صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق

توسع أعمال الخطف والقتل والجباية غير المشروعة

صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق
TT
20

صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق

صنعاء وإب تعيشان انفلاتاً أمنياً غير مسبوق

تعيش العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظة إب الخاضعتان لسيطرة الميليشيات الحوثية انفلاتاً أمنياً غير مسبوق، حيث اختُطف قاضٍ في المحكمة العليا التابعة للميليشيات، ثم قُتِل على يد خاطفيه، جنوب العاصمة، كما لقي برلماني سابق وزعيم قبلي مصرعه في شمال المدينة، بالتزامن مع مقتل شيخ قبلي وثلاثة آخرين في محافظة إب، وقيام عصابة بإحراق منازل واعتراض طريق المسافرين في مديرية حبيش الواقعة في ضواحي عاصمة المحافظة.
وجهاء وشيوخ قبائل محافظة إب (190 كلم جنوب صنعاء) أعلنوا الاعتصام المفتوح في ميدان السبعين القريب من المجمع الرئاسي، احتجاجاً على مقتل القاضي محمد أحمد حمران، عضو المحكمة العليا، بعد يوم من اختطافه من أحد شوارع جنوب المدينة، أثناء ما كان متجهاً إلى منزله، على يد عصابة متخصصة بالبسط على الأراضي، وبعد تحريض مكثف من محطة تلفزيونية يمتلكها أحد القيادات الحوثية.
وقال المعتصمون إنهم مرابطون في ميدان السبعين حتى تحقيق مطالبهم، وهي إلقاء القبض على من تبقى من قتلة القاضي حمران، وإلقاء القبض على مَن قام بالتحريض والتوجيه، وإشراك فريق قانوني من سكان المنطقة للإشراف على التحقيق، وإحالة القضية بعد استكمال التحقيق إلى المحكمة الجزائية المتخصصة، ومحاكمة الجناة بصورة مستعجلة، وتعهدوا بعدم مغادرة موقع الاعتصام «حتى تنفيذ حكم القصاص بالجناة والتعزير بهم».
نادي القضاة في اليمن كان أكد أنه لن يألو جهداً في سبيل الذود عن القضاء ومنتسبيه من كل معتدٍ يسعى إلى النيل منهم أو يعمل على عرقلة عملهم، وحذر من مغبة التهاون في مثل هذا الأمر، الذي قد ينعكس سلباً على القضاء وهيبته.
لكن محامين وقضاة آخرين اتهموا النادي بالتساهل في متابعة إصدار الأحكام وتنفيذ القصاص على المتهمين بقتل رئيس محكمة بني الحارث وابنه قبل سبع سنوات، وقالوا إنه لو لم يتخذ ذلك الموقف السلبي ما ارتكبت جريمة قتل القاضي حمران بتلك البشاعة.
وتوقع هؤلاء القضاة أن تتوالى حوادث استهداف أعضاء السلطة القضائية تباعاً، خاصة مع حملة التشهير التي يقودها محمد الحوثي الذي نصب نفسها رئيساً لما سماها المنظومة العدلية، واتهامه لعشرات القضاة بالفساد وتشكيل محاكم تفتيش إدارية لمراقبة أعمالهم واستجوابهم.
وبينما لم تصدر عن سلطة الميليشيات توضيحات لحادثة اختطاف ومن ثم مقتل قاضي المحكمة العليا، كان جسد عضو مجلس النواب السابق العميد عبد الله أحمد الكبسي يتلقى عدة رصاصات أمام منزله في حي الحصبة من قبل مسلحين غير معروفين، فأردوه قتيلاً على الفور.
- انتهاكات إب
قتل الشيخ القبلي البارزعلي عبد الله البعني في مديرية العدين التابعة لمحافظة إب، وقام مرافقوه بقتل ثلاثة من أسرة الشحمي، وهم القاتل وأخوه ووالده، في جريمة لم تشهدها المديرية من قبل، على حد وصف اثنين من سكانها.
وكان سكان في مديرية حبيش المجاورة لعاصمة المحافظة (إب) اشتكوا من عناصر في منطقة صائر اقتحموا منزلاً، ونهبوا الأشياء الثمينة من داخله، وبعدها قاموا بإحراقه، وقالوا إن العصابة ارتكبت عشرات الجرائم دون رادع، وتمثلت هذه الجرائم في ترهيب السكان والاعتداء على بعضهم وانتهاك حرمات المنازل وإطلاق الرصاص نحوها، مسجلين 41 واقعة خلال العام الحالي فقط، في ظل عدم قيام إدارة أمن المديرية بأي تحرك تجاه هذه العصابة.
وبحسب إفادة السكان، فإن أكثر أبناء المنطقة مغتربون في الخارج ولهذا يقوم أفراد العصابة باعتراض طريقهم أثناء العودة من الغربة، وأخذ مبالغ مالية منهم بقوة السلاح، بل تعدى الأمر إلى سلب مجوهرات النساء عند عبورهن الطريق.
- جبايات غير قانونية
ترافقت التطورات مع قرار لمكتب الصناعة والتجارة في المحافظة بفرض جبايات ورسوم على ناقلات البضائع المقبلة من مناطق سيطرة الحكومة، حيث يفرضون مبلغ 200 ألف ريال على كل ناقلة، وبجانبها 100 كيلوغرام من دقيق القمح، أو عبوتين من المعلبات الغذائية، ويلزمون التجار بإدخال بضائعهم إلى المخازن وعدم البيع منها إلا بعد وصول نتائج الفحص الذي ستجريه هيئة المواصفات والمقاييس في صنعاء، حيث إن هذه العملية تستغرق شهراً.
وقال اثنان من التجار في إب عبر الهاتف لـ«الشرق الأوسط» إن القصد من هذه الإجراءات هو الابتزاز، وليس الحرص على سلامة المستهلكين، لأن الدقيق تتم تعبئته يومياً من الصوامع في ميناء عدن، وهناك أوراق رسمية تؤكد ذلك، وكذلك المواد الغذائية تصنّع محلياً، وتشرف على ذلك هيئة المواصفات في كل محافظة.
ويؤكد المصدران أنه في حال أراد التاجر تجاوز هذه الإجراءات التعسفية الحوثية، فإن عليه أن يدفع رشوة معينة، ولن يحتاج لانتظار نتائج الفحص، وأوضحا أن التجار يلزمون من قبل عناصر الميليشيات بدفع نصف مليون ريال عن كل ناقلة تحمل شحنات دقيق القمح وغيره من المنتجات الغذائية.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
TT
20

الصومال: مقتل 16 مسلحاً من «حركة الشباب» في غارة جوية بمحافظة شبيلى الوسطى

أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)
أقارب يحملون أحد ضحايا الإرهاب في الصومال (رويترز)

قضت السلطات الصومالية، الثلاثاء، على 16 مسلحاً من حركة «الشباب» الإرهابية، من بينهم قيادات بارزة، في غارة جوية جنوب شرقي البلاد.

يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
يصطف المسلمون للحصول على طعام الإفطار في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

وأفادت «وكالة الأنباء الصومالية»، بأن الغارة الجوية التي نُفذت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً لمسلحين كانوا محاصرين خلال الأيام الماضية إثر عمليات عسكرية للجيش الوطني، مضيفة أن الغارة أسفرت أيضاً عن تدمير سيارات تابعة لحركة «الشباب» الإرهابية.

وأشارت الوكالة إلى أن «الغارة الجوية التي وقعت، الليلة الماضية، في منطقة بصرى بمحافظة شبيلى الوسطى، استهدفت تجمعاً للإرهابيين الذين تمت محاصرتهم خلال الأيام الماضية جراء العمليات العسكرية».

متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
متطوع يوزع الطعام على المسلمين ليفطروا في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

ولفتت إلى أن «الغارة الجوية أسفرت عن تدمير المركبات القتالية التابعة لميليشيات الخوراج». ويستخدم الصومال عبارة «ميليشيا الخوارج» للإشارة إلى حركة «الشباب». وتشن الحركة هجمات تهدف إلى الإطاحة بالحكومة الصومالية للاستيلاء على الحكم، وتطبيق الشريعة على نحو صارم.

كان وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور قد قال، يوم الجمعة، إن قوات صومالية وإثيوبية نفذت عمليات مشتركة ضد حركة «الشباب» بإقليم شبيلي الوسطى. وقال نور لوسائل الإعلام الصومالية الرسمية «العمليات العسكرية المنسقة، بدعم جوي دولي، تستهدف بشكل محدد الجماعات المسلحة». كما أعلنت القيادة الأميركية في أفريقيا، أواخر الشهر الماضي، أنها نفذت، بطلب من الحكومة الصومالية، غارة جوية ضد حركة «الشباب».

صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)
صوماليون يؤدون صلاة التراويح وهي صلاة تُقام في المساجد خلال شهر رمضان في مقديشو في 4 مارس 2025 (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، قُتل 9 أشخاص، الثلاثاء، في هجوم انتحاري وبإطلاق النار تبنته حركة «الشباب» في فندق في وسط الصومال، حيث كان هناك اجتماع يُعقد لبحث سبل مكافحة هذه الجماعة المتطرفة، وفق مصادر أمنية. وأكد أحمد عثمان المسؤول الأمني في مدينة بلدوين في محافظة هيران، حيث وقع الهجوم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن «انتحارياً» قاد، صباحاً، حافلة صغيرة محملة بالمتفجرات إلى مدخل الفندق ليتبعه مسلحون دخلوا الفندق، وراحوا يطلقون النار.

وقال المسؤول الأمني حسين علي في وقت لاحق، الثلاثاء، إن «الحصار انتهى، وقُتل جميع المسلحين»، مضيفاً أن الهدوء عاد إلى المكان. وأكد أن 9 مدنيين، بينهم وجهاء تقليديون، قُتلوا في الهجوم، من دون أن يحدد عدد المهاجمين الذين قضوا. وأضاف علي أن أكثر من 10 أشخاص آخرين، معظمهم من المدنيين، أصيبوا بجروح في الهجوم. وكان الفندق المستهدف يستضيف اجتماعاً يجمع مسؤولين أمنيين وزعماء تقليديين بهدف حشد مقاتلين لمساعدة القوات الحكومية في حربها ضد حركة «الشباب» المتطرفة.

وأكد الشرطي علي مهاد أنه تم إنقاذ العديد من الأشخاص الموجودين في المكان. وقال شاهد عيان يدعى إدريس عدنان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان قريبي داخل الفندق أثناء الهجوم، وهو محظوظ لأنه نجا وأصيب بجروح طفيفة». وأضاف أن «المبنى دُمر في خضم إطلاق نار كثيف». وأعلنت «حركة الشباب» في بيان مسؤوليتها عن الهجوم.

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» تمرّداً مسلّحاً ضدّ الحكومة الفيدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي، بهدف تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يُعد من أفقر دول العالم.

وتوعد الرئيس الصومالي بحرب «شاملة» ضد حركة «الشباب»، وانضم الجيش إلى ميليشيات عشائرية في حملة عسكرية تدعمها قوة من الاتحاد الأفريقي وضربات أميركية، لكنها مُنيت بانتكاسات.