سوق باب اللوق.. أقدم أسواق القاهرة المغطاة تئن تحت وطأة الإهمال

عمرها 103 أعوام وبناها مليونير يهودي على الطراز الفرنسي وتحولت متاجرها إلى مخازن

سوق باب اللوق.. أقدم أسواق القاهرة المغطاة تئن تحت وطأة الإهمال
TT

سوق باب اللوق.. أقدم أسواق القاهرة المغطاة تئن تحت وطأة الإهمال

سوق باب اللوق.. أقدم أسواق القاهرة المغطاة تئن تحت وطأة الإهمال

جدران متهالكة ولافتات مبهرجة تسخر من هيبة المبنى الأثري الذي تعلوه لافتة كتبت بالعربية والفرنسية سوق باب اللوق Marche De Bab El Louk 1912. إنها حال السوق العتيقة النادرة في تصميمها، كما هو حال عدد كبير من مباني القاهرة التاريخية التي لم تحظ باهتمام كمثيلاتها المعروفة بـ«القاهرة الخديوية».
تقبع السوق في ميدان الفلكي القريب من ميدان التحرير قلب العاصمة المصرية ومهد ثورتي 25 يناير (كانون الثاني) 2011 و30 يونيو (حزيران) 2013. كانت ردهات السوق تبعث متعة التسوق بين سكان قلب القاهرة من مختلف الجنسيات، ولا يزال الدخول إلى السوق تعني المرور في ممرات ضيقة ومحال متنوعة بضائعها أغلبها خضر وفاكهة ولحوم وعطارة وأدوات كهربائية وورش لتصنيع الجلود، والحياكة، إلا أن الجدران المتهالكة والإهمال والقمامة المبعثرة في بعض جوانبه شوهت معالمه إلى حد كبير، بينما تضم واجهة السوق من الخارج محال أجهزة إلكترونية وصيدلية، وسوبر ماركت للبقالة، ومصبغة سجاد.
يعود الفضل في تشييد السوق إلى رجل الأعمال المصري يوسف أصلان قطاوي، رئيس الجالية اليهودية المصرية في النصف الأول من القرن العشرين، الذي كانت له إسهامات كبرى في الاقتصاد المصري، حيث اشترك عام 1920 بالتعاون مع طلعت حرب الاقتصادي المصري الأشهر ويوسف شيكوريل رجل الأعمال اليهودي في تأسيس بنك مصر، وشغل عددا من المناصب في الدولة المصرية.
وكان قطاوي قد انتبه أثناء وجوده في فرنسا لوجود أسواق كبرى مغطاة لمد باريس بالمؤن والأغذية الطازجة، فأعجب بالفكرة ورغب في تطبيقها في مصر، وبالفعل أسس سوق باب اللوق بالقاهرة، والسوق الفرنساوية بالإسكندرية. وقع اختيار قطاوي على الموقع بالقرب من محطة قطارات حلوان بميدان الفلكي، التي كانت تربط وسط القاهرة بالضاحية الراقية جنوبها آنذاك. وفي عام 1911 عهد قطاوي لمعماريين فرنسيين بتصميم السوق على الطراز الأوروبي، على شكل حدوة حصان، والسقف على شكل جمالون ضخم يتضمن فتحات تهوية تضمن تجديد الهواء والإنارة الجيدة، وذلك على مساحة 6200 متر مربع.
وفي عام 1912 افتتح سوق باب اللوق في احتفال مهيب حضره رجال الطبقة الأرستقراطية المصرية، ورؤساء الجاليات الأجنبية، وظلت السوق تخدم زبائنها من الطبقة الثرية حيث كان عامة الشعب يذهبون لسوق العتبة وعدد من الأسواق المتناثرة على مداخل القاهرة سواء من الأجانب أو المصريين.
وتتكون السوق من دور أرضي ومخزن تحت الأرض كان قديما عبارة عن ثلاجات لحفظ الطعام وتبريده. أما الثلاثة أدوار الباقية فيمكن الوصول إليها عبر درجات سلالم. في الماضي كانت السوق تتكون من أكثر من 200 متجر، كان بينها مقاه ومخابز، ومكاتب للبريد والتلغراف ومكاتب استيراد وتصدير، لم يعد يعمل منها سوى ما يزيد على 50 محلا. ويبدأ نشاط السوق منذ الصباح الباكر ففي نحو السابعة صباحا تأتي عربات نصف نقل تقل الباعة القادمين من القرى المتاخمة لمحافظة الجيزة، الكل يعرف موقعه، تأتي بعدها عربات نقل كبيرة محملة بالخضر والفاكهة القادمة من سوق العبور الرئيسية التي تمد القاهرة بالمؤن.
في مدخل السوق الجانبية على يمين شارع محمد محمود الشهير، يقف عطا رجب بائع الخضر والفاكهة، يتحدث بالإنجليزية إلى مواطنة أميركية وأخرى يابانية لحقهم رجل تغلب اللكنة الفرنسية على لهجته الإنجليزية يسألون عن أسعار كيس الثوم المقشر، والبروكلي والمشروم الطازج والزنجبيل، تلك الأصناف التي يندر وجودها في الأسواق الشعبية وسط القاهرة أو لدى باعة الخضر.
يتعامل عطا بمنتهى التحضر مع الزبائن الذين اعتاد عليهم بحكم كونه على بعد خطوات من مبنى الجامعة الأميركية بالقاهرة. ويقول عطا لـ«الشرق الأوسط»: «نحاول التغلب على الظروف المتدهورة التي تمر بها السوق، أحاول جلب مكونات الأكلات الغربية رغم أن المتاجر الكبرى أثرت بشكل كبير على حركة البيع والشراء حتى فيما يتعلق بالخضر والفاكهة لكن الحمد لله المعاملة الحسنة مع الزبائن تجعلهم يفضلون الشراء من هنا».
يعمل عطا في سوق باب اللوق منذ الستينات مع والده الذي ورث المهنة عن جده، ويروي «كانت هذه السوق هي المكان الرئيسي للتسوق، أما الآن فيقوم سكان وسط القاهرة بالحصول على طلباتهم من الأغذية بالتليفون لتصلهم إلى المنزل». وقال مقطبا وجهه «إنها سرعة الحياة التي لا ترحم، فلم يعد لدى الناس وقت للتسوق والاستمتاع بانتقاء طعامهم، أغلب أصحاب المحال باعوها وتحولت إلى مخازن فقط لم تعد حركة البيع والشراء كما كانت في الماضي». استمر عطا في تلبيه طلبات زبائنه من السيدات العاملات في وسط القاهرة، أو المسنين من ملاك العقارات في قلب المدينة. تمتم عطا بصوت خفيض مصحوبا بتنهيدة أثناء تغييره لكفة ميزان الخضر«قول للزمان ارجع يا زمان» لكنه سرعان ما اعترته جرعة أمل مفاجأة حينما استفاق من دوامة الذكريات مستغلا فرصة وجود صحافية قائلا «ربما لو انتبه المسؤولون للسوق وقاموا بتجديدها وإعادة تخطيطها من الداخل ستصبح بالفعل كما يقول لي بعض زبائني من الأجانب أروع من أسواق بلادهم».
عامل آخر يتحدث عنه عطا أثر على حركة التجارة في السوق، وهو المظاهرات السياسية التي بدأت مع ثورة 25 يناير 2011، التي كانت مهدها هو ميدان التحرير الواقع على بعد نحو 200 متر من السوق، كما أن شارع محمد محمود الذي يعد أحد مداخل السوق شهد مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن عدة مرات.
ويقول عطا «كانت قنابل الغاز المسيل للدموع تقع داخل السوق وكانت تصيبنا بالاختناق بالإضافة إلى أنه لم يجرؤ زبون واحد على الاقتراب من السوق لشراء احتياجاته، لكن الحمد لله الأمور استقرت وعادت حركة البيع لكنها لم تعد كما كانت قبل الثورة». ويشكو عطا من تغير سلوكيات الزبائن عقب الثورة حيث لم يعد هناك احترام بين الناس وبعضها على حد قوله.
ورغم اهتمام الحكومة المصرية بتطوير منطقة وسط القاهرة فإن أيادي الترميم لم تمتد لترأف بحال مبنى السوق، الذي يمكن استغلاله كمزار سياحي بامتياز نظرا لقربه من المتحف المصري وميدان التحرير، ولما له من تاريخ وقيمة معمارية، تتمثل في الزخارف والمقرنصات التي تزين واجهته، فهي تضاهي أشهر الأسواق المغطاة في العالم سواء في باريس أو إسطنبول أو أميركا.
لكن ما يثير الشجن فعلا، أن الأجيال الجديدة لم تدرك قيمة وجود سوق تاريخية مغطاة، فالمبنى العريق لا يسترعي نظر أي من الأجيال الجديدة التي تقطن وسط القاهرة، بل إن أغلبهم لم يدخل ممرات هذه السوق مطلقا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.