فؤاد مطر يختتم تجربته في التأليف بعمل موسوعي عن العراق

«العراق الغاضب والمغضوب منه والمغضوب عليه» يروي تاريخ بلاد الرافدين في 10 مجلدات

فؤاد مطر يختتم تجربته في التأليف بعمل موسوعي عن العراق
TT

فؤاد مطر يختتم تجربته في التأليف بعمل موسوعي عن العراق

فؤاد مطر يختتم تجربته في التأليف بعمل موسوعي عن العراق

أنجز الزميل الكاتب فؤاد مطر عملاً موسوعياً بعنوان «العراق الغاضب والمغضوب منه والمغضوب عليه»، يعتبره ختام تجربته في التأليف التي بدأت في عام 1964 بكتاب «رؤساء لبنان من شارل حلو إلى شارل دباس» الذي كان أول كتاب أيضاً في سلسلة نشر «كتاب النهار» التي كانت تصدرها الصحيفة اللبنانية الشهيرة.
استغرق العمل التأليفي الجديد الذي يقع في عشرة مجلدات بمعدل 500 صفحة لكل مجلد بالحجم الموسوعي، خمس سنوات، وعاون مطر في إنجازه فريق عمل من الباحثين والموثِّقين.
يقول المؤلف إنه حدث بعض التأمل فيما حوته رفوف مكتبته من إضبارات، وهو الدائب على الاحتفاظ بما هو مهم من أوراق وصحف وكتابات ومراسلات، لا تأخذ طريقها للنشر لظروف تستوجب ذلك، وأهمها ما يتعلق بالجسام من الصراعات العربية، وما يندرج في ضوء لقاءاته بقيادات مسؤولة وبمرجعيات ذات صلة بالذين في قمة السُّلطة، سواء في لقاءات بهدف النشر أو لسماع الآراء المسؤولة التي توضح ما هو ملتبس، وأحياناً ما يكون خفياً، وبالتالي أعظم.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإنه عندما تيسر له الحصول على ملف من مرجع مسؤول يتضمن محاضر لقاءات أجرتها لجنة رئاسية عربية مع القادة العرب، كل في عاصمة دولته ومقره الرسمي، تستهدف تحقيق التضامن الذي كان يشهد في النصف الثاني من السبعينات تشققات تركت محاذير على جوهر المشاعر وطبيعة العلاقات الثنائية، فإنه أودع هذا «الكنز المعلوماتي الرسمي» في ملف «المحرّم نشْره إلى حين». ثم جاء الإفراج عنه من جانبه بعدما تبدلت المحاذير، وخرج إلى فضاء النشر الحلال عام 2001 كتاباً وبالنهج التوثيقي والتحليلي إياه الذي يعتمده وتحت عنوان «التضامن العربي ذلك المستحيل» بمحاضر ووثائق رسمية على مستوى القمة، حول خفايا محاولة يتيمة لجمع الصف العربي الذي مزَّقه الرئيس الراحل أنور السادات للمرة الأُولى، وكيف يفكر أهل القرار العربي عند خروج أحدهم على القضية.
في بادئ الأمر، بعد عميق التأمل في الكم الثري من مضامين الإضبارات التي في رفوف مكتبته، ارتسم المشهد العراقي في باله، بالذي جرى في العراق، وما أصابه من جرَّاء صولات وجولات حرب استباقية خاضها مع إيران الخمينية، ومن حرب دولية تأديبية للنظام البعثي الصدَّامي نفسه، جرَّاء غزوة للجار الأول غلبت فيها التهيؤات على المنطق.
أمضى مطر أوقاتاً يعيد تقليب أوراق ومرجآت ووثائق عن العراق، منذ أن سطَّر الجنرال عبد الكريم قاسم كتابة العبارات الثورية الأولى في لوحة الظلم المتمثلة؛ ليس بتغيير بما هو أكرم للنظام، وإنما الفتك والتلذذ باستباحة الأرواح إلى درجة التمثيل بأصحابها، وبذلك قام النظام الجمهوري في العراق على زرع ثوري دموي في واقع الأمر. ومنذ 14 يوليو (تموز) 1958 والعراق ينزف دماً وبغضاء تلد كراهية وسيادة مجيَّرة وكياناً أشبه بميدان غير مكتملة مقومات الفروسية والفرسان فيه.
بعد تقليبه في الإضبارات وما حوته من مواقف وحقائق ووقائع ثم تنسيقها، خلص فؤاد مطر إلى أن العراق منذ السنتيْن الأخيرتيْن من الخمسينات وصولاً إلى ما عاشه خلال ستة عقود، هو الحالة الأكثر تعقيداً في حالات بعض دول الأمة، وأن التوصيف الواقعي له هو «العراق الغاضب، والمغضوب منه، والمغضوب عليه». ومن هذه الرؤية، بدأ العمل على تحويل ما تفيد الإضاءة عليه. وتوزعت الإضبارات على فريق من الباحثين والموثقين الذين أنجزوا المجلد تلو الآخر، مع ملاحظة أن العمل مرّ بمراحل: تحرير المادة، ثم التدقيق، والربط، والتنسيق، والتصحيح، فاختيار العناوين التي ليست تناسب المادة فقط، وإنما تُشوِّق القارئ لها. هذا إلى رفد المادة بالصور التاريخية أو الحديثة والمباشرة بعد ذلك، بتدوين المحتويات، بحيث تكون الدليل لمن يريد الاطلاع على حدث أو موضوع بعينه.
يضيف فؤاد مطر إلى ما قاله التوضيح بأن من أهم الدوافع إلى هذا العمل التوثيقي والتحليلي أن «موضوع العراق سيبقى الأكثر اهتزازاً في المشهد العربي لبضعة عقود، وأن الذي جرى للعراق وما أحدثه من تصدُّع، سيكون حاضراً في كثير من القرارات والخطوات وخرائط على أهبة الرسم. ولذا فإن الجيل العراقي الذي عايش الحالة العراقية الصعبة، ولم تتسن له الإحاطة بما حدث وما قيل وما يُرسم لوطنه، وذلك بسبب العصف الذي كاد يودي بالعراق إلى التجزئة، من حقه علينا أن نوثق ونحلل ما جرى، بغرض المعرفة في معزل عن ضوضاء صاخبة متلازمة مع الخوف على الحياة وعلى الوطن حفلت بها بضع سنين مضت».
وأوضح أنه «كذلك من حق الذين سيختارون الموضوع العراقي مادة لأطروحات في الجامعات التي يتابعون الدراسة فيها، أن يروا في هذا العمل الذي أنجزناه ما يساعد أبحاثهم. وبالأهمية نفسها هناك أجيال عربية دبلوماسية وأمنية وعسكرية واستخباراتية عايشت ظروف حرب من العراق وحرب عليه، وما بين الأُولى وتلك من احترابات، لم يتسن لها التأمل والتفكر نتيجة وتيرة السرعة والتسرع في أحداث جرت ومواقف اتُّخذت. ومن حق هؤلاء أيضاً أن نضع أمامهم وبكل التأني والحس المسؤول ما جرى سياسة وحرباً، وبذلك تتضح الرؤية لهم نتيجة وضوح الرواية، كما ستتضح لأجيال عربية لاحقة أمنية وعسكرية ودبلوماسية ومخابراتية صورة ما حدث، وقد خلت من غبار التشويش والمشوشين».
على مدى تاريخه المهني الحافل، طوّر فؤاد مطر الذي أوجب عمله الصحافي أن يكون مراسلاً جوالاً في مصر والسودان وليبيا والعراق والسعودية والجزائر وتونس، وحيث تنعقد المؤتمرات العربية، ما بدأه في كتابه الأول، ليعزز نهج الكتاب الذي يجمع بين التحليل والتوثيق في المؤلفات التي بلغت 34، فضلاً عن السيرة بصيغة السؤال والجواب لثلاث من الظواهر الثورية في الحياة السياسية العربية في حقبة السبعينات، تتمثل في: الرئيس الراحل صدَّام حسين، والرئيس الراحل جعفر نميري، والقائد الفلسطيني الراحل الدكتور جورج حبش.
ويتملك فؤاد مطر شعور بأنه أدى في مؤلفاته الـ34 التي أنجزها عن موضوعات شتى، من مصر إلى السعودية، مروراً بإيران وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين وروسيا. ولكل من مؤلفاته ظروف واكبت سنوات عمله صحافياً، أضاء عليها في كتاب حياته وسيرته الذاتية والمعنون «هذا نصيبي من الدنيا: تجربة حياة ومسيرة قلم» الصادر في عام 2017.
إلا أنه يرى في موسوعة «العراق الغاضب والمغضوب منه والمغضوب عليه» ختاماً لتجربته التأليفية. غير أنه لا يزال يتمسك بأمل استكمال كتابة تجربة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، استكمالاً للمحاولة الأولى لمناسبة توليه الحُكم التي كانت بعنوان «قاطرة سلمان... الحزم والحسم والعزم على طريق الاستقرار العربي والتأسيس الثاني».
وما يأمله فؤاد مطر لخصه في تقديمه لعمله الموسوعي التوثيقي الجديد، بالقول: «يغمر أنفسنا شعور بأننا نقدِّم للأجيال العربية المخضرَم منها والآتي على جناح الآمال بشتى الغيوم الداكنة، ما يجعلها تحيط بحقبة حجبت سرعة التطورات وغبار الأحداث عنها رؤية ما جرى بمنأى عن الضغوط. كما يحدوني رحب الأمل بأن يخطو خطانا باحثون وموثِّقون ومحلِّلون ينجزون الإضاءة على أحوال أقطار أُخرى في الأمة التي تعيش على براكين موسمية تقذف الحمم الغاضبة».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
TT

السنة الأمازيغية 2975... احتفاء بالجذور وحفاظ على التقاليد

نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)
نساء أمازيغيات يرتدين ملابس تقليدية يشاركن في احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

يحتفل الأمازيغ حول العالم وخاصة في المغرب العربي بعيد رأس السنة الأمازيغية في 12 أو 13 من يناير (كانون الثاني)، التي توافق عام 2975 بالتقويم الأمازيغي. ويطلق على العيد اسم «يناير»، وتحمل الاحتفالات به معاني متوارثة للتأكيد على التمسك بالأرض والاعتزاز بخيراتها.

وتتميز الاحتفالات بطقوس وتقاليد متنوعة توارثها شعب الأمازيغ لأجيال عديدة، في أجواء عائلية ومليئة بالفعاليات الثقافية والفنية.

وينتشر الاحتفال ﺑ«يناير» بشكل خاص في دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا والنيجر ومالي وسيوة بمصر.

أمازيغ يحتفلون بالعام الجديد من التقويم الأمازيغي في الرباط بالمغرب 13 يناير 2023 (رويترز)

جذور الاحتفال

يعود تاريخ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية إلى العصور القديمة، وهو متجذر في الحكايات الشعبية والأساطير في شمال أفريقيا، ويمثل الرابطة بين الأمازيغ والأرض التي يعيشون عليها، فضلاً عن ثروة الأرض وكرمها. ومن ثمّ فإن يناير هو احتفال بالطبيعة والحياة الزراعية والبعث والوفرة.

ويرتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة بأصل تقويمي نشأ قبل التاريخ، يعكس تنظيم الحياة وفق دورات الفصول.

وفي الآونة الأخيرة، اكتسب الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أهمية إضافية كوسيلة للحفاظ على الهوية الثقافية الأمازيغية حية.

ومصطلح «يناير» هو أيضاً الاسم الذي يُطلق على الشهر الأول من التقويم الأمازيغي.

خلال احتفال لأمازيغ جزائريين برأس السنة الأمازيغية الجديدة «يناير» في ولاية تيزي وزو شرق العاصمة الجزائر (رويترز)

متى رأس السنة الأمازيغية؟

إن المساء الذي يسبق يناير (رأس السنة الأمازيغية) هو مناسبة تعرف باسم «باب السَنَة» عند القبائل في الجزائر أو «عيد سوغاس» عند الجماعات الأمازيغية في المغرب. ويصادف هذا الحدث يوم 12 يناير ويمثل بداية الاحتفالات في الجزائر، كما تبدأ جماعات أمازيغية في المغرب وأماكن أخرى احتفالاتها في 13 يناير.

يبدأ التقويم الزراعي للأمازيغ في 13 يناير وهو مستوحى من التقويم اليولياني الذي كان مهيمناً في شمال أفريقيا خلال أيام الحكم الروماني.

يمثل يناير أيضاً بداية فترة مدتها 20 يوماً تُعرف باسم «الليالي السود»، التي تمثل واحدة من أبرد أوقات السنة.

أمازيغ جزائريون يحتفلون بعيد رأس السنة الأمازيغية 2975 في قرية الساحل جنوب تيزي وزو شرقي العاصمة الجزائر 12 يناير 2025 (إ.ب.أ)

ما التقويم الأمازيغي؟

بدأ التقويم الأمازيغي في اتخاذ شكل رسمي في الستينات عندما قررت الأكاديمية البربرية، وهي جمعية ثقافية أمازيغية مقرها باريس، البدء في حساب السنوات الأمازيغية من عام 950 قبل الميلاد. تم اختيار التاريخ ليتوافق مع صعود الفرعون شيشنق الأول إلى عرش مصر.

وشيشنق كان أمازيغياً، وهو أحد أبرز الشخصيات الأمازيغية في تاريخ شمال أفريقيا القديم. بالنسبة للأمازيغ، يرمز هذا التاريخ إلى القوة والسلطة.

رجال أمازيغ يرتدون ملابس تقليدية يقدمون الطعام خلال احتفال بمناسبة الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975 في الرباط 14 يناير 2025 (إ.ب.أ)

كيف تستعد لرأس السنة الأمازيغية؟

تتركز احتفالات يناير على التجمعات العائلية والاستمتاع بالموسيقى المبهجة. تستعد معظم العائلات لهذا اليوم من خلال إعداد وليمة من الأطعمة التقليدية مع قيام الأمهات بتحضير الترتيبات الخاصة بالوجبة.

كما أصبح من المعتاد ارتداء الملابس التقليدية الأمازيغية والمجوهرات خصيصاً لهذه المناسبة.

وتماشياً مع معاني العيد المرتبطة بالتجديد والثروة والحياة، أصبح يناير مناسبة لأحداث مهمة لدى السكان مثل حفلات الزفاف والختان وقص شعر الطفل لأول مرة.

يحتفل الأمازيغ في جميع أنحاء منطقة المغرب العربي وكذلك أجزاء من مصر بعيد «يناير» أو رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

ما الذي ترمز إليه الاحتفالات؟

يتعلق الاحتفال بيوم يناير بالعيش في وئام مع الطبيعة على الرغم من قدرتها على خلق ظروف تهدد الحياة، مثل الأمطار الغزيرة والبرد والتهديد الدائم بالمجاعة. وفي مواجهة هذه المصاعب، كان الأمازيغ القدماء يقدسون الطبيعة.

تغيرت المعتقدات الدينية مع وصول اليهودية والمسيحية والإسلام لاحقاً إلى شمال أفريقيا، لكن الاحتفال ظل قائماً.

تقول الأسطورة إن من يحتفل بيوم يناير سيقضي بقية العام دون أن يقلق بشأن المجاعة أو الفقر.

نساء يحضّرن طعاماً تقليدياً لعيد رأس السنة الأمازيغية (أ.ف.ب)

يتم التعبير عن وفرة الثروة من خلال طهي الكسكس مع سبعة خضراوات وسبعة توابل مختلفة.

في الماضي، كان على كل فرد من أفراد الأسرة أن يأكل دجاجة بمفرده للتأكد من شبعه في يوم يناير. وترمز البطن الممتلئة في يناير إلى الامتلاء والرخاء لمدة عام كامل.

ومن التقاليد أيضاً أن تأخذ النساء بعض الفتات وتتركه بالخارج للحشرات والطيور، وهي لفتة رمزية للتأكد من عدم جوع أي كائن حي في العيد.