أوكرانيا تستعين بـ«سلاح المعنويات» ضد روسيا

تحاول كسب {حرب} الحفاظ على هويتها الوطنية

ملصق في موقف حافلات بموسكو يمجد الجندي الروسي (أ.ف.ب)
ملصق في موقف حافلات بموسكو يمجد الجندي الروسي (أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا تستعين بـ«سلاح المعنويات» ضد روسيا

ملصق في موقف حافلات بموسكو يمجد الجندي الروسي (أ.ف.ب)
ملصق في موقف حافلات بموسكو يمجد الجندي الروسي (أ.ف.ب)

وسط دوي المدافع والدبابات وتبادل نيران القنابل والصواريخ بين روسيا وأوكرانيا، ظهر مؤخراً سلاح أثبت فاعلية؛ سلاح له أصداء لكن بلا نيران، لا يستهدف الأجساد ولكن المعنويات... هو سلاح وسائل التواصل الاجتماعي الذي برع الأوكرانيون مؤخراً في استخدامه للرفع من معنوياتهم، وفي الوقت نفسه يستهدفون به معنويات الروس. وتقول كل من الباحثة مونيكا بالوتاي، وهي زميلة أبحاث زائرة في معهد هدسون، ومتخصصة في شؤون الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي وأمن الطاقة، والدكتورة ليلى نورا كيس الباحثة في كلية «أنتونين سكاليا» للقانون بجامعة «جورج ميسون» في تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، إن أوكرانيا أظهرت للعالم كيفية مكافحة الدعاية المدمرة بنجاح والحفاظ على هويتها الوطنية من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
وسواء كان ذلك يسلط الضوء على الدمار الفتاك للحرب أو يعلن عن قرارات مهمة في السياسة الخارجية، فإن التغريدات والرموز الساخرة سريعة الانتشار (الميمز) الأوكرانية موجودة. ولا يمكن نشر الفكاهة بشكل فعال في ساحات المعارك بشبه جزيرة القرم أو دونباس، ولكن يمكن أن تُبقي أوكرانيا في دورة الأخبار، وتساعدها في التعبير عن هويتها الوطنية وسيادتها ضد روسيا، وحشد الدعم من تحالف دولي واسع النطاق. إن الصور الخانقة للإبادة الجماعية في بوتشا، وأسرى الحرب الذين تعرضوا للتعذيب في أولينيفكا، وملايين الأطفال والأمهات الفارين من الحرب ليست بالتأكيد مسألة مضحكة. فالحرب ليست كوميدية، ومع ذلك استخدم الأوكرانيون النكات لكسب قلوب وعقول الأشخاص في جميع أنحاء العالم ومساعدتهم في التغلب على «التعب الأوكراني». وتلعب الشعارات والصور سريعة الانتشار دوراً بارزاً على الإنترنت. وقد وحدت هذه الرموز مجتمعاً عالمياً من المؤيدين.
وابتكر كريستيان بوريس، وهو رجل أعمال كندي، «سانت جافلين» كمؤسسة خيرية «لإعادة بناء أوكرانيا»، وأصبحت رمزاً للسخرية من الغزو الروسي. وتنتج هذه المؤسسة الخيرية القمصان وغيرها من الملابس، وليس التسبب في نزوح لاجئين ومدن مدمرة. و«سانت جافلين» هي أيضاً منصة لجمعية «إن إيه إف أو» على «تويتر» لجمع التبرعات للفيلق الجورجي ومكافحة الدعاية الروسية. وتَعيّن على أوكرانيا، إلى جانب دول سوفياتية سابقة أخرى، إعادة تأسيس دولتها ذات السيادة وهويتها الوطنية منذ أن أعلنت استقلالها في عام 1991، فيما تحاول روسيا محو الثقافة الأوكرانية. وتقول الباحثتان: «لا تخطئوا، لقد أثبتت أوكرانيا قدرتها على الدفاع عن نفسها وهزيمة روسيا بأسلحتها الخاصة. وتفعل أوكرانيا ذلك دفاعاً عن النفس للحفاظ على جمهورية مستقلة ورعايتها».
وتقاتل روسيا من أجل الماضي، ولكن أوكرانيا تقاتل من أجل المستقبل. والسيادة مهمة ولكن الثقافة هي أيضاً جزء من الهوية الوطنية لأوكرانيا. ويتطلب الفوز في الحرب الثقافية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي هزيمة روسيا في حرب معلومات. إن الفكاهة هي أداة قوية. إنها تقرب الأشخاص، بعضهم من بعض، مع الحفاظ على مسافة آمنة من الكرملين والصور المزعجة للحرب. إنها طريقة للحماية الذاتية والحفاظ على الذات.إلى جانب ذلك، فإن الكوميديا المأساوية هي أداة قديمة غالباً ما توجد في الأدب والأفلام. وجمعت أفلام مثل «دادز آرمي» و«أنجلوريوس باستردز» وغيرهما بين موضوعات الحرب والفكاهة بطريقة مريحة بشكل فريد. ولا تُستثنى الإصدارات الرسمية من هذه الممارسة. ونشرت وزارة الدفاع الأوكرانية مفردات جديدة خلال الحرب. وأعلن أحد البيانات أنه «تم صد فرقة من المسوخ المتعطشة للدماء». والاستشهاد بشخصيات خيالية وحشية شريرة هو طريقة مبتكرة لوصف العدو. ومما لا شك فيه أن أوكرانيا تكسب حرب «الميمز» للحفاظ على هويتها الوطنية وتحاضر العالم حول كيفية القيام بذلك. ويقول الأوكرانيون إن دعم الحق في الهوية الوطنية التزام أخلاقي، وضمان عدم التشكيك في هذا الحق وانتهاكه على الإطلاق، أمر حيوي. لقد أثبتت الاستجابة الأوكرانية والعالمية الهائلة لحرب روسيا لإلغاء الثقافة والهوية الأوكرانية أن الاعتراف بالحق العالمي في الهوية الوطنية أمر بالغ الأهمية.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.