* لدي التهاب مزمن في الجيوب الأنفية وأعاني منه في كل يوم كالصداع وتورم أجزاء من الوجه وصعوبة في الإبصار والدوار والإرهاق الشديد ولم أتحسن رغم مراجعة عدد من الأطباء... بم تنصح؟
عبدو محمد - بريد إلكتروني
- هذا ملخص أسئلتك عن طول معاناتك من التهاب الجيوب الأنفية، ومن شدة الأعراض المرافقة، وعدم جدوى تناول عدد من الأدوية التي ذكرتها بأسمائها.
ولاحظ أن أساس نجاح معالجة أي حالة مرضية، هو تحقيق ثلاثة عناصر:
- دقة تشخيص نوع المرض، وتحديد الآلية التي تسببت بحصول الحالة المرضية.
- علاج السبب، وليس فقط تخفيف الأعراض أو مجرد تناول أدوية من نوعيات معينة، أو لفترات غير كافية.
- المتابعة لتأثيرات المعالجة والتأكد من جدواها، ووضع خطة الوقاية المتقدمة لمنع تكرار أو استمرار تلك المشكلة.
وتنطبق الخطوات هذه تماماً في حالات التهابات الجيوب الأنفية. والخلل فيها سبب رئيسي للاستمرار المزمن للمشكلة.
وبداية، دعنا نتذكر أن الإنسان لديه 8 جيوب أنفية، أربعة على كل جانب من الوجه. وهي كلها أو بعضها، عُرضة في وقت واحد إما للالتهاب الحاد أو الالتهاب المزمن. وقد تنتقل الالتهابات من جيب لآخر في أوقات متفاوتة. والتهاب أحد الجيوب، حتى دون التهاب البقية، لا يعني أن الأعراض لن تتسبب بإزعاج، بل من الممكن أن يكون الأمر مزعجاً. وعندما يلتهب أكثر من جيب أنفي، قد تتنوع الأعراض وفق موقع تلك الجيوب الملتهبة.
ومن المفيد تذكر مواضع الجيوب في الوجه والأعضاء القريبة منها أو حولها. وأكبرها هو «الجيب الفكي العلوي». ومن اسمه، يقع داخل التجويف العظمي الأمامي للوجه، على جانبي الأنف وتحت العين. وهناك «الجيب الجبهي»، يقع فوق العين، في العظمة الصلبة التي تشكل الجبهة في الوجه. و«الجيب الغربالي»، هو جيب داخلي موجود ضمن العظم الذي يفصل بين سقف تجويف داخل الأنف والدماغ، وقريب من خلفية العين. و«الجيب الوتدي»، هو جيب داخلي أعمق، يقع فيما بين خلفية تجويف الأنف وقاع الدماغ. ومن هذا يلاحظ أن هناك جيوبا قريبة من سطح الوجه، وجيوبا أخرى عميقة داخل الجمجمة. وكل واحد منها ملاصق وقريب لأجزاء في الوجه والفم والعين والجمجمة والأسنان.
وعلى ما تقدم، لاحظ معي تسلسل النقاط التالية:
1. وجود الجيوب الأنفية بحالة سليمة هو أمر مهم. وإضافة إلى تَرطيب وتدفئة الهواء المُسْتَنْشقِ، فإن من أهم وظائفها خفض الوزن النسبي للوجه الأمامي للجمجمة، الذي ترتبط به عدة عضلات في غلاف الرأس. وكذلك عزل عدة مكونات داخلية حساسة في الرأس عن تقلبات درجة حرارة الهواء الخارجي، كخلفية العين وجذور الأسنان والأعصاب. وثمة تأثيرات لها على دقة السمع.
2. يحدث التهاب الجيوب الأنفية عندما تتورم «سريعاً» بطانة فراغات الجيوب الأنفية، أي حدوث التهاب حاد. وذلك في الغالب نتيجة إما:
- الإصابة بعدوى ميكروبية في داخلها، وبالتالي التهاب أغشية الجيوب الأنفية وزيادة سُمكها ومنع تصريف المخاط المتجمع داخلها.
- وجود زوائد في الجيوب الأنفية (السلائل الأنفية)، التي تتسبب بسد فتحات التصريف للجيوب الأنفية. أو وجود انحراف شديد في الحاجز الأنفي (الجدار بين فتحتي الأنف)، مما يجعل أعراض التهاب الجيوب الأنفية أسوأ.
