخاوف المعارضة السورية والقوى الأخرى من «سياسة تهجير عرقي» تنتهجها «وحدات حماية الشعب» الكردية سعيا وراء مشروع التقسيم.
وعلى الرغم من رصد عودة العشرات من السوريين الذين كانوا قد فرّوا لتركيا في الأيام الماضية إلى منطقة تل أبيض الحدودية السورية المحرّرة من تنظيم «داعش» يوم أمس الأربعاء، فإن متابعين للملف الكردي وللتطورات العسكرية والميدانية ينبّهون من تحوّل شبح التقسيم إلى أمر واقع، خصوصا مع دفع الولايات المتحدة في هذا الاتجاه من خلال دعمها الوحدات الكردية في معاركها بوجه «داعش»، وهو ما لا تلحظه فصائل المعارضة السورية خلال مواجهاتها مع التنظيم المتطرف.
عضو الائتلاف السوري المعارض، ياسر الفرحان، الذي يتحدر من منطقة الحسكة، أشار إلى أن «الفعل الجرمي الذي يقترفه حزب (الاتحاد الديمقراطي الكردي) بتهجير آلاف العرب من مناطقهم على الحدود الشمالية مع تركيا بات مثبتاً من قبل أكثر من جهة حقوقية عبر شهادات من هجروا وحرقت منازلهم ومحاصيلهم الزراعية»، ولفت إلى أن «الكثير من النازحين السوريين إلى تركيا يتخوفون من العودة إلى أرضهم، وخصوصًا، إلى ريف غربي الحسكة، حيث شهدوا على عمليات تطهير».
وشدّد الفرحان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن هؤلاء السوريين «يطالبون بضمانات دولية للعودة وبحصولهم على تعويضات، فالكل حذر ويخشى الأسوأ، خاصة وأن التحالف الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية باتت ترسم الحدود بقوة الأمر الواقع وتفرض التقسيم، حتى أن مسؤولين غربيين يقترحون علنا علينا التقسيم لتجنب اندلاع اشتباكات عرقية.. الأمر يتخذ منحى جديًا أكثر من أي وقت مضى». وحثّ الفرحان الأكراد على «الوقوف وقفة واحدة بوجه مشروع التقسيم»، مؤكدا أن «لا تواصل رسميًا مع حزب (الاتحاد الديمقراطي الكردي) باعتباره مصنّفًا ومنذ اندلاع الثورة قوة معادية لها».
هذا، وكانت فصائل معارضة اتهمت في بيان مشترك، قوات «وحدات الحماية الكردية» (YPG) بـ«القيام بحملة تطهير عرقي وطائفي في حقّ عرب وتركمان بريف الحسكة الغربي وفي تل أبيض بريف الرقة». وقالت إن «المقاتلين الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، ينفذّون حملة التطهير بغطاء جوي من التحالف الدولي الذي ساهم بترويع المدنيين وتهجيرهم من قراهم في ريف الحسكة وتل أبيض». كذلك اتهمت الفصائل قوات «الحماية الكردية»، بـ«استكمال خطوات فرض تقسيم طائفي وعرقي في البلاد»، مشيرة إلى أن «ذلك سيكون له آثاره الكارثية على سوريا والمنطقة». ووقّعت على البيان 16 من الفصائل المقاتلة المعارضة بينها، «جيش الإسلام» و«حركة أحرار الشام» و«الجبهة الشامية» و«الجيش الأول» و«الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام».
وأصدرت اللجنة التنفيذية لحزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» ومع تصاعد الحملة عليه بيانًا بعد طرد «داعش» من تل أبيض، أكدت فيه أن «الانتصارات على التنظيم المتطرّف ليست سوى الخطوات الأولى على طريق خلاص الشعب السوري كله من (داعش) وإخوته ومن ظلم واستبداد النظام البعثي على حد سواء»، لافتة إلى أن «مشروع الحزب السياسي يهدف إلى بناء مجتمع ديمقراطي وإيجاد حل ديمقراطي لكل قضاياه وفي مقدمتها قضية الشعب الكردي في سوريا».
