السلطة الفلسطينية ترفض أي «صفقات مشبوهة» في غزة وتؤكد الالتزام باتفاق القاهرة

قادة حماس منقسمون بين نفي الاتجاه نحو اتفاق هدنة مع إسرائيل وتأكيده

مزارعون فلسطينيون ينتظرون العبور من بوابة في «السياج العازل» في طريقهم إلى أراضيهم في قرية فلمية القريبة من قلقيلية في الجهة الأخرى (إ.ب.أ)
مزارعون فلسطينيون ينتظرون العبور من بوابة في «السياج العازل» في طريقهم إلى أراضيهم في قرية فلمية القريبة من قلقيلية في الجهة الأخرى (إ.ب.أ)
TT

السلطة الفلسطينية ترفض أي «صفقات مشبوهة» في غزة وتؤكد الالتزام باتفاق القاهرة

مزارعون فلسطينيون ينتظرون العبور من بوابة في «السياج العازل» في طريقهم إلى أراضيهم في قرية فلمية القريبة من قلقيلية في الجهة الأخرى (إ.ب.أ)
مزارعون فلسطينيون ينتظرون العبور من بوابة في «السياج العازل» في طريقهم إلى أراضيهم في قرية فلمية القريبة من قلقيلية في الجهة الأخرى (إ.ب.أ)

