تركيا لـ«تبريد جبهات الصراع» بين الدبيبة وباشاغا

دخلت تركيا على خط أزمة الصراع المتصاعد على السلطة في ليبيا بين رئيسي حكومة «الوحدة» عبد الحميد الدبيبة، وخصمه فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار»، داعية إلى ضرورة «الحفاظ على أمن طرابلس وسلامتها من أي محاولات عسكرية»، ومؤكدة أن «التغيير لا يتم إلا عبر الانتخابات».
واستضافت تركيا، الدبيبة وباشاغا، في نهاية الأسبوع، وأجرت معهما محادثات منفردة بشأن الأوضاع في البلاد، على خليفة اقتتال بين قوات تابعة لهما في العاصمة الأسبوع الماضي، خلف 32 قتيلاً وعشرات الجرحى في أعنف اشتباكات تشهدها العاصمة في العامين الماضيين.
وبدا لسياسيين ليبيين أن تركيا تريد تفعيل دورها في البلاد باتجاه نزع فتيل التوتر الآخذ في الصعود بين موالين للدبيبة وباشاغا، والحفاظ على مصالحها في البلاد، وذهبوا إلى أن أنقرة أرادت استباق لقاءً مرتقباً بين رئيسي مجلسي النواب والأعلى للدولة عقيلة صالح وخالد المشري في القاهرة، ينظر إليه على أنه يهدف للبحث في إمكان العودة للمسار التفاوضي بقصد إنجاز ما تبقى من نقاط خلاف حول القاعدة الدستورية اللازمة لإجراء الاستحقاق المرتقب.
وبيمنا ذهبت توقعات السياسيين والمحللين في ليبيا إلى اتجاهات شتى، عقب دعوة أنقرة للدبيبة وباشاغا، خرجت نتائج الاجتماعات التي عُقدت مع الجانبين تشير إلى أن تركيا راغبة في المضي باتجاه الحفاظ على الهدوء في طرابلس، والذهاب إلى إجراء الاستحقاق الرئاسي والنيابي سريعاً، وهي الرؤية التي عكسها الدبيبة، الذي بدا راضياً عقب لقائه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وقال: «تركيا أكدت دعمها لنا، بضرورة إيجاد خريطة طريق سياسية تنتهي بانتخابات بتواريخ معينة».
وأضاف الدبيبة في تصريحات لقناة «ليبيا الأحرار» مساء أمس، «لا توجد حكومتان في ليبيا فحكومة (الوحدة الوطنية) هي من تتولى مقاليد الأمور في ليبيا كاملة».
وتحتفظ تركيا بوجود عسكري حول طرابلس، يشمل طائرات مسيرة يمكنها أن تلعب دورا حاسما في تحديد نتيجة أي قتال كبير إذا قررت دعم أحد الجانبين. فيما وردت تقارير غير مؤكدة الأسبوع الماضي عن استخدام طائرات مسيرة ضد الفصائل التي تدعم باشاغا.
وقال محمد الأسمر مدير مركز الأمة للدراسات، إن تركيا «تحاول الحفاظ على مصالحها في ليبيا»، مشيراً إلى أن «هذه المصالح مؤمنة بغض النظر عن شاغل السلطة».
ولم تعقب حكومة باشاغا، حتى ظهر أمس، على نتائج المحادثات مع الدبيبة، الذي أضاف أن اجتماعه مع الرئيس التركي تناول ملفات سياسية واقتصادية وعسكرية.
وأشار مكتب الدبيبة إلى أن الاجتماع ركز على متابعة الملف السياسي، وتوحيد الجهود الدولية والمحلية لدعم الانتخابات، بالإضافة إلى مناقشة عدد الملفات الاقتصادية في القطاعين العام والخاص، وكذلك زيادة التعاون العسكري بين البلدين من خلال التدريب والتطوير لمختلف القوات العسكرية والقوات المساندة.
وأثنى الدبيبة، على أهمية دور تركيا في دعم الجهود الدولية للدفع بملف الانتخابات ودعمه ليكون أولوية دولية، معتبراً أن ما جرى في طرابلس الأسبوع الماضي هو «محاولة للاستيلاء على السلطة بواسطة السلاح والمؤامرات، ولا بديل لبلادنا من الانتخابات».
ولفت مكتب الدبيبة إلى أنه في نهاية الاجتماع، تم الاتفاق على برنامج عمل بين البلدين يشمل التعاون العسكري ومجال الطاقة، وعودة الشركات التركية لاستكمال المشروعات المتوقفة، كما تم توجيه دعوة للرئيس التركي لحضور أعمال المنتدى التركي الليبي الأول المزمع انعقاده في نوفمبر (تشرين الأول) المقبل، بحضور شركات تركية.
وكان الدبيبة استبق لقاء إردوغان بالاجتماع في إسطنبول مع وزيري الدفاع خلوصي أكار والخارجية مولود جاويش أوغلو، بالإضافة لرئيس الاستخبارات العامة هاكان فيدان.
تجدر الإشارة إلى أن الاقتتال تجدد بين مجموعتين مسلحتين مواليتين للدبيبة وباشاغا قرب وسط العاصمة طرابلس، مخلفاً خمسة جرحى، لكن هدوءاً حذراً يسود الآن.