- تورم والتهاب بطانة الجيوب الأنفية بفعل الحساسية.
- التدخين أحد العوامل التي تزيد من تعقيد المشكلة.
وإذا استمر ذلك لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر، رغم العلاج، فإن الحالة تُصبح «مزمنة».
3. أعراض التهابات الجيوب الأنفية ناجمة عن كل من:
- اضطرابات عملها.
- التأثيرات الموضعية لعملية الالتهاب نفسها، على الأعضاء المجاورة.
- الأعراض العامة في عموم الجسم لأي عملية التهاب في مكان ما من الجسم.
ولذا تتنوع الأعراض، لأنها تنشأ من عدة آليات. وعلى سبيل المثال، عند حصول التهاب الجيوب الأنفية وضيق فتحات تصريف السوائل التي بداخلها، قد تمتلئ الجيوب الأنفية بالسوائل، وبالتالي لا يتحقق خفض وزن الوجه الأمامي للجمجمة، وهو ما سيُشعر بالثقل في الرأس وسيعيق استرخاء العضلات، وبالتالي الصداع. وعدم عزل تلك التراكيب الحساسة في الرأس عن تقلبات درجات الحرارة والضغط عليها، قد يتسبب بآلام الأسنان والفك والصداع وألم العين وغيره.
وإضافة إلى اضطراب عمل الجيوب الأنفية، فإن وجود الالتهاب بحد ذاته، يتسبب بآلام موضعية في أماكن عدة من الرأس والوجه، وألم عند لمس أو الضغط على تلك المناطق من الوجه، والتورم حول العينين أو الوجنتين أو الأنف أو الجبهة، وتكوين إفرازات سميكة ومتغيرة اللون، تخرج إما مع الأنف، وإما ترتد لتنزل إلى الجزء الخلفي من الحلق (ما يتسبب بالسعال أو النحنحة)، وانسداد (احتقان) الأنف وصعوبة التنفس من الأنف، وضعف الإحساس بالشم والتذوق، وألم الأذن، وألم الفك العلوي والأسنان، والشعور بدوار الدوخة وعدم التوازن، وربما ضعف السمع، ورائحة الفم الكريهة. ولعموم الجسم، فإن لعمليات الالتهابات الميكروبية تأثيرات سلبية، كالإرهاق وربما ارتفاع الحرارة.
4. عملية التشخيص عند مراجعة الطبيب تهدف إلى:
- تأكيد أن المشكلة وراء الأعراض التي تشكو منها هي بسبب التهاب الجيوب الأنفية.
- تحديد سبب نشوء هذه الحالة لديك.
لذا لا يكفي معرفة وجود التهاب الجيوب الأنفية، بل أيضاً يجب تحديد ما سبب ذلك (وفق أحد الأسباب المتقدمة الذكر).
5. معرفة السبب ضرورية، لأن المعالجة تنقسم إلى جانبين: جانب يتعلق بإزالة الالتهاب وتخفيف الأعراض المرافقة، وجانب يتعلق بمعالجة السبب وراء التهاب الجيوب الأنفية. ودون التحكم في السبب، من المحتمل أن تستمر المشكلة وتصبح مزمنة، ومن المحتمل جداً أن يتكرر حصولها.
6. وفق توجيهات الطبيب المعالج، معالجة التهاب الجيوب الأنفية المزمن قد تتضمن ما يلي:
- بخاخات أنفية تحتوي على مشتقات الكورتيزون لتهدئة عمليات الالتهابات.
- غسل داخل تجويف الأنف بمحلول ملحي، لتقليل الإفرازات والتخلص من مسببات التهيج والحساسية.
- تناول أدوية خفض نشاط الحساسية. وربما تلقي مضادات حيوية.
- معالجات متقدمة للزوائد اللحمية، سواء كان ذلك موضعياً أو بالجراحة. وكذلك ربما تعديل انحراف الحاجز الأنفي. وأيضاً تدخلات أخرى لتسهيل تصريف سوائل الجيوب الأنفية عند سدد أو ضيق فتحاتها. وغيرها من المعالجات التي تزيل المشكلة وتمنع استمرارها.
7. أسوة بمتابعة نتائج خطوات المعالجة، يجدر الاهتمام بخطوات الوقاية، مثل تجنب العدوى في الجهاز التنفسي، وضبط التعرض لمسببات الحساسية، وتجنب دخان السجائر والملوثات الأخرى، وترطيب أجواء غرفة النوم.