الطابعات الثلاثية الأبعاد تلهم الابتكار... وتقلص النفايات

طريقة بيئية سريعة لإنتاج أنواع المواد والمنشآت

منزل بالطباعة الثلاثية الأبعاد
منزل بالطباعة الثلاثية الأبعاد
TT

الطابعات الثلاثية الأبعاد تلهم الابتكار... وتقلص النفايات

منزل بالطباعة الثلاثية الأبعاد
منزل بالطباعة الثلاثية الأبعاد

تستخدم الطابعات ثلاثية الأبعاد اليوم لصناعة كل شيء... من المنازل إلى الأعضاء البشرية.
ولكن ما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد (التجسيمية)؟ وكيف يمكننا الاستفادة من هذه التقنية الآخذة في التقدم في حياتنا اليومية؟ نقدم لكم فيما يلي كل ما يجب أن تعرفوه عن الطابعات ثلاثية الأبعاد العصرية، وكلفة شرائها، والأشياء التي يمكنكم صناعتها إذا امتلكتم طابعة.

- طباعة تجسيمية
• ما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد؟ استخدمت الطباعة ثلاثية الأبعاد في بداياتها لصناعة نماذج أولية متواضعة النوعية ومنتجات لإثبات فكرة معينة باستخدام تقنيات ومواد بناء تقليدية، ولكن الفكرة شهدت تقدماً سريعاً خلال العقد الفائت لتغطي مجموعة متنوعة وواسعة من الاستخدامات والتصاميم.الطباعة ثلاثية الأبعاد، والتي تعرف أيضاً بصفة «تصنيع المضافات» additive manufacturing، هي صناعة جسم ثلاثي الأبعاد وفقاً لتصميم افتراضي أو ملف رقمي. تطبع الطابعة ثلاثية الأبعاد صفوفا متتالية من مادة معينة حتى تتوصل إلى خلق المنتج النهائي، وبذلك، تشكل كل طبقة مقطعا عرضيا رقيقا من الجسم أو المنتج المطلوب.
تتجلى التطورات التي شهدتها الطباعة ثلاثية الأبعاد في مجموعة متنوعة من الاستخدامات والممارسات التي تتراوح بين الأعمال الفنية الهاوية والمحترفة، والمنتجات المصنوعة حسب الطلب، إلى استخدامات أكثر تطوراً في المجال الطبي. تستطيع معظم الطابعات ثلاثية الأبعاد ابتكار منتجات من البداية وحتى النهاية بتتابع سريع، ما يجعلها خياراً ممتازاً لصناعة النماذج التجريبية والنسخ.
• ما هي كلفة الطابعة ثلاثية الأبعاد؟ أصبحت الطابعات ثلاثية الأبعاد المبتدئة بمتناول الجميع لناحية السعر خلال العقد الفائت – من هواة العمل في هذا النوع من الآلات إلى الآباء والأمهات الذين يبحثون عن طابعات لأولادهم. يتراوح سعر الطابعات الصديقة للأولاد بين 100 و300 دولار وتأتي مع أقلام خاصة، بينما تتوفر طابعات الهواة المبتدئين المصممة للاستخدام المنزلي بسعر 300 إلى 500 دولار. في المقابل، ترتفع أسعار آلات الطباعة ثلاثية الأبعاد ذات المستوى الاحترافي إلى مستوى مختلف، لتتراوح بين 1500 و20 ألف دولار بحسب نوعيتها وقدراتها التي تختلف بين طابعة وأخرى مصممة عادةً للمشاريع المعقدة والمنحوتات والمنتجات المصنوعة حسب الطلب.
تحتاج الشركات الكبرى التي تستخدم طابعات ثلاثية الأبعاد لابتكار منتجات أكثر تعقيداً كالمنازل المطبوعة، وقطع العربات والطائرات، وحتى الأعضاء البشرية، إلى مبالغ مالية أكبر بكثير لأن الطابعات الصناعية ليست صعبة المنال فحسب، بل تتطلب ميزانية بالملايين.

- إنتاج بيئي
• كيف تساهم الطباعة ثلاثية الأبعاد في تقليل النفايات؟ الطباعة ثلاثية الأبعاد ليست اختراقاً لصناعة البناء والطب فحسب، لأن التطورات التي شهدتها هذه التقنية تعتبر أيضاً مكسباً كبيراً للبيئة وكذلك للشركات الملتزمة صناعة منتجات وسلع أكثر استدامةً.
تستخدم الصناعات التقليدية مواد أولية أكثر بكثير تلك التي تستخدمها الطباعة ثلاثية الأبعاد، إذ تنتج تجزئة قطع المعادن والبلاستيك الكبيرة الكثير من النفايات، بينما تبني الطباعة ثلاثية الأبعاد هيكلاً أو منتجاً طبقةً بطبقة، أي أنها لا تنتج بقايا أو فائضاً من المواد المستخدمة في العملية.
علاوةً على ذلك، تتسم عملية صناعة النماذج التجريبية والنسخ السريع باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد بسلاسة أكبر بكثير مقارنة بالعمل التقليدي في المصانع، لأن الطابعات ثلاثية الأبعاد تعمل بسرعة وفعالية – ودون أخطاء في معظم الأحيان – ما يخفض مدة العمل وبصمة الكربون التي تنتجها الشركات. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن الطباعة ثلاثية الأبعاد تميل إلى استخدام مواد أولية مستدامة أو مدورة، كالبن المطحون، والتراب، وحتى الطحالب البحرية، والنشارة، ما يعني اعتماد أقل على مواد كالبلاستيك والفولاذ.

- منازل مطبوعة
• متى تصبح المنازل المطبوعة بالأبعاد الثلاثية متوفرة في الولايات المتحدة؟ تقدم اليوم بعض الشركات منازل مطبوعة بالأبعاد الثلاثية في الولايات المتحدة والمكسيك، ولكن لوائح الانتظار الحالية، والمعايير الصارمة، ومشاكل التقسيم المناطقي، تصعب حصول الجميع على هذه المنازل.
انتقل أول المستفيدين من المنازل المطبوعة بالأبعاد الثلاثية إلى منزلهم (مساحته 400 قدم مربع/37 مترا مربعا) في مشروع «كوميونيتي فيرست فيلدج» في أوستن، تكساس، في صيف 2020، ومن المتوقع أن نرى المزيد من المنازل والمكاتب المماثلة في الأشهر والسنوات المقبلة.
• ما هي كلفة المنزل المطبوع بالأبعاد الثلاثية؟ تصمم المنازل والوحدات السكنية المطبوعة بالأبعاد الثلاثية لتكون فعالة على صعيد الطاقة وأسع لناحية البناء من المنازل التقليدية – يمكن بناء معظم المنازل المطبوعة بالأبعاد الثلاثية في غضون أسابيع، ما يعني أن السكن الثلاثي الأبعاد سيكون غالباً أقل كلفة من العقارات التقليدية في المستقبل. ولكن نظراً للوفرة المحدودة والتقسيم المناطقي وقوانين البناء الصارمة، لا تزال كلفة شراء منزل مطبوع موازية لكلفة المنزل التقليدي.
يبدأ سعر المنزل الذي يضم غرفتي نوم في حي «إيست ستريت 17» خارج وسط مدينة أوستن من 750 ألف دولار، بينما وصل متوسط سعر الوحدة السكنية في منطقة أوستن الكبرى إلى 659 ألف دولار اعتباراً من يونيو (حزيران) 2022.

- «فاست كومباني» – خدمات تريبيون ميديا


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.