وبالنسبة لمخاوف الدول المجاورة، شدّد بيان «الديمقراطي الكردي» على أن «ترتيب البيت السوري هو شأن داخلي سوري يجب أن لا يزعج الآخرين.. ومن البديهي أن سوريا الديمقراطية المستقرة لن تشكل خطرًا على أحد، بل ستكون مثالاً للديمقراطية والاستقرار في مجمل منطقة الشرق الأوسط، وعضوًا فعالاً في ترسيخ دعائم الاستقرار في المنطقة».
وعرض ناشطون سوريون يوم أمس شريطا مصوّرا يظهر فيه الجيش التركي وهو يقيم السواتر عند بوابة مدينة تل أبيض التي يسيطر عليها مقاتلو الوحدات الكردية. بينما نقل «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن أهالي قرى في ريف مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي أن «وحدات حماية الشعب» الكردية طلبت منهم إخلاء منازلهم ومغادرة القرى، من أجل البحث عن عناصر تنظيم «داعش» وعن ألغام زرعها التنظيم في القرى، وطلبوا من الأهالي عدم العودة قبل إعلامهم بذلك.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو لـ«هيئة الإذاعة والتلفزيون» التركية أثناء رحلة إلى السعودية: «(داعش) يهاجم ويقتل من يأسرهم. المقاتلون الأكراد يسيطرون على مناطق معينة ويرغمون من يعيشون هناك على الهجرة». وتابع: «لا يهمّ من يأتي النظام أو داعش أو وحدات حماية الشعب.. كلهم يضطهدون المدنيين». وأفادت «وكالة الصحافة الفرنسية» يوم أمس الأربعاء بتجمع نحو 200 رجل وامرأة وطفل أمام معبر «أقجه قلعة» الحدودي التركي بعدما أعادت قوى الأمن التركية فتحه أمام الراغبين في العودة إلى ديارهم داخل سوريا.
وللعلم، سيطر المقاتلون الأكراد فجر الثلاثاء الماضي بشكل كامل على مدينة تل أبيض السورية على الحدود مع تركيا، مدعومين بغارات جوية نفذها الائتلاف الإقليمي - الدولي بقيادة أميركية لمكافحة عناصر «داعش». وأدت المعارك التي استمرت عدة أيام إلى توافد أكثر من 23 ألف لاجئ إلى تركيا بين 3 و15 يونيو (حزيران)، بحسب أرقام المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة. وقالت فخرية، وهي من النازحين الذين قرروا العودة إلى تل أبيض لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أنا عائدة، تركت زوجي هناك». وأضافت السيدة البالغة 40 عاما: «لكنني ما زلت مرعوبة من القصف. من لا يخشى القصف؟» وتابعت: «أخاف كذلك من عودة تنظيم داعش. سأعود وأقرر مع عائلتي إن كان يمكننا البقاء أم لا».
من جهتها، أشارت وكالة «آرا نيوز» التي تهتم بالشأن الكردي إلى أن وحدات حماية الشعب والفصائل المساندة لها انسحبت من بلدة عين عيسى في منطقة تل أبيض، بعد ساعات من دخولها. ونقلت الوكالة عن مصدر في «بركان الفرات»، أن «القوات المشتركة، تراجعت إلى خطوطها الدفاعية في محيط بلدة عين عيسى، بعد أن تمكنت من اقتحام البلدة والسيطرة عليها لساعات صباح الثلاثاء، إلا أن اعتماد تنظيم داعش على الانتحاريين والسيارات المفخخة، دفع القوات المشتركة إلى الانسحاب لأطراف البلدة من جديد».
في هذه الأثناء ولا تزال مدينة القامشلي، وبحسب «المرصد»، تشهد توترات بين قوات النظام وقوات الدفاع الوطني الموالية لها من طرف وقوات الأسايش و«وحدات حماية الشعب» الكردية من طرف آخر بعد الاشتباكات التي دارت بينها أول من أمس على خلفية اعتقال قوات النظام 6 عناصر من القوات الكردية خلال زيارة رئيس الوزراء السوري إلى القامشلي. ونبّه الكاتب والناشط الآشوري الموجود في مدينة القامشلي، سليمان يوسف، عبر صفحته على موقع «فيسبوك» من إمكانية أن تكون الاشتباكات بين النظام وقوات حماية الشعب الكردية «مجرد مسرحية لتمرير خطط النظام وتسليم مزيد من المؤسسات والدوائر الحكومية إلى حليفه حزب الاتحاد الديمقراطي».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.