الكشف عن مسارات علاجية جديدة للخلايا التائية

الكشف عن مسارات علاجية جديدة للخلايا التائية
TT

الكشف عن مسارات علاجية جديدة للخلايا التائية

الكشف عن مسارات علاجية جديدة للخلايا التائية

اكتشفت دراسة بقيادة باحثين في العلوم الصحية بجامعة أريزونا معلومات جديدة حول الأعمال الداخلية للجهاز المناعي والتي يمكن أن يكون لها تأثير عميق على علاجات الخلايا التائية للسرطان وأمراض أخرى.
والخلايا التائية هي نوع من خلايا الدم البيضاء الضرورية لجهاز المناعة والدفاع عن الجسم ضد العدوى. فقد تم العثور على جزيء CD4 على سطح العديد من الخلايا التائية، وكان يُعتقد تاريخيًا أنه يلعب دورًا داعمًا فقط في وظائف الخلية. فيما تُظهر الورقة البحثية المنشورة في eLife «التحسينات والمثبطات التي تنظم نشاط CD4»، أن CD4 يلعب دورًا أكثر نشاطًا في تنظيم إشارات مستقبلات الخلايا التائية، وذلك وفق ما ذكر موقع «ميديكال إكسبريس» الطبي المتخصص.
ووفق الدكتور مايكل كوهنز الأستاذ المشارك بكلية الطب في أوريزونا قسم علم الأحياء المناعي في توكسون، والدكتور كوينراد فان دورسلار الأستاذ المساعد بكلية الزراعة وعلوم الحياة في أريزونا للحيوان والطب الحيوي المقارن «فقد تم جمع فريق ركز على تطور وظيفة CD4. وقد اتبعت الدراسة نهجًا تطوريًا فريدًا لجهاز المناعة من خلال فحص الطرق التي تغيرت بها الخلايا التائية أو بقيت على حالها بمرور الوقت».
ويضيف كوهنز، الذي يعمل في اللجنة الاستشارية لمركز العلاجات الجزيئية والمناعية المتقدمة «تمنحنا هذه الدراسة تقديرًا أفضل لكيفية عمل CD4 بالتنسيق مع مستقبل الخلايا التائية لتوجيه الخلايا التائية بشكل طبيعي... CD4 هو إلى حد كبير لاعب متساوٍ في التعرف على المستضد وتنشيط الخلايا التائية».
وتسمح النتائج للباحثين برسم مخطط تطوري أكثر دقة للآليات الموجودة داخل CD4 والتي يمكن أن تسمح بإصدارات أكثر قوة من العلاج بالخلايا التائية. إذ يتم استخدام العلاج بالخلايا التائية بمستقبلات المستضد الكيميري (CAR) بالفعل في بعض أشكال السرطان.
وفي هذا الاطار، يقوم الدكتور كون والباحثون في مركز «جوسلين» للسكري التابع لكلية الطب بجامعة هارفارد باختبار الخلايا التائية CAR المكونة من خمس وحدات وراثية كعلاج محتمل لمرض السكري من النوع الأول.
وقد قام كل من كوهنز والدكتور فان دورسلاير وكلاهما عضو في معهد BIO5، بفحص CD4 من عدة أنواع مختلفة من الأسماك إلى الإنسان، لاستكشاف أكثر من 400 مليون سنة من تطور الجزيء. وقد حددوا المناطق في CD4 التي تنفرد بها الثدييات.
ويبين الدكتور دورسلاير «نظرنا إلى ما تغير من الأحماض الأمينية في هذه البروتينات، والأحماض الأمينية التي بقيت على حالها ولم تتغير.. الفكرة هي إذا لم تتغير يمكن أن تكون مهمة لوظيفة البروتين».
كما اكتشف فريق البحث تسلسلًا محفوظًا للأحماض الأمينية، تسمى الزخارف، ثم عمل على اكتشاف كيف تعزز الزخارف نشاط CD4 أو تمنعه. لقد صمموا جينات ذات أشكال متحولة وأدخلوها في نظام الخلايا التائية، ثم نظروا في استجابة البروتين؛ أين ذهب في الخلية؟ وما الذي تفاعل معه؟ وكيف أثر على أحداث الإشارات ونتائجها؟ ووجدوا مجموعات مختلفة من الزخارف أدت إلى درجات متفاوتة من التنظيم.
ويخلص الدكتور كوهنز «إذا كنت تعتقد أن الخلايا التائية مدفوعة بآلات جزيئية، فإن ما نفعله هو تفكيك الآلات لمعرفة كيفية بنائها... يبدو أن CD4 مهم حقًا لوظيفة الخلايا التائية، لأن التطور لا يريده أن يتغير. لقد دخلنا وقمنا بتغييره، وهو ما يشبه النظر إلى كيفية عمل السيارة في غياب الإطارات. يجب القيام بالمزيد من العمل لقياس المساهمات المختلفة التي تقدمها الزخارف لوظيفة CD4. وفي النهاية، يمكن أن يؤدي البحث إلى هندسة مستقبلات صناعية أكثر دقة لعلاجات الخلايا التائية».


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
TT

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)
مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

وسط الأجواء المثقلة بالهموم والخوف أعادت رسالة هاتفية بعض الأمل إلى سكان مدينة بيروت، معلنةً عودة أمسيات «مترو المدينة». يتحدث أحد مؤسّسي «مترو» ومديره الفنّي، هشام جابر، مع «الشرق الأوسط» عن ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة. ينفض عنها «مفهوماً قديماً» حصر دورها بالترفيه وتمضية الوقت، ليحيلها إلى ما هو عميق وشامل، بجَعْلها، بأصنافها وجمالياتها، مطلباً مُلحّاً لعيش أفضل، وحاجة لتحقيق التوازن النفسي حين يختلّ العالم وتتهدَّد الروح.

موسيقيون عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة (مترو المدينة)

في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة بفرادة الطابع والمزاج. أُريد للموسيقى خَلْق فسحة تعبيرية لاحتواء المَعيش، فتُجسّد أرضية للبوح؛ مُنجزةً إحدى وظائفها. تُضاف الوظيفة الأخرى المُمثَّلة بالإصرار على النجاة لمَنْح الآتي إلى الأمسية المُسمَّاة «موسيقى تحت النار» لحظات حياة. موسيقيون على البزق والدرامز والإيقاع والكمنجة... عزفوا للمحاربين في هذه الاستراحة. يُعلّق هشام جابر: «لم يكن ينقصنا سوى الغبار. جميعنا في معركة».

لشهر ونصف شهر، أُغلق «مترو». شمَلَه شلل الحياة وأصابته مباغتات هذه المرارة: «ألغينا برنامجاً افترضنا أنه سيمتدّ إلى نهاية السنة. أدّينا ما استطعنا حيال النازحين، ولمّا لمسنا تدهور الصحّة النفسية لدى المعتادين على ارتياد أمسيات المسرح، خطرت العودة. أردنا فسحة للفضفضة بالموسيقى».

لم يَسْلم تاريخ لبنان من الويل مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز (مترو المدينة)

يُشبّه المساحة الفنية التي يتيحها «مترو» بـ«علبة خارج الزمن». ذلك لإدراكه أنّ لبنان امتهن الصعاب ولم يَسْلم تاريخه من الويل، مما لقَّن أبناءه فنّ التجاوُز. وامتهن اجتراح «العُلب»، وهي الفسحات الرقيقة. منها يُواجه أقداره ويُرمّم العطب.

استمرّت الحفلات يومَي 20 و21 الحالي، وسلّمت «موسيقى تحت النار» أنغامها لعرض سُمِّي «قعدة تحت القمر»، لا يزال يتواصل. «هذا ما نجيده. نعمل في الفنّ»، يقول هشام جابر؛ وقد وجد أنّ الوقت لا ينتظر والنفوس مثقلة، فأضاء ما انطفأ، وحلَّ العزفُ بدل الخوف.

يُذكِّر بتاريخ البشرية المضرَّج بالدماء، وتستوقفه الأغنيات المولودة من ركام التقاتُل الأهلي اللبناني، ليقول إنّ الحروب على مرّ العصور ترافقت مع الموسيقى، ونتاج الفنّ في الحرب اللبنانية تضاعف عمّا هو في السلم. يصوغ المعادلة: «مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل». ذلك يوازي «تدليك الحالة»، ويقصد تليينها ومدّها بالاسترخاء، بما يُشبه أيضاً إخضاع جهاز لـ«الفرمتة»، فيستعيد ما تعثَّر ويستردّ قوةً بعد وهن.

أنار المسرح البيروتي أضواءه واستقبل آتين إلى سهراته المميّزة (مترو المدينة)

يتمسّك «مترو المدينة» بحقيقة أنّ الوقت الصعب يمضي والزمن دولاب. أحوالٌ في الأعلى وأحوال في الأسفل. هذه أوقات الشدائد، فيشعر الباحثون عن حياة بالحاجة إلى يد تقول «تمسّك بها»، ولسان يهمس «لا تستسلم». أتاح المسرح هذا القول والهَمْس، ففوجئ هشام جابر بالإقبال، بعد الظنّ أنه سيقتصر على معارف وروّاد أوفياء. يقول: «يحضر الناس لكسر الشعور بالعزلة. يريدون مساحة لقاء. بعضهم آلمته الجدران الأربعة وضخّ الأخبار. يهرعون إلى المسرح لإيجاد حيّز أوسع. ذلك منطلقه أنّ الفنّ لم يعد مجرّد أداة ترفيهية. بطلَ هذا الدور منذ زمن. الفنون للتعافي وللبقاء على قيد الحياة. أسوةً بالطعام والشراب، تُغذّي وتُنقذ».

كفَّ عن متابعة المسار السياسي للحرب. بالنسبة إليه، المسرح أمام خيارَيْن: «وضع خطّة للمرحلة المقبلة وإكمال الطريق إنْ توقّفت النار، أو الصمود وإيجاد مَخرج إنْ تعثَّر الاتفاق. في النهاية، المسارح إيجارات وموظّفون وكهرباء وتكاليف. نحاول أن يكون لنا دور. قدّمنا عروضاً أونلاين سمّيناها (طمنونا عنكم) ترافقت مع عرض (السيرك السياسي) ذائع الصيت على مسرحنا. جولته تشمل سويسرا والدنمارك وكندا...».

ترسيخ الفنون بوصفها احتمالاً للنجاة (مترو المدينة)

ويذكُر طفولة تعمَّدت بالنار والدخان. كان في بدايات تفتُّح الوعي حين رافق والده لحضور حفل في الثمانينات المُشتعلة بالحرب الأهلية. «دخلنا من جدار خرقته قذيفة، لنصل إلى القاعة. اشتدّ عودنا منذ تلك السنّ. تعلّقنا بالحياة من عزّ الموت. لبنان حضارة وثقافة ومدينة وفنّ. فناء تركيبته التاريخية ليست بهذه البساطة».

يرى في هذه المحاولات «عملاً بلا أمل». لا يعني إعلان اليأس، وإنما لشعورٍ بقسوة المرحلة، «يخذلني الضوء حيال الكوكب بأسره، ولم يعُد يقتصر غيابه على آخر النفق. حين أردّد أنني أعمل بلا أمل، فذلك للإشارة إلى الصعوبة. نقبع في مربّع وتضيق بنا المساحة. بالفنّ نخرج من البُعد الأول نحو الأبعاد الثلاثة. ومن الفكرة الواحدة إلى تعدّدية الأفكار لنرى العالم بالألوان. كما يُحدِث الطبيب في الأبدان من راحة وعناية، يحتضن الفنّ الروح ويُغادر بها إلى حيث تليق الإقامة».