تتوالى في لبنان المبادرات وإطلاق المواصفات التي يضعها الأفرقاء السياسيون لرئيس الجمهورية المقبل، وكان آخرها كلام رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أمس (الأحد)، ودعوته القوى المعارضة إلى تحمّل مسؤوليتها في إيصال رئيس إنقاذي يوقف ممارسات المنظومة الحاكمة كلّياً، وفيما تُعوّل هذه القوى على إمكان التوافق فيما بينها، تُبدي جميعها الانفتاح على الآخر، مع التأكيد على أنّ الأهم يبقى في التفاصيل وليس في العناوين العريضة.
وفيما جدّد رئيس «القوات»، اليوم (الإثنين)، التأكيد على المواصفات التي يضعها حزبه للرئيس المقبل، والتي يدعو لها منذ نحو أربعة أشهر، يتّجه «نواب التغيير» لبحث مبادرتهم التي سبق أن أطلقوها الأسبوع الماضي، مع جميع القوى الأخرى خلال الأيام المقبلة.
وفيما تجتمع معظم هذه القوى على معايير محدّدة وعلى مهام الرئيس المقبل انطلاقاً من الوضع اللبناني السياسي والاقتصادي، يبدو بعض الاختلاف فيما بينها لجهة المواصفات التي يطلقها كلّ طرف، إذ فيما دعا جعجع لرئيس مواجهة – إنقاذي، يرى «الحزب التقدمي الاشتراكي» ضرورة العمل على إيصال «رئيس مهمة وتوافقي»، بينما اشترط «نواب التغيير» انتخاب رئيس يكون فوق الأحزاب والأطراف، أمّا حزب «الكتائب اللبنانية» فيشدّد على أن يكون الرئيس «إصلاحياً - سيادياً»، كما يجتمع «الاشتراكي» و«الكتائب» على رفض أن يكون رئيس تحدٍّ، سبق أن تحدّث عنه جعجع.
وفي حين يضع النائب في «الاشتراكي» بلال عبد الله طرح جعجع وكلامه الأخير في خانة «الموقف السياسي»، يؤكّد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إننا منفتحون بشكل كامل على كلّ القوى السياسية، وبينها (القوات) الذي سيكون لنا معه لقاء قريب». ويضيف: «في العناوين العريضة، هناك أمور نتّفق مع (القوات) عليها، وهناك أمور نخالفهم الرأي حولها، لا سيّما في السقوف العالية؛ لأنّنا نريد تسهيل الوصول إلى رئيس وليس تعقيد الأمور»، موضحاً أننا «نطمح لانتخاب رئيس مهمة وليس رئيس تحدٍّ من شأنه تعقيد الأمور، وسبق لرئيس الحزب (وليد جنبلاط) أن وضع المواصفات التي نراها في رئيس الجمهورية المقبل، مع إعطاء الأولوية للقضايا الاقتصادية والاجتماعية في ظلّ التعقيدات الإقليمية».
وعن مبادرة «نواب التغيير»، لفت عبد الله إلى حصول تواصل بشكل متفرّق مع عدد من النواب، على أن يحصل ذلك بشكل أوسع في المرحلة المقبلة، مشدداً على أنّ الأهم يبقى جدية الطروحات، وفيما يلفت إلى أنّ البحث حتى الآن لم يصل إلى مرحلة الأسماء، يحذّر من محاولات البعض التلهّي بتأليف الحكومة لتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية.
ويتحدّث النائب في «كتلة التغيير» إبراهيم منيمنة عن الانفتاح نفسه، مؤكّداً في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يمكن الحكم على العناوين العريضة التي قد يبدو بعضها جيداً، إنّما يبقى الأهم عند البحث في التفاصيل». ويقول: «نحن منفتحون على الجميع، ومن هنا كانت مبادرتنا للانتخابات الرئاسية التي سنتواصل بشأنها بدءاً من هذا الأسبوع مع كلّ الأفرقاء دون استثناء، لنطّلع منهم على ردود أفعالهم، وما هي القواسم المشتركة فيما بيننا؛ تمهيداً للاتفاق على آليّة معيّنة فيما يتعلّق بالأسماء التي يمكن ترشيحها».
في المقابل، تُبدي مصادر قيادية في «حزب الكتائب» تفاؤلها بإمكان التوصل إلى اتفاق أو توافق بين القوى المعارضة، وتحديداً المعارضة لـ«حزب الله»، كاشفة أنّ هناك تقدماً في المشاورات.
وتوضح المصادر القياديّة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الأولوية بالنسبة للكتائب، هي منع (حزب الله) من إيصال مرشحه للرئاسة، وبالتالي كلّ الوسائل متاحة لتحقيق هذا الهدف، وهو ما نعمل عليه في تواصلنا وحوارنا مع المستقلّين ونواب التغيير و(القوات) و(الاشتراكي)»، مؤكّدة: «نريد رئيساً سيادياً – إصلاحياً، يجمع ولا يفرّق وليس رئيس تحدٍّ أو مواجهة»، وتضيف: «تسير المشاورات بشكل جدّي، وتحقّق تقدّماً لجهة توحيد الرأي، ووضع مواصفات الرئيس المقبل تمهيداً للاتفاق على اسم المرشح»، وتؤكّد: «المهمة ليست مستحيلة، بل تحقيقها ليس بعيداً، لا سيّما أنّ هناك الكثير من النقاط المشتركة بين معظم هذه القوى التي تجتمع في معارضتها لإيصال رئيس محسوب على (حزب الله)، وفي تأييدها لرئيس إصلاحي وسيادي، يملك رؤية واضحة لإخراج لبنان من جهنم التي يعيشها، ويعيد علاقاته مع العرب والغرب».
ما تتحدّث عنه مصادر «الكتائب»، تؤكّده أيضاً مصادر «القوات»، لا سيّما لجهة شبه التوافق بين قوى المعارضة على منع «حزب الله» من فرض مرشحه، معوّلة في الوقت عينه على التشرذم الحاصل بين الحزب وحلفائه، وعدم الحديث عن مرشح توافقي فيما بينهم.
وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «المواصفات التي تحدّث عنها جعجع ليست جديدة، إنّما هي تأكيد المؤكد الذي لطالما تطرّق إليه في الوقت السابق منذ 16 مايو (أيار) الماضي، وهي تتلاقى مع مواصفات عدة يطرحها أفرقاء آخرون، بينهم ما طرحه (نواب التغيير)، وإن كنا نختلف معهم في مطلبهم بأن يكون الرئيس خارج الاصطفافات والأحزاب»، مضيفة: «بينما نحن نشدّد على أهمية أن يكون مع الدولة وضد الدويلة».
من هنا تشير المصادر إلى الدينامية في مقاربة الاستحقاق بين قوى المعارضة التي يسجَّل التواصل بين معظم أطرافها، مبيّنة أنّ هناك الكثير من القواسم المشتركة التي يمكن التعويل عليها للاتفاق على مرشح للرئاسة.
لبنان: قوى المعارضة متفائلة بالاتفاق على مرشح للرئاسة في مواجهة «حزب الله»
تجتمع على معايير وتختلف في توصيف الرئيس المقبل
لبنان: قوى المعارضة متفائلة بالاتفاق على مرشح للرئاسة في مواجهة «حزب الله»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة