«هيدراوس»... مسرحية استعراضية تدعو إلى تجاوز الفقد

العمل النمساوي يعيد أسطورة «الأفعى متعددة الرؤوس»

بطلات «هيدراوس» يقدمن تشكيلات بصرية وحركية «مدهشة» (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح)
بطلات «هيدراوس» يقدمن تشكيلات بصرية وحركية «مدهشة» (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح)
TT

«هيدراوس»... مسرحية استعراضية تدعو إلى تجاوز الفقد

بطلات «هيدراوس» يقدمن تشكيلات بصرية وحركية «مدهشة» (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح)
بطلات «هيدراوس» يقدمن تشكيلات بصرية وحركية «مدهشة» (مهرجان القاهرة الدولي للمسرح)

تحبس أنفاسك بينما رأسك يضج بعلامات استفهام لا تنتهي... تتراوح ما بين الإعجاب بقدرة الممثلين على التعبير الحركي المليء بالانفعالات والمشاعر والتحولات الحادة، بقدر لافت من الليونة، وبين الدهشة من استحواذهم على الجمهور دون قصة مشوقة أو حبكة درامية.

كثير من التساؤلات تثيرها المسرحية النمساوية «هيدراوس» التي تعرض حالياً على خشبة «المسرح القومي» ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، الذي يستمر حتى التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري. يكتسب العرض تميزه من عدم اعتماده على اللغة إطلاقاً؛ فهو عمل صامت يتخذ من الاستعراضات والموسيقى لغة بديلة، ووحيدة، عبر ثلاث ممثلات يرتدين الزي الأخضر ويقدمن مجموعة من اللوحات الراقصة، تحمل رسائل درامية تتعلق بقدرة الإنسان على التجدد وتجاوز الفقد، مهما تعرض لضربات قاسية على المستوى الجسدي أو الروحي.
وكلمة «هيدراوس» هي المرادف لكلمة «هيدرا»، وفق اللغة النمساوية، في إشارة واضحة لإحدى الأساطير الإغريقية القديمة، التي تتحدث عن «أفعى عملاقة ذات 9 رؤوس تحرس العالم السفلي وتتصاعد منها أبخرة وروائح سامة». وبحسب الأسطورة، يأتي «هيركيليز» ابن «زيوس» في مهمة خاصة للقضاء على تلك الأفعى، التي تتميز بقدرتها على التجدد، فكلما قُطع أحد رؤوسها، نبت مكانه رأسان.

المستوى الرمزي الآخر، الذي يشير إليه الاسم يتعلق بكائن أخضر يحمل اسم «هيدرا»، يعيش في البرك والمستنقعات ذات المياه العذبة. وتتطابق كل من الأفعى والكائن في عدد الرؤوس التسعة.
يبدأ العرض وسط إضاءة خافتة مع موسيقى توحي بالحذر والغموض، تترافق مع خرير ماء في الخلفية وكأننا في واحد من تلك المستنقعات بالفعل. بهدوء تنبثق ست أذرع خضراء كأنها الرؤوس، في تشكيلات «باهرة» من جانب الممثلات الثلاث «مارتينا لورينك»، و«سونيا بوركوفيتش»، و«روزانا ريبيرو».

تستبدل الممثلات في بعض المشاهد الأذرع بالسيقان في تكوينات لافتة، دون ظهور للوجوه إلا في مشاهد محدودة. وجاءت الملابس التي صممها «توماس هينتبيرجر» لتجعل الشخصيات على خشبة المسرح أشبه بكائنات محايدة، تشبه بالفعل ما ينبت في الأنهار، ويستدعي تعدد الرؤوس في أسطورة الأفعى.
تؤكد الاستعراضات على خلفية موسيقية تتراوح بين الرهافة، وما يشبه قرع الطبول على معنى التجدد، وتعويض الفقد عبر تلاشي ذراع هنا، أو ساق هناك، سرعان ما تتم استعادتها في إشارة قوية للصلة التي يمكن أن تربط الإنسان بالطبيعة.

وتصف الناقدة الفنية أمل ممدوح العرض بأنه «عمل متقن ومتميز قدم حالة بصرية ذكية رغم بساطتها، فضلاً عن رؤية موسيقية تعكس الجو النفسي المشحون بالرموز والدلالات»، وتقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «الممثلات الثلاث قدمن أداءً شديد الانضباط والمرونة، وتمتعن بليونة حركية مدهشة بالنظر إلى صعوبة المهمة الدرامية، حيث تحتم عليهن توصيل كل هذا القدر من الرسائل الدرامية عبر تماهي أجسادهن أو أجزاء من أجسادهن مع كان الهيدرا».
وتشيد الناقدة الفنية بمخرجة العرض المسرحي، إيديتا براون، التي «استطاعت أن تجسد عبر تكوينات جمالية مدهشة عالماً بدائياً، لكنه حقيقي وموجود في خيالنا بشكل أو بآخر، وأن تستلهم منه دروساً في التجدد والتجاوز وتعويض الفقد على نحو مدهش»، على حد قولها.


مقالات ذات صلة

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

يوميات الشرق بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

بعد 18 عام زواج... زوجة كيفين كوستنر تتقدم بطلب للطلاق

تقدمت كريستين باومغارتنر، الزوجة الثانية للممثل الأميركي كيفين كوستنر، بطلب للطلاق، بعد زواجٍ دامَ 18 عاماً وأثمر عن ثلاثة أطفال. وذكرت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن الانفصال جاء بسبب «خلافات لا يمكن حلُّها»، حيث تسعى باومغارتنر للحضانة المشتركة على أطفالهما كايدين (15 عاماً)، وهايس (14 عاماً)، وغريس (12 عاماً). وكانت العلاقة بين كوستنر (68 عاماً)، وباومغارتنر (49 عاماً)، قد بدأت عام 2000، وتزوجا عام 2004.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

متحف «المركبات» بمصر يحيي ذكرى الملك فؤاد الأول

افتتح متحف المركبات الملكية بمصر معرضاً أثرياً مؤقتاً، اليوم (الأحد)، بعنوان «صاحب اللقبين فؤاد الأول»، وذلك لإحياء الذكرى 87 لوفاة الملك فؤاد الأول التي توافق 28 أبريل (نيسان). يضم المعرض نحو 30 قطعة أثرية، منها 3 وثائق أرشيفية، ونحو 20 صورة فوتوغرافية للملك، فضلاً عن فيلم وثائقي يتضمن لقطات «مهمة» من حياته. ويشير عنوان المعرض إلى حمل فؤاد الأول للقبين، هما «سلطان» و«ملك»؛ ففي عهده تحولت مصر من سلطنة إلى مملكة. ويقول أمين الكحكي، مدير عام متحف المركبات الملكية، لـ«الشرق الأوسط»، إن المعرض «يسلط الضوء على صفحات مهمة من التاريخ المصري، من خلال تناول مراحل مختلفة من حياة الملك فؤاد».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

وضع تسلسل كامل لجينوم «اللبلاب» المقاوم لتغير المناخ

قام فريق بحثي، بقيادة باحثين من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية بكينيا، بوضع تسلسل كامل لجينوم حبة «فول اللبلاب» أو ما يعرف بـ«الفول المصري» أو «الفول الحيراتي»، المقاوم لتغيرات المناخ، بما يمكن أن يعزز الأمن الغذائي في المناطق المعرضة للجفاف، حسب العدد الأخير من دورية «نيتشر كومينيكيشن». ويمهد تسلسل «حبوب اللبلاب»، الطريق لزراعة المحاصيل على نطاق أوسع، ما «يجلب فوائد غذائية واقتصادية، فضلاً على التنوع الذي تشتد الحاجة إليه في نظام الغذاء العالمي».

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

«الوثائقية» المصرية تستعد لإنتاج فيلم عن «كليوباترا»

في رد فعل على فيلم «الملكة كليوباترا»، الذي أنتجته منصة «نتفليكس» وأثار جدلاً كبيراً في مصر، أعلنت القناة «الوثائقية»، التابعة لـ«الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية بمصر»، اليوم (الأحد)، «بدء التحضير لإنتاج فيلم وثائقي عن كليوباترا السابعة، آخر ملوك الأسرة البطلمية التي حكمت مصر في أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر». وأفاد بيان صادر عن القناة بوجود «جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد من المتخصصين في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا، من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته، لأقصى درجات البحث والتدقيق». واعتبر متابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي هذه الخطوة بمثابة «الرد الصحيح على محاولات تزييف التار

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

مؤلفا «تحت الوصاية» لـ«الشرق الأوسط»: الواقع أصعب مما طرحناه في المسلسل

أكد خالد وشيرين دياب مؤلفا مسلسل «تحت الوصاية»، أن واقع معاناة الأرامل مع «المجلس الحسبي» في مصر: «أصعب» مما جاء بالمسلسل، وأن بطلة العمل الفنانة منى زكي كانت معهما منذ بداية الفكرة، و«قدمت أداء عبقرياً زاد من تأثير العمل». وأثار المسلسل الذي تعرض لأزمة «قانون الوصاية» في مصر، جدلاً واسعاً وصل إلى ساحة البرلمان، وسط مطالبات بتغيير بعض مواد القانون. وأعلنت شركة «ميديا هب» المنتجة للعمل، عبر حسابها على «إنستغرام»، أن «العمل تخطى 61.6 مليون مشاهدة عبر قناة (DMC) خلال شهر رمضان، كما حاز إشادات عديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي». وكانت شيرين دياب صاحبة الفكرة، وتحمس لها شقيقها الكاتب والمخرج خالد د

انتصار دردير (القاهرة)

نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
TT

نهاية دانيال شبوري «فنان الأطباق المتّسخة»

دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)
دانيال شبوري معلّم الـ«إيت آرت» (غيتي)

مسَّت النهاية بحياة الفنان التشكيلي السويسري دانيال شبوري، أحد أبرز الأسماء في تيار «الواقعية الجديدة» الفنّي، ومعلّم الـ«إيت آرت» الذي يتمثّل بتعليق مخلّفات وجبة طعام على لوحة، وفق ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مركز «بومبيدو».

وكتب متحف الفنّ الحديث والمعاصر عبر منصة «إكس»: «ينتابنا حزن عميق لوفاة دانيال شبوري، العضو المؤسِّس للواقعية الجديدة».

وتابع: «نظرته الفريدة للفنّ من خلال لوحاته وتجميعاته غير المتوقَّعة، مكّنته من التقاط اللحظة وما هو عادي ومدهش. سيظلّ إرثه مصدراً للإلهام والتأمُّل الفريد».

واشتُهر الفنان السويسري من أصل روماني، المولود عام 1930 في منطقة على ضفاف نهر الدانوب بغالاتي (شرق رومانيا)، بلوحاته ثلاثية البُعد المرتبطة بفنّ المائدة.

مبدؤها بسيط، ففي نهاية الوجبة، يلصق شبوري كل ما يتبقّى على الطاولة (أدوات المائدة، والأطباق، وبقايا الطعام، والأغلفة...)؛ بهدف تجميدها على اللوحة.

ويُطلق على كل عمل فنّي يضيء على الأطعمة والعادات الغذائية «إيت آرت».

ومع هذا المفهوم، أسَّس الراقص السابق تيار «الواقعية الجديدة» عام 1960 إلى جانب فنانين من أمثال إيف كلاين، وأرمان، وريموند هاينز.

الراقص السابق أسَّس تيار «الواقعية الجديدة» (غيتي)

ووصل به الأمر حدّ تولّيه إدارة مطعم في دوسلدورف الألمانية بين 1968 و1972. وكان بإمكان الزبائن المغادرة مع عملهم الخاص.

وأنشأ شبوري صالة عرض «إيت آرت» التي أُقيمت فيها معارض لعدد من الفنانين، بينهم سيزار وبن وأرمان، مع إبداعات سريعة الزوال وصالحة للأكل، في حين يشارك رسامون مثل بيار سولاج في بعض الولائم.

لكنه سعى إلى التخلّص من تسمية «فنان الأطباق المتّسخة». وفي إحدى مجموعاته، وضع غرضاً فعلياً على قماش، وتساءل عن الحدود بين الواقع والوهم.

عُرضت أعماله في معارض استعادية نُظّمت في متاحف عدّة، بينها مركز «بومبيدو» في باريس خلال التسعينات.

وعام 2021، خصَّص متحف الفن الحديث والمعاصر «ماماك» في نيس معرضاً كبيراً له.