في حين بدا موقف السلطة الفلسطينية واضحا تجاه رفض أي اتفاقات جزئية بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، أطلق مسؤولو الحركة الإسلامية تصريحات متناقضة حول وجود تهدئة محتملة في غزة.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن الوصول إلى تهدئة في قطاع غزة سيكون مهمًا، «لكن إذا لم يكن على حساب وحدة الأرض والدولة والشعب، وألا يكون تمهيدًا للقبول بدولة ذات حدود مؤقتة، الأمر الذي سيترك آثارا مدمرة على الشعب الفلسطيني وقضيته واستقلاله».
وبحثت اللجنة المركزية لحركة فتح أمس، أمر التهدئة المتوقعة في غزة بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأعلنت رفضها القاطع لأي اتفاق بين حماس وإسرائيل.
وأكد عضو اللجنة المركزية، الناطق باسم حركة فتح، نبيل أبو ردينة، ضرورة أن تنصب جميع الجهود والمساعي السياسية على دعم ومساندة موقف الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها، «من خلال التمسك بوحدة شعبنا وأرضنا وقضيتنا».
وشدد أبو ردينة في بيان على «أهمية وحدة شعبنا وقضيته ومصيره غير القابلة للتجزئة أو المتاجرة بها في صفقات مشبوهة تتم من وراء ظهر الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها». وأضاف: «اللجنة المركزية لحركة فتح تؤكد الالتزام باتفاق القاهرة للتهدئة الذي أعقب العدوان الإسرائيلي الأخير على أهلنا في قطاع غزة، ووقف جميع أشكال العدوان على شعبنا وأرضنا في كل الأراضي الفلسطينية».
وأكد موقف حركة فتح الرافض لأي اتفاقيات جزئية تحت أي ذرائع أو مسوغات، تصب في خانة فصل القطاع عن الضفة الغربية، «وهو هدف إسرائيلي ليس بحاجة إلى برهان».
وحذر أبو ردينة من خطورة تمرير مثل هذه الصفقات بذريعة فك الحصار عن القطاع، في حين أن نتائج مثل هذه الصفقات ستكون كارثية؛ «ليس أقلها فصل شطري الوطن، بل ومنح الاحتلال الإسرائيلي فرصة الاستفراد بالضفة الغربية والقدس، وتمهيد الطريق لفرض حلول تصفوية من قبيل (الدولة ذات الحدود المؤقتة)».
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت أمس، عن إمكانية التوصل إلى اتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل برعاية دولية، يقوم على وقف إطلاق النار لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد، مقابل إقامة ميناء بحري عائم في القطاع وتسهيل عملية إعادة الإعمار.
وأظهرت مواقف قادة حماس أمس، تناقضا كبيرا تجاه ما نشر، بين من أكد الأمر، ومن نفاه، ومن ركز على أنه لا توجد تهدئة مكتوبة، أو تحدث عن عدم حسم الأمر بعد.
ونفى عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، أن تكون حركته قد تسلمت من جهات أوروبية أفكارا مكتوبة للتهدئة مع إسرائيل. ونشرت وكالة «الرأي» الحكومية التابعة لحماس على لسان أبو مرزوق، أنه لم يتلق أفكارا مكتوبة ليرد عليها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن المسؤول الحمساوي، أشار إلى أن هناك أفكارا متداولة حول مشاريع غير متبلورة للتهدئة، يتحدث عنها الأوروبيون، مضيفا أن موقف حركته من أي طرح بشأن التهدئة، يجب أن يكون وطنيًا وليس على مستوى فصائلي وألا يكون سريًا.
وقال أبو مرزوق، إن حركته لا تسعى إلى اتفاق يفصل بين حقوق الشعب الفلسطيني المتعددة، والموضوع السياسي، «حتى لا تدفع أثمانًا مقابل تلك الحقوق».
وجاءت تصريحات أبو مرزوق مخالفة تماما لتصريحات مسؤول آخر كبير في حماس، هو مسؤول ملف العلاقات الدولية أسامة حمدان، الذي أكد لصحيفة «فلسطين» التابعة لحماس، أن الحركة تسلمت أفكارا مكتوبة تتعلق بملف التهدئة مع إسرائيل، بل ويمكن أن ترد عليها فورا. وقال حمدان، إن قيادة حركته تدرس أفكارا طرحها الأوروبيون للوصول إلى تهدئة طويلة الأمد مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف حمدان أن حركته بصدد الرد على المقترحات المكتوبة. وأوضح أن الأفكار تتعلق بموضوع استكمال ملف التهدئة الذي جرى إبان العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والقاضي برفع الحصار عن القطاع، وفتح المعابر جميعها بما فيها ميناء غزة البحري.
وشدد حمدان على أن الأفكار التي ستقدمها حماس ردًا على أي جهة، لا تخرج عن خدمة العمل الجاد لإنهاء الحصار على غزة، والتعامل بشكل إيجابي مع هذه المتعلقات.
أما الناطق باسم حماس، صلاح البردويل، فاختار التركيز على أنه توجد اقتراحات للتهدئة، لكنها لم تتحول إلى اتفاق.
وفي المقابل، رفض القيادي في حماس، يحيى موسى، الذي شارك في مباحثات القاهرة، الحديث عن أي تهدئة، وبدا كأنه يوجه حديثه إلى قادة حماس الذين يتحدثون حول التهدئة، قائلا إن «المتحدثين تغافلوا عن اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال برعاية مصرية في أغسطس (آب) الماضي، والقاضي برفع الحصار عن قطاع غزة وإعادة الإعمار»، مضيفا في صفحته على «فيسبوك»: «المطلوب هو التزام الاحتلال به، وفي مقدمته فتح المعابر، وإدخال جميع مستلزمات البناء، وإعادة الإعمار، لذلك نطالب الجميع بتحمل مسؤولياته».
وفي إسرائيل التزم المسؤولون الرسميون الصمت على الرغم من الاهتمام الواسع لوسائل الإعلام هناك. لكن الوزير السابق يائير لابيد، المعارض الحالي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، قال أمس إن «الحديث عن قرب اتفاق مع حماس أمر مقلق». مضيفا: «لا بد من نزع سلاح حماس أولا قبل الموافقة على تهدئة، أما الحديث عن تهدئة وفق ما ينشر اليوم، فهو يعني تمكين حماس من بناء مزيد من الأنفاق والاستمرار في بناء قدراتها».
وهاجمت تسيبي ليفني، زعيمة «حزب الحركة» الإسرائيلي، التي تقوم بزيارة لبريطانيا شنت خلالها حملة ضد مقاطعة إسرائيل المتزايدة في العالم، نتنياهو. وقالت في تصريح لها، إن حكومته تسعى إلى عقد هدنة طويلة مع حماس. وعدّت ذلك تهربا من حل الدولتين، وتشجيعا لحماس والتنظيمات الأخرى. وطالبت نتنياهو بوقف تام للاتصالات والمحادثات مع حماس، والتوجه إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والتفاوض معه على حل جذري يضع حدا للصراع. وقالت إن على نتنياهو أن ينتهز الفرصة القائمة لتحقيق سلام إقليمي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.