«شلل الأطفال» يغزو مناطق يمنية بسبب فساد قادة الحوثيين

الميليشيات أقرت بتسجيل 827 حالة خلال 8 أشهر

طفل يتلقى اللقاح ضد مرض شلل الأطفال ضمن حملة كانت قد أطلقتها وزارة الصحة اليمنية في 2013 (الأمم المتحدة)
طفل يتلقى اللقاح ضد مرض شلل الأطفال ضمن حملة كانت قد أطلقتها وزارة الصحة اليمنية في 2013 (الأمم المتحدة)
TT

«شلل الأطفال» يغزو مناطق يمنية بسبب فساد قادة الحوثيين

طفل يتلقى اللقاح ضد مرض شلل الأطفال ضمن حملة كانت قد أطلقتها وزارة الصحة اليمنية في 2013 (الأمم المتحدة)
طفل يتلقى اللقاح ضد مرض شلل الأطفال ضمن حملة كانت قد أطلقتها وزارة الصحة اليمنية في 2013 (الأمم المتحدة)

عاد مرض شلل الأطفال مجدداً لغزو المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، بسبب فساد قادة الجماعة المسيطرين على القطاع الطبي، وعرقلتهم تنفيذ برامج التحصين، ومنع حملات اللقاحات التي تقودها المنظمات الدولية.
ومع تصاعد حالات الإصابة بمختلف الأمراض والأوبئة، أقرت الميليشيات الحوثية قبل أيام بإصابة نحو 827 طفلاً بمرض شلل الأطفال، وبنسبة 52 في المائة في الفئات العمرية ما دون سن 3 سنوات، خلال الثمانية أشهر الماضية من العام الجاري.
إقرار الميليشيات بهذه الإصابات يأتي بعد أن كانت اليمن قد تخلصت خلال العقود الماضية من كثير من الأوبئة والأمراض الناجمة عن عدم أخذ اللقاحات بما فيها مرض شلل الأطفال، في وقت تحذر فيه الأوساط الطبية من تفشٍّ أوسع للوباء في الفترة المقبلة، في ظل إهمال الحوثيين وفساد قادتهم.
وأرجعت مصادر طبية في صنعاء أسباب عودة تفشي الأمراض الوبائية إلى رفض الانقلابيين المستمر لحملات التطعيم بمختلف أنواعها، ومضايقتها للعاملين في مجال الصحة، والتي حالت دون التمكن من تزويد كل طفل يمني باللقاحات المطلوبة.
وبحسب هذه المصادر، فإن هناك تصاعداً في حالات الإصابة بالشلل الرخو الحاد (شلل الأطفال) في مناطق سيطرة الميليشيات وهو ما يشكل خطراً كبيراً وينذر بحدوث «جائحة».
ويأتي إقرار الميليشيات الحوثية بعودة ظهور فيروس شلل الأطفال في محافظات تحت سيطرتها، متزامناً مع تصاعد تحذيرات أممية بأن اليمن لا تزال على شفا أسوأ مجاعة في العالم.
وكانت الحكومة الشرعية قد حذرت قبل أيام قليلة من استمرار تضييق الجماعة الخناق على برامج تحصين الأطفال، وعرقلتها تنفيذ حملات تلقيح شاملة في العاصمة المختطفة ‎صنعاء وبقية المدن تحت قبضتها.
أما اللجنة العليا للطوارئ في اليمن، فكانت -من جهتها- قد حذرت أكثر من مرة من معاودة تفشي هذا المرض وتوسعه إلى محافظات جديدة.
وحمَّلت اللجنة في بيان سابق الميليشيات الحوثية مسؤولية عودة تفشي المرض، جراء منعها المتكرر فرق التحصين من ممارسة مهامها، ودعت الأمم المتحدة ومنظماتها المعنية إلى الإسراع بالضغط على الميليشيات للسماح لفرق التحصين والتطعيم للقيام بمهامها.
وأكدت تقارير محلية وأخرى دولية في وقت سابق، أن أمراضاً وأوبئة كثيرة من بينها «كوفيد-19» والكوليرا والملاريا والدفتيريا، وغيرها، لا تزال تتفشى بشكل كبير في مناطق يمنية عدة، وسط استمرار إهمال وتقاعس الجماعة الحوثية، وكذا النقص الحاد في المساعدات الطبية والأدوية، وإغلاق أغلب المرافق الصحية نتيجة الحرب التي خلَّفها الانقلاب على الشرعية.
ودعت الأمم المتحدة في بيانات سابقة لها لإتاحة وصول اللقاحات إلى الأطفال في اليمن دون عوائق، وبشكل مستدام، وكذا تسهيل مهام العاملين في مجال الصحة، ليتمكنوا من تزويد كل طفل باللقاحات.
ويؤكد أطباء مختصون في صنعاء أن شلل الأطفال الذي يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة، ليس له علاج، ويمكن الوقاية منه من خلال لقاح فموي؛ بينما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن «شلل الأطفال مرض فيروسي شديد العدوى يغزو الجهاز العصبي، وهو كفيل بإحداث الشلل التام في غضون ساعات».
وينتقل الفيروس من شخص لآخر بصورة رئيسية عن طريق البراز، وبصورة أقل عن طريق وسيلة مشتركة (مثل المياه الملوثة أو الطعام)، ويتكاثر في الأمعاء، وتؤدي حالة واحدة من أصل 200 حالة عدوى بالمرض إلى شلل عضال (يصيب الساقين عادة).
وعلى مدى الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، تحول اليمن إلى بيئة خصبة للأمراض والأوبئة بمختلف أنواعها؛ خصوصاً في تلك المناطق الخاضعة للميليشيات، والتي حصدت خلال السنوات الست المنصرمة أرواح الآلاف من الأبرياء جلّهم من الأطفال والنساء؛ وفق ما أفادت به تقارير دولية ومحلية.
وتتهم تقارير حكومية يمنية الميليشيات بانتهاجها طيلة السنوات الماضية سياسة تدميرية ممنهجة تجاه القطاع الصحي، مع مواصلتها إيقاف رواتب ونفقات تشغيل المنشآت الصحية، وحرمانها لملايين اليمنيين من تلقي الخدمات الطبية للحماية من الأمراض والأوبئة التي لا تزال تفتك بكثير منهم.
بالإضافة إلى ذلك، أقرت الميليشيات برصد حالات من متحورات فيروس «كورونا» في مناطق سيطرتها، على الرغم من أنها كانت قد رفضت المحاولات الأممية والحكومة لإعطاء اللقاحات في مناطق سيطرتها.
ووفقاً لاعترافات الجماعة الأخيرة، فإن حالات الفيروس المتحور من النوع الثاني (cVDPV2) الواصلة خلال شهر أغسطس (آب) الفائت؛ بلغت 183 حالة، منها 56 مخالطاً، و115 حالات إصابة من عام 2022، في حين أن الحالات المسجلة في يوليو (تموز) الماضي بلغت 105 حالات، مقارنة بـ62 حالة في الفترة نفسها من العام الماضي 2021.
وأوضحت بيانات القطاع الصحي الخاضع للحوثيين، أن تلك الحالات تم تسجيلها في محافظات: ذمار، والحديدة، وصعدة، والبيضاء، وصنعاء